فتحت زيارة عبد الحميد الدبيبة رئيس حكومة «الوحدة» الليبية المؤقتة، إلى الجزائر، مؤخراً، الباب واسعاً أمام البحث عن دعم خارجي في مواجهة حكومة غريمه فتحي باشاغا، الذي يواجه هو الآخر اتهامات بمحاولة مغازلة الولايات المتحدة وبريطانيا بشأن إنهاء وجود عناصر شركة «فاغنر» الروس في ليبيا، وإمكانية تعويض النفط الروسي الذي قد يتناقص بسبب الحرب على أوكرانيا.
ورأت عضو «ملتقى الحوار السياسي» الليبي الزهراء لنقي، أن كلا الطرفين، باشاغا والدبيبة، جددا مناشدة الأطراف الدولية والإقليمية، أملاً في الحصول على دعمها، لكنها قالت إن «أي حكومة لا بد أن تستمد دعمها وشرعيتها من الشعب فقط كي تتمكن الحكم».
وحذرت لنقي في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، من النظر للأمر بشكل جزئي، و«اعتباره صراعاً على السلطة يقوم فيه المتصارعان بقطع الوعود بتقديم المزيد من الخدمات أو التنازلات للدول الغربية، لدعم أي منهما في مواجهة خصمه».
وفيما قالت إن «الخطورة تكمن في النتائج»، ذهبت إلى أن أياً منهما «لن يحصل على صك الشرعية الموعود لحكومته كما يتصور ومؤيدوه، بل العكس تماماً، فالدول المتداخلة في الشأن الليبي ستعمل على استدامة الصراع بين باشاغا والدبيبة لتقديم آخر ما يملكان بجعبتهما».
ولا تستبعد عضو «ملتقى الحوار السياسي» أن «تسارع تلك الدول في ظل هذا المناخ بالتمهيد لإعلان خططها الخاصة بفرض إدارة دولية لموارد الثروة الليبية، تحت ذريعة التخوف من تبديدها جراء هذا الانقسام أو توجيهها لتغذية الصراع».
ورأت أن «فرض هذا النوع من الإدارة أو الوصاية الدولية على موارد البلاد لن تتوفر له الشرعية الدولية بصدوره عن مجلس الأمن، وإنما الأغلب سيكون فرض أمر واقع، وتحديداً من قبل دول بعينها يعرف الجميع أنها تقدم بالفعل الكثير من النصائح بشأن إدارة الثروة الليبية».
في المقابل، رفض موالون للحكومتين تصوير أي تحركات أو تصريحات للدبيبة وباشاغا، على أنها تستهدف طلباً للدعم الخارجي، وقال عضو مجلس النواب سليمان الفقيه، إن حديث باشاغا لبعض الصحف البريطانية «هدف إلى شرح حقيقة الموقف على الأرض، وليس مغازلة للجانب البريطاني أو الأميركي كما ردد البعض». وأضاف الفقيه: «نحن جزء من العالم، ولا بد من إيضاح الصورة الحقيقية حول القضايا شديدة التعقيد كالهجرة غير المشروعة، وطرح الرؤى الجدية لحلها»، وكذلك «إيضاح مسببات إغلاق النفط وإهدار عوائده لصالح فئة ضيقة». ولفت إلى أن «هذا التوضيح قد يسهم في دفع بعض الدول التي اتخذت موقفاً خاطئاً بعدم الاعتراف بشرعية حكومته لتصحيح مواقفها، خصوصاً الدول التي لا تستهدف إطالة أمد الأزمة الليبية».
وحمّل الفقيه الدول الكبرى المتدخلة في ليبيا المسؤولية عما تشهده الساحة السياسة من إرباك متواصل سعياً لتحقيق مصالحهم دون أي مراعاة للمصلحة الليبية، متسائلاً: «هل الاعتراف الدولي بالحكومة مرهون بقدرتها على تقديم الخدمات للمواطنين وتحسين أوضاعهم وصيانة ثروات البلاد والتمهيد لإجراء الانتخابات، أم مرهون بحجم ما يمكن أن تقدمه من خدمات لتلك الدول».
ورأى أن «استقبال أي دولة للدبيبة بصفته الشخصية أمر يعود لها، أما استقباله بصفته ممثلاً للشعب والحكومة الليبية فهذا يعد إجراءً غير صحيح لعدم امتلاكه وحكومته أي شرعية».
كان باشاغا قال في مقابلة مع «التلغراف» البريطانية إن «ليبيا يمكنها المساعدة في تعويض النقص في إمدادات النفط الروسي»، كما أكد في مقابلة مع جريدة «إكسبريس» البريطانية أيضاً على أنه لن يكون هناك مكان في ليبيا لمجموعة «فاغنر» أو أي جنود روس.
من جانبه، دافع عضو مجلس النواب محمد لينو، عن زيارة الدبيبة الأخيرة إلى الجزائر، وقال إنها «لم تكن وليدة الحدث ليتم الترويج لها بكونها طلباً للدعم الخارجي». وأشار إلى أن الزيارة كان مخططاً لها على أجندة الحكومة منذ أشهر، وتم تحديد موعدها مؤخراً.
كما قللت عضو مبادرة «إعادة الأمانة» فيروز النعاس، مما طرح عن وجود أهداف غير معلنة لزيارة الدبيبة إلى الجزائر، وقالت: «من الطبيعي أن تبحث الحكومات عن تحالفات مع دول الجوار والدول الإقليمية طالما ستصب في مصلحة الدولة، وهذا لا يمثل تعدياً على السيادة الوطنية». وقالت إن «الجميع يعطي الدبيبة فرصة لإثبات جديته في إجراء الانتخابات، وإذا لم يفِ بعهوده، فسينصرف عنه الجميع، وبالتالي لن يستفيد بأي دعم خارجي».
«الدعم الخارجي» سلاح الدبيبة وباشاغا لحشد التأييد
«الدعم الخارجي» سلاح الدبيبة وباشاغا لحشد التأييد
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة