«أنريل إنجين 5»... قفزة ثورية في عالم الرسومات الرقمية

محاكاة واقعية لتسريع العمل وخفض تكاليف الأفلام والألعاب الإلكترونية

جدة: خلدون غسان سعيد
جدة: خلدون غسان سعيد
TT

«أنريل إنجين 5»... قفزة ثورية في عالم الرسومات الرقمية

جدة: خلدون غسان سعيد
جدة: خلدون غسان سعيد

أطلقت شركة «إبيك غيمز» Epic Games محرك الألعاب الجديد المجاني «أنريل إنجين 5» Unreal Engine 5 خلال شهر أبريل (نيسان) الجاري، الذي يقدم قفزة ثورية في عالم الرسومات الرقمية للألعاب الإلكترونية والأفلام ثلاثية الأبعاد بفضل التقنيات المتقدمة التي يدعمها. ومن شأن هذه التقنيات تسريع صناعة الرسومات وتسهيلها بشكل كبير جداً، إلى جانب معالجة مسائل تقنية مضنية للمبرمجين والرسامين. وسنتحدث في هذا الموضوع عن أبرز المزايا التي يقدمها هذا المحرك المبهر.

محاكاة واقعية للإضاءة
الميزة الأولى هي نظام إضاءة جديدة اسمه «لومين» Lumen يحاكي انعكاس الإضاءة من على الأسطح المختلفة وأثر ذلك على إضاءة العناصر الأخرى، مثل انعكاس ضوء أخضر عن سطح معدني أحمر وارتداد الضوء الناجم عن ذلك على سطح خشبي بني اللون من حيث شدة الإضاءة وتغير الألوان، إلى جانب محاكاة الظلال بشكل واقعي. وكمثال على ذلك، فإن وجود نافذة في غرفة مظلمة يعني أن أشعة الشمس ستدخل من النافذة وترتطم بالأرض في عالم الرسومات الرقمية بشكل أساسي. ولكن هناك المزيد في الحياة الواقعية، حيث إن الضوء سينعكس من على الأرض ويرتطم بالجدران وينير جميع أرجاء الغرفة بدرجات متفاوتة وبألوان تعتمد على لون الزجاج والمادة الموجودة في الأرض (مثل أرضية خشبية أو رخامية، أو غيرها) ولونها ولون الجدران، وغيرها من العوامل الأخرى. وستتغير هذه الألوان مع تغير ميلان الشمس ولونها، مع تأثير ذلك على الظلال الموجودة في الغرفة.
ويحاكي هذا النظام العملية المذكورة بشكل واقعي وفوري، الأمر الذي كان يستغرق دقائق أو ساعات للقطة واحدة في أفلام الرسوم المجسمة. وإن تم تطبيق هذا الأمر على الألعاب الإلكترونية التي تعمل بسرعة 60 صورة في الثانية، فإن الفوائد المجنية كبيرة للغاية، وخصوصا أن الإضاءة والظلال يضيفان الكثير من الواقعية على عالم اللعبة ويزيدان من مستوى الانغماس. وسيستفيد مطورو الرسومات المجسمة للأفلام من هذا الأمر بتسريع محاكاة التغييرات في البيئة عوضاً عن الانتظار لفترات مطولة لتجربتها، وبالتالي ستنخفض تكلفة صناعة الأفلام، وسينخفض الزمن اللازم لتطويرها بشكل ملحوظ.
تغيير آلي

الميزة الثانية اسمها «نانايت» Nanaite التي ترفع من مستويات الأداء بشكل كبير وتخفض من زمن صناعة الرسومات، وذلك بتغيير التركيبة الداخلية غير الظاهرة للمجسمات من حول اللاعب حسب بُعد تلك العناصر عنه. ولتوضيح هذا الأمر، نذكر أن أي مجسم ثلاثي الأبعاد مصنوع من آلاف أو ملايين المثلثات الصغيرة جداً غير الظاهرة للعين، التي تحدد تضاريس ذلك المجسم وارتفاع سطحه ونعومته. وكلما ازداد عدد المثلثات التي تكوّن عنصراً ما، تزداد دقته وشدة تفاصيله، ولكن على حساب معالجة أبعاد تلك المثلثات حسب تغير زاوية الكاميرا التي تصور الأحداث. ويمكن تخيل بيئة كبيرة مثل حي في مدينة يسير فيه اللاعب يحتوي على مئات الملايين أو مليارات المثلثات التي يجب معالجتها 60 مرة في كل ثانية، الأمر الذي سيخفض من مستويات الأداء.
واستطاع مطورو الألعاب والرسومات سابقا استخدام فكرة اسمها «مستوى التفاصيل» Level of Detail لإيجاد مجسم واحد ولكن بعدد مختلف من المثلثات يتناسب مع بُعده عن الكاميرا، مثل أن سيارة قريبة من اللاعب تتكون من 6 ملايين مثلث، ولكن السيارات البعيدة ستتكون من 5 آلاف مثلث لأن تفاصيل العناصر البعيدة غير ظاهرة للعين، وبالتالي يمكن رفع مستويات الأداء بصنع السيارة نفسها ولكن بأعداد مختلفة من المثلثات للحصول على تفاصيل مختلفة حسب بُعد ذلك المجسم عن كاميرا تصوير الأحداث. إلا أن هذه العملية تتطلب من الرسامين صنع النسخ العديدة لكل مجسم، وعرض النسخة الصحيحة في كل مرة يقترب أو يبتعد فيها اللاعب عن كل مجسم، وحساب ذلك 60 مرة في كل ثانية.
ويأتي هنا دور تقنية «نانايت» التي تسمح للرسامين صُنع مجسم واحد بأعداد كبيرة من المثلثات، لتقوم هي بتغيير عدد المثلثات حسب بُعد أو قرب الكاميرا من ذلك المجسم، دون التضحية بجودة الصورة على الإطلاق. وتسمح هذه التقنية باستخدام العناصر الرقمية من الأفلام مباشرة في عالم الألعاب الإلكترونية دون تأثير على مستويات الأداء أو دقة الصورة.

رسومات «حقيقية»
ميزة ثالثة هي «المسح الضوئي عالي الدقة» Megascans الذي يسمح بتصوير عناصر من البيئة الحقيقية وتحويل الصورة إلى مجسم رقمي بتفاصيل دقيقة. هذا الأمر من شأنه تسريع عملية صناعة العناصر المجسمة ورفع مستوى واقعيتها بشكل غير مسبوق في عالمي الأفلام المجسمة والألعاب الرقمية.
يضاف إلى ذلك أن محرك «أنريل إنجين 5» يقدم مكتبة ضخمة من العناصر (أكثر من 16 ألف عنصر إلى الآن) التي تم مسحها ضوئيا للتحميل مجاناً واستخدامها داخل بيئة اللعبة أو الفيلم، التي تشمل النباتات والأسطح المختلفة. وسافر فريق العمل إلى الكثير من الدول وقاموا بمسح العديد من العناصر وأضافوها إلى تلك المكتبة. ويمكن تعديل تفاصيل تلك المجسمات من حيث الأبعاد والتضاريس والألوان بكل سهولة، مع القدرة على مسح أي عنصر من حول الرسامين باستخدام برنامج اسمه Reality Capture، وإضافة ذلك العنصر إلى عالم اللعبة أو الفيلم، مثل أريكة قماشية بنقوش بارزة ووضعها في بيئة اللعبة ومشاهدة ضوء نار المدفأة ينعكس عليها بشكل واقعي.
مجسمات بشريةوأطلقت الشركة في وقت سابق أداة «ميتاهيومان كرييتر» MetaHuman Creator التي تسمح للمستخدم صنع مجسمات بشرية بغاية الواقعية في خلال دقائق قليلة والتحكم بجميع تفاصيلها، مثل حجم الأنف ولون العيون والشارب والأذنين وعظام الخدود وبنية الجسم وتجاعيد البشرة والملابس، والكثير غيرها من التفاصيل الأخرى. وأصبح بالإمكان الآن جلب هذه المجسمات البشرية إلى داخل محرك «أنريل إنجين 5» وتحريكها بكل سهولة، لتصبح عملية صنع شخصية اللعب والشخصيات المساندة أكثر واقعية وسلاسة من أي وقت سبق.
وتجدر الإشارة إلى أن صنع المجسمات البشرية هي واحدة من أصعب عناصر صناعة الأفلام والألعاب الإلكترونية بسبب كثرة تفاصيل المجسمات البشرية، وخصوصاً حركة الوجه والجسد أثناء التكلم أو التفاعل مع البيئة، مثل تحرك عظام الخدود والذقن والشفاه والعيون لدى التحدث عن أمر مفرح، مقارنة بحركات مختلفة لدى التحدث في موقف محزن أو خطر.
ويسمح محرك «أنريل إنجين 5» جلب المشاريع التي تم إعدادها سابقاً لمحرك «أنريل إنجين 4»، ودعم المزايا الجديدة داخلها بشكل آلي مثل «لومين» و«نانايت»، وذلك لتطوير تجربة الفيلم أو اللعبة بشكل كبير دون الحاجة لإعداد فريق عمل وتطوير إصدار خاص للتقنيات الجديدة، الأمر الذي كان قد يستغرق عدة أشهر. ويوجد حالياً أكثر من 10 آلاف عنصر لمحرك «أنريل إنجيل 4» يمكن تحميلها واستخدامها بدعم لمزايا «أنريل أنجين 5» بشكل مباشر.

آفاق استخدام مبهرة
ويستخدم حاليا أكثر من 80 ستوديو محرك «أنريل إنجين 5» لتطوير ألعاب مشوقة مقبلة، مثل ستوديوهات «إكس بوكس» و«بلايستيشن» وNinja Theory وSumo Digital وRare وCD Projekt Red و2K وTencent وRemedy وThe Coalition وObsidian وPlaydead وCrystal Dynamics وSupermassive وPSVR2. وغيرها.
ويسمح هذا المحرك للشركات الصغيرة منافسة الاستوديوهات الكبيرة باستخدام فريق مكون من 10 موظفين فقط، مقارنة بالحاجة لتوظيف مئات الموظفين في السابق لصنع أفلام أو ألعاب ذات جودة عالية جدا ومستويات مبهرة من الرسومات الواقعية. كما يمكن من خلال هذا المحرك رفع أداء الممثلين في الأفلام الحقيقية التي تستخدم رسومات مجسمة، حيث كان الممثلون في السابق يمثلون أمام خلفية خضراء ويتخيلون الشخصيات والبيئة الرقمية التي يتفاعلون معها. ويمكن من خلال هذا المحرك عرض تلك العناصر على شاشات أمام الممثلين ليدركوا رؤية المخرج بعينهم عوضا عن تخيلها بطرق مختلفة من وجهة نظر كل ممثل.
ومن الممكن أن نشهد ظهور بيئة «ميتافيرس» ذات بيئة وعناصر وشخصيات واقعية عوضاً عن الرسومات الكارتونية، الأمر الذي سيرفع من تقبل المستخدمين لهذا العالم الافتراضي المقبل ويجعله أكثر سلاسة للتفاعل.
ويمكن تحميل محرك «أنريل إنجن 5» وأداة «ميتاهيومان كرييتر» من موقع المحرك www.UnrealEngine.com



«غوغل» تطلق نظام «أندرويد إكس آر» المصمم لتعزيز تجارب الواقع المختلط

صورة ملتقطة 12 مايو 2023 في الولايات المتحدة تظهر شعار «غوغل» على أحد المباني في المقر الرئيسي للشركة (د.ب.أ)
صورة ملتقطة 12 مايو 2023 في الولايات المتحدة تظهر شعار «غوغل» على أحد المباني في المقر الرئيسي للشركة (د.ب.أ)
TT

«غوغل» تطلق نظام «أندرويد إكس آر» المصمم لتعزيز تجارب الواقع المختلط

صورة ملتقطة 12 مايو 2023 في الولايات المتحدة تظهر شعار «غوغل» على أحد المباني في المقر الرئيسي للشركة (د.ب.أ)
صورة ملتقطة 12 مايو 2023 في الولايات المتحدة تظهر شعار «غوغل» على أحد المباني في المقر الرئيسي للشركة (د.ب.أ)

عرضت شركة «غوغل»، الخميس، تطوّراتها في تكنولوجيا الواقع المختلط، مع إطلاقها نظام تشغيل جديداً لنظارات وخِوَذ الواقعَيْن الافتراضي والمعزَّز، وهو مجال حققت فيه «ميتا» و«أبل» تقدماً كبيراً.

وأطلقت الشركة الأميركية العملاقة «أندرويد إكس آر» المعادل لأجهزتها القائمة على نظام «أندوريد»، وهو نظامها لتشغيل الهواتف المهيمن إلى حد كبير على الهواتف الذكية في العالم، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وقالت «غوغل»، في بيان: «سيُطلق نظام (أندرويد إكس آر) في مرحلة أولى على خِوَذ رأس تغيّر طريقة مشاهدتكم لمقاطع الفيديو، وكيفية عملكم واستكشافكم لمحيطكم».

ويُفترض نشر نظام التشغيل الذي ابتكرته «غوغل»، بالتعاون مع «سامسونغ»، على جهاز من تصنيع المجموعة الكورية الجنوبية، سُمي مؤقتاً بـ«بروجكت موهان»، وسيُباع في العام المقبل.

أما راهناً، فستوفر «غوغلاندرويد اكس آر» بهدف المعاينة للمطورين الراغبين في ابتكار تطبيقات وألعاب في الواقعين الافتراضي والمعزز.

وأكّدت «غوغل» أنّ «خوذ الرأس ستتيح لمستخدمها الانتقال بسهولة من الانغماس التام في بيئة افتراضية إلى الوجود في العالم الحقيقي».

وأشارت الشركة الأميركية إلى استخدامات عدة لها، كمشاهدة مقاطع فيديو أو صور تغطي مجال الرؤية بالكامل أو إظهار جسم ما على الكاميرا وإجراء بحث عبر الإنترنت، بفضل الذكاء الاصطناعي.

وأضافت: «يمكنكم ملء المساحة من حولكم بالتطبيقات والمحتوى، ومع (جيميناي)، المساعد القائم على الذكاء الاصطناعي، يمكنكم أيضاً إجراء محادثات بشأن ما ترونه، أو التحكم بأجهزتكم».

يُفترض أن يعمل «أندرويد إكس آر» أيضاً على نظارات الواقع المعزز التي سيكون «جيميناي» متاحاً باستمرار فيها «لتوفير معلومات مفيدة عندما يحتاج المستخدم إليها، مثل الترجمات أو ملخصات الرسائل، من دون الحاجة إلى استخدام الهاتف. كل شيء سيكون مرئياً أو مسموعاً».

تهيمن شركة «ميتا» حالياً على سوق الواقع المختلط من خلال خوذ «كويست» ونظارات «راي بان»، وكلتاهما تباع بأسعار معقولة مقارنة بخوذ «فيجن برو» من «أبل»، التي يبلغ سعرها 3500 دولار.

وقبل 10 سنوات، أطلقت «غوغل» نظارات «غوغل غلاس» المتصلة، التي لم تلقَ استحسان المستهلكين، مما دفع الشركة للتخلي عنها في النهاية.