رحلة الذاكرة إلى مدينة الطفولة بعد 5 عقود

رواية «سويج الدجة» لرحمن خضير عباس

رحلة الذاكرة إلى مدينة الطفولة بعد 5 عقود
TT

رحلة الذاكرة إلى مدينة الطفولة بعد 5 عقود

رحلة الذاكرة إلى مدينة الطفولة بعد 5 عقود

للكاتب رحمن خضير عباس، صدرت أخيراً رواية «سويج الدجة» عن الاتحاد العام للأدباء والكتاب في العراق، وهو يسرد فيها سيرته الذاتية، أو بالأحرى سيرة المدينة التي ترعرع فيها، قبل أن تعصف به، وبالكثير مثله، الرياح العبثية المدججة بأسلحة السلطة البعثية فتدفع به أشرعة الرحيل إلى موانئ المدن الغريبة.
ورغم أن المؤلف، لم يقدم عمله كسيرة ذاتية، أو سيرة مدينة، كما كتب في مقدمته لأن هذا «عمل المختصين» فهناك ما يوحي، بالنسبة إلي على الأقل، إلى أنها واحدة من حكايات المدينة التي عاش فيها طفولته. وهذا بحد ذاته يعتبر مهمة صعبة يتصدى لها أي كاتب، أو ربما تعتبر من «أصعب المواقف التي يكون فيها الإنسان شاهداً، بل ويكون مطمئناً من أن شهادته حقيقية»، كما قال مرة الروائي الراحل عبد الرحمن منيف.
يسبر عباس تفاصيل مدينته «سويج الدجة» المبهمة بالنسبة للقارئ، خاصة أن اسمها غير مألوف للكثيرين، وربما تعود جذور التسمية إلى السومريين - سومرية، فهي لا تبعد كثيرا عن بقايا بلاد سومر العريقة. وهو حينما يتحدث عن المدينة، التي تبدل اسمها عدة مرات وتحولت من ناحية إلى قضاء، لا يعني فقط شوارعها المتداخلة بين البيوت والأحياء والنهر الذي يمر في جسدها، بل وأناسها الذين يرتبطون بعلاقة جدلية معها، وعن شخصيات أسهمت في خلق ذاكرة المدينة، عاكساً لنا من خلال ذلك من خلال ذلك العلاقة المتبادلة بين الإنسان والمدينة.
إن تناغم السرد بين السيرة الذاتية للكاتب وسيرة المدينة، أمرٌ مألوف عند الذين تناولوا علاقتهم بالكيانات الجغرافية والاجتماعية التي احتضنت طفولتهم. وبالطبع، لا يمكن الفصل بين الاثنين، لكن الاختلاف يكمن في التفاصيل وكيفية سرد حالات معينة يجري فيها تغليب الحديث عن فضاءات على أخرى.
ورغم اختلاف زوايا الرصد لتلك الأحداث التي منحت الكاتب إمكانية معايشة صيرورتها أو حتى المساهمة فيها نظراً لتغير البشر في الزمان وحركة الأمكنة، وتحوله بعدئذ إلى تقمص دور المُستطلع لما جرى ويجري فيها، منحنياً «على فوهة بئر عميق عمره عشرات السنين»، إلا أنه يحاول أن «يصفي مياهه بعينين أجهدهما الغوص في المديات». ولكي يكون دقيقا في الوصف استعان الكاتب بمجايليه من أبناء المدينة، من الذين ما زالوا يعيشون فيها أو بالقرب منها، لمعرفة بعض التفاصيل التي تسربت من ذاكرته بعد أكثر من خمسة عقود من فراقها. وفي الحقيقة، إنه، عبر السرد ذي الإيقاع الهادئ، لا يستحضر الذكريات، وإنما هو يعيد صداها المرتد عن حياة المدينة، التي مضت ولن تعود إلى الأبد.
هو لا يتذكر متى انتقل إلى «سويج الدجة» مع عائلته، لكنه يستطع أن يصف بيتهم المشيد فيها من الطين. البيت الملاصق للشارع الترابي المؤدي إلى الناصرية بتفاصيل دقيقة لا ينسى منها حتى نوع الخشب الذي صنع منه الباب. بل وحتى «التنور» الطيني الذي «تسجره» الوالدة بالحطب، ثم تحول «شنك» العجين إلى خبز طازج. لقد وظف الدلالات والمفردات التي أخذها من بيئتها المحلية ليكون دقيقاً في وصف الحالة التي كانت تعيشها عائلته وبقية العائلات التي تسكن بيوت الطين، فصنع من هذه المفردات التي استنطقها من صمت الماضي أدوات لذاكرة المدينة وذاكرة الناس فيها، ليقرأ فهي في ثناياها طبيعة التبدلات في أحوالها وأحوالهم والتفاصيل التي تركت لمساتها وما تحتويه من تشابهات واختلافات، بل وحتى تناقضات في العلاقة بين البشر، بعضهم البعض، وفيما بينهم وبين المدينة من خلال السرد الذي قد يسمى مجازاً بالروائي السير - ذاتي.
فالوالد، الذي انتقل بعائلته إلى هذه البلدة الصغيرة أملاً بالترقية الوظيفية، تضيع فرصته بقدوم شخص يدعى علي الريس، (أبو حازم)، من مدينة بعيدة أخرى ليسكن في «سويج الدجة» حاملا لتلك الصفة الوظيفية التي كان يحلم بها خضير عباس والتي انتقل وعائلته من أجلها. ولكن هذا الأمر، الذي سبب لعائلته الأسى والألم، لم يؤثر البتة، على طبيعة الوشائج والعادات السارية في مثل هذه المناطق. إذ ورغم أن الريس كان بمثابة الند لخضير عباس لكونه تسبب في حرمانه من الترقية، فإن هذا لا يمنع من أن تكون أجواء العلاقات الاجتماعية طيبة بين العائلتين. «بيت علي الريس الذي حرم أبي من الترقية، غير بعيد عن بيتنا، لذلك فنتبادل الطعام في الأماسي الرمضانية». يقول الكاتب رحمن خضير عباس.
هذه الدلالة نجدها تتكرر عندما يتحدث الكاتب عن السينما المتنقلة حينما عرضت فيلم سعيد أفندي: «لم ينس أهل المدينة حينما عرضت تلك السينما المتنقلة فيلم سعيد أفندي. والذي يتحدث عن معلم يسمى سعيد، يبحث عن دار للإيجار. بعد أن طرده صاحب الملك، وبعد جهود يؤجر - أو كما يقول هو «يكتري» وذلك لتأثره بمفردات من اللهجة المغربية - دارا في منطقة الحيدرخانة ببغداد، حيث الحي المكتظ بالسكان، وكانت العلاقة بينه وبين جاره الإسكافي بين مد وجزر، نتيجة لشقاوة الأطفال. وقد حدثت بينهم الكثير من المشاكل، مما حدا بسعيد أفندي أن يقاطع جاره الإسكافي، «ولكن الطيبة بين الجيران تتغلب على عوامل الشر»، كما يقول الكاتب.
كل سيرة، ذاتية أو كتابة عن ذاكرة مدينة لا بد لها أن تمر عبر المدرسة، هذا العالم منفتح على الدلالات. يحدثنا عباس عن مدرسته المختلطة للبنات والبنين، وعن التلامذة الذين يأتون إليها من قراهم المتناثرة في الريف، والذين يتميزون عن أبناء المدينة «فهم يأتون إلى المدرسة قاطعين المسافات الطويلة، هم أكثر جدية منا نحن أبناء المدينة، فعلامات النجاح والتقدم تُحرز من قبلهم أكثر منا وكذلك الألعاب الرياضية، مما يجعل أهلنا يشعرون بالاستغراب المشوب بالغيرة والحسد من هذه الظاهرة».
ومن بين ثنايا السرد الذاتي يأخذنا الكاتب إلى الفضاء الأشمل، إلى الوطن والمنعطفات السياسية وتأثيراتها على المدينة. يحدثنا عن «قطار الموت»، وانقلاب البعثيين في «شباط الأسود» عام 1963. والانتفاضة المسلحة التي قامت بها مجموعة من الشيوعيين في أهوار تلك المنطقة القريبة من «سويج الدجة» ضد حكم البعثيين. فيفرد لها الكاتب فصلا من كتابه وهو (الفصل الحادي والعشرون) ليختتم به الحديث.
ومن خلال السرد يعرفنا، على طارق السبهان، أحد أبطال المدينة، منذ ولادته وحتى استشهاده بطريقة مأساوية، «على الطريق الرملي الذي يربط الناصرية بالبصرة، حيث وُجِدَت جثة مرمية على الرمل: كانت ملامح القتيل غير واضحة، ويبدو عليها هزال التجويع والتعذيب الذي طرز جسده النحيل بالكدمات، قبل أن تخترق صدره خمسُ رصاصات وتتوغل في جسده، فتحرق دماءه التي ظلت تتدفق من خلال ثقوب القسوة المرعبة، لتكون بركة من الدم، تتغلغل في التربة الصحراوية...».



ديمي مور «في حالة صدمة» بعد فوزها بأول جائزة تمثيل خلال مسيرتها

مور مع جائزة «غولدن غلوب» (أ.ف.ب)
مور مع جائزة «غولدن غلوب» (أ.ف.ب)
TT

ديمي مور «في حالة صدمة» بعد فوزها بأول جائزة تمثيل خلال مسيرتها

مور مع جائزة «غولدن غلوب» (أ.ف.ب)
مور مع جائزة «غولدن غلوب» (أ.ف.ب)

حصلت الممثلة ديمي مور على جائزة «غولدن غلوب» أفضل ممثلة في فئة الأفلام الغنائية والكوميدية عن دورها في فيلم «ذا سابستانس» الذي يدور حول ممثلة يخفت نجمها تسعى إلى تجديد شبابها.

وقالت مور وهي تحمل الجائزة على المسرح: «أنا في حالة صدمة الآن. لقد كنت أفعل هذا (ممارسة التمثيل) لفترة طويلة، أكثر من 45 عاماً. هذه هي المرة الأولى التي أفوز فيها بأي شيء بصفتي ممثلة»، وفقاً لما ذكرته وكالة «رويترز» للأنباء.

الممثلة ديمي مور في مشهد من فيلم «ذا سابستانس» (أ.ب)

تغلبت الممثلة البالغة من العمر 62 عاماً على إيمي آدمز، وسينثيا إيريفو، ومايكي ماديسون، وكارلا صوفيا جاسكون وزندايا لتفوز بجائزة أفضل ممثلة في فيلم موسيقي أو كوميدي، وهي الفئة التي كانت تعدّ تنافسية للغاية.

وقالت مور في خطاب قبولها للجائزة: «أنا في حالة صدمة الآن. لقد كنت أفعل هذا لفترة طويلة، أكثر من 45 عاماً. هذه هي المرة الأولى التي أفوز فيها بأي شيء بصفتي ممثلة وأنا متواضعة للغاية وممتنة للغاية».

اشتهرت مور، التي بدأت مسيرتها المهنية في التمثيل في أوائل الثمانينات، بأفلام مثل «نار القديس إلمو»، و«الشبح»، و«عرض غير لائق» و«التعري».

وبدت مور مندهشة بشكل واضح من فوزها، وقالت إن أحد المنتجين أخبرها ذات مرة قبل 30 عاماً أنها «ممثلة فشار» أي «تسلية».

ديمي مور تحضر حفل توزيع جوائز «غولدن غلوب» الـ82 في بيفرلي هيلز - كاليفورنيا (رويترز)

وأضافت مور: «في ذلك الوقت، كنت أقصد بذلك أن هذا ليس شيئاً مسموحاً لي به، وأنني أستطيع تقديم أفلام ناجحة، وتحقق الكثير من المال، لكن لا يمكن الاعتراف بي».

«لقد صدقت ذلك؛ وقد أدى ذلك إلى تآكلي بمرور الوقت إلى الحد الذي جعلني أعتقد قبل بضع سنوات أن هذا ربما كان هو الحال، أو ربما كنت مكتملة، أو ربما فعلت ما كان من المفترض أن أفعله».

وقالت مور، التي رُشّحت مرتين لجائزة «غولدن غلوب» في التسعينات، إنها تلقت سيناريو فيلم «المادة» عندما كانت في «نقطة منخفضة».

وأضافت: «لقد أخبرني الكون أنك لم تنته بعد»، موجهة شكرها إلى الكاتبة والمخرجة كورالي فارغيت والممثلة المشاركة مارغريت كوالي. وفي الفيلم، تلعب مور دور مدربة لياقة بدنية متقدمة في السن على شاشة التلفزيون تلتحق بنظام طبي غامض يعدها بخلق نسخة مثالية من نفسها.