مبيعات الشركات الأميركية في الأسواق العالمية تحت «مقصلة» الدولار القوي

هبوط حاد في إيرادات الربع الأول مع تراجع الطلب بسبب ارتفاع الأسعار

مبيعات الشركات الأميركية في الأسواق العالمية تحت «مقصلة» الدولار القوي
TT

مبيعات الشركات الأميركية في الأسواق العالمية تحت «مقصلة» الدولار القوي

مبيعات الشركات الأميركية في الأسواق العالمية تحت «مقصلة» الدولار القوي

فيما يواصل الدولار استعراض قوته مقابل سلة العملات الرئيسية حول العالم، لا تبدو الشركات الأميركية العملاقة بخلاف «أبل» راضية عن مسلسل ارتفاع عملة بلادهم إذ تكبد عدد غير قليل من تلك الشركات خسائر فادحة بالربع الأول من العام المالي الجاري وسط منافسة حامية الوطيس بالأسواق الخارجية.
ومع انتهاء موسم الإفصاح للشركات المدرجة في بورصة وول ستريت تعطي القوائم المالية لنتائج الشركات الكبرى صورة أوضح لحجم الضرر الذي تكبدته تلك الشركات جراء تحويل إيراداتهم بالأسواق الخارجية من العملات المحلية لتلك الأسواق إلى الدولار الأميركي.
وفي معظم رسائل الإفصاح التي اطلعت «الشرق الأوسط» على نسخ منها تؤكد كبريات الشركات الأميركية أن قوة الدولار قد ألحقت ضررا كبيرا بمبيعاتهم في الأسواق الخارجية حتى إن بعض تلك الشركات ذهب إلى افتراض نظرة سلبية للعام بأكمله بسبب قوة العملة الأميركية.
تقول شركة «دوفر» المتخصصة في مجال صناعة أجهزة الحفر وأجهزة التبريد إن التراجع في إيرادات الشركة بنحو 4 في المائة خلال الربع الأول من العام الجاري ما هو إلا نتيجة طبيعية لقوة العملة الأميركية.
وفي السياق نفسه، فإن شركات على غرار هارلي ديفيدسون تقول إن انخفاض مبيعاتها نحو 3.5 في المائة جاء نتيجة قوة الدولار. بل إن بعض الشركات ذهب إلى ما هو أبعد من ذلك، حيث تقول شركة «يونياتد تكنولوجي» إن ربحية سهمها المقدرة بـ1.58 دولار للسهم كانت ستزيد نحو سبعة سنتات أخرى للسهم الواحد لولا أثر قوة الدولار.
فيما تقول شركة «كيمبيرلي كلارك» إن قوة العملة الأميركية العام الجاري ستكبدها خسائر في الأرباح التشغيلية هذا العام بنسبة قد تصل إلى 10 في المائة.
وتقول شركات أخرى على غرار غوغل أيضا إن إيراداتها كانت من الممكن أن ترتفع نحو 795 مليون دولار خلال الثلاثة أشهر الأولى من العام في حال كان الدولار ضعيفا أمام سلة العملات التي تنشط الشركة في أسواقها.
ويقول محللون وخبراء في سوق الأسهم الأميركية لـ«الشرق الأوسط» إن قوة الدولار حدت من جاذبية السلع الأميركية في الأسواق الخارجية وسط منافسة شرسة مع منتجات شركات الأسواق الناشئة والأوروبية والتي استفادت كثيرا من انخفاض قيمة عملاتها أمام العملة الأميركية.
وتظهر حسابات لـ«الشرق الأوسط» ارتفاع مؤشر الدولار الأميركي أمام سلة العملات الرئيسية نحو 10 في المائة في الثلاثة أشهر الأولى من العام الجاري بنهاية مارس (آذار) الماضي.
ويقيس مؤشر الدولار الأميركي أداء العملة الأميركية مقابل سلة من العملات الأجنبية ويقارن المؤشر العملة الخضراء باليورو، والين الياباني، والجنيه الإسترليني، والدولار الكندي، والكورونا السويدية، والفرنك السويسري. وبدأ العمل بمؤشر الدولار الأميركي عند 100 نقطة في عام 1973. ووصل إلى أعلى رقم له في 1985 وهو 148.12 نقطة وانخفض في 2008 حتى وصل إلى أدنى مستوى له هو 70.698 نقطة. ويمثل اليورو نحو 58 في المائة من مكونات المؤشر.
وارتفاع الدولار يؤثر سلبا على صادرات البلاد أحد المحركات الرئيسية للاقتصاد الأميركي ويضرب الشركات الأميركية في مقتل مع منافسة حادة في الأسواق الخارجية.
وعمدت «الشرق الأوسط» على تحليل القوائم المالية لخمس شركات أميركية كبرى وهي «جنرال موتورز»، و«أي بي إم» و«أمازون» و«جونسون أند جونسون»، و«بروكتل أند غامبل»، حيث أظهرت النتائج انخفاضا في المبيعات المجتمعة لتلك الشركات بنحو 10 مليارات دولار في الثلاثة أشهر الأولى من العام على أساس سنوي.
وشركة أميركية أخرى وهي بيبسي فإن الدولار القوي قد قلل من ربحية سهمها بنحو 11 في المائة وفقا للقوائم المالية للشركة.
ويقول بابلو زوانك، محلل أسواق الأسهم الأميركية لدى «إس أي جي» لـ«الشرق الأوسط» إن «أثر قوة الدولار ظهر بوضوح على نتائج الشركات الأميركية خلال الربع الأول من العام الجاري، ما حدث ببساطة هو أن ارتفاع العملة قد محا أي مكاسب كانت الشركات تستطيع تحقيقها بعد تحويل تلك المبيعات من العملات المحلية للبلدان إلى العملة الأميركية».
ويتابع قائلا: «انظر إلى توقعات المحللين وشركات الأبحاث لأرباح الشركات الأميركية، ستجد حينها أن الغالبية العظمى من النتائج قد جاءت دون التوقعات عدا شركة أبل الأميركية».
وتقول دراسة بحثية أعدتها ستاندرد أند بوزر كابيتال، اطلعت «الشرق الأوسط» على نسخة منها، إن نحو 55 في المائة من الشركات المدرجة على مؤشر ستاندرد أند بوزر جاءت نتائجها دون التوقعات.
وخالفت شركة أبل التوقعات بهبوط أرباحها، حيث حققت الشركة أرباحًا تقدر بـ13.6 مليار دولار خلال الربع الأول من العام 2015، أي بزيادة تقدر بـ33 في المائة عن العام الماضي.
ووفقا للقوائم المالية للشركة فإن نحو أكثر من ثلثي أرباح الشركة كان مصدرها المبيعات العالمية، إذ بلغت أرباح الشركة من الصين 16.8 مليار دولار أميركي، أي بزيادة 71 في المائة عن العام الماضي.
وحول نجاح أبل في تجنيب أثر الدولار القوي على المبيعات، يقول أندريو سكوت، خبير الخبراء الاقتصاديين لدى كيه بي إم جي إن «الأمر مختلف في حالة أبل نوعا ما فمصنع الشركة في الصين حيث العمالة الرخيصة والمواد الأولية الرخيصة وعدم الحاجة لاستيراد أي من مكونات أجهزتها دفع المبيعات هناك إلى عنان السماء».
وأوضح سكوت: «تصور أن الدولار كان ضعيفا أيضا حينما تقوم أبل بتحويل أرباحها من الصين كانت إيرادات الشركة سترتفع بما لا يقل عن نحو 7 في المائة. نستطيع أن نقول هنا بأن تأثير قوة الدولار كان أقل في حالة أبل ولكننا لا نستطيع أن نقول: إنه غير موجود تماما». وعلى غرار شركة جنرال موتورز فإن قوة الدولار أمام الروبل الروسي قد نال من إيرادات الشركة حيث تقدر الشركة خسائرها هناك بسبب ضعف العملة الروسية وقوة الدولار بنحو 1.8 مليار دولار أميركي. وأمام الروبل الروسي، ارتفعت العملة الأميركية بأكثر من الضعف في الثلاثة أشهر الأولى من العام.
يختتم سكوت قائلا: «أعتقد أن عددا كبيرا من الشركات قد يلجأ إلى خفض التكلفة لتجنب أثر قوة الدولار على مبيعاتها بالأسواق الخارجية، قد تتضمن تلك الخطوات ربما خليطا من خفض العمالة أو ربما إعادة تسعير منتجاتها وهذا سيضغط بشدة على قدرتها التنافسية مقابل السلع المشابهة».

* الوحدة الاقتصادية
في «الشرق الأوسط»



طلبات إعانات البطالة تتراجع في الولايات المتحدة

آلاف الأشخاص خارج مكتب بطالة مؤقت في مبنى الكابيتول بولاية كنتاكي (رويترز)
آلاف الأشخاص خارج مكتب بطالة مؤقت في مبنى الكابيتول بولاية كنتاكي (رويترز)
TT

طلبات إعانات البطالة تتراجع في الولايات المتحدة

آلاف الأشخاص خارج مكتب بطالة مؤقت في مبنى الكابيتول بولاية كنتاكي (رويترز)
آلاف الأشخاص خارج مكتب بطالة مؤقت في مبنى الكابيتول بولاية كنتاكي (رويترز)

انخفض عدد الأميركيين الذين تقدموا بطلبات جديدة للحصول على إعانات البطالة الأسبوع الماضي، لكن العديد من العمال المسرحين ما زالوا يعانون من فترات طويلة من البطالة، ما يبقي الباب مفتوحاً أمام إمكانية خفض أسعار الفائدة مرة أخرى من قبل مجلس الاحتياطي الفيدرالي في ديسمبر (كانون الأول).

وأفادت وزارة العمل، يوم الأربعاء، بأن الطلبات الأولية للحصول على إعانات البطالة في الولايات المتحدة تراجعت بمقدار ألفي طلب، ليصل العدد إلى 213 ألف طلب معدلة موسمياً للأسبوع المنتهي في 23 نوفمبر (تشرين الثاني). وتم نشر التقرير في وقت مبكر هذا الأسبوع بسبب عطلة عيد الشكر يوم الخميس.

وكان الاقتصاديون الذين استطلعت «رويترز» آراءهم قد توقعوا 216 ألف طلب للأسبوع الأخير. وقد انخفضت الطلبات عن أعلى مستوى لها في عام ونصف العام، سُجل في أوائل أكتوبر (تشرين الأول)، وكان نتيجة للأعاصير والإضرابات في شركة «بوينغ» وشركات الطيران الأخرى. وهي الآن عند مستويات تشير إلى انخفاض معدلات التسريح من العمل وانتعاش التوظيف في نوفمبر. ففي أكتوبر، أدت العواصف والإضراب الذي استمر 7 أسابيع في شركة «بوينغ» إلى تقليص الزيادة في الوظائف غير الزراعية إلى 12 ألف وظيفة فقط.

وعلى الرغم من التوقعات بانتعاش في الوظائف، من المرجح أن يبقى معدل البطالة ثابتاً أو حتى يرتفع هذا الشهر. فقد ارتفع عدد الأشخاص الذين يتلقون إعانات بعد الأسبوع الأول من المساعدة، وهو مقياس غير مباشر للتوظيف، بمقدار 9 آلاف ليصل إلى 1.907 مليون شخص وفق بيانات معدلة موسمياً في الأسبوع المنتهي في 16 نوفمبر، وفقاً لتقرير طلبات البطالة.

وتشير بيانات الطلبات المستمرة المرتفعة إلى أن العديد من العمال المسرحين يجدون صعوبة في العثور على وظائف جديدة. وتغطي هذه البيانات الفترة التي يتم خلالها مسح الأسر لمعدل البطالة لشهر نوفمبر. وقد ظل معدل البطالة ثابتاً عند 4.1 في المائة لمدة شهرين متتاليين. وسيكون تقرير التوظيف لشهر نوفمبر أمراً حاسماً في تحديد قرار الاحتياطي الفيدرالي بشأن أسعار الفائدة في منتصف ديسمبر.

ويرى معظم الاقتصاديين أن خفض أسعار الفائدة في الشهر المقبل أمر غير مؤكد في ظل إشارات تباطؤ انخفاض التضخم.

وأظهرت محاضر اجتماع السياسة الفيدرالية في 6 - 7 نوفمبر، التي نُشرت يوم الثلاثاء، أن المسؤولين بدا أنهم منقسمون بشأن مدى الحاجة إلى مواصلة خفض الأسعار. وكان الاحتياطي الفيدرالي قد خفض تكاليف الاقتراض بمقدار 25 نقطة أساس في وقت سابق من هذا الشهر، ما أدى إلى خفض سعر الفائدة القياسي إلى نطاق 4.50 - 4.75 في المائة.

وبدأ البنك المركزي الأميركي في تخفيف السياسة النقدية منذ سبتمبر (أيلول) بعد أن رفع أسعار الفائدة في عامي 2022 و2023 لمكافحة التضخم.