احذروا «المتعاطفين الخبيثين»

احذروا «المتعاطفين الخبيثين»
TT

احذروا «المتعاطفين الخبيثين»

احذروا «المتعاطفين الخبيثين»

إن فهم هذا النوع من الشخصيات السامّة، سوف يساعدكم في حماية أنفسكم منها في العمل، وأي مكان آخر.
يوحي تعبير «مريض نفسي» لدى معظم النّاس، بصور لمجرمين مضطربين ومعتوهين يحملون الفؤوس. وفي الحقيقة ينتهي المطاف بالكثير من هؤلاء في السجون..... ولكن كثيرين آخرين منهم يعيشون حياة طبيعية!

شخصيات مختبئة
إليكم مثلاً عالم الأعصاب الذي كان يدرس الاعتلال النفسي واكتشف فجأة بعمر الستين أنّ دماغه يعمل بطريقة مشابهة لأدمغة المجرمين الذين كان يدرسهم. أو ما أوردته إحدى الدراسات التي اكتشفت أنّ روّاد الأعمال معرّضون ثلاث مرّات أكثر من غيرهم للاعتلال النفسي.
> «صفات مظلمة»: يشير هذا الأمر بوضوح إلى أنّ الكثير من المعتلّين النفسيين يحملون قلماً وليس أسلحة، ويمضون أيّامهم في المكاتب وليس في السجون والإصلاحيات.
كيف يعقل هذا الأمر؟ أظهرت دراسات سابقة أنّ ما يُعرف «بالصفات السيئة أو المظلمة» dark traits كالافتقار إلى التعاطف مع الآخرين lack of empathy والقدرة على التلاعب بالناس manipulativeness والنرجسية narcissism، التي ترتبط عادة بمصطلح «مريض نفسي» psychopath، هذه الصفات تعبّر عن نفسها بأشكال مختلفة. كما اكتشفت دراسة حديثة أنّ هناك نوعاً يصعب رصده من هؤلاء المرضى، قد يصادفه رواد الأعمال والمتخصصين في مجالاتهم دون إدراكهم للخطر الذي يتعاملون معه.
> «متعاطفون خبيثون»: ليس صحيحاً أنّ جميع المرضى النفسيين يفتقرون إلى التعاطف. يفتقر المرضى النفسيون في المخيّلة العامّة للجمهور، إلى التعاطف؛ فإمّا أنّهم لا يفهمون مشاعر الآخرين أو أنّهم ببساطة لا يكترثون لها، وهذا ما يجعلهم شديدي الخطورة. ولكنّ بحثاً جديداً أجراه علماء نفس بريطانيون أظهر أنّ هذا الأمر ليس صحيحاً دائماً. فقد درس فريق بحثي من جامعة نوتنغهام ترنت شخصيات حوالي 1000 مشارك واكتشفوا نوعاً فرعياً من المرضى النفسيين السامين غير اللافتين للنظر: «المتعاطفون الخبيثون» «dark empath».
وفسر الباحثون في تقرير أخير نشره موقع «ذا كونفرسيشن» بقولهم إنّ هذا النّوع حقّق نتائج عالية على مقياسي «الصفات السيئة» والتعاطف. ولا يستخدم هؤلاء المتعاطفون الخبيثون العنف الجسدي ولا يتجاهلون حاجات الآخرين بصراحة ولكنّهم يرغبون بأن يلاحق الآخرون اهتماماتهم. بمعنى آخر، يتسم سلوك هؤلاء بخبث أكبر، وعدوانية أقلّ صراحة، ولكنّهم يسببون درجة التدمير نفسها التي قد يسببها مضطربون نفسيون آخرون.

عدوانية وخبث
* عدوانية خطرة: يعتبر الباحثان المشاركان في الدراسة نادجا هيم وألكسندر سوميتش أنّ «المتعاطفين الخبيثين ليسوا عدوانيين كأولئك الذين ينتمون إلى مجموعة الثالوث المظلم التقليدية، ما قد يرجّح أنّ الأخيرين أكثر خطورة. ولكن الدراسة الأخيرة بيّنت أن المتعاطفين الخبيثين أكثر عدوانية من المرضى النفسيين التقليديين وأولئك الذين يملكون موهبة خارقة في فهم حالة الآخرين، على الأقلّ على مقياس العدوانية غير المباشرة... وهذا يعني أنّهم يتعمّدون إيذاء النّاس أو التلاعب بهم من خلال النبذ الاجتماعي وحسّ الفكاهة السام وحس الشعور بالذنب».
> الحذر من المتعاطفين الخبيثين في العمل: يبدو هؤلاء من أبغض أنواع النّاس الذين قد تصادفونهم في مكان العمل.
يحذّر الباحثون من أنّ «خطر هذا النوع من الشخصيات يكمن في تعاطفهم ومهاراتهم الاجتماعية الناتجة عنه، ما يصعّب رصد ظلامهم الداخلي. نعتقد أنّ المتعاطفين الخبيثين قساة ومتحجّرو القلب، ولكنّهم قادرون على عدم إبراز هذا النوع من العدوانية».
باختصار، يمكن تشبيه هؤلاء بالسياسيين الدهاة الذين ينجحون دائماً في إخفاء مكائدهم القذرة للوصول إلى مبتغاهم.
يشدّد الباحثون في نهاية تقريرهم على ضرورة إجراء المزيد من الأبحاث لملء الفجوات ومعرفة المزيد عن كيفية تعبير المرضى النفسيين عن مرضهم، ولكنّهم استخلصوا درساً واضحاً: احذروا المتعاطفين الخبيثين، ولا تسمحوا لفهم أحدهم الجيّد لمشاعر وحوافز الآخرين، أن يعميكم عن حقيقة أنّه قد يكون مريض نفسي متحجّر القلب.
وأخيراً، تساعد المعرفة بوجود فئة المتعاطفين الخبيثين في رصد أولئك الذين يتمتّعون بمزيج خطير من التعاطف العميق والرغبة بالحصول على ما يريدونه وبأي تكلفة.

* «مانسويتو فنتشرز»- خدمات «تريبيون ميديا»



ذكاء اصطناعي «شديد الحساسية للرائحة» يكتشف المصنوعات المقلَّدة

ذكاء اصطناعي «شديد الحساسية للرائحة» يكتشف المصنوعات المقلَّدة
TT

ذكاء اصطناعي «شديد الحساسية للرائحة» يكتشف المصنوعات المقلَّدة

ذكاء اصطناعي «شديد الحساسية للرائحة» يكتشف المصنوعات المقلَّدة

ابتكر أليكس ويلشكو، مؤسس شركة الذكاء الاصطناعي «أوسمو»، وفريقه نسخة «ألفا» من جهاز خيالي بحجم حقيبة الظهر مزودة بمستشعر شمّ يستخدم الذكاء الاصطناعي لتحديد المنتجات المقلدة من خلال تحليل تركيبها الكيميائي.

وأقامت شركة «أوسمو» (Osmo) شراكة مع منصات إعادة بيع الأحذية الرياضية لإظهار أن اختبار الشم عالي التقنية قادر على تحديد المنتجات المزيفة بدرجة عالية من الدقة.

الجزيئات المتطايرة تحدد الرائحة

كل شيء في العالم له رائحة، من الملابس إلى السيارات إلى جسمك. هذه الروائح هي جزيئات متطايرة، أو كيمياء «تطير» من تلك الأشياء وتصل إلى أنوفنا لتخبرنا بالأشياء. ويختبر الإنسان ذلك بوعي ووضوح عندما يكون هناك شيء جديد قرب أنفه، مثل شم سيارة جديدة أو زوج من الأحذية الرياضية. لكن حتى عندما لا تلاحظ الروائح، فإن الجزيئات موجودة دائماً.

رائحة المنتجات المقلَّدة

الأحذية المقلدة لها رائحة مختلفة عن الأحذية الحقيقية. إذ لا تختلف الأحذية الرياضية الأصلية والمقلدة في المواد، فحسب، لكن في التركيب الكيميائي. حتى الآن، اعتمدت شركات مثل «استوكس» (StockX) على اختبارات الشم البشري والفحص البصري لتمييز الأصالة - وهي عملية تتطلب عمالة مكثفة ومكلفة. وتهدف التقنية الجديدة إلى تبسيط العملية.

خريطة تحليل الفوارق اللونية

تدريب الذكاء الاصطناعي على الاختلافات الجزيئية

ووفقاً لويلشكو، درَّب فريقه «الذكاء الاصطناعي باستخدام أجهزة استشعار شديدة الحساسية للتمييز بين هذه الاختلافات الجزيئية».

وستغير هذه التكنولوجيا كيفية إجراء عمليات التحقق من الأصالة في الصناعات التي تعتمد تقليدياً على التفتيش اليدوي والحدس. وتهدف إلى رقمنة هذه العملية، وإضافة الاتساق والسرعة والدقة.

20 ثانية للتمييز بين المزيف والحقيقي

ويضيف أن آلة «أوسمو» تستغرق الآن نحو 20 ثانية للتمييز بين المنتج المزيف والحقيقي. وقريباً، كما يقول، ستقل الفترة إلى خمس ثوانٍ فقط. وفي النهاية، ستكون فورية تقريباً.

تم بناء أساس التقنية على سنوات من العمل المخبري باستخدام أجهزة استشعار شديدة الحساسية، كما يصفها ويلشكو، «بحجم غسالة الأطباق»، ويضيف: «تم تصميم أجهزة الاستشعار هذه لتكون حساسة مثل أنف الكلب، وقادرة على اكتشاف أضعف البصمات الكيميائية».

وتعمل هذه المستشعرات على مدار الساعة طوال أيام الأسبوع، وتجمع باستمرار البيانات حول التركيب الكيميائي لكل شيء من البرقوق والخوخ إلى المنتجات المصنعة»، كما يوضح ويلشكو.

خريطة الرائحة الرئيسية

تشكل البيانات التي تم جمعها العمود الفقري لعملية تدريب الذكاء الاصطناعي الخاصة بالشركة، والتي تساعد في إنشاء فهم عالي الدقة للروائح المختلفة ومنحها موقعاً في نظام إحداثيات يسمى خريطة الرائحة الرئيسية.

إذا كنت على دراية بكيفية ترميز ألوان الصورة في الصور الرقمية، فان الطريقة تعمل بشكل مماثل. إذ تقريباً، يتوافق لون البكسل مع مكان على خريطة RGB، وهي نقطة في مساحة ثلاثية الأبعاد بها إحداثيات حمراء وخضراء وزرقاء.

تعمل خريطة الرائحة الرئيسية بشكل مشابه، باستثناء أن الإحداثيات في تلك المساحة تتنبأ بكيفية ورود رائحة مجموعات معينة من الجزيئات في العالم الحقيقي. يقول ويلشكو إن هذه الخريطة هي الصلصة السرية لشركة «أوسمو» لجعل الاختبار ممكناً في الوحدات المحمولة ذات أجهزة استشعار ذات دقة أقل وحساسة تقريباً مثل أنف الإنسان.

من المختبر إلى الأدوات اليومية

يقول ويلشكو إنه في حين أن أجهزة الاستشعار المحمولة أقل حساسية من وحدات المختبر، فإن البيانات المكثفة التي يتم جمعها باستخدام أجهزة الاستشعار عالية الدقة تجعل من الممكن إجراء اكتشاف فعال للرائحة. مثل الذكاء الاصطناعي لقياس الصورة القادر على استنتاج محتويات الصورة لإنشاء نسخة بدقة أعلى بناءً على مليارات الصور من نموذجه المدرب، فإن هذا يحدث بالطريقة نفسها مع الرائحة. تعدّ هذه القدرة على التكيف أمراً بالغ الأهمية للتطبيقات في العالم الحقيقي، حيث لا يكون نشر جهاز بحجم المختبر ممكناً.

من جهته، يشير روهينتون ميهتا، نائب الرئيس الأول للأجهزة والتصنيع في «أوسمو»، إلى أن مفتاح عملية التعريف لا يتعلق كثيراً بالروائح التي يمكننا إدراكها، لكن بالتركيب الكيميائي للكائن أو الشيء، وما يكمن تحته. ويقول: «الكثير من الأشياء التي نريد البحث عنها والتحقق من صحتها قد لا يكون لها حتى رائحة محسوسة. الأمر أشبه بمحاولة تحليل التركيب الكيميائي».

وهو يصف اختباراً تجريبياً أجرته الشركة مؤخراً مع شركة إعادة بيع أحذية رياضية كبيرة حقق معدل نجاح يزيد على 95 في المائة في التمييز بين الأحذية المزيفة والأحذية الحقيقية.

إلا أن الطريقة لا تعمل إلا مع الأشياء ذات الحجم الكبير، في الوقت الحالي. ولا يمكن للتكنولوجيا التحقق من صحة الأشياء النادرة جداً التي تم صنع ثلاثة منها فقط، مثلاً.

هذا لأنه، كما أخبرني ويلشكو، يتعلم الذكاء الاصطناعي باستخدام البيانات. لكي يتعلم رائحة طراز جديد معين من الأحذية، تحتاج إلى إعطائه نحو 10 أزواج من الأحذية الرياضية الحقيقية. في بعض الأحيان، تكون رائحة البصمة خافتة لدرجة أنه سيحتاج إلى 50 حذاءً رياضياً أصلياً ليتعلم الطراز الجديد.

خلق روائح جديدة

لا يشم مختبر «أوسمو» الأشياء التي صنعها آخرون فحسب، بل يخلق أيضاً روائح جديدة داخل الشركة باستخدام أنظمة الذكاء الاصطناعي والروبوتات نفسها. أظهر علماء الشركة كيف يعمل هذا بطريقة عملية خلال تجربة أطلقوا عليها اسم مشروع نقل الرائحة. لقد التقطوا رائحة باستخدام مطياف الكتلة للتفريق اللوني الغازي (GCMS)، الذي يحللها إلى مكوناتها الجزيئية ويحمل البيانات إلى السحابة. أصبحت هذه البيانات الملتقطة إحداثيات على خريطة الرائحة الرئيسية. بمجرد رسم الخريطة، يتم توجيه روبوت التركيب في مكان آخر لخلط عناصر مختلفة وفقاً لوصفة الرائحة، وإعادة إنشاء الرائحة الأصلية بشكل فعال.

رائحة مصنّعة لتعريف المنتجات

باستخدام تقنية تصنيع الرائحة نفسها، يتخيل ويلشكو أن «أوسمو» يمكن أن تدمج جزيئات عديمة الرائحة مباشرة في المنتجات بصفتها معرفاتٍ فريدة؛ مما يخلق توقيعاً غير مرئي لن يكون لدى المزورين أي طريقة لاكتشافه أو تكراره. فكر في هذا باعتباره ختماً غير مرئي للأصالة.

وتعمل شركة «أوسمو» على تطوير هذه العلامات الفريدة لتُدمج في مواد مثل الغراء أو حتى في القماش نفسه؛ ما يوفر مؤشراً سرياً لا لبس فيه على الأصالة.

هناك فرصة كبيرة هنا. وكما أخبرني ويلشكو، فإن صناعة الرياضة هي سوق بمليارات الدولارات، حيث أعلنت شركة «نايكي» وحدها عن إيرادات بلغت 60 مليار دولار في العام الماضي. ومع ذلك، تنتشر النسخ المقلدة من منتجاتها على نطاق واسع، حيث أفادت التقارير بأن 20 مليار دولار من السلع المقلدة تقطع هذه الإيرادات. وقد صادرت الجمارك وحماية الحدود الأميركية سلعاً مقلدة بقيمة مليار دولار فقط في العام الماضي في جميع قطاعات الصناعة، وليس فقط السلع الرياضية. ومن الواضح أن تقنية الرائحة هذه يمكن أن تصبح سلاحاً حاسماً لمحاربة المنتجات المقلدة، خصوصاً في أصعب الحالات، حيث تفشل الأساليب التقليدية، مثل فحص العلامات المرئية.

الرائحة هي مفتاح المستقبل

يرى ويلشكو أن النظام جزء من استراتيجية أوسع لرقمنة حاسة الشم - وهو مفهوم بدأ العمل عليه عند عمله في قسم أبحاث «غوغل». إن أساس النظام يكمن في مفهوم يسمى العلاقة بين البنية والرائحة. وتتلخص هذه العلاقة في التنبؤ برائحة الجزيء بناءً على بنيته الكيميائية، وكان مفتاح حل هذه المشكلة هو استخدام الشبكات العصبية البيانية.

إمكانات طبية لرصد الأمراض

إن الإمكانات الطبية لهذه التقنية هي تحويلية بالقدر نفسه. ويتصور ويلشكو أن النظام يمكن استخدامه للكشف المبكر عن الأمراض - مثل السرطان أو السكري أو حتى الحالات العصبية مثل مرض باركنسون - من خلال تحليل التغييرات الدقيقة في رائحة الجسم التي تسبق الأعراض غالباً.

لكنه يقول إنه حذّر بشأن موعد حدوث هذا التقدم؛ لأنه يجب على العلماء أن يحددوا أولاً العلامات الجزيئية لهذه الروائح قبل أن تتمكن الآلة من اكتشاف أمراض مختلفة. وتعمل الشركة بالفعل مع عدد من الباحثين في هذا المجال.

* مجلة «فاست كومباني» - خدمات «تريبيون ميديا»