توتر يسود طرابلس بعد غرق زورق يقل العشرات

من عائلة الحموي وحدها رجل وزوجتاه إحداهما الحامل و5 أطفال

جثمان أحد ضحايا الزورق الذي غرق قبالة طرابلس (أ.ف.ب)
جثمان أحد ضحايا الزورق الذي غرق قبالة طرابلس (أ.ف.ب)
TT

توتر يسود طرابلس بعد غرق زورق يقل العشرات

جثمان أحد ضحايا الزورق الذي غرق قبالة طرابلس (أ.ف.ب)
جثمان أحد ضحايا الزورق الذي غرق قبالة طرابلس (أ.ف.ب)

غضب عارم في منزل عائلة آل الحموي، أمس، بمنطقة القبة، في طرابلس (شمال لبنان)، وهي تنتظر خبراً عن ابنها محمد، الذي ركب زورق الموت برفقة زوجتيه؛ إحداهما حامل، ومعهم 5 أطفال. واستقلت العائلة، بكامل عددها، القارب الصغير من شاطئ منطقة القلمون (جنوب طرابلس) في الساعة السابعة من مساء السبت، كما بقية الركاب الذين لم يعرف عددهم بالتحديد، على أمل الوصول إلى قبرص والشواطئ الأوروبية. لكن خبر غرق الزورق بمن فيه جاء سريعاً. وقد نجحت وحدات الجيش اللبناني في إنقاذ 48 ناجياً حتى بعد ظهر أمس (الأحد)، فيما انتشلت 6 جثث كانت أولاها ليل السبت لطفلة تبلغ عاماً ونصفاً، بحسب مدير عام مرفأ طرابلس الدكتور أحمد تامر الذي قال لـ«الشرق الأوسط»: «كل الأرقام التي تنشر حول عدد الركاب غير نهائية، وبالتالي لا يزال من الصعب تحديد عدد المفقودين».
يؤكد تامر أن «الزورق لا يتسع لأكثر من 10 أشخاص؛ فيما حشر فيه العشرات، ومركب صغير كهذا من المستحيل أن يبلغ أوروبا. الزورق طوله 10 أمتار فقط، فيما عرضه أقل من 4 أمتار. وقد تمكنوا من الإبحار لساعتين، وبدأ الغرق على مبعدة 9 أميال من طرابلس، أي ما يوازي 15 كيلومتراً. ولسوء الحظ؛ فإن المنطقة التي غرق فيها الزورق، تبعد 6 أميال عن جزيرة الفنار، وهي منطقة مياهها عميقة بشكل كبير وتصل إلى 400 متر».
وفي المقابل، تحدث أحمد الحموي، وهو شقيق محمد، لـ«الشرق الأوسط» عن ارتياحه للعثور على أطفال شقيقه الثلاثة الذين أصبحوا في المنزل؛ علي ونادية ونارمين، بعد انتشالهم أحياء و«هم منهارون لا يستطيعون التحدث عما حصل لهم، فيما توفيت الزوجة الثانية، الحامل سارة (29 سنة) وابنتها تالين. ولا تزال الزوجة الأولى ليال وابنتها نادين في عداد المفقودين».
محمد الحموي الذي كان على متن القارب مع عائلته، لا يعرف ذووه إن كان مفقوداً أم في قبضة الجيش. وهو يعمل في شركة للتنظيفات. ويروي عنه أحد أصدقائه في الشركة نفسها، محمد دنش لـ«الشرق الأوسط» أنه «سافر مرتين هذه السنة، قبل أن يحاول الهجرة غير الشرعية. المرة الأولى كانت إلى قطر حيث قضى شهرين، ومرة ثانية إلى دبي حيث قضى 3 أشهر». ويستغرب: «لماذا أقدم على هذه المجازفة؟». فيما يؤكد هذا الصديق، الذي يرافقه يومياً، كما بقية العائلة، أنه لم يعلم أحد على الإطلاق برغبة محمد في ركوب البحر قبل أن يبلغهم خبر الغرق.
وبمجرد الإعلان عن غرق الزورق سادت طرابلس حالة غضب عارم، وتجمع الأهالي أمام المرفأ، وأصيب البعض بحالات إغماء. كما تجمهر متضامنون مع الغرقى أمام المستشفى الحكومي الذي نقل إليه المنتشلون. وقضت طرابلس ليلاً متوتراً، وسمعت طوال الليل سيارات الإسعاف التي تنقل الغرقى والمصابين تجوب المدينة، كما تواصل إطلاق النار في الهواء، واستمر طيلة نهار أمس. وعلت مطالبات باستقالة جميع المسؤولين من قبل المحتجين الذين انهال بعضهم على صور مرشحين للانتخابات، ومزقوها. كما قطعت طرقات غضباً؛ منها «شارع سوريا» ومتفرعاته، والطريق التي توصل إلى عكار. وثمة من طالب المرشحين للانتخابات النيابية، بالتراجع عن ترشحهم، والأهالي بالامتناع عن التصويت احتجاجاً. وحضرت إلى مرفأ طرابلس بعد ذيوع الخبر المرشحة سوسن الكسحة، معلنة عن انسحابها من لائحة «سوا لبنان»، وعزوفها الكلي عن خوض الانتخابات، قائلة: «نحن نسير في طريق فاسد، وبعد الذي حصل لا يمكن أن نواصل».
ولم يسلم من ثورة المحتجين أي من المسؤولين، متهمين إياهم بتفقير الناس، والدفع بهم إلى الانتحار. واعتصم عدد من المحتجين أمام منزل وزير الداخلية بسام مولوي، في «شارع المائتين»، مطالبين باستقالته. وذلك في رد على اتهامات وجهت للجيش بأنه خلال مطاردته الزورق لإعادة المهاجرين الشرعيين إلى الشاطئ، اصطدم به مرتين.
وسادت فوضى كبيرة في منطقة القبة، التي تقطنها غالبية ركاب الزورق، وزاد من تأجيج الغضب أن الكهرباء مقطوعة عن هذه المنطقة منذ 6 أيام، وبالتالي الماء، والغلاء الفاحش، الذي قال السكان إنهم ما عادوا يطيقون احتماله. ولم يخف البعض أنه على استعداد للمجازفة بالطريقة نفسها؛ لأنهم «أموات أصلاً» في بلدهم. وقال بعض المحتشدين من الأهالي إن من بين الغرقى من يحاولون للمرة الثانية بعد أن فشلوا في المرة الأولى.
واللافت أنه على الزورق خرجت عائلات بأكملها؛ حيث أكثر من 10 أشخاص من عائلة الدندشي والعديد من عائلات الجمل والضناوي والحموي، مما زاد من عظم الفاجعة.



نيجيريا تقترب من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية لتعزيز الأمن ومكافحة الإرهاب

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
TT

نيجيريا تقترب من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية لتعزيز الأمن ومكافحة الإرهاب

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)

كشف وزير الدولة لشؤون الدفاع النيجيري، الدكتور بلو محمد متولي، لـ«الشرق الأوسط»، عن اقتراب بلاده من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية، بشأن برامج التدريب المشتركة، ومبادرات بناء القدرات، لتعزيز قدرات القوات المسلحة، فضلاً عن التعاون الأمني ​​الثنائي، بمجال التدريب على مكافحة الإرهاب، بجانب تبادل المعلومات الاستخبارية.

وقال الوزير إن بلاده تعمل بقوة لترسيخ الشراكة الاستراتيجية بين البلدين، «حيث ركزت زيارته إلى السعودية بشكل أساسي، في بحث سبل التعاون العسكري، والتعاون بين نيجيريا والجيش السعودي، مع وزير الدفاع السعودي الأمير خالد بن سلمان».

الدكتور بلو محمد متولي وزير الدولة لشؤون الدفاع النيجيري (فيسبوك)

وأضاف قائلاً: «نيجيريا تؤمن، عن قناعة، بقدرة السعودية في تعزيز الاستقرار الإقليمي والتزامها بالأمن العالمي. وبالتالي فإن الغرض الرئيسي من زيارتي هو استكشاف فرص جديدة وتبادل الأفكار، وسبل التعاون وتعزيز قدرتنا الجماعية على معالجة التهديدات الأمنية المشتركة».

وعن النتائج المتوقعة للمباحثات على الصعيد العسكري، قال متولي: «ركزت مناقشاتنا بشكل مباشر على تعزيز التعاون الأمني ​​الثنائي، لا سيما في مجال التدريب على مكافحة الإرهاب وتبادل المعلومات الاستخبارية»، وتابع: «على المستوى السياسي، نهدف إلى ترسيخ الشراكة الاستراتيجية لنيجيريا مع السعودية. وعلى الجبهة العسكرية، نتوقع إبرام اتفاقيات بشأن برامج التدريب المشتركة ومبادرات بناء القدرات التي من شأنها أن تزيد من تعزيز قدرات قواتنا المسلحة».

وتابع متولي: «أتيحت لي الفرصة لزيارة مقر التحالف الإسلامي العسكري لمحاربة الإرهاب في الرياض أيضاً، حيث التقيت بالأمين العام للتحالف الإسلامي العسكري لمكافحة الإرهاب، اللواء محمد بن سعيد المغيدي، لبحث سبل تعزيز أواصر التعاون بين البلدين، بالتعاون مع الدول الأعضاء الأخرى، خصوصاً في مجالات الأمن ومكافحة الإرهاب».

مكافحة الإرهاب

في سبيل قمع الإرهاب وتأمين البلاد، قال متولي: «حققنا الكثير في هذا المجال، ونجاحنا يكمن في اعتماد مقاربات متعددة الأبعاد، حيث أطلقنا أخيراً عمليات منسقة جديدة، مثل عملية (FANSAN YAMMA) التي أدت إلى تقليص أنشطة اللصوصية بشكل كبير في شمال غربي نيجيريا».

ولفت الوزير إلى أنه تم بالفعل القضاء على الجماعات الإرهابية مثل «بوكو حرام» و«ISWAP» من خلال عملية عسكرية سميت «HADIN KAI» في الجزء الشمالي الشرقي من نيجيريا، مشيراً إلى حجم التعاون مع عدد من الشركاء الدوليين، مثل السعودية، لتعزيز جمع المعلومات الاستخبارية والتدريب.

وحول تقييمه لمخرجات مؤتمر الإرهاب الذي استضافته نيجيريا أخيراً، وتأثيره على أمن المنطقة بشكل عام، قال متولي: «كان المؤتمر مبادرة مهمة وحيوية، حيث سلّط الضوء على أهمية الجهود الجماعية في التصدي للإرهاب».

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)

وتابع الوزير: «المؤتمر وفر منصة للدول لتبادل الاستراتيجيات والمعلومات الاستخبارية وأفضل الممارسات، مع التأكيد على الحاجة إلى جبهة موحدة ضد شبكات الإرهاب، حيث كان للمؤتمر أيضاً تأثير إيجابي من خلال تعزيز التعاون الأعمق بين الدول الأفريقية وشركائنا الدوليين».

ويعتقد متولي أن إحدى ثمرات المؤتمر تعزيز الدور القيادي لبلاده في تعزيز الأمن الإقليمي، مشيراً إلى أن المؤتمر شدد على أهمية الشراكات الاستراتيجية الحيوية، مثل الشراكات المبرمة مع التحالف الإسلامي العسكري لمكافحة الإرهاب (IMCTC).

الدور العربي ـ الأفريقي والأزمات

شدد متولي على أهمية تعظيم الدور العربي الأفريقي المطلوب لوقف الحرب الإسرائيلية على فلسطين ولبنان، متطلعاً إلى دور أكبر للعرب الأفارقة، في معالجة الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، على العرب الأفارقة أن يعملوا بشكل جماعي للدعوة إلى وقف إطلاق النار، وتقديم الدعم والمساعدات الإنسانية للمواطنين المتضررين.

وأكد متولي على أهمية استغلال الدول العربية الأفريقية أدواتها في أن تستخدم نفوذها داخل المنظمات الدولية، مثل «الأمم المتحدة» و«الاتحاد الأفريقي»؛ للدفع بالجهود المتصلة من أجل التوصل إلى حل عادل.

وحول رؤية الحكومة النيجيرية لحل الأزمة السودانية الحالية، قال متولي: «تدعو نيجيريا دائماً إلى التوصل إلى حل سلمي، من خلال الحوار والمفاوضات الشاملة التي تشمل جميع أصحاب المصلحة في السودان»، مقراً بأن الدروس المستفادة من المبادرات السابقة، تظهر أن التفويضات الواضحة، والدعم اللوجيستي، والتعاون مع أصحاب المصلحة المحليين أمر بالغ الأهمية.

وأضاف متولي: «حكومتنا مستعدة للعمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين، لضمان نجاح أي مبادرات سلام بشأن الأزمة السودانية، وبوصفها رئيسة للجماعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا والاتحاد الأفريقي، تدعم نيجيريا نشر الوسطاء لتسهيل اتفاقات وقف إطلاق النار والسماح بوصول المساعدات الإنسانية».

وفيما يتعلق بفشل المبادرات المماثلة السابقة، وفرص نجاح نشر قوات أفريقية في السودان؛ للقيام بحماية المدنيين، قال متولي: «نجاح نشر القوات الأفريقية مثل القوة الأفريقية الجاهزة (ASF) التابعة للاتحاد الأفريقي في السودان، يعتمد على ضمان أن تكون هذه الجهود منسقة بشكل جيد، وممولة بشكل كافٍ، ومدعومة من قِبَل المجتمع الدولي».

ولفت متولي إلى تفاؤل نيجيريا بشأن هذه المبادرة بسبب الإجماع المتزايد بين الدول الأفريقية على الحاجة إلى حلول بقيادة أفريقية للمشاكل الأفريقية، مبيناً أنه بدعم من الاتحاد الأفريقي والشركاء العالميين، فإن هذه المبادرة لديها القدرة على توفير الحماية التي تشتد الحاجة إليها للمدنيين السودانيين، وتمهيد الطريق للاستقرار على المدى الطويل.