جنرالات إسرائيليون يهددون بحرب على غزة تتضمن اجتياحاً برياً

انتقادات لقيادة الجيش لعدم ردها على آخر صاروخين أطلقا من القطاع

دراجة نارية على الجانب الفلسطيني من معبر بيت حانون شمال غزة السبت قبل إغلاق المعبر (أ.ف.ب)
دراجة نارية على الجانب الفلسطيني من معبر بيت حانون شمال غزة السبت قبل إغلاق المعبر (أ.ف.ب)
TT

جنرالات إسرائيليون يهددون بحرب على غزة تتضمن اجتياحاً برياً

دراجة نارية على الجانب الفلسطيني من معبر بيت حانون شمال غزة السبت قبل إغلاق المعبر (أ.ف.ب)
دراجة نارية على الجانب الفلسطيني من معبر بيت حانون شمال غزة السبت قبل إغلاق المعبر (أ.ف.ب)

حرص الجنرالات الإسرائيليون على التهديد بحرب قريبة على قطاع غزة «تكون مختلفة عن العمليات الحربية السابقة»، وتشمل اجتياحا بريا. وقال العميد دان نيومان، قائد عصبة «غاعش» (الفرقة 36)، إحدى أهم وحدات المناورة في الجيش الإسرائيلي، إن قواته أكملت مؤخراً تدريبا «تم فيه إعدادنا للمواجهة القادمة في غزة، والفرقة جاهزة لذلك، وأنا أؤمن بذلك».
التصريح يأتي في سياق رد غير مباشر إزاء الانتقادات لقيادة الجيش الإسرائيلي، لأنها لم ترد بقصف عسكري على آخر صاروخين أطلقا من قطاع غزة، ودفاع عدد من الجنرالات المقربين من قيادة الجيش عن قراره، بحجة أن «حركة حماس ليست معنية بتسخين الجبهة مع إسرائيل، وأن من أطلق الصواريخ هي تنظيمات متمردة». ووعد قادة الجيش بإعادة فتح معبر إيريز (بيت حانون)، الذي قررت الحكومة الإسرائيلية إغلاقه بتوصية من جهاز المخابرات «الشاباك».
العميد دان نيومان، قال إنه في نهاية التدريب، أجرى استطلاعاً بين قادة السرايا والكتائب، لمعرفة من منهم يعتقد أنه في فترة ولايته ستقع حرب يناور خلالها سلاح اليابسة في أراضي العدو. «وكانت النتائج عالية نسبيا، والغالبية تعتقد أن هذا سيحدث خلال ورديتهم». وبعد أن أكد أن العملية القادمة في غزة ستشتمل على اجتياح مؤكد، قال إن قرار إشعال الحرب بيد حماس ولكن شكل الحرب تحدده إسرائيل.
وأضاف أن العملية الأخيرة «حارس الأسوار»، ردعت حماس عن خوض مواجهة أخرى في هذا الوقت، إلى جانب الإجراءات السياسية المتخذة ضد غزة. لذلك فإن السؤال المطروح هو ما إذا كانت حماس معنية بمواجهة عسكرية الآن؟ لافتا أنه «ربما يكون هذا صحيحاً بالنسبة لنا أيضاً، يكفي وقوع حادث ما ينتج عنه تصعيد في الحرم القدسي، مع أو بدون مصلحة، ستنفجر الأمور. الحرم القدسي يشبه محطة وقود، عندما تدخن فيها تحدث أمور، كما حدث في الماضي».
وأوضح أن جيشه يرى أن «الهدوء النسبي الحاصل في قطاع غزة منذ شهر مايو (أيار) الماضي، نابع من أن حركتي حماس والجهاد الإسلامي، تعملان من أجل زيادة قوتهما العسكرية وتدريب وإعادة بناء قوتيهما الصاروخية وورشات تصنيعها وتحسين قدراتها. لذلك فإن مصلحتهما تكمن في الحفاظ على الهدوء، بسبب الوضع الاقتصادي والحساسية الداخلية التي ترافق هذا الموضوع، وفي الشعور بأنهما تلقتا ضربة شديدة في الحرب وتحتاجان لوقت طويل من أجل صنع قذائف صاروخية، وترميم الأنفاق والبنية التحتية القتالية التي تدمرت».
وكانت صحيفة «معريب»، قد كشفت أن حماس نقلت عدة رسائل عبر الوسيط المصري وغيره، قالت فيها إنها ليست معنية بتصعيد وأنها تعمل من أجل وقف إطلاق القذائف الصاروخية من قطاع غزة باتجاه إسرائيل. وتفتش إسرائيل عن معادلة تجعل حماس تتراجع عن سياستها الحالية، والتي تتسم ببث رسائل هدوء في قطاع غزة ولكنها تعمل على تشجيع العنف في الضفة الغربية والقدس. واعتبر المصدر نفسه أن الأسبوع الحالي سيكون حاسما بكل ما يتعلق بالوضع الأمني، وادعى أنه في الأسبوع الأخير من شهر رمضان، ستحاول حماس تحقيق إنجازات جماهيرية في القدس والضفة الغربية تغطي على رغبتها في تثبيت هدوء في قطاع غزة.
وبحسب تقديرات للجيش نشرتها «القناة 12» للتلفزيون الإسرائيلي، فإنه قبل العملية الأخيرة على غزة، كان بحوزة حماس قرابة 14 ألف قذيفة صاروخية، وبحوزة الجهاد الإسلامي حوالي 8 آلاف قذيفة صاروخية، إضافة إلى بضع مئات «وربما آلاف» القذائف الصاروخية بحوزة فصائل أصغر. وأطلقت هذه الفصائل خلال الحرب حوالي 4500 قذيفة صاروخية باتجاه إسرائيل، وبحسب ادعاء الجيش الإسرائيلي فإنه في الوقت نفسه تم تدمير تام لحوالي 4000 قذيفة صاروخية أخرى، وكذلك تم تدمير معظم منظومة إنتاج القذائف الصاروخية.
إلا أن القناة نقلت عن ضابط إسرائيلي آخر، ذي رتبة عالية، قوله إن منظومة إنتاج القذائف الصاروخية «تضررت بدرجة أقل من تقديراتنا. وهم (أي الفصائل في القطاع)، نجحوا في أن يرمموا بسرعة منظومة إنتاج القذائف الصاروخية، في أعقاب مساعدات خارجية من إيران وأسباب أخرى». وأضاف أن «بحوزة حماس والجهاد الإسلامي عددا مشابها من القذائف الصاروخية التي كانت بحوزتهما قبل العملية العسكرية في مايو الماضي. لا بل إنهما تعملان على تطوير أنواع من القذائف الصاروخية التي تلحق ضررا أكبر. إنهم يعملون على تحسين القذائف الصاروخية الموجودة، بحيث تتمكن من التغلب على القبة الحديدية. وتطور أسلحة، وخاصةً قذائف مضادة للدبابات وبنادق قناصة. فهذه أسلحة ذات أهمية كبيرة بالنسبة لهم، لاستخدامها في حال اجتياح بري لقطاع غزة وكذلك من أجل استخدامها ضد القوات في الجانب الآخر من السياج» الأمني المحيط بالقطاع. وقال ضابط من فرقة غزة العسكرية، إن المخابرات الإسرائيلية تعلم بأن «قادة حماس والجهاد، يستثمرون موارد كثيرة في مجال القذائف المضادة للطائرات والسايبر، وذلك بمساعدة كبيرة جدا من الإيرانيين».
من جهته، خرج الرئيس السبق لشعبة الاستخبارات العسكرية في الجيش، عاموس يدلين، مدافعا عن سياسة الحكومة الحالية برئاسة نفتالي بنيت في التعامل مع قطاع غزة، وقال: إن «هناك العديد من الجبهات التي تداخلت مع بعضها خلال فترة الأعياد وتوافقت مع الفصح لدى اليهود وفصح المسيحيين وشهر رمضان، ابتداء من جبهة غزة إلى جبهة القدس فجبهة مناطق الضفة الغربية فالجبهة السورية إلى جبهة لبنان، ويتوجب إدارة هذه الجبهات كلها بهدوء وباتزان مع أخذ الأهداف بالحسبان».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.