كشف دميتري راجوزين رئيس وكالة الفضاء الروسية «روسكوزموس»، أن موسكو ستنشر هذا الخريف صواريخ سارمات الباليستية العابرة للقارات المختبرة حديثا والقادرة على توجيه ضربات نووية للولايات المتحدة. ويمثل الصاروخ الذي تم اختباره في الأسبوع الماضي بعد تأجيلات على مدى أعوام بسبب مسائل مالية وفنية استعراضاً للقوة من جانب روسيا في الوقت الذي أثارت فيه حرب أوكرانيا توترات مع الولايات المتحدة وحلفائها وصلت إلى أعلى مستوياتها منذ أزمة الصواريخ الكوبية في عام 1962. وزادت المخاوف في الغرب من خطر نشوب حرب نووية منذ إعلان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بدء غزوه لأوكرانيا يوم 24 فبراير (شباط) وإلقائه خطابا أشار فيه عن قصد إلى القوات النووية الروسية وحذر من أن أي محاولة للوقوف في طريق روسيا «ستفضي بكم إلى عواقب لم تروها في تاريخكم». وسارمات هو اسم شعب من البدو الرحل عاش في العصور القديمة حول البحر الأسود، بين روسيا وأوكرانيا حالياً.
وقال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش في الشهر الماضي إن «بادرة صراع نووي كانت غير متصورة عادت الآن إلى نطاق الممكن».
والصاروخ سارمات قادر على حمل عشرة رؤوس نووية وشراك خداعية أو أكثر وضرب أهداف على بعد آلاف الأميال في الولايات المتحدة أو أوروبا. وكانت قد أعلنت روسيا عن إطلاق الصاروخ في أول اختبار له يوم الأربعاء الماضي. لكن يعتقد خبراء عسكريون غربيون أن هناك حاجة إلى كثير من الأشياء قبل أن يكون ممكنا نشر الصاروخ. وقال دوجلاس باري من المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية لرويترز إن الإطلاق كان علامة فارقة مهمة بعد سنوات من التأخير بسبب مشكلات التمويل وتحديات التصميم. وأضاف أنه ستكون هناك حاجة لمزيد من الاختبارات قبل أن تتمكن روسيا فعليا من نشر هذا الصاروخ بدلا من صواريخ إس. إس - 18 وإس. إس - 19 القديمة التي «تجاوزت تاريخ بيعها بكثير». وقال باري إن قدرة صاروخ سارمات على حمل عشرة رؤوس حربية أو أكثر، والخيار المتاح أمام روسيا لإطلاقه فوق أي من قطبي الأرض، يشكل تحديا لأنظمة الرادار والتتبع الأرضية والأقمار الصناعية. وأبلغ إيجور كوروتشينكو رئيس تحرير مجلة الدفاع الوطني الروسية وكالة الإعلام الروسية بأن هذه إشارة إلى الغرب تفيد بأن موسكو قادرة على تنفيذ «انتقام ساحق يضع حدا لتاريخ أي دولة تعدت على أمن روسيا وشعبها». وفي واشنطن، أكدت وزارة الدفاع الأميركية أن هذه التجربة الصاروخية «روتينية» ولا تشكل تهديداً للولايات المتحدة أو حلفائها. وقال المتحدث باسم البنتاغون جون كيربي للصحافيين الأربعاء الماضي إن موسكو «أخطرت بشكل صحيح» واشنطن بهذه التجربة وذلك بموجب التزاماتها وفقاً للمعاهدة النووية و«لم تكن عملية الإطلاق مفاجئة». وأضاف أن البنتاغون «لم يعتبر الاختبار تهديداً للولايات المتحدة أو لحلفائها».
وقال راجوزين في مقابلة مع التلفزيون الرسمي الروسي إن الصواريخ ستنشر مع وحدة في منطقة كراسنويارسك في سيبيريا على بعد حوالي ثلاثة آلاف كيلومتر شرقي موسكو. وأضاف، كما نقلت عنه رويترز أن صواريخ سارمات ستوضع في نفس المواقع وفي نفس الصوامع التي توجد بها الصواريخ فويفودا الباقية من العصر السوفياتي والتي ستحل سارمات محلها، وهو أمر سيوفر «موارد ووقتا هائلين». ومضى راجوزين قائلا إن إطلاق هذا «السلاح المتفوق» حدث تاريخي سيضمن الأمن لأطفال وأحفاد روسيا لمدة بين 30 و40 عاما.
ويعتبر صاروخ سارمات الباليستي الجديد العابر للقارات إضافة جديدة إلى ترسانة روسيا النووية، وسلاح قال الرئيس فلاديمير بوتين إنه سيجبر كل أعداء موسكو على التوقف والتفكير أكثر من مرة. وأظهر التلفزيون الأربعاء الماضي لقطات لبوتين وهو يستمع لإفادات من الجيش بشأن إطلاق الصاروخ من بليسيتسك في شمال غربي البلاد ليضرب أهدافا في شبه جزيرة كامشاتكا في أقصى الشرق. وأوضح المتحدث باسم الوكالة الروسية أن الهدف الذي أصابه الصاروخ يقع على أرض عسكرية أخرى، هي منطقة كورا، في شبه جزيرة كامتشاتكا في أقصى الشرق الروسي والتي تبعد أكثر من 5000 كيلومتر. وبحسب كوناشينكوف فإنه «بعد انتهاء البرنامج التجريبي، ستدخل صواريخ سارمات الخدمة في القوات الاستراتيجية الروسية». ويزن صاروخ سارمات 200 طن ويفترض أن يتفوق في الأداء على صاروخ فويفودا الذي يبلغ مداه 11 ألف كيلومتر. وظل الصاروخ سارمات قيد التطوير لسنوات، لذا فإن إطلاقه التجريبي ليس مفاجأة بالنسبة للغرب، لكنه يأتي في وقت يشهد توترا سياسيا شديدا بسبب الحرب في أوكرانيا. وقال بوتين «الصاروخ الجديد يتمتع بأعلى الخصائص التكتيكية والفنية وهو قادر على التغلب على جميع الوسائل الحديثة للدفاع المضاد للصواريخ.
ليس له نظير في العالم ولن يكون لديه لفترة طويلة في المستقبل». ومضى يقول «هذا السلاح الفريد حقا سيعزز القدرة القتالية لقواتنا المسلحة، ويضمن بشكل موثوق أمن روسيا من التهديدات الخارجية ويجعل أولئك الذين يفكرون في تهديد بلدنا يفكرون مليا، في خضم هذا الخطاب العدواني المحموم».
روسيا تستعرض عضلاتها وتنشر صواريخ «سارمات» في تحديث نووي «تاريخي»
روسيا تستعرض عضلاتها وتنشر صواريخ «سارمات» في تحديث نووي «تاريخي»
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة