المشهد

هوليوود تعادي المرأة؟

المشهد
TT

المشهد

المشهد

* يحمل مهرجان كان شعورا بالذنب حيال المرأة. يحاول مراضاتها قدر الإمكان وإسكات أصوات المنتقدين حينما يكتبون أنه لا يبالي بهن وأن تاريخه مرصع بأفلام الرجال وبقليل من أفلام النساء. ما إن تم اختيار «رأس مرفوع» لافتتاح المهرجان حتى تم استخدامه إعلاميا على أساس أن اتهام «كان» بأنه أحادي الجانب ليس صحيحا… ها هو يختار فيلم افتتاح من إخراج امرأة.
* في هوليوود المشكلة ذاتها. هوليوود تعادي المرأة: يقول تقرير صدر قبل أيام من قبل «اتحاد الحقوق المدنية الأميركي»، مؤكدا أن هوليوود متحاملة على المرأة: «المخرجات النساء لا يعملن بنفس الدرجة ولا يحصلن على فرص عادلة للنجاح». يقول التقرير. ويذكر أن «التفرقة الجنسية غير قانونية».
* القضية ذاتها أثيرت أول مرّة في ستينات القرن الماضي. حينها تم إرسال خطابات إلى المحاكم والسلطات تطلب العدالة للسينمائيات عبر مساواتهن بالرجال كفرص عمل. والممثلة ميريل ستريب، التي لا تكف عمليا عن إيجاد فرص عمل، لا تفوّت فرصة من دون أن تذكّر أن الممثلات اللواتي تجاوزن الأربعين يمثلن أقل من الرجال الذين تجاوزوا ذلك السن. هذا أيضاَ مخالف للقانون فالتفرقة حسب العمر
هي أيضا غير قانونية.
* المرأة في السينما من عمر السينما، ليس كممثلة فقط، بل كمخرجة. أليس غي مثلت وأنتجت وأخرجت عشرات الأفلام ما بين شيكاغو ولوس أنجليس أيام السينما الصامتة. مثيلاتها حول العالم في تلك الحقبة أولغا بريوباجنسكايا، روث ستونهاوس، إلفيرا نوتاري، دوروثي أزنر، جيرماين دولاك، ماري إبستين وإيدا ماي بارك من بين أخريات.
* إذا ما كانت هناك مشكلة فهي لا تختلف عن مشاكل عملية أخرى. مثلا هناك كم أكبر بكثير من سائقي التاكسي البريطانيين مقارنة بالسائقات. وعدد الرسامين ومؤلفي الموسيقى أكبر بأضعاف من عدد الرسامات ومؤلفات الموسيقى. وفي حين أن الطبخ مهنة نسائية متوارثة، إلا أن أشهر الطبّاخين وأعلاهم أجرا هم من الرجال… لماذا السينما لوحدها أن تكون محط نقد.
* لا أقصد أن الإخراج هو مجال رجالي وأن الرجال أفضل فيه من النساء. هذا ليس صحيحا. الموهبة لا تعرف جنس الإنسان، لكن حدث أن شاع حضور الرجل في الكثير من عناصر الصناعة السينمائية من دون النساء. ليس هناك من مؤامرة بل مجرد منهج تم اعتماده مثل حال طريق ترابي لم يشقه أحد بل سار فوقه الكثيرون حتى أصبح دربا مطروقا.
* هوليوود تريد إنتاج أكبر قدر من الأفلام التي تحقق أكبر قدر من الإيرادات. الرجال أمهر - ربما - في هذه الوسيلة. المرأة تفكّر أكثر من الرجل وتفضل النوعية وحين لا تفضلها تصنع نسخا رديئة مما يصنعه الرجال. هوليوود لا تكترث للفيلم المفكر إلا من باب «البرستيج». تحتفي به قبل الأوسكار بشهرين وتنساه في الشهر الثالث. لو لم تفعل لارتفع منسوب الأفلام الجيدة وارتفع، بالتالي، نصيب المرأة من إخراج هذه الأفلام.



شاشة الناقد: فيلمان من لبنان

دياماند بوعبّود وبلال حموي في «أرزة» (مهرجان أفلام آسيا الدولي)
دياماند بوعبّود وبلال حموي في «أرزة» (مهرجان أفلام آسيا الدولي)
TT

شاشة الناقد: فيلمان من لبنان

دياماند بوعبّود وبلال حموي في «أرزة» (مهرجان أفلام آسيا الدولي)
دياماند بوعبّود وبلال حموي في «أرزة» (مهرجان أفلام آسيا الدولي)

أرزة ★★☆

دراجة ضائعة بين الطوائف

أرزة هي دياماند بو عبّود. امرأة تصنع الفطائر في بيتها حيث تعيش مع ابنها كينان (بلال الحموي) وشقيقتها (بَيتي توتَل). تعمل أرزة بجهد لتأمين نفقات الحياة. هي تصنع الفطائر وابنها الشاب يوزّعها. تفكّر في زيادة الدخل لكن هذا يتطلّب درّاجة نارية لتلبية طلبات الزبائن. تطلب من أختها التي لا تزال تعتقد أن زوجها سيعود إليها بعد 30 سنة من الغياب، بيع سوار لها. عندما ترفض تسرق أرزة السوار وتدفع 400 دولار وتقسّط الباقي. تُسرق الدرّاجة لأن كينان كان قد تركها أمام بيت الفتاة التي يحب. لا حلّ لتلك المشكلة إلا في البحث عن الدراجة المسروقة. لكن من سرقها؟ وإلى أي طائفة ينتمي؟ سؤالان تحاول أحداث الفيلم الإجابة عليهما ليُكتشف في النهاية أن السارق يعيش في «جراجه» المليء بالمسروقات تمهيداً لبيعها خردة، في مخيّم صبرا!

قبل ذلك، تنتقل أرزة وابنها والخلافات بينهما بين المشتبه بهم: سُنة وشيعة ومارونيين وكاثوليك ودروز. كلّ فئة تقترح أن واحدة أخرى هي التي سرقت وتشتمها. حتى تتجاوز أرزة المعضلة تدخل محلاً للقلائد وتشتري العُقد الذي ستدّعي أنها من الطائفة التي يرمز إليها: هي أم عمر هنا وأم علي هناك وأم جان- بول هنالك.

إنها فكرة طريفة منفّذة بسذاجة للأسف. لا تقوى على تفعيل الرّمز الذي تحاول تجسيده وهو أن البلد منقسم على نفسه وطوائفه منغلقة كل على هويّتها. شيء كهذا كان يمكن أن يكون أجدى لو وقع في زمن الحرب الأهلية ليس لأنه غير موجود اليوم، لكن لأن الحرب كانت ستسجل خلفية مبهرة أكثر تأثيراً. بما أن ذلك لم يحدث، كان من الأجدى للسيناريو أن يميل للدراما أكثر من ميله للكوميديا، خصوصاً أن عناصر الدراما موجودة كاملة.

كذلك هناك لعبٌ أكثر من ضروري على الخلاف بين الأم وابنها، وحقيقة أنه لم يعترف بذنبه باكراً مزعجة لأن الفيلم لا يقدّم تبريراً كافياً لذلك، بل ارتاح لسجالٍ حواري متكرر. لكن لا يهم كثيراً أن الفكرة شبيهة بفيلم «سارق الدّراجة» لأن الحبكة نفسها مختلفة.

إخراج ميرا شعيب أفضل من الكتابة والممثلون جيدون خاصة ديامان بوعبّود. هي «ماسة» فعلاً.

• عروض مهرجان القاهرة و«آسيا وورلد فيلم فيستيڤال».

سيلَما ★★★☆

تاريخ السينما في صالاتها

لابن بيروت (منطقة الزيدانية) لم تكن كلمة «سيلَما» غريبة عن كبار السن في هذه المدينة. فيلم هادي زكاك الوثائقي يُعيدها إلى أهل طرابلس، لكن سواء كانت الكلمة بيروتية أو طرابلسية الأصل، فإن معناها واحد وهو «سينما».

ليست السينما بوصفها فناً أو صناعة أو أيّ من تلك التي تؤلف الفن السابع، بل السينما بوصفها صالة. نريد أن نذهب إلى السينما، أي إلى مكان العرض. عقداً بعد عقد صار لصالات السينما، حول العالم، تاريخها الخاص. وفي لبنان، عرفت هذه الصالات من الأربعينات، ولعبت دوراً رئيسياً في جمع فئات الشعب وطوائف. لا عجب أن الحرب الأهلية بدأت بها فدمّرتها كنقطة على سطر التلاحم.

هادي زكّاك خلال التصوير (مهرجان الجونا)

فيلم هادي زكّاك مهم بحد ذاته، ومتخصّص بسينمات مدينة طرابلس، ولديه الكثير مما يريد تصويره وتقديمه. يُمعن في التاريخ وفي المجتمع ويجلب للواجهة أفلاماً ولقطات وبعض المقابلات والحكايات. استقاه من كتابٍ من نحو 600 صفحة من النّص والصور. الكتاب وحده يعدُّ مرجعاً شاملاً، وحسب الزميل جيمي الزاخم في صحيفة «نداء الوطن» الذي وضع عن الكتاب مقالاً جيداً، تسكن التفاصيل «روحية المدينة» وتلمّ بتاريخها ومجتمعها بدقة.

ما شُوهد على الشاشة هو، وهذا الناقد لم يقرأ الكتاب بعد، يبدو ترجمة أمينة لكلّ تلك التفاصيل والذكريات. يلمّ بها تباعاً كما لو كان، بدُورها، صفحات تتوالى. فيلمٌ أرشيفي دؤوب على الإحاطة بكل ما هو طرابلسي وسينمائي في فترات ترحل من زمن لآخر مع متاعها من المشكلات السياسية والأمنية وتمرّ عبر كلّ هذه الحِقب الصّعبة من تاريخ المدينة ولبنان ككل.

يستخدم زكّاك شريط الصوت من دون وجوه المتكلّمين ويستخدمه بوصفه مؤثرات (أصوات الخيول، صوت النارجيلة... إلخ). وبينما تتدافع النوستالجيا من الباب العريض الذي يفتحه هذا الفيلم، يُصاحب الشغف الشعور بالحزن المتأتي من غياب عالمٍ كان جميلاً. حين تتراءى للمشاهد كراسي السينما (بعضها ممزق وأخرى يعلوها الغبار) يتبلور شعورٌ خفي بأن هذا الماضي ما زال يتنفّس. السينما أوجدته والفيلم الحالي يُعيده للحياة.

* عروض مهرجان الجونة.

★ ضعيف | ★★: وسط| ★★★: جيد | ★★★★ جيد جداً | ★★★★★: ممتاز