اشتباكات مفاجئة بين فصائل مسلحة في العاصمة الليبية

اندلعت اشتباكات عنيفة مجدداً بالعاصمة الليبية طرابلس، في ساعة مبكرة من صباح أمس، بينما باتت مدينة سبها الجنوبية مسرحاً لصراع الحكومتين المتنازعتين على السلطة في البلاد.
وسعى عبد الحميد الدبيبة، رئيس حكومة «الوحدة» المؤقتة، إلى الإيحاء باستمرار سيطرته على المدينة الجنوبية، فيما أعلنت حكومة «الاستقرار» برئاسة فتحي باشاغا عقب أول اجتماع لها من هناك، أنها ستزور اليوم المناطق النفطية لمعالجة أسباب إغلاق النفط.
وقال سكان محليون ووسائل إعلام إن اشتباكات عنيفة اندلعت على نحو مفاجئ بين جهاز «دعم الاستقرار» التابع لحكومة الدبيبة و«الكتيبة 301» في طريق مطار طرابلس الدولي، حيث كان بالإمكان سماع دوي إطلاق نار متقطع في المنطقة.
وأظهر فيديو التقطه أحد السكان وميض الأعيرة النارية وتصاعد أصوات الاشتباكات بالأسلحة المتوسطة والثقيلة بالقرب من معسكر حمزة في طريق المطار.
وتعد هذه الاشتباكات الأحدث من نوعها بين الميليشيات المسلحة التي تتنازع فيما بينها بشكل مستمر في العاصمة طرابلس على مناطق السلطة والنفوذ.
في غضون ذلك، اعتبر باشاغا، رئيس الوزراء المكلف من مجلس النواب، أن حكومة الدبيبة «المنتهية الولاية»، بحسب وصفه، استخدمت أموال الليبيين «لدعم الميليشيات والمجموعات المسلحة»، موضحاً أنه يجب تأمين الحدود الجنوبية والانطلاق في المشاريع الزراعية وتجارة العبور وتأمين وصول الخدمات وفتح باب الاستثمار في الجنوب، كما تعهد بتنفيذ هذه البرامج عند اعتماد الميزانية لحكومته.
بدوره، قال عثمان عبد الجليل، الناطق باسم حكومة باشاغا، إنها ستحاول طمأنة المواطنين لإعادة تصدير النفط بأسرع وقت مع إعطاء بعض الضمانات أن تصرف الأموال بشكل صحيح، مشيراً إلى أن حكومته لا ترضى عن إغلاق النفط ولم تشارك فيه.
واعتبر أن حكومة «الوحدة» في طرابلس «تشتري الولاءات والذمم بأموال الليبيين وتدفع للخارجين عن القانون والإرهابيين»، متهماً الدبيبة «بصرف الملايين على المجموعات المتشددة في طرابلس وحتى في الجنوب». كما شدد في تصريحات تلفزيونية مساء أول من أمس على أنه «يجب محاسبة حكومة الدبيبة على كل ما صرفته من أموال»، لافتاً إلى أن حكومة باشاغا قررت الخروج عن الصمت لكن ليس عن التهدئة.
وبعدما أعرب عن اعتقاده بأن دخول حكومته للعاصمة سيكون «قريباً جداً»، اتهم حكومة الدبيبة بتضليل الشعب الليبي، وقال: «لا نعتقد أن تركيا تدعم هذه الحكومة، أعتقد أنها تدعم حكومتنا».
ورغم أن الدبيبة رئيس حكومة «الوحدة» قد تجاهل اجتماعات حكومة باشاغا في سبها، لكنه التقى في المقابل بالعاصمة طرابلس مساء أول من أمس رئيس وأعضاء مجلس بلدية سبها لمتابعة الصعوبات والمشاكل التي تواجه أوضاع البلدية ومشكلة نقص الوقود بالمدينة التي تُعتبر كبرى حواضر الجنوب الليبي. وقال بيان وزعه مكتب الدبيبة إنه أعطى تعليماته للأجهزة التنفيذية بعقد لقاء فني بشأن المشروعات المستهدفة للعام الجاري، ونقل عن بلحاج علي، عميد سبها المكلف، أنها تسلمت ضمن خطة عودة الحياة الخاصة بدعم البلديات ثمانية ملايين دينار ساهمت في معالجة بعض الصعوبات الأساسية أهمها الصرف الصحي.
كما تابع الدبيبة مع عميد بلدية الزنتان (غرب ليبيا) أوضاعها ومعالجة عدة ملفات لبعض الطرق واستكمال الأعمال بمطارها المدني. كما التقى بمقر «اللواء 51 مشاة» بعض المشايخ والوجهاء بتاجوراء (شرق طرابلس)، وزار مقر فرع إدارة إنفاذ القانون بطرابلس للاطلاع على تنفيذ خطط أمنية وفرض القانون. وأعلن الدبيبة في بيان مقتضب عبر «تويتر» في ساعة مبكرة من صباح أمس، أنه أوفى بوعده بشأن صرف تسعة أشهر من منحة الأبناء لمستحقيها، وقال إن العمل جار لصرف علاوة الزوجة بعد مراجعتها من قبل وزارة الشؤون الاجتماعية.
بدوره، شدد محمد المنفي، رئيس المجلس الرئاسي، ونائباه على ضرورة العمل على استئناف ضخ النفط مصدر قوت الليبيين وإبعاده عن أي تجاذبات سياسية تعود بالسلب على مصدر دخل الليبيين.
وكان محمد الحداد رئيس أركان القوات الموالية لحكومة «الوحدة»، وعلي الديب رئيس جهاز حرس المنشآت النفطية، قدما إحاطة للمجلس الرئاسي باعتباره القائد الأعلى للجيش الليبي، حول آخر تطورات الأوضاع في الحقول النفطية بعد إقفال جزء منها، وتداعياتها على الاقتصاد المحلي، كما استعرضا الجهود المبذولة لفك الاعتصام مع المحتجين واستئناف ضخ النفط الخام للموانئ النفطية.
وجدد المجلس، وفقاً لبيان له، مساء أول من أمس، استمرار دعمه لكل الجهود التي تهدف لتوحيد مصرف ليبيا، مشدداً على ضرورة الاستمرار في صرف مرتبات موظفي القطاع العام بانتظام، والتنسيق مع وزارة المالية فيما اتخذته من إجراءات بشأن متابعة مقترح الجدول الموحد للمرتبات.
في سياق قريب، قال المستشارة الأممية لدى ليبيا ستيفاني ويليامز إنها أجرت مساء أول من أمس محادثة هاتفية مع فتحي باشاغا وأطلعته على نتائج المشاورات التي أجريت في الفترة من 13 إلى 18 أبريل (نيسان) في القاهرة مع اللجنة المشتركة المؤلفة من أعضاء من مجلسي النواب والأعلى للدولة. وأضافت أنهما «تفاهما (على) أن عائدات النفط، التي تعد بمثابة شريان الحياة للشعب الليبي، يجب أن تدار بطريقة شفافة وخاضعة للمساءلة بالكامل وأن يتم توزيعها بشكل منصف بين جميع الليبيين».
وشددت ويليامز على ضرورة النأي عن استخدام إنتاج النفط الليبي كسلاح لأغراض سياسية، ودعت إلى إنهاء إغلاق النفط. كما شددت على ضرورة الحفاظ على الهدوء التام على الأرض في ظل تزايد الاستقطاب السياسي في البلاد.