تعمّق الخلافات بين دول «الأوروبي» حول وقف واردات النفط والغاز الروسية

بوريل يحذّر من تغيير الاصطفافات العالمية بعد حرب أوكرانيا

جانب من محادثات زيلينسكي وميشال في كييف الأربعاء (إ.ب.أ)
جانب من محادثات زيلينسكي وميشال في كييف الأربعاء (إ.ب.أ)
TT

تعمّق الخلافات بين دول «الأوروبي» حول وقف واردات النفط والغاز الروسية

جانب من محادثات زيلينسكي وميشال في كييف الأربعاء (إ.ب.أ)
جانب من محادثات زيلينسكي وميشال في كييف الأربعاء (إ.ب.أ)

قال رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشال إنه طلب من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين فتح معابر إنسانية فوراً في ماريوبول وغيرها من المدن الأوكرانية التي تحاصرها القوات الروسية، وذلك بمناسبة عيد الفصح لدى الطوائف المسيحية الأرثوذكسية. وأضاف ميشال، في تغريدة على حسابه بـ«تويتر»، بعد ظهر أمس (الجمعة)، أنه أجرى محادثة هاتفية مع بوتين بعد عودته من الزيارة المفاجئة التي كان قام بها إلى كييف، حيث اجتمع بالرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، شدّد فيها بطريقة مباشرة على أن «الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي موحّدة في موقفها الداعم لسيادة أوكرانيا ووحدة أراضيها»، وعرض للرئيس الروسي بالتفصيل تكلفة العقوبات الأوروبية بالنسبة لموسكو.
في موازاة ذلك، صرّح المسؤول عن السياسة الخارجية الأوروبية جوزيب بوريل بأن قرار وقف استيراد النفط والغاز من روسيا لن يتخذه الاتحاد الأوروبي بالإجماع، وأن الدول الأعضاء بإمكانها أن تقرر ذلك فرادى.
وجاءت تصريحات بوريل، أمس، فيما ما زالت ألمانيا والمجر تصرّان على رفض قرار العقوبات المشتركة على الصادرات الروسية من النفط والغاز، بدعم غير معلن من إيطاليا، وذلك رغم الضغوط المتزايدة التي تتعرّض لها برلين من شركائها الأوروبيين والحلفاء الغربيين.
وقال بوريل، في حديث إلى عدد من المراسلين في العاصمة البلجيكية، إن الاتحاد الأوروبي سيواصل إرسال الأسلحة والمعدات الحربية إلى أوكرانيا للوقوف بوجه الاعتداء الروسي، معرباً عن يقينه بأن «مصير الحرب سيتقرّر في ساحة المعركة»، وذكّر بما قاله المستشار النمساوي منذ أيام بعد لقائه الرئيس الروسي في موسكو، إن بوتين لا يريد التفاوض وإنه يعدّ لهجوم واسع على الدونباس. واعتبر المسؤول الأوروبي أن روسيا هي الطرف المهزوم حالياً في هذه الحرب، بعد أن فشلت الخطة التي كانت وضعتها، «لكن الثمن الذي تدفعه أوكرانيا باهظ جداً على صعيد الخسائر البشرية والمادية».
وإذ أكّد بوريل أن الاتحاد الأوروبي سيواصل تزويد أوكرانيا بالأسلحة والدبابات والطائرات الحربية لكي تتمكن من الدفاع عن نفسها ضد الاعتداء الروسي، اعترف بأنه من الصعب الاستمرار في هذا الدعم من غير أن تصبح أوروبا طرفاً في النزاع. وقال المسؤول عن السياسة الخارجية الأوروبية إن إدراج النفط والغاز ضمن العقوبات على روسيا ما زال موضع نقاش وتباين في الآراء داخل المجلس الأوروبي الذي له الكلمة الفصل في هذا الملف الذي يناقش على مستوى القيادات السياسية العليا، مشيراً إلى أن ثمّة إجماعاً على ضرورة الإسراع في ضمان الاكتفاء الذاتي الأوروبي من الطاقات البديلة. وذكّر بوريل بأن ألمانيا، التي تعارض وقف استيراد النفط والغاز من روسيا في الوقت الحاضر، أكّدت أنها ستتخلّى عن استيراد النفط الروسي أواخر السنة الجارية، علماً بأن واردات موسكو من النفط تتجاوز وارداتها من الغاز. وكانت هولندا أعلنت، أمس، أنها تعتزم وقف استيراد الغاز الروسي بحلول نهاية العام الجاري، وأعلنت الحكومة الهولندية أنها ستنفق 675 مليون دولار كحوافز لملء واحدة من أكبر منشآت تخزين الغاز المسيّل في أوروبا قبل بداية فصل الشتاء المقبل.
وأعرب بوريل عن اعتقاده بأن التفرقة ستزداد بين دول العالم بعد هذه الحرب، الأمر الذي سيؤدي إلى تقلّبات وأزمات اقتصادية، خصوصاً في البلدان النامية والناشئة. «وسنكون أمام مشهد سياسي واضح: الصين والاتحاد الروسي من جهة، والغرب من جهة أخرى، وبينهما عدد كبير من الدول الناشئة التي ستدفعها ظروفها الاقتصادية والأمنية إلى اختيار الاصطفاف في إحدى الجبهتين كما في العقود السابقة».
ومن برلين، نقلت مصادر إعلامية عن المستشار الألماني أولاف شولتز قوله إن «قرار تزويد أوكرانيا بالأسلحة لا ينطلق من الشعور بالخوف من ردة الفعل الروسية، بل تمليه المسؤولية السياسية لمنع نشوب حرب عالمية ثالثة يخشى أن تكون نووية». وذكرت مجلة «دير شبيغل» الأسبوعية النافذة أن شولز شدّد على أهمية تحاشي المواجهة المباشرة بين الدول الأعضاء في الحلف الأطلسي وروسيا، وذلك في حديث مطوّل تنشره في عددها الجديد نهاية هذا الأسبوع، مبرزة تصريحات لرئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون، يؤكد فيها أن جنوداً أوكرانيين يتدربّون في المملكة المتحدة على استخدام آليات مدرعة قدّمتها بريطانيا للقوات المسلحة الأوكرانية، وعلى التحكّم بأجهزة الدفاع المضادة للطائرات في بولندا. يذكر أن وسائل إعلام بريطانية كانت تحدثت، مؤخراً، عن وجود وحدات من القوات الخاصة البريطانية في مهام تدريبية في أوكرانيا.
من جهته، قال رئيس الجمهورية الإيطالية سرجيو ماتاريلا، أمس، إن الاعتداء الروسي على أوكرانيا لا مبرر له، وإنه «يعيدنا إلى حقب الاستعمار والإمبريالية المظلمة، وانتهاك قواعد التعايش الأساسية التي ارتضتها الأسرة الدولية، الذي سيكون من الصعب وقف تمدده خارج حدود النزاع الحالي، إذا لم يوضع له حد فوراً». وكان ماتاريلا يتحدث في لقاء مع قيادات عسكرية في قصر الكويرينالي بمناسبة ذكرى تحرير العاصمة الإيطالية على يد الحلفاء من القوات النازية.
إلى جانب ذلك، صرّح البابا فرنسيس بأن الفاتيكان اضطر لتعليق اللقاء الذي كان مقرراً أن يجمعه، للمرة الثانية، بالبطريرك الروسي كيريل في مدينة القدس منتصف يونيو (حزيران) المقبل، مشيراً إلى أن «دبلوماسيتنا أدركت أن هذا اللقاء في الظرف الراهن من شأنه أن يخلق التباساً كبيراً». وجاءت تصريحات البابا في حديث أدلى به إلى صحيفة «لا ناسيون» الأرجنتينية، قال فيه إن زيارته المنشودة إلى مسقط رأسه الأرجنتين مرهونة بظروفه الصحية. وكان البابا الذي ألغى مواعيده المقررة للأيام الثلاثة المقبلة بسبب خضوعه لفحوصات طبية، صرّح للصحيفة المذكورة بأنه عدل عن زيارة العاصمة الأوكرانية كييف في الوقت الحاضر، «إذ ليس بوسعي أن أفعل أي شيء لوقف هذه الحرب، أو إعلان هدنة، أو تأمين معبر إنساني. وما الفائدة من ذهاب البابا إلى كييف إذا كانت الحرب ستستأنف في اليوم التالي لعودته؟».
وأعلنت المفوضية الأوروبية، أمس، أن سفارات 16 من الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي أعادت فتح أبوابها في العاصمة الأوكرانية بعد أن كانت أغلقتها وأجلت طواقمها الدبلوماسية في الأيام الأولى من الحرب، عندما كان يخشى سقوط كييف الوشيك بيد القوات الروسية. يذكر أن السفارة الأوروبية الوحيدة التي لم تغلق أبوابها في كييف منذ بداية الحرب هي السفارة البولندية، إلى جانب سفارة الفاتيكان.


مقالات ذات صلة

 روسيا تعلن تدمير 15 طائرة مسيرة أوكرانية خلال الليل

أوروبا أرشيفية لأحد مباني مدينة بيلغورود الروسية عقب استهدافها بمسيرة أوكرانية (إ.ب.أ)

 روسيا تعلن تدمير 15 طائرة مسيرة أوكرانية خلال الليل

قالت وزارة الدفاع الروسية، اليوم (الأحد)، إن أنظمة الدفاع الجوي الروسية دمرت 15 طائرة مسيرة أوكرانية خلال الليل.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
أميركا اللاتينية قوات روسية بمنطقة كورسك على الحدود مع أوكرانيا (أ.ب)

زيلينسكي: هناك مزيد من الجنود الكوريين الشماليين يقاتلون في كورسك

قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، إن الجيش الروسي بدأ في نشر المزيد من الجنود الكوريين الشماليين خلال الهجمات على كورسك بالقرب من الحدود الأوكرانية.

«الشرق الأوسط» (كييف)
أوروبا الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي (قناته عبر «تلغرام»)

زيلينسكي يصدر تعليمات لإنشاء آليات لتوريد الغذاء إلى سوريا

قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، إنه أصدر تعليمات لحكومته بإنشاء آليات لتوريد الغذاء إلى سوريا بالتعاون مع المنظمات الدولية في أعقاب سقوط نظام الأسد.

«الشرق الأوسط» (كييف)
أوروبا عربة عسكرية أوكرانية تحمل أسرى يرتدون الزي العسكري الروسي بالقرب من الحدود مع روسيا (أ.ف.ب) play-circle 00:45

زيلينسكي: روسيا تنشر مزيداً من القوات الكورية الشمالية في كورسك

قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، السبت، إن موسكو بدأت إشراك «عدد ملحوظ» من القوات الكورية الشمالية.

«الشرق الأوسط» (كييف)
أوروبا جنود أوكرانيون يستعدون لتحميل قذيفة في مدفع هاوتزر ذاتي الحركة عيار 122 ملم في دونيتسك أول من أمس (إ.ب.أ)

مسيّرات أوكرانية تهاجم منشأة لتخزين الوقود في وسط روسيا

هاجمت طائرات مسيرة أوكرانية منشأة للبنية التحتية لتخزين الوقود في منطقة أوريول بوسط روسيا.

«الشرق الأوسط» (موسكو)

اتهام لرجل عرض علم «حزب الله» خلال مظاهرة مؤيدة لفلسطين

عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)
عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)
TT

اتهام لرجل عرض علم «حزب الله» خلال مظاهرة مؤيدة لفلسطين

عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)
عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)

وجهت الشرطة الفيدرالية الأسترالية اتهاماً لرجل يبلغ من العمر 36 عاماً بعرض رمز منظمة مصنفة «إرهابية» علناً، وذلك خلال مظاهرة في منطقة الأعمال المركزية بمدينة ملبورن في سبتمبر (أيلول) الماضي.

الرجل، المقيم في منطقة فيرنتري غولي، سيمثل أمام محكمة ملبورن الابتدائية في 6 مارس (آذار) المقبل؛ حيث يواجه عقوبة قد تصل إلى 12 شهراً من السجن إذا ثبتت إدانته، وفقاً لصحيفة «الغارديان».

جاءت المظاهرة ضمن فعاليات يوم وطني للعمل من أجل قطاع غزة، الذي نظمته شبكة الدعوة الفلسطينية الأسترالية في 29 سبتمبر الماضي، وشهد تنظيم مسيرات مماثلة في مختلف أنحاء البلاد احتجاجاً على التصعيد المتزايد للعنف في الشرق الأوسط.

وأطلقت الشرطة الفيدرالية الأسترالية بولاية فيكتوريا عملية تحقيق تحت اسم «أردفارنا»، عقب احتجاج ملبورن؛ حيث تلقت 9 شكاوى تتعلق بعرض رموز محظورة خلال المظاهرة.

ووفقاً للشرطة، تم التحقيق مع 13 شخصاً آخرين، مع توقع توجيه اتهامات إضافية قريباً. وصرح نيك ريد، قائد مكافحة الإرهاب، بأن أكثر من 1100 ساعة قُضيت في التحقيق، شملت مراجعة أدلة من كاميرات المراقبة وكاميرات الشرطة المحمولة، إضافة إلى مصادرة هواتف محمولة وقطعة ملابس تحتوي على رمز المنظمة المحظورة.

تأتي هذه الإجراءات بعد قرار الحكومة الفيدرالية الأسترالية في ديسمبر (كانون الأول) 2021 بتصنيف «حزب الله» منظمة إرهابية، ومع التشريعات الفيدرالية الجديدة التي دخلت حيز التنفيذ في يناير (كانون الثاني) 2024، التي تحظر عرض رموز النازيين وبعض المنظمات.

وقالت نائبة مفوض الأمن القومي، كريسي باريت، إن الادعاء يحتاج إلى إثبات أن الرمز المعروض مرتبط بمنظمة إرهابية وأنه قد يحرض على العنف أو الترهيب.

المظاهرة، التي استمرت في معظمها سلمية، جاءت بعد إعلان مقتل قائد «حزب الله» حسن نصر الله في غارة جوية إسرائيلية، وهو ما اعتبره العديد تصعيداً كبيراً في الصراع المستمر في الشرق الأوسط.

وفي وقت لاحق، نُظمت مظاهرات أخرى في سيدني وملبورن وبريزبين، وسط تحذيرات للمتظاهرين بعدم عرض رموز محظورة.