«الأوقاف» المصرية: على الدعاة الموالين لـ«الإخوان» التبرؤ رسميًا من الجماعة كشرط لصعود المنابر

طالبتهم بتوقيع إقرارات «توبة» بالشهر العقاري توثيقًا لرفض العنف

«الأوقاف» المصرية: على الدعاة الموالين لـ«الإخوان» التبرؤ رسميًا من الجماعة كشرط لصعود المنابر
TT

«الأوقاف» المصرية: على الدعاة الموالين لـ«الإخوان» التبرؤ رسميًا من الجماعة كشرط لصعود المنابر

«الأوقاف» المصرية: على الدعاة الموالين لـ«الإخوان» التبرؤ رسميًا من الجماعة كشرط لصعود المنابر

في ضربة وصفها مراقبون بـ«الحاسمة»، اشترطت الحكومة المصرية على الدعاة الموالين للإخوان المسلمين التبرؤ من الجماعة (التي أعلنتها إرهابية)، شرطا لعودتهم لمنابر المساجد من جديد. وقالت مصادر مصرية مطلعة إن «وزارة الأوقاف طالبت هؤلاء الدعاة بالتوقيع على إقرارات توبة موثقة بشكل رسمي في مصلحة الشهر العقاري يؤكدون فيها رفضهم للعنف والتخريب الذي تمارسه الجماعة». وأضافت المصادر لـ«الشرق الأوسط» أن «هذه الإجراءات تهدف لضبط بعض المتشددين من دعاة الإخوان المحسوبين فعليا على الأوقاف والموجودين في المساجد، للقضاء على التحريض على العنف».
في غضون ذلك، أكد قيادي مسؤول في الأوقاف أن «مديريات الأوقاف بالمحافظات ما زال بها عدد من الدعاة والقيادات التابعين للإخوان يستغلون أموال المساجد التي يتم جمعها عن طريق التبرعات أو أموال الجمعيات في دعم مسيرات الإخوان ونشر الأفكار المتطرفة، وأن دعوة سيطرة الأوقاف على الصناديق الخاصة بالزكاة بالمساجد غير حقيقية»، بينما لمح القيادي إلى أن «هذا الكلام موجه أيضا إلى حزبي النور (الذي يضم دعاة غير رسميين) والبناء والتنمية (الذراع السياسية للجماعة الإسلامية) تحديدا، لكونهما ما زالا يمتلكان جمعيات داخل المساجد غير الخاضعة للأوقاف»، لافتا إلى أن «بعض الجمعيات ما زالت تستغل هذه الأموال في تمويل مسيرات وعنف الإخوان، رغم لجان تفتيش الأوقاف على المساجد التابعة للجمعيات».
وتردد مؤخرا أن «قيادات من الإخوان وشبابها عرضوا على الحكومة في مصر التصالح معها كنوع من المراجعات الفكرية، في مقابل التوقيع على إقرارات بالتوبة وعدم اللجوء للعنف من جديد». وصدرت أحكام بالإعدام بحق قادة جماعة الإخوان وعلى رأسهم المرشد العام محمد بديع. ويقبع أغلب قيادات الإخوان وفي مقدمتهم الرئيس الأسبق محمد مرسي حاليا بين السجون، وخارجها يختفي بعضهم الآخر عن الأنظار.
وكان وزير الأوقاف محمد مختار جمعة، قد قرر في اجتماع له في 15 مارس (آذار) الماضي مع قيادات وزارته، منع الدعاة والخطباء المنضمين إلى الإخوان أو أي تحالف إرهابي آخر من صعود المنابر أو إلقاء الدروس بالمساجد، خاصة أعضاء «تحالف دعم الشرعية»، و«الهيئة الشرعية للحقوق والإصلاح (وتضم دعاة غير رسميين)»، وكل من شارك في اعتصام ميداني رابعة العدوية (شرق القاهرة) أو النهضة (غرب القاهرة) عقب عزل مرسي في أغسطس (آب) في العام قبل الماضي، أو تثبت مشاركتهم في أي اعتصامات أخرى ضد مصلحة الوطن.
ويرى مراقبون أن «السلطات المصرية تحاول جذب الدعاة المحسوبين على الإخوان وغير المتورطين في أي أحداث شغب، خاصة أن الأوقاف التي تشرف على نحو 198 ألف مسجد في مختلف ربوع البلاد خاضت منذ عزل مرسي عن السلطة صيف العام قبل الماضي، معارك لبسط سيطرتها على المنابر».
لكن المراقبين أكدوا أن سبب إقرارات توبة دعاة الإخوان الآن بالتحديد، هو «أنه ما زال يعتلي منابر مساجد الأوقاف غير الأزهريين من المتشددين ويدعون فيها الجميع لممارسة العنف ضد السلطة الحالية».
وسبق أن وضعت الدولة المصرية قانونا للخطابة في عهد الرئيس السابق عدلي منصور، قصر الخطب والدروس في المساجد على الأزهريين فقط، ووضع عقوبات قد تصل للحبس والغرامة لكل من يخالف ذلك، كما تم توحيد خطبة الجمعة لضبط المنابر، فضلا عن تفعيل قرار منع أي جهة غير الأوقاف من جمع أموال التبرعات، أو وضع صناديق لهذا الغرض داخل المساجد أو في محيطها.
وأعلنت الحكومة المصرية رسميا الإخوان «جماعة إرهابية» بعد أن اتهمتها بتنفيذ تفجيرات وأعمال عنف مسلحة، قتل خلالها المئات من الأشخاص بينهم عناصر تابعة للجيش والشرطة.
وأضافت المصادر المصرية لـ«الشرق الأوسط» أن «إقرارات دعاة الإخوان لا بد أن تتضمن تبرؤهم من الجماعة وجميع التنظيمات الإرهابية والتكفيرية، فضلا عن إعلان رفضهم الصريح لكل عمليات الإرهاب والتفجير والتخريب».
وعممت الأوقاف متمثلة في إدارة شؤون المساجد أمس، إقرار توبة وبراءة من عضوية الجماعة، حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه. وقالت المصادر إن «الإقرار تضمن اسم الداعية وعنوانه ورقم بطاقة هويته.. وعبارة أنه لا ينتمي لأي جماعة إرهابية وليس له علاقة بالإخوان.. وذيل الإقرار بعبارة (وهذا إقرار مني بذلك)»، مضيفة أن «الداعية عليه أن يوقع أمام أحد المسؤولين في الأوقاف، وأن يكون الإقرار يحمل ختم الشهر العقاري بوزارة العدل». وتابعت المصادر المصرية أنه «لا تهاون بعد اليوم في تطبيق ذلك مع جميع الأئمة الموالين للإخوان في مساجد مصر».
في السياق نفسه، قال القيادي المسؤول في الوزارة إن «الوزارة وجهت تحذيرا شديد اللهجة للجمعية الشرعية الرئيسة لإحكام سيطرتها على الملحقات والأماكن التابعة لها وعدم تركها لبعض عناصر الإخوان، فضلا عن التنبيه على بعض المساجد التابعة للدعاة غير الرسمين، خاصة في الإسكندرية، بعدم صعود المنابر من قبل الإخوان».
وأعلنت الأوقاف قبل أسبوع حالة الطوارئ في جميع المساجد والزوايا، لتفعيل قرار وزير الأوقاف منع أي جهة غير الأوقاف من جمع أموال التبرعات، وقال القيادي لـ«الشرق الأوسط» إن «عقوبة مخالفة ذلك من الأئمة أو القائمين على المسجد قد تصل إلى الحبس والغرامة والعزل من الوظيفة».



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم