تنسيق عربي ـ دولي لحماية المواقع الأثرية في المنطقة من التنظيمات المتطرفة

ختام فعاليات المؤتمر الدولي لحماية الآثار بالقاهرة

الدكتور نبيل العربي الأمين العام للجامعة العربية والمديرة العام لمنظمة اليونيسكو إيرينا بوكوفا (أ.ب)
الدكتور نبيل العربي الأمين العام للجامعة العربية والمديرة العام لمنظمة اليونيسكو إيرينا بوكوفا (أ.ب)
TT

تنسيق عربي ـ دولي لحماية المواقع الأثرية في المنطقة من التنظيمات المتطرفة

الدكتور نبيل العربي الأمين العام للجامعة العربية والمديرة العام لمنظمة اليونيسكو إيرينا بوكوفا (أ.ب)
الدكتور نبيل العربي الأمين العام للجامعة العربية والمديرة العام لمنظمة اليونيسكو إيرينا بوكوفا (أ.ب)

أعلنت عشر دول عربية أنها اتفقت في مؤتمر عقد بالقاهرة أمس، على تنسيق جهودها من أجل حماية المواقع الأثرية من ممارسات تنظيم «داعش» الإرهابي في سوريا والعراق والدول العربية والإسلامية. واعتبر المجتمعون من الدول في ختام مؤتمرهم الذي استمر على مدى يومين بدعوة من مصر وبمشاركة وزراء ومسؤولين عن الآثار في الدول العربية وخبراء أجانب ومنظمة اليونيسكو، أن المواقع الأثرية في الشرق الأوسط مهددة من قبل ما وصفوه بـ«شبكات الجريمة المنظمة والجماعات المتشددة».
في غضون ذلك، قال الخبير الأثري المصري، أسامة إبراهيم، إن «المؤتمر يعد نقطة البداية لتوحيد الجهود الإقليمية والدولية لحماية الممتلكات التاريخية التي تحظى بها دول منطقة الشرق الأوسط، في مواجهة تعد الأولى من نوعها لتلك الممارسات غير المشروعة وفقا للاتفاقات الدولية ذات الصلة». واستضافت مصر فعاليات المؤتمر الدولي لحماية الآثار تحت عنوان «الممتلكات الثقافية تحت التهديد.. التداعيات الثقافية والاقتصادية والأمنية لنهب الآثار في الشرق الأوسط». وأكدت المنسقة العامة للمؤتمر، السفيرة ألفت فرح، مساعدة وزير الخارجية المصري للعلاقات الثقافية، في تصريحات أمس، أن «جلسات المؤتمر ناقشت دور المجتمع الدولي والمنظمات غير الحكومية والقطاع الخاص والمؤسسات الحكومية والدولية في مساعدة الدول على حماية ممتلكاتها الثقافية».
واعتبرت الدول العشر في بيان مشترك لهم أمس، أن «المواقع الأثرية في الشرق الأوسط مهددة من قبل شبكات الجريمة المنظمة والجماعات المتطرفة».
واتفقت مصر والمملكة العربية السعودية والإمارات والعراق والأردن ولبنان والكويت وليبيا والسودان وسلطنة عمان على «إطلاق فريق عمل معني بمكافحة النهب الثقافي لتنسيق الجهود الإقليمية والدولية للعمل على حماية الممتلكات الثقافية». كما اتفقوا على «منع تهريبها واسترداد ما سرق منها».
وجاء المؤتمر في وقت ما زالت فتوى تنظيم «داعش» مطلع مايو (أيار) الجاري، بهدم الآثار ومنع دراسة علومها باعتبارها تخالف القرآن الكريم، تخيم على الأوساط الأثرية العالمية، وما سبق هذه الفتوى من هدم للآثار التاريخية في سوريا والعراق، وكان أشهرها هدم مدينة نمرود الآشورية. وتصف القاهرة فتوى «داعش» وأفعالها ضد التراث بـ«المنحرفة والشاذة».
من جانبها، حذرت إيرينا بوكوفا، مدير عام منظمة اليونيسكو، خلال زيارات لها في عدد من المناطق التاريخية بالقاهرة أول من أمس، من أن تدمير الجهاديين للمواقع الأثرية بلغ «مدى غير مسبوق»، ودعت إلى جهود دولية لحماية الآثار في المنطقة، قائلة: إن «نهب وتدمير المواقع الأثرية بلغ مدى غير مسبوق».
فيما قال الأثري إبراهيم، إن الجميع أرسل رسالة للتنظيمات الإرهابية وفي مقدمتهم «داعش» بأن الأثريين في الدول العربية لن يسمحوا بالاعتداء على التراث والآثار التاريخية، التي لا تقدر قيمتها بالمال.. وأنهم صف واحد ضد أي محاولات لمحو التراث الإسلامي والتاريخي. يأتي هذا في وقت، دشن مسؤولون دوليون وعرب، أول من أمس (الأربعاء) في القاهرة، حملة دولية لحشد الدعم اللازم لحماية المواقع الأثرية من الخطر الذي تتعرض له في بعض الدول التي تتواجد بها جماعات إرهابية.
وأطلقت بوكوفا، من موقع متحف الفن الإسلامي بوسط القاهرة الحملة الدولية «متحدون مع التراث»، بهدف تعبئة الجهود الدولية والإقليمية والمحلية من أجل حماية وصون التراث المعرض للخطر.
وقالت بوكوفا، إن المتحف الإسلامي له رمزية كبيرة، حيث يعد الأغنى في العالم لمقتنياته النادرة من مختلف العصور، مشددة على أنه «لا يمكن على الإطلاق تدمير التراث الإنساني باسم الدين». وأشارت إلى أنه «إذا كان التنوع الثقافي سببا في الصراعات على المستوى العالمي، فذلك يدعونا للتركيز على ما يوحدنا من احترام الحياة الإنسانية والكرامة».
وقال وزير الآثار المصري الدكتور ممدوح الدماطي، إن «اختيار المتحف الإسلامي لأنه شاهد على واقعة إرهابية تعرض على إثرها إلى مختلف مظاهر التدمير والتخريب، بعد تفجير مقر مديرية أمن القاهرة في يناير (كانون الثاني) عام 2014. الأمر الذي أثر سلبا على مبنى المتحف والكنوز التي يحتويها».



غروندبرغ في صنعاء لحض الحوثيين على السلام وإطلاق المعتقلين

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

غروندبرغ في صنعاء لحض الحوثيين على السلام وإطلاق المعتقلين

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

بعد غياب عن صنعاء دام أكثر من 18 شهراً وصل المبعوث الأممي هانس غروندبرغ إلى العاصمة اليمنية المختطفة، الاثنين، في سياق جهوده لحض الحوثيين على السلام وإطلاق سراح الموظفين الأمميين والعاملين الإنسانيين في المنظمات الدولية والمحلية.

وجاءت الزيارة بعد أن اختتم المبعوث الأممي نقاشات في مسقط، مع مسؤولين عمانيين، وشملت محمد عبد السلام المتحدث الرسمي باسم الجماعة الحوثية وكبير مفاوضيها، أملاً في إحداث اختراق في جدار الأزمة اليمنية التي تجمدت المساعي لحلها عقب انخراط الجماعة في التصعيد الإقليمي المرتبط بالحرب في غزة ومهاجمة السفن في البحر الأحمر وخليج عدن.

وفي بيان صادر عن مكتب غروندبرغ، أفاد بأنه وصل إلى صنعاء عقب اجتماعاته في مسقط، في إطار جهوده المستمرة لحث الحوثيين على اتخاذ إجراءات ملموسة وجوهرية لدفع عملية السلام إلى الأمام.

وأضاف البيان أن الزيارة جزء من جهود المبعوث لدعم إطلاق سراح المعتقلين تعسفياً من موظفي الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية والمجتمع المدني والبعثات الدبلوماسية.

صورة خلال زيارة غروندبرغ إلى صنعاء قبل أكثر من 18 شهراً (الأمم المتحدة)

وأوضح غروندبرغ أنه يخطط «لعقد سلسلة من الاجتماعات الوطنية والإقليمية في الأيام المقبلة في إطار جهود الوساطة التي يبذلها».

وكان المبعوث الأممي اختتم زيارة إلى مسقط، التقى خلالها بوكيل وزارة الخارجية وعدد من كبار المسؤولين العمانيين، وناقش معهم «الجهود المتضافرة لتعزيز السلام في اليمن».

كما التقى المتحدث باسم الحوثيين، وحضه (بحسب ما صدر عن مكتبه) على «اتخاذ إجراءات ملموسة لتمهيد الطريق لعملية سياسية»، مع تشديده على أهمية «خفض التصعيد، بما في ذلك الإفراج الفوري وغير المشروط عن المعتقلين من موظفي الأمم المتحدة والمجتمع المدني والبعثات الدبلوماسية باعتباره أمراً ضرورياً لإظهار الالتزام بجهود السلام».

قناعة أممية

وعلى الرغم من التحديات العديدة التي يواجهها المبعوث الأممي هانس غروندبرغ، فإنه لا يزال متمسكاً بقناعته بأن تحقيق السلام الدائم في اليمن لا يمكن أن يتم إلا من خلال المشاركة المستمرة والمركزة في القضايا الجوهرية مثل الاقتصاد، ووقف إطلاق النار على مستوى البلاد، وعملية سياسية شاملة.

وكانت أحدث إحاطة للمبعوث أمام مجلس الأمن ركزت على اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، مع التأكيد على أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام ليس أمراً مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وأشار غروندبرغ في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

الحوثيون اعتقلوا عشرات الموظفين الأمميين والعاملين في المنظمات الدولية والمحلية بتهم التجسس (إ.ب.أ)

وقال إن العشرات بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

يشار إلى أن اليمنيين كانوا يتطلعون في آخر 2023 إلى حدوث انفراجة في مسار السلام بعد موافقة الحوثيين والحكومة الشرعية على خريطة طريق توسطت فيها السعودية وعمان، إلا أن هذه الآمال تبددت مع تصعيد الحوثيين وشن هجماتهم ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن.

ويحّمل مجلس القيادة الرئاسي اليمني، الجماعة المدعومة من إيران مسؤولية تعطيل مسار السلام ويقول رئيس المجلس رشاد العليمي إنه ليس لدى الجماعة سوى «الحرب والدمار بوصفهما خياراً صفرياً».