الحوثيون يخرقون الهدنة لليوم الثاني.. ويشنون هجومًا عنيفًا على البريقة

قيادات المقاومة في اليمن تجتمع لوضع خططها المستقبلية

الحوثيون يخرقون الهدنة لليوم الثاني.. ويشنون هجومًا عنيفًا على البريقة
TT

الحوثيون يخرقون الهدنة لليوم الثاني.. ويشنون هجومًا عنيفًا على البريقة

الحوثيون يخرقون الهدنة لليوم الثاني.. ويشنون هجومًا عنيفًا على البريقة

شنّت ميليشيات الحوثيين وحليفهم علي عبد الله صالح هجوما عنيفا، أمس، على مواقع متفرقة بمديرية البريقة، تمهيدا لاقتحامها والسيطرة على ميناء عدن، بغية التحكم في خط الملاحة البحري، ضاربة بذلك كل الاتفاقات والدعوات لوقف إطلاق النار (الهدنة) التي أطلقتها المنظمات الدولية وقوات التحالف لتقديم المساعدات الإنسانية العاجلة للمدنيين.
وتستميت ميليشيات الحوثيين للدخول إلى البريقة عبر الطريق البحري «صلاح الدين»، إذ يعد البوابة الرئيسية للسيطرة على ميناء عدن، من خلال القصف العشوائي بالمدفعية، وصواريخ الهاون، وتسعى بذلك لفرض نفوذها، قبل أن تدخل في مساومات عسكرية أو سياسية، بتحكمها في أقدم الموانئ، الذي اكتسب أهميته الاستراتيجية من قربه من باب المندب، إضافة إلى السيطرة على النفط، وفرض استراتيجية جديدة لعمليات التصدير النفط المكرر من مصفاة عدن الذي يشحن عبر ميناء البريقة للأسواق المحلية والعالمية التي تقدر بأكثر من 10 ملايين طن سنويا.
في المقابل، يخيم الترقب الحذر على باقي الجبهات، ولم تسجل أمس أي مواجهات فعلية بين المقاومة الشعبية وميليشيات الحوثيين، خصوصا في المواقع التي تسيطر عليها الميليشيات، في حين ما زالت العاصمة المؤقتة عدن تعاني من نقص شديد في الاحتياجات الأساسية، مثل الغذاء والدواء، ولم تصل (بحسب مجلس المقاومة) أي معونات إغاثية خلال اليومين الماضيين من الدول المانحة والمنظمات الدولية.
وعلمت «الشرق الأوسط» أن عددًا من قيادات المقاومة تسعى خلال الأيام المقبلة لعقد اجتماع عاجل لبحث آلية التنسيق والتشاور حول الكثير من الموضوعات، وفي مقدمتها آلية الرد على اختراق ميليشيات الحوثيين للهدنة، إضافة إلى تحصين أفراد المقاومة، وتوزيع المهام بين الجبهات في الدفاع عن المناطق المحررة، فيما يعكف مجلس المقاومة على عقد اجتماعات دورية مع القيادات العسكرية والمدينة لوضع التصور العام لحال المدينة جراء استهداف الحوثيين للبنية التحتية.
وقال علي الأحمدي المتحدث الرسمي باسم مجلس المقاومة في عدن «إن الوضع العام في جبهات المقاومة يشوبه شيء من الحذر والحيطة، ويخيم الهدوء النسبي على تلك الجبهات، فيما تعد جبهة صلاح الدين أكثر مواقع التماس مع ميليشيات الحوثيين التي تشهد مواجهات عسكرية، إذ قامت الميليشيات صباح الخميس بإطلاق صواريخ الهوان وإطلاق النار من مدافع رشاشة باتجاه الأحياء السكنية في البريقة، وعلى المقاومة الشعبية، تهدف من خلالها إلى الاستفادة من فترة الهدنة للسيطرة على عدن وخنقها اقتصاديا وسياسيا».
وأضاف الأحمدي أن مجلس المقاومة رصد يوم أمس إطلاقا كثيفا لصواريخ «الكاتيوشا» من قبل ميليشيات الحوثيين وحليفهم علي عبد الله صالح من الجهة الشمالية لعدن «طريق عدن - تعز» باتجاه بعض الأحياء السكنية، لافتا إلى أن هذه التصرفات والحملات العسكرية من قبل الميليشيات وخرقها للهدنة التي اتفقت عليها المنظومة الدولية، تؤكد أنها لا تسعى للحل السلمي ولا تهتم لحال الشعب المدني وإخراج البلاد مما هي فيه الآن.
وحول التنسيق بين الجبهات والمنطقة الرابعة، أكد الأحمدي أن الجهد والعمل قائم ما بين قيادة مجلس المقاومة في عدن، وقيادة المنطقة الرابعة ممثلة في اللواء سيف الضالعي، والعميد محمد مساعد مدير أمن عدن، والكثير من القيادات التي ترغب في حضور الاجتماعات التي تعقد لدراسة الحالة الأمنية والاقتصادية في عدن، أما على الجانب المدني، فهناك تجمع دوري لوكيل محافظة عدن، ومسؤولي الكهرباء والمياه، وعدد من الشخصيات لبحث الإجراءات والأعمال كافة التي يمكن تنفيذها في هذه الفترة.
وأشار الأحمدي إلى أن مجلس المقاومة والقيادات العسكرية، ظلت باقية على أتم الاستعداد الدائم والحذر في جميع الجبهات، ولم تركن للهدنة، وتنسحب من مواقعها الأساسية، لأن ذلك قد يكلف المدينة الشيء الكثير، حيث ستعمد ميليشيات الحوثيين للانقضاض على المواقع المحررة والاستيلاء عليها، وهو ما تؤكد عليه قيادات المجلس للجبهات كافة بعدم التهاون أو الاسترخاء في أي موقع مع التأكيد على الأفراد لضرورة التقيد بالأوامر العسكرية.
ويرى محللون سياسيون أن الانتهاكات المتتالية وخرق الهدنة الدولية من قبل الحوثيين في عدد من المدن اليمنية، خصوصا الشق الجنوبي من البلاد، وعدم التحرك من المقاومة على الأرض أو قوات التحالف لمواجهة هذه التحركات الميدانية، سيعطي الفرصة للميليشيا للسيطرة على مواقع جديدة، ومنها ميناء البريقة الحيوي، إضافة إلى بعض المديريات الاستراتيجية، مشددين على ضرورة أن تكون هناك عملية رادعة لهذه الخروقات.
وهنا يقول أبو محمد العدني عضو المقاومة والمنسق الإعلامي للجبهات: «إن المقاومة الشعبية تخوض مواجهات عنيفة مع ميليشيات الحوثيين وأعوانهم من قوات صالح في صلاح الدين، الذين يستميتون للدخول بكل قواتهم إلى البريقة»، لافتا إلى أن الحوثيين يسعون لإسقاط البريقة لإيجاد مكاسب عسكرية على الأرض يتمكنون من خلالها من فرض شروطهم أثناء عمليات التفاوض أو الدخول في العملية السياسية، من خلال فرض حصار مسلح على المنافذ البحرية، ينتج عنه وقف تام لخط الملاحة البحرية من وإلى مضيق باب المندب.
ولفت العدني إلى أنه من المرجح أن تلتقي قيادات الجبهات في المواقع المشتعلة، منها «البريقة، بئر أحمد، الشيخ، المنصورة، الشعب» والقريبة من المواجهات المباشرة مع الحوثيين، لوضع الاستراتيجية الواضحة التي يمكن من خلالها مواجهة الآلة الحربية التي تمتلكها ميليشيا الحوثي، إضافة إلى رفع درجة التنسيق مع قوات التحالف، وتحديد الأولويات في ضرب مواقع تجمع الحوثيين، موضحا أن هذا التجمع يأتي محاولة لعدم تكرار الأخطاء التي وقعت بها المقاومة في أوقات سابقة، والتي نتج عنها عدم سيطرتها على مديرية التواهي والقلوعة، إضافة إلى الخسائر الكبيرة في القيادات والأفراد.
وتعمل المقاومة الشعبية خلال هذه الأيام، وفقا للعدني، على فك الحصار والسيطرة المفروضة على خور مكسر والمعلا، إضافة إلى دعم المقاومة في كريتر التي تشهد مواجهات عنيفة، موضحا أن المواقع الآمنة التي حررت في وقت سابق تفتقد للعناصر والكفاءات ذات الخبرة للحفاظ على المكتسبات العسكرية، فتتكرر الأخطاء بسقوطها في أيدي الحوثيين مرة أخرى، بسبب غياب الخبرات العسكرية.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.