الخرطوم تضغط لتقليص دور «يونيتامس» في السودان

قدمت مطالب خلال لقاءات رسمية مع مسؤولين أمميين في نيويورك

فولكر بيرتس رئيس بعثة الأمم المتحدة «يونيتامس» في السودان (حسابه على تويتر)
فولكر بيرتس رئيس بعثة الأمم المتحدة «يونيتامس» في السودان (حسابه على تويتر)
TT

الخرطوم تضغط لتقليص دور «يونيتامس» في السودان

فولكر بيرتس رئيس بعثة الأمم المتحدة «يونيتامس» في السودان (حسابه على تويتر)
فولكر بيرتس رئيس بعثة الأمم المتحدة «يونيتامس» في السودان (حسابه على تويتر)

واصلت الحكومة السودانية ضغوطها على بعثة الأمم المتحدة لدعم المرحلة الانتقالية المعروفة اختصاراً بـ«يونيتامس»، لقصر مهمتها على دعم إنفاذ اتفاق السلام، وتقديم الدعم اللوجستي ودعم مفوضية نزع السلاح وإعادة الدمج وآليات العدالة الانتقالية، والابتعاد عن الملفات السياسية التي تتهمها فيها بالانحياز لطرف دون آخر.
وقالت بعثة السودان الدائمة في الأمم المتحدة، أمس، إن وكيل وزارة الخارجية المكلف نادر يوسف الطيب التقى بنيويورك وكيلة الأمين العام للشؤون السياسية وبناء السلام روزماري ديكارلو، ضمن سلسلة لقاءات ينوي عقدها هناك مع المنظمة الدولية والبعثات الدبلوماسية الأخرى، لتسليمها «مصفوفة مطلوبات حكومة السودان».
وذكر المركز الإعلامي لوزارة الخارجية، في إيجاز صحافي، أمس، إن وكيل الوزارة أبلغ المسؤولة الأممية، رؤية حكومة السودان حول دور البعثة المتسق مع ولايتها، ويتمثل في إنفاذ اتفاق جوبا للسلام، ودعم تنفيذ البروتوكولات وحشد الموارد وتقديم الدعم اللوجستي لبناء القدرات، ودعم الآليات الوطنية لحقوق الإنسان والمساعدة في إنشاء ودعم مفوضية نزع السلاح وإعادة الدمج وآلية العدالة الانتقالية وإعادة الإعمار والتنمية.
وتكوّنت بعثة سياسية أممية تحت المختصر «يونيتامس» بناء على طلب الحكومة السودانية في يونيو (حزيران) 2020، ووفقاً لقرار مجلس الأمن 2524 لدعم الانتقال السياسي في السودان لمدة عام، وتم تجديد مهمتها في يونيو 2021 لمدة 12 شهراً إضافياً حتى 3 يونيو 2022.
وعقب الإجراءات التي اتخذها القائد العام للجيش عبد الفتاح البرهان في 25 أكتوبر (تشرين الأول) 2021، وعلّق بموجبها بعض نصوص الدستور الانتقالي وأعلن حالة الطوارئ، وحل الحكومة بمجلسيها السيادي والوزراء، توترت العلاقات بين السلطات العسكرية الحاكمة و«يونيتامس» بصورة حادة.
وهدّد رئيس مجلس السيادة القائد العام للجيش مطلع أبريل (نيسان) الجاري بطرد الممثل الخاص للأمم المتحدة فولكر بيرتس، بسبب ما وصفه «التدخل» في شؤون البلاد و«تجاوز صلاحيات تفويضه، وذلك بعد الإحاطة التي قدمها رئيس البعثة ممثل الأمين العالم فولكر بيرتس لمجلس الأمن الدولي التي لم ترضِ الرجل الذي أطاح بشركائه المدنيين واستولى على الحكم.
وكان فولكر قد أوضح في إحاطته لمجلس الأمن أن السودان يتجه نحو «انهيار اقتصادي وأمني»، وأن «السكان يواجهون معاناة إنسانية كبيرة»، إذا لم تعد إدارة الفترة الانتقالية لقيادة المدنيين.
وحذر البرهان ممثل الأمين العام للأمم المتحدة فولكر بيرتس من التدخل في شؤون البلاد، وطلب منه الكف عن التمادي في تجاوز تفويض البعثة، واعتبر عمله «تدخلاً سافراً في شؤون البلاد»، ما قد يؤدي لطرده خارج البلاد.
وقصر البرهان مهمة البعثة على تسهيل الحوار بين السودانيين وتجنب تجاوز تفويضهم، ووصف إحاطته لمجلس الأمن بأنها «تطاول وأكاذيب»، وتابع وهو يتحدث إلى عسكريين: «نقول له إذا تجاوزت التفويض سنخرجك خارج السودان».
وعقب استقالة رئيس الوزراء عبد الله حمدوك 2 يناير (كانون الثاني) الماضي، تعقدت مهمة بعثة الأمم المتحدة في السودان، ولم تعد هناك حكومة انتقالية لتدعمها، وتبعاً لذلك نشطت البعثة وبالتعاون مع الاتحاد الأفريقي ومنظمة إيقاد، في عقد مشاورات سياسية مكثفة في السودان استمرت أشهراً، للبحث عن مخرج للأزمة السياسية التي تعيشها البلاد، واستعادة الانتقال الديمقراطي الموثوق به.
وتلخيصاً لتلك المشاورات، ذكر فولكر أنها «كانت مشجعة» توافقت خلالها الآراء، خصوصاً مطالب إنهاء العنف وتكوين حكومة تكنوقراط، وإقامة مجلس تشريعي انتقالي يراقب أداء الحكومة ويتبنى التشريعات، بيد أن مشاورات فولكر وجهوده لم تلقَ التأييد من السلطات العسكرية، التي تعتبره منحازاً للشريك المدني الذي أطيح به.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».