ما سر استقبال رواندا للاجئين وما سر اتفاقها مع بريطانيا؟

باتل تصافح بيروتا بعد توقيع الاتفاقفي كيغالي أمس (إ. ب. أ)
باتل تصافح بيروتا بعد توقيع الاتفاقفي كيغالي أمس (إ. ب. أ)
TT

ما سر استقبال رواندا للاجئين وما سر اتفاقها مع بريطانيا؟

باتل تصافح بيروتا بعد توقيع الاتفاقفي كيغالي أمس (إ. ب. أ)
باتل تصافح بيروتا بعد توقيع الاتفاقفي كيغالي أمس (إ. ب. أ)

تعرض الاتفاق المثير للجدل حول إرسال المملكة المتحدة مهاجرين وطالبي لجوء إلى رواندا لكثير من الانتقادات، لا سيما من المعارضة البريطانية ومفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين التي طالبت بإلغائه.
لكن لم يرد سوى القليل عن دوافع رواندا، وهي دولة صغيرة يبلغ عدد سكانها 13 مليون نسمة وتقع في منطقة البحيرات الكبرى في أفريقيا، وقد لقيت سياستها التنموية ترحيباً في حين تعرضت لانتقادات بسبب سجلها الحقوقي.
وكالة الصحافة الفرنسية استعرضت بعض العناصر حول الأسباب المحتملة التي دفعت كيغالي للتوقيع على هذا الاتفاق والتحديات التي ستواجهها:
ستمول لندن الاتفاق بنحو 144 مليون يورو في مرحلة أولى، لكن بعض المراقبين يعتقدون أن المال ليس الحافز الرئيسي لرواندا. وضع الرئيس بول كاغامي بلاده في موقع حليف للغرب ويحاول أن يؤدي دوراً في إخماد النزاعات في أفريقيا. وقد أرسل خصوصاً قوات إلى موزمبيق العام الماضي للمشاركة في مكافحة تمرد من إسلاميين هناك.
وفق المحلل والمحامي الرواندي لويس غيتينيوا، ترغب رواندا في تحسين صورتها الدولية مع تخفيف الانتقادات الموجهة لإدارتها لملفات حقوق الإنسان. وقال «الرئيس كاغامي يعتزم استخدام هذا الاتفاق لتعزيز الثقة في سياسته بشأن حقوق الإنسان»، مشيراً إلى أن رئيس الدولة الذي يحكم رواندا بقبضة من حديد منذ الإبادة الجماعية عام 1994، يريد أن يظهر على أنه «زعيم أفريقي رئيسي».
ويعتقد المحلل أن كيغالي تأمل أيضاً في الحصول على «دعم دبلوماسي من المملكة المتحدة عندما (يتم) تقديم قرارات ضد رواندا ومناقشتها أمام مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة».
في يناير (كانون الثاني) 2021، طلبت الحكومة البريطانية من كيغالي النظر في «القيود المستمرة على الحقوق المدنية والسياسية وحرية الصحافة».
لكن في الأسبوع الماضي تغيّر خطاب رئيس الوزراء بوريس جونسون بشكل كبير، واصفاً رواندا بأنها «واحدة من أكثر الدول أماناً في العالم، وتحظى باعتراف دولي لاستقبالها ودمجها للمهاجرين».
يشير هذا التغيير في الخطاب إلى أن كيغالي تأمل في التأثير على التصور الخارجي لسياستها تجاه المعارضين، وخاصة الذين فروا إلى خارج البلاد.
لكن بحسب مدير وسط أفريقيا في منظمة «هيومن رايتس ووتش» لويس مودج، «أظهرت رواندا مراراً عدم احترامها للحماية التي يجب توفيرها للاجئين بموجب القانون الدولي». أضاف «هناك معلومات موثوقة تفيد بأن عناصر روانديين نفذوا اغتيالات بحق لاجئين روانديين في الخارج، ويخشى العديد من اللاجئين من أن الحكومة الرواندية لديها ذراع طويلة تصل إلى أوروبا وكندا وأستراليا».
لم يقل الروانديون الكثير عن هذا الاتفاق، باستثناء مواقف ترحيب نادرة، كما فعل أستاذ القانون الدستوري في جامعة رواندا توم موليسا. صرّح موليسا لوكالة الصحافة الفرنسية، «إنه لشيء جيد أن تضع رواندا نفسها في هذا الاتجاه، للمساهمة في حل أزمة الهجرة التي تؤثر على العالم أجمع». أما الصحافي جون ويليامز نتوالي فمن القلائل الذين انتقدوه علناً، معتقداً أن الاتفاق ينتهك «حقوق اللاجئين وطالبي اللجوء». وقال «هذا اتفاق غير أخلاقي يجبر الناس على الذهاب إلى بلد لم يختاروه».
يقول رئيس «حزب الخضر الديمقراطي» في رواندا فرانك هابينزا، إن الاتفاق ليس مستداماً، مشيراً إلى أن الدولة المكتظة بالسكان تواجه منافسة قوية للحصول على الأراضي والموارد الأخرى.
وكتب في بيان الأسبوع الماضي «التكفل بمهاجرين من المملكة المتحدة سيزيد من الضغط على الأرض وتحديات العيش».
سلّطت زعيمة المعارضة فيكتوار إنغابير، وهي من أشد المنتقدين لكاغامي، الضوء أيضاً على الضغط الاقتصادي الذي تواجهه البلاد منذ جائحة «كوفيد - 19». وقالت «من غير الواضح كيف ستدعم رواندا المهاجرين الذين ستتم إعادة توطينهم في تنميتهم الشخصية وتوظيفهم... الحكومة الرواندية (ينبغي) أن تركز على حل مشكلاتها السياسية والاجتماعية الداخلية التي تحول مواطنيها... إلى لاجئين في بلدان أخرى». استقبلت رواندا في الماضي مهاجرين أفارقة تقطعت بهم السبل في ليبيا بموجب اتفاق مع الاتحاد الأفريقي والمفوضية الأفريقية. والعام الماضي، عرضت البلاد اللجوء على أفغان فروا إثر عودة «طالبان» إلى السلطة.
كُشف القليل فقط من التفاصيل حول الاتفاق الذي يقول بعض النقاد في المملكة المتحدة إنه قد يواجه تحديات قانونية يمكن أن تجبر واضعيه على التخلي عنه.



7.7 مليون شخص بجنوب السودان معرضون لسوء تغذية حاد العام المقبل

لاجئون من جنوب السودان يجتمعون مع أمتعتهم بعد عبورهم إلى أوغندا عند نقطة حدود في منطقة لامو شمال أوغندا في 4 أبريل 2017 (رويترز)
لاجئون من جنوب السودان يجتمعون مع أمتعتهم بعد عبورهم إلى أوغندا عند نقطة حدود في منطقة لامو شمال أوغندا في 4 أبريل 2017 (رويترز)
TT

7.7 مليون شخص بجنوب السودان معرضون لسوء تغذية حاد العام المقبل

لاجئون من جنوب السودان يجتمعون مع أمتعتهم بعد عبورهم إلى أوغندا عند نقطة حدود في منطقة لامو شمال أوغندا في 4 أبريل 2017 (رويترز)
لاجئون من جنوب السودان يجتمعون مع أمتعتهم بعد عبورهم إلى أوغندا عند نقطة حدود في منطقة لامو شمال أوغندا في 4 أبريل 2017 (رويترز)

أعلنت الأمم المتحدة، الاثنين، أن نحو 7.7 مليون شخص في جنوب السودان؛ أي ما يناهز 60 في المائة من سكان هذا البلد الذي يعاني من العنف والكوارث المناخية، معرضون لسوء تغذية حاد العام المقبل.

تدهور الوضع الإنساني في جنوب السودان، أفقر دول العالم، بسبب أسوأ فيضانات تشهدها المنطقة منذ عقود، ووصول أعداد كبيرة من اللاجئين من السودان المجاور الذي يعيش حرباً.

وتوقع أحدث تقرير أصدرته الأمم المتحدة ويستند إلى مؤشر «آي بي سي» (الإطار المتكامل لتصنيف الأمن الغذائي) الذي يتضمن خمسة مستويات لعتبة الجوع، زيادة في عدد الأشخاص المعرضين لخطر انعدام الأمن الغذائي الحاد، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

ويقدّر آخر تقييم للوضع أن 7.69 مليون شخص، من ضمنهم 2.1 مليون طفل، سيواجهون في أبريل (نيسان) خطر «عدم التمكن من استهلاك كمية كافية من الغذاء، يعرض حياتهم أو سبل عيشهم لخطر فوري» (أي في المستوى الثالث أو أكثر)، مقابل 7.1 مليون هذا العام.

وسيجد من بينهم 63 ألفاً أنفسهم في وضع «كارثة» غذائية (المرحلة 5) التي تسبق المجاعة.

وتقول ماري إلين ماكغروارتي، مديرة برنامج الأغذية العالمي في جنوب السودان في بيان: «عاماً بعد عام، نلاحظ أن الجوع يبلغ أعلى مستوياته في جنوب السودان».

وأوضحت: «عندما نعاين المناطق التي تشهد أعلى مستوى من انعدام الأمن الغذائي، فمن الواضح أن مزيجاً من اليأس والنزاع والأزمة المناخية هو السبب الرئيسي».

ويواجه جنوب السودان المعرّض للكوارث المناخية، أسوأ فيضانات منذ عشرات السنين أدت إلى نزوح 380 ألف شخص وتضرر 4.1 مليون، بحسب مكتب الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية (أوتشا).

كما ينبغي أن يتعامل مع وصول 810 آلاف شخص فروا من الحرب التي اندلعت في أبريل 2023 في السودان المجاور، بحسب بيانات الأمم المتحدة.

وعلى الصعيد السياسي، تعاني البلاد من الشلل وينخرها الفساد والخلافات الناجمة عن الحرب الأهلية التي أدت إلى مقتل 400 ألف شخص ونزوح الملايين بين عامَي 2013 و2018.

كما أعلنت الحكومة في سبتمبر (أيلول) إرجاء أول انتخابات في تاريخ البلد كانت مقررة في ديسمبر (كانون الأول) لعامين.

وتعرّض اقتصاد جنوب السودان إلى ضربة كبيرة حرمته من مصدر عائداته الرئيسي عندما انفجر أنبوب رئيسي للنفط في السودان في فبراير (شباط)؛ ما أدى إلى تدهور العملة المحلية وارتفاع أسعار السلع الأساسية.