الحرب الأوكرانية... «منجم ذهب» لصانعي الأسلحة الغربيين

صواريخ «جافلين» قبل نقلها إلى القوات العسكرية الأوكرانية (أ.ف.ب)
صواريخ «جافلين» قبل نقلها إلى القوات العسكرية الأوكرانية (أ.ف.ب)
TT

الحرب الأوكرانية... «منجم ذهب» لصانعي الأسلحة الغربيين

صواريخ «جافلين» قبل نقلها إلى القوات العسكرية الأوكرانية (أ.ف.ب)
صواريخ «جافلين» قبل نقلها إلى القوات العسكرية الأوكرانية (أ.ف.ب)

يتسابق مصنعو الأسلحة الغربيون للاستفادة من مبيعات بمليارات الدولارات بعد الغزو الروسي لأوكرانيا والعسكرة المتزايدة المحتملة لأوروبا، كما يقول خبراء في المجال.
وحسب تقرير نشرته صحيفة الـ«إندبندنت» البريطانية، تقدم الولايات المتحدة والدول الغربية الأخرى مبالغ كبيرة لمساعدة أوكرانيا في الدفاع عن نفسها على المدى القصير، وتسهيل الحصول على أسلحة مثل أنظمة صواريخ «ستينغر» و«جافلين» و«ستورمر».
شهدت شركات مثل «رايثيون تكنولوجيز» زيادة في أسعار أسهمها بنسبة تصل إلى 15 في المائة في الأشهر الستة الماضية، حيث تحضر هي وغيرها من صانعي الأسلحة اجتماعات سرية مع وزارة الدفاع الأميركية لتقييم كيف يمكن الاستفادة من رغبة الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي لتسليح نفسه ضد الغزو الروسي.
في بريطانيا، استضافت وزارة الدفاع مؤخراً زيارة للمسؤولين الأوكرانيين ورتبت لهم السفر إلى موقع الاختبار العسكري في سالزبوري بلين، لمشاهدة صاروخ «ستورمر» وهو يعمل.
ومع ذلك، يقول الخبراء إنه في حين أن هذه المبيعات الأولية لا تمثل سوى فرص متواضعة لشركات الأسلحة، إلا أن احتمال تسلح أوروبا على نحو متزايد في السنوات والعقود المقبلة، يفتح الباب للثراء الحقيقي. هذا الأمر يتحدث عنه كبار المسؤولين في مصنعي الأسلحة عندما يخاطبون المساهمين ووسائل الإعلام التجارية.
تسعى دول مثل ألمانيا، التي كانت سلمية بشكل أساسي منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، الآن إلى إعادة تشكيل جيشها بالكامل في أعقاب تصرفات روسيا.
قدمت ألمانيا بالفعل طلبية لشراء 35 مقاتلة من طراز «F - 35»، أحدث طائرة مقاتلة في العالم، من الشركة المصنعة الأميركية «لوكهيد مارتن».
جاءت هذه الخطوة بعد أن قال المستشار الألماني أولاف شولز إن برلين ستزيد من إنفاقها العسكري بدفعة واحدة قدرها 113 مليار دولار، وتلتزم بتخصيص 2 في المائة من ميزانيتها السنوية لنفقات الأسلحة.
وقال الخبير في تجارة الأسلحة الدولية ويليام هارتونغ لـ«إندبندنت» إن هذه الفرص تفتح «منجماً للذهب» لهذه الصناعة. وأضاف: «إنهم قادرون على الربح من نواحٍ كثيرة». وتابع: «أنفقت إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن نحو 3.2 مليار دولار على شكل مساعدات أسلحة لأوكرانيا، ورغم أن الكثير من ذلك يأتي من المخزونات الحالية، فإنه سيتم تجديدها بالكامل من خلال عقود مع البنتاغون». وقال: «وبعد ذلك، عندما تبدأ أوروبا في الإنفاق أكثر، ستستفيد الشركات الأميركية من ذلك». وأضاف: «قبل الغزو كان صانعو الأسلحة يتوقعون بالفعل عاماً مربحاً. ومع ذلك، فإن قرار بوتين بغزو أوكرانيا وإخافة بعض دول الناتو ودول أوروبية أخرى للاعتقاد بأنها قد تكون هدفه التالي، قد أعطى زخماً هائلاً لهذه الصناعة».
وبينما حققت الشركات الفردية أداءً جيداً نتيجة لذلك، فقد استفاد القطاع بأكمله؛ في الولايات المتحدة، شهد صندوق «S & P's Aerospace and Defense” زيادة بنسبة 11 في المائة على الأقل.
في الأسبوع الماضي، قلل «البنتاغون» من شأن اجتماع سري بين كبار المسؤولين وثماني شركات تصنيع أسلحة كبرى. وقال المتحدث باسم وزارة الدفاع جون كيربي للصحافيين إن ذلك «جزء من محادثة عادية ومقررة وروتينية». لكن الاجتماع شارك فيه الرؤساء التنفيذيون للشركات وكانت المحادثات سرية.
ورداً على سؤال حول ما تمت مناقشته، أرسل البنتاغون إلى صحيفة «إندبندنت» بياناً قال فيه إن الاجتماع ترأسته نائبة وزير الدفاع كاثلين هيكس، التي قالت للمديرين التنفيذيين: «تعمل إدارة بايدن على مدار الساعة لتلبية طلبات المساعدة الأمنية ذات الأولوية في أوكرانيا، سحب الأسلحة من المخزونات الأميركية عندما تكون متاحة، والشراء مباشرة من الصناعة لتسليمها سريعاً إلى أوكرانيا، وتسهيل نقل الأسلحة من الحلفاء والشركاء عندما تناسب أنظمتهم احتياجات أوكرانيا بشكل أفضل».
في مارس (آذار)، اقترحت إدارة بايدن ميزانية دفاعية لعام 2023 تبلغ 813 مليار دولار، بزيادة قدرها 4 في المائة قدرها 31 مليار دولار، من حزمة الإنفاق لعام 2022 التي وقعها الرئيس ليصبح قانوناً في ذلك الشهر. من المرجح أن يضيف الكونغرس إلى هذا الرقم، كما فعل في عام 2022.
كما عقدت الحكومة البريطانية أيضاً اجتماعات مع مسؤولين في الصناعة الدفاعية، واستضافت ممثلين من أوكرانيا لعرض البراعة المزعومة لمنصات إطلاق الصواريخ المدرعة المعروفة باسم «ستورمر».
أدى غزو روسيا لأوكرانيا إلى تعقيد وزيادة صعوبة مهمة أولئك الذين يطالبون بإيجاد حلول دبلوماسية لمثل هذه النزاعات.
في مارس، أصدرت منظمة «الحملة ضد تجارة الأسلحة»، ومقرها المملكة المتحدة، بياناً يدين الغزو الروسي لأوكرانيا، ويقول إنه يبدو أنه ارتكب جرائم حرب. وأضاف «لكننا نرفض دعوات زيادة عسكرة أوروبا رداً على ذلك. المزيد من النزعة العسكرية ليس هو الحل». وتابع «أعضاء الناتو الأوروبيون ينفقون بالفعل ما يقرب من خمسة أضعاف ما تنفقه روسيا على جيوشهم، وقد ثبت أن القوة العسكرية الروسية أقل بكثير مما يعتقده الكثيرون».
وقال منسق أبحاث المنظمة صمويل بيرلو فريمان لصحيفة «إندبندنت»، أن مجموعته «لا تريد أن ترى عودة المعسكرات المسلحة المعارضة إلى أوروبا». وأضاف: «لا يزال الغرب أقوى عسكرياً من روسيا. نحن بحاجة إلى النظر في طرق تهدئة هذا الوضع. مع وجود بوتين في السلطة، هذا ليس بالسؤال السهل».


مقالات ذات صلة

4 قتلى و19 جريحاً بضربة روسية على زابوريجيا الأوكرانية

أوروبا ألسنة لهب كثيفة تتصاعد من مبنى مدمر وسيارة محترقة في منطقة زابوريجيا الأوكرانية نتيجة قصف روسي (خدمة الطوارئ الأوكرانية- أ.ف.ب)

4 قتلى و19 جريحاً بضربة روسية على زابوريجيا الأوكرانية

قُتل 4 أشخاص على الأقل وأُصيب 19، الثلاثاء، في ضربة صاروخية روسية «دمَّرت» عيادة خاصة في مدينة زابوريجيا جنوب أوكرانيا، في حصيلة مرشحة للارتفاع.

أوروبا صورة مركبة تابعة للوكالة الدولية للطاقة الذرية تعرضت لأضرار بسبب غارة بطائرة مسيرة على طريق في منطقة زابوريجيا في أوكرانيا 10 ديسمبر 2024 (رويترز)

مسيّرة تستهدف مركبة لوكالة الطاقة الذرية قرب محطة زابوريجيا النووية في أوكرانيا

قال مدير الطاقة الذرية إن مركبة تابعة للوكالة تعرضت لأضرار جسيمة بسبب هجوم بمسيرة على الطريق المؤدي إلى محطة زابوريجيا للطاقة النووية في أوكرانيا، الثلاثاء.

«الشرق الأوسط» (كييف)
أوروبا الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي ورئيس وزراء إستونيا كريستين ميشال لدى اجتماعهما في كييف الاثنين (أ.ب)

زيلينسكي: 800 ألف جندي روسي منتشرون في أوكرانيا

أعلن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي انتشار مئات الآلاف من الجنود الروس حالياً في أوكرانيا.

«الشرق الأوسط» (كييف - لندن)
أوروبا الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي خلال اجتماع في كييف بأوكرانيا 9 ديسمبر 2024 (أ.ب)

زيلينسكي منفتح على انتشار قوات غربية في أوكرانيا

قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي إنه منفتح على الانتشار المحتمل لقوات غربية في كييف لضمان أمن البلاد في إطار جهود أوسع نطاقاً لإنهاء الحرب.

«الشرق الأوسط» (كييف)
أوروبا الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي (أ.ب)

زيلينسكي: حصيلة قتلى القوات الأوكرانية تسجل زيادة قدرها 12 ألف جندي

قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي إن عدد الجنود الأوكرانيين القتلى ارتفع إلى 43 ألف جندي.

«الشرق الأوسط» (كييف)

الاتجار بالبشر يرتفع بشكل حاد عالمياً...وأكثر من ثُلث الضحايا أطفال

رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)
رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)
TT

الاتجار بالبشر يرتفع بشكل حاد عالمياً...وأكثر من ثُلث الضحايا أطفال

رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)
رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)

ذكر تقرير للأمم المتحدة -نُشر اليوم (الأربعاء)- أن الاتجار بالبشر ارتفع بشكل حاد، بسبب الصراعات والكوارث الناجمة عن المناخ والأزمات العالمية.

ووفقاً للتقرير العالمي بشأن الاتجار بالأشخاص والصادر عن مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة، فإنه في عام 2022 -وهو أحدث عام تتوفر عنه بيانات على نطاق واسع- ارتفع عدد الضحايا المعروفين على مستوى العالم 25 في المائة فوق مستويات ما قبل جائحة «كوفيد- 19» في عام 2019. ولم يتكرر الانخفاض الحاد الذي شهده عام 2020 إلى حد بعيد في العام التالي، وفقاً لما ذكرته وكالة «رويترز» للأنباء.

وقال التقرير: «المجرمون يتاجرون بشكل متزايد بالبشر لاستخدامهم في العمل القسري، بما في ذلك إجبارهم على القيام بعمليات معقدة للاحتيال عبر الإنترنت والاحتيال الإلكتروني، في حين تواجه النساء والفتيات خطر الاستغلال الجنسي والعنف القائم على النوع»، مضيفاً أن الجريمة المنظمة هي المسؤولة الرئيسية عن ذلك.

وشكَّل الأطفال 38 في المائة من الضحايا الذين تمت معرفتهم، مقارنة مع 35 في المائة لأرقام عام 2020 التي شكَّلت أساس التقرير السابق.

وأظهر التقرير الأحدث أن النساء البالغات ما زلن يُشكِّلن أكبر مجموعة من الضحايا؛ إذ يُمثلن 39 في المائة من الحالات، يليهن الرجال بنسبة 23 في المائة، والفتيات بنسبة 22 في المائة، والأولاد بنسبة 16 في المائة.

وفي عام 2022؛ بلغ إجمالي عدد الضحايا 69 ألفاً و627 شخصاً.

وكان السبب الأكثر شيوعاً للاتجار بالنساء والفتيات هو الاستغلال الجنسي بنسبة 60 في المائة أو أكثر، يليه العمل القسري. وبالنسبة للرجال كان السبب العمل القسري، وللأولاد كان العمل القسري، و«أغراضاً أخرى» بالقدر نفسه تقريباً.

وتشمل تلك الأغراض الأخرى الإجرام القسري والتسول القسري. وذكر التقرير أن العدد المتزايد من الأولاد الذين تم تحديدهم كضحايا للاتجار يمكن أن يرتبط بازدياد أعداد القاصرين غير المصحوبين بذويهم الذين يصلون إلى أوروبا وأميركا الشمالية.

وكانت منطقة المنشأ التي شكلت أكبر عدد من الضحايا هي أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى بنسبة 26 في المائة، رغم وجود كثير من طرق الاتجار المختلفة.

وبينما يمكن أن يفسر تحسين الاكتشاف الأعداد المتزايدة، أفاد التقرير بأن من المحتمل أن يكون مزيجاً من ذلك ومزيداً من الاتجار بالبشر بشكل عام.

وكانت أكبر الزيادات في الحالات المكتشفة في أفريقيا جنوب الصحراء وأميركا الشمالية ومنطقة غرب وجنوب أوروبا، وفقاً للتقرير؛ إذ كانت تدفقات الهجرة عاملاً مهماً في المنطقتين الأخيرتين.