اقتحام واسع للأقصى قبل إغلاقه أمام اليهود

السلطة الفلسطينية ترفض تحديد أعمار وأعداد المصلين

مجموعة من اليهود المتطرفين أثناء زيارتهم حرم الأقصى في القدس أمس (أ.ف.ب)
مجموعة من اليهود المتطرفين أثناء زيارتهم حرم الأقصى في القدس أمس (أ.ف.ب)
TT

اقتحام واسع للأقصى قبل إغلاقه أمام اليهود

مجموعة من اليهود المتطرفين أثناء زيارتهم حرم الأقصى في القدس أمس (أ.ف.ب)
مجموعة من اليهود المتطرفين أثناء زيارتهم حرم الأقصى في القدس أمس (أ.ف.ب)

رفضت السلطة الفلسطينية تقييد إسرائيل عملية الدخول إلى المسجد الأقصى، واعتبرت ذلك جزءاً من مخططها لخلق واقع جديد في المسجد يهدف إلى تقسميه.
وقال عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية حسين الشيخ «إن الـ(ستاتسكو) التاريخي في الحرم القدسي الشريف، يعطي الأوقاف الإسلامية مسؤولية الإدارة والصيانة والتعمير والإشراف على دخول الزوار إلى باحاته، وإن إشراف شرطة الاحتلال على ذلك إلى جانب تحديد أعداد وأعمار المصلين، خرق فاضح ومحاولة لخلق واقع جديد يهدف إلى التقسيم الزماني».
ومنذ بدأ عيد الفصح اليهودي الجمعة الماضي، شددت إسرائيل إجراءاتها في القدس وفي محيط المسجد الأقصى، وقيدت دخول المصلين إليه بشكل كبير وعملت على إخراج المعتكفين منه أو محاصرتهم لتأمين اقتحامات المستوطنين للمسجد، وهي اقتحامات تسببت في توترات كبيرة ومواجهات.
واقتحم نحو 1200 مستوطن المسجد، أمس، في اليوم الرابع من اقتحامات عيد الفصح، وهو أوسع اقتحام منذ الأحد؛ ما تسبب في مواجهات داخل ساحات الأقصى.
وحاصرت الشرطة الإسرائيلية المصلين واستخدمت القوة، بما في ذلك الضرب والرصاص المطاطي؛ ما أدى إلى إصابات قبل أن تعتقل مصلين. وقالت الأوقاف، إن 1180 مستوطناً اقتحموا المسجد الأقصى من جهة باب المغاربة، على شكل مجموعات متتالية، وأدوا طقوساً تلمودية في ساحاته، في اليوم قبل الأخير من عيد الفصح العبري.
الاقتحام الواسع، أمس (الأربعاء)، جاء استجابة لدعوات من «منظمات الهيكل» لتنفيذ اقتحامات واسعة للمسجد قبل الحظر الذي فرضته السلطات الإسرائيلية من يوم غد الجمعة حتى نهاية رمضان. وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بنيت، قد قرر بعد التشاور مع المسؤولين الأمنيين في إسرائيل، إغلاق الحرم القدسي أمام اليهود ابتداءً من يوم الجمعة المقبل حتى نهاية شهر رمضان، كما كان متبعاً في الماضي، (الإغلاق في العشر الأواخر). وقال حزب يمينا الذي يتزعمه بنيت، إنه لا يوجد أي جديد بقرار إغلاق المكان حتى نهاية رمضان؛ لأن ذلك كان متبعاً خلال السنوات الأخيرة. وتسعى إسرائيل إلى تجنب انفجار كبير في العشر الأواخر في رمضان، مع دعوات رسمية وشعبية مكثفة لشد الرحال للمسجد، وتهديدات وتحذيرات.
وتحول المسجد الأقصى إلى ما يشبه برميل بارود، وفي الأسابيع الأخيرة، مع تزامن عيد الفصح اليهودي وشهر رمضان في أعقاب سلسلة عمليات في إسرائيل وهجوم على الضفة. وأصدرت حركة «حماس» بياناً، أمس، قالت فيه «إنَّ تكرار المستوطنين الصهاينة اقتحاماتهم لباحات المسجد الأقصى، وبحماية قوات الاحتلال الصهيوني، لن يفرض تقسيماً زمانياً ولا مكانياً، ولن يغيّر من إسلامية وعروبة المسجد الأقصى، الذي سنحميه وشعبنا بكل قوّة».
وحذرت «حماس» إسرائيل، من مغبّة التفكير في ذبح القرابين، أو السماح لمسيرة الأعلام الصهيونية من الاقتراب من الأقصى، محمّلة «قيادة الاحتلال تتحمل المسؤولية كاملة عن تداعيات تلك الإجراءات الخطيرة والمستفزّة». ومنعت إسرائيل المسيرة، أمس، على الرغم من إصرار المستوطنين على تنفيذها، كما منعت عضو الكنيست المتطرف إيتمار بن غفير من الوصول إلى باب العامود للمشاركة في مسيرة الأعلام. وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بنيت «لا أنوي السماح لسياسة صغيرة بتعريض حياة البشر للخطر، لن أسمح لاستفزاز سياسي من قِبل بن غفير بتعريض جنود الجيش وأفراد الشرطة للخطر وجعل مهمتهم الصعبة أصعب». ورد بن غفير متحدياً الحكومة ومتهماً إياها برفع الراية البيضاء في الأقصى وأمام «حماس».
من جهتها، وصفت الخارجية الفلسطينية ما يجري، بـ«حالة من الفشل المتواصل» تعيشها السياسة الإسرائيلية التهويدية في القدس وبلداتها وأحيائها ومقدساتها ومؤسساتها، شهدت عليها جميع المراحل التي أعقبت المواجهات والمعارك المتعاقبة التي شنتها قوات الاحتلال الإسرائيلي ضد المواطنين المقدسيين منذ عام 1967 وحتى اليوم.
وأضافت الخارجية في بيان أمس، أن ذلك يظهر جلياً فيما نشهده من إخفاق إسرائيلي واضح في فرض السيطرة والسيادة على الحرم القدسي الشريف، وهو ما تحاول سلطات الاحتلال إخفاءه، «من خلال تصعيد عدوانها وإجراءاتها القمعية والتنكيلية بحق المواطنين المقدسيين والمصلين والمعتكفين في الحرم والتضييقات والتقييدات التي تشهدها البلدة القديمة بالقدس، بما فيها الطرق المؤدية إلى الحرم».
وذكرت، أن التهديدات التي يطلقها المستوطنون وقادتهم بمن فيهم «بن غفير» وأمثاله من «زعماء منظمات الهيكل» بتفجير الأوضاع، ما هو إلا تأكيد مستمر على فشل جميع عمليات تهويد القدس وضمها لدولة الاحتلال. وطالبت الخارجية، مجلس الأمن الدولي، باحترام قراراته، والاعتراف العملي بأن القدس جزء لا يتجزأ من الأرض الفلسطينية المحتلة.



مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي

وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
TT

مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي

وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)

أكدت مصر خلال زيارة وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي للكويت، على دعم القاهرة الكامل للأمن الخليجي بوصفه جزءاً لا يتجزأ من الأمن القومي المصري، وسط لقاءات ومباحثات تناولت مجالات التعاون، لا سيما الأمني والعسكري لمواجهة التحديات الأمنية المختلفة.

تلك الزيارة، بحسب خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، تأتي تأكيداً على مساعي مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي بوتيرة أكبر ونشاط أوسع، خصوصاً في ضوء علاقات البلدين التاريخية، وكذلك حجم الاستثمارات بين البلدين الكبيرة، مشددين على أهمية التنسيق بين بلدين مهمين في المنطقة.

واستهل عبد العاطي زيارته إلى الكويت بلقاء ولي العهد الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح، الأحد، مؤكداً «عمق العلاقات التاريخية والروابط الأخوية التي تجمع البلدين الشقيقين، وتوافر الإرادة السياسية لدى قيادتي البلدين من أجل تطوير العلاقات لآفاق أرحب»، مبدياً «الحرص على تعزيز التعاون والتنسيق مع دولة الكويت وزيادة وتيرته»، وفق بيان صحافي لـ«الخارجية المصرية».

وأبدى الوزير المصري «تطلُّع مصر لتعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري والاستثماري بين البلدين، أخذاً في الحسبان ما اتخذته الحكومة المصرية من خطوات طموحة لجذب الاستثمارات، وتنفيذ خطة الإصلاح الاقتصادي»، مشدداً على «دعم مصر الكامل للأمن الخليجي، بوصفه جزءاً لا يتجزأ من الأمن القومي المصري».

وفي مايو (أيار) الماضي، قال سفير الكويت بالقاهرة، غانم صقر الغانم، في مقابلة مع «القاهرة الإخبارية» إن الاستثمارات الكويتية في مصر متشعبة بعدة مجالات، وتبلغ أكثر من 15 مليار دولار، بينها 10 مليارات دولار للقطاع الخاص.

كما اجتمع عبد العاطي مع الشيخ فهد يوسف سعود الصباح، رئيس الوزراء بالإنابة ووزير الداخلية ووزير الدفاع الكويتي، مؤكداً «الحرص على الارتقاء بعلاقات التعاون إلى آفاق أرحب، بما يحقق طموحات ومصالح الشعبين الشقيقين»، وفق بيان ثانٍ لـ«الخارجية المصرية».

وزير الخارجية المصري يجتمع مع رئيس الوزراء بالإنابة ووزير الداخلية ووزير الدفاع الكويتي الشيخ فهد يوسف سعود الصباح (الخارجية المصرية)

فرص استثمارية

عرض الوزير المصري «الفرص الاستثمارية العديدة التي تذخر بها مصر في شتى القطاعات، والتي يمكن للشركات الكويتية الاستفادة منها، فضلاً عن الاتفاق على تبادل الوفود الاقتصادية، وتشجيع زيادة الاستثمارات الكويتية في مصر»، مبدياً «ترحيب مصر ببحث مجالات التعاون الأمني والعسكري لمواجهة التحديات الأمنية المختلفة».

كما بحث الوزير المصري في لقاء مع وزيرة المالية ووزيرة الدولة للشؤون الاقتصادية والاستثمار، نوره الفصام، الفرص الاستثمارية المتاحة في مصر بشتى القطاعات، وسط تأكيد على حرص الجانب المصري على تعزيز الاستثمارات الكويتية في مصر وإمكانية تعزيز نشاط الشركات المصرية لدعم عملية التنمية في الكويت.

ووفق خبير شؤون الخليج في «مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» بالقاهرة، الدكتور محمد عز العرب، فإن الزيارة تحمل أبعاداً عديدة، أبرزها الحرص المصري على تطوير العلاقات المصرية العربية، ومنها العلاقات مع الكويت لأسباب ترتبط بالتوافقات المشتركة بين البلدين والتعاون ليس على المستوى السياسي فحسب، بل على المستوى الأمني أيضاً.

التنسيق المشترك

البعد الثاني في الزيارة مرتبط بالاستثمارات الكويتية التي تستحوذ على مكانة متميزة وسط استثمارات خليجية في مصر، وفق عز العرب، الذي لفت إلى أن الزيارة تحمل بعداً ثالثاً هاماً مرتبطاً بالتنسيق المشترك في القضايا الإقليمية والدولية خاصة وهناك إدراك مشترك على أولوية خفض التصعيد والتعاون الثنائي بوصفه صمام أمان للمنطقة.

تحديات المنطقة

يرى الكاتب والمحلل السياسي الكويتي، طارق بروسلي، أن زيارة عبد العاطي «خطوة مهمة في إطار العلاقات التاريخية الوطيدة بين البلدين، وتعكس عمق التفاهم والاحترام المتبادل بين قيادتي البلدين والشعبين الشقيقين».

وتحمل الزيارة قدراً كبيراً من الأهمية، وفق المحلل السياسي الكويتي ورئيس «المنتدى الخليجي للأمن والسلام» فهد الشليمي، خصوصاً وهي تأتي قبيل أيام من القمة الخليجية بالكويت، مطلع الشهر المقبل، وما سيتلوها من ترأس الكويت مجلس التعاون الخليجي على مدار عام، فضلاً عن تحديات كبيرة تشهدها المنطقة، لا سيما في قطاع غزة وحربها المستمرة منذ أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

وأفادت وكالة الأنباء الكويتية الرسمية، الأحد، بأن أمير البلاد الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح تلقى رسالة شفهية من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي تتعلق بالعلاقات الأخوية المتميزة بين البلدين والشعبين الشقيقين وآخر المستجدات الإقليمية والدولية، خلال استقبال ولي العهد لوزير الخارجية المصري.

كما نوهت بأن عبد العاطي التقى رئيس الوزراء بالإنابة، و«جرى خلال اللقاء استعراض العلاقات الثنائية وسبل تعزيز التعاون بين البلدين إضافة إلى بحث آخر المستجدات على الساحتين الإقليمية والدولية».

تطوير العمل الدبلوماسي

وتهدف الزيارة، وفق بروسلي، إلى «تعميق التعاون في عدة مجالات والتنسيق المشترك في المواقف على الصعيدين الإقليمي والدولي، لا سيما في قضايا فلسطين وسوريا ولبنان واليمن»، مرجحاً أن تسهم المباحثات المصرية الكويتية في «زيادة فرص التعاون الاقتصادي والتجاري وتعزيز الاستثمارات وزيادة التنسيق الأمني ومواجهة التحديات الأمنية المشتركة».

ويعتقد بروسلي أن الزيارة «ستكون فرصة لبحث تطوير العمل الدبلوماسي، ودعم البرامج التعليمية المتبادلة بين البلدين والخروج بمذكرات تفاهم تكون سبباً في تحقيق التكامل الإقليمي، وتعزيز التعاون في ظل التحديات المشتركة بالمنطقة».

بينما يؤكد الشليمي أن الزيارة لها أهمية أيضاً على مستوى التعاون الاقتصادي والتجاري، خصوصاً على مستوى تعزيز الاستثمارات، إضافة إلى أهمية التنسيق بين وقت وآخر بين البلدين، في ظل حجم المصالح المشتركة الكبيرة التي تستدعي التعاون المستمر.