سفينة عسكرية إيطالية تشارك في «استكشاف» الباخرة المنكوبة

تونس تواصل تحقيقاتها... و«ميناء دمياط» يعلن عدم استقبالها

أجزاء من الباخرة قبل أن تبتلعها المياه في 17 أبريل (رويترز)
أجزاء من الباخرة قبل أن تبتلعها المياه في 17 أبريل (رويترز)
TT
20

سفينة عسكرية إيطالية تشارك في «استكشاف» الباخرة المنكوبة

أجزاء من الباخرة قبل أن تبتلعها المياه في 17 أبريل (رويترز)
أجزاء من الباخرة قبل أن تبتلعها المياه في 17 أبريل (رويترز)

قال المازري اللطيف، العميد في «جيش البحر» التونسي، والمشرف على عمليات شفط المحروقات من الباخرة المنكوبة، إن سفينة إيطالية وصلت إلى سواحل منطقة قابس (جنوب شرقي تونس) للمشاركة في عمليات استكشاف الباخرة المنكوبة. وأضاف: «على أثر عقد جلسة عمل مع طاقمها؛ اتضح أنه ليست لديهم المعدات والقدرات لشفط الغازوال (البنزين)، مما جعل تونس تعول على كفاءاتها ووسائلها الذاتية».
وكانت باخرة تجارية محملة بـ750 طناً من المحروقات غرقت قبل أيام قبالة السواحل التونسية، واستحوذ الأمر على اهتمام دولي ومحلي بالنظر إلى حجم الكارثة البيئية التي سيخلفها في حال حدوث تسرب نفطي إثر غرق الباخرة بشكل عمودي على عمق 20 متراً. وأكدت السلطات التونسية عقب ذلك أن «الباخرة المنكوبة كانت قد أرست بميناء صفاقس من 4 إلى 8 أبريل (نيسان) الحالي للقيام بتغيير الطاقم والتزود بالمؤونة والقيام ببعض الإصلاحات الخفيفة دون عمليات تجارية».
وفتحت السلطات التونسية تحقيقاً في أسباب غرق الباخرة، ومن المنتظر أن تأخذ التحقيقات القضائية والأمنية مع طاقم السفينة المكون من 7 أشخاص؛ من بينهم 4 أتراك، منحىً مختلفاً بعد أن أكدت «هيئة ميناء دمياط» المصري عدم استقبال تلك الباخرة في أي مناسبة سابقة.
في غضون ذلك، طمأن العميد اللطيف التونسيين، قائلاً إن شواطئ قابس ستكون مؤمنة، كما سيتم استعمال مخطط يضمن وضعية «صفر تسرب»، على حد تعبيره.
وكانت السلطات الإيطالية قد عبرت عن استعدادها لمساعدة تونس في تجنب كارثة بيئية إثر غرق باخرة محملة بنحو 750 طناً من مادة «الغازوال (البنزين)»، وقد وصلت يوم الثلاثاء سفينة عسكرية إيطالية مختصة في مكافحة التلوث. وأوضح المصدر ذاته أن المدة الزمنية التي تتطلبها عمليات الشفط مرتبطة بالمضخات التي سيجري استعمالها. وكشف عن مشاركة 3 شركات في إعداد مخططات تدخل لتنطلق السلطات التونسية بداية من أمس في دراستها للانطلاق في عمليات الشفط بصفة فعلية وعاجلة.
وتتواصل في السواحل التونسية عمليات الغوص ومراقبة وضع السفينة الغارقة «إكسيلو» واحتواء كل تسرب محتمل لـ«الغازوال». وأشار خبراء إلى أن تمديد الفترة المخصصة لعمليات استكشاف الأنابيب من قبل الغواصين، سيكون صالحاً لإعداد مخطط تدخل ناجع بعد أن جرى تطويق مكان الباخرة الغارقة لمنع تسرب أي مادة خطرة.
وفتحت تونس تحقيقاً للوقوف على أسباب غرق هذه الباخرة؛ غير مستبعدة تعمد إغراقها بعد أن حامت شكوك حول مسار تنقلها خلال الفترة الماضية وضياع وثائق مهمة تتعلق بنقطة انطلاقها والميناء الذي سترسو فيه.
على صعيد متصل، أعلنت «هيئة ميناء دمياط» المصري، مساء الثلاثاء، أن السفينة «إكسيلو» الغارقة في سواحل قابس التونسية لم يسبق للميناء أن استقبلها بتاتاً، مكذبة بذلك الأخبار التي جرى ترويجها في بداية التحقيقات حول خروجها من ميناء دمياط ومرورها بسواحل تونس في طريقها إلى مالطا… وأضافت «الهيئة» في صفحتها على إحدى شبكات التواصل الاجتماعي أن ميناء دمياط لم يكن هو ميناء المغادرة للسفينة الغارقة. وهو ما سيزيد من تعقيد الملف وخلط الأوراق للوقوف على حقيقة الباخرة المنكوبة.



تجدد القتال في «سول»... هل يفاقم الصراع بين «أرض الصومال» و«بونتلاند»؟

رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)
رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)
TT
20

تجدد القتال في «سول»... هل يفاقم الصراع بين «أرض الصومال» و«بونتلاند»؟

رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)
رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)

تجدد القتال في «إقليم سول» يُحيي نزاعاً يعود عمره لأكثر من عقدين بين إقليمي «أرض الصومال» الانفصالي و«بونتلاند»، وسط مخاوف من تفاقم الصراع بين الجانبين؛ ما يزيد من تعقيدات منطقة القرن الأفريقي.

وبادر رئيس أرض الصومال، عبد الرحمن عرو، بالتعهد بـ«الدفاع عن الإقليم بيد ويد أخرى تحمل السلام»، وهو ما يراه خبراء في الشأن الأفريقي، لن يحمل فرصاً قريبة لإنهاء الأزمة، وسط توقعات بتفاقم النزاع، خصوصاً مع عدم وجود «نية حسنة»، وتشكك الأطراف في بعضها، وإصرار كل طرف على أحقيته بالسيطرة على الإقليم.

وأدان «عرو» القتال الذي اندلع، يوم الجمعة الماضي، بين قوات إدارتي أرض الصومال وإدارة خاتمة في منطقة بوقداركاين بإقليم سول، قائلاً: «نأسف للهجوم العدواني على منطقة سلمية، وسنعمل على الدفاع عن أرض الصومال بيد، بينما نسعى لتحقيق السلام بيد أخرى»، حسبما أورده موقع الصومال الجديد الإخباري، الأحد.

وجاءت تصريحات «عرو» بعد «معارك عنيفة تجددت بين الجانبين اللذين لهما تاريخ طويل من الصراع في المنطقة، حيث تبادلا الاتهامات حول الجهة التي بدأت القتال»، وفق المصدر نفسه.

ويعيد القتال الحالي سنوات طويلة من النزاع، آخرها في فبراير (شباط) 2023، عقب اندلاع قتال عنيف بين قوات إدارتي أرض الصومال وخاتمة في منطقة «بسيق»، وفي سبتمبر (أيلول) من العام نفسه، نشرت إدارة أرض الصومال مزيداً من قواتها على خط المواجهة الشرقي لإقليم سول، بعد توتر بين قوات ولايتي بونتلاند وأرض الصومال في «سول» في أغسطس (آب) 2022.

كما أودت اشتباكات في عام 2018 في الإقليم نفسه، بحياة عشرات الضحايا والمصابين والمشردين، قبل أن يتوصل المتنازعان لاتفاق أواخر العام لوقف إطلاق النار، وسط تأكيد ولاية بونتلاند على عزمها استعادة أراضيها التي تحتلها أرض الصومال بالإقليم.

ويوضح المحلل السياسي الصومالي، عبد الولي جامع بري، أن «النزاع في إقليم سول بين أرض الصومال وبونتلاند يعود إلى عام 2002، مع تصاعد الاشتباكات في 2007 عندما سيطرت أرض الصومال على لاسعانود (عاصمة الإقليم)»، لافتاً إلى أنه «في فبراير (شباط) 2023، تفاقم القتال بعد رفض زعماء العشائر المحلية حكم أرض الصومال، وسعيهم للانضمام إلى الحكومة الفيدرالية الصومالية؛ ما أدى إلى مئات القتلى، ونزوح أكثر من 185 ألف شخص».

ويرى الأكاديمي المختص في منطقة القرن الأفريقي، الدكتور علي محمود كلني، أن «الحرب المتجددة في منطقة سول والمناطق المحيطة بها هي جزء من الصراعات الصومالية، خصوصاً الصراع بين شعب إدارة خاتمة الجديدة، وإدارة أرض الصومال، ولا يوجد حتى الآن حل لسبب الصراع في المقام الأول»، لافتاً إلى أن «الكثير من الدماء والعنف السيئ الذي مارسه أهل خاتمة ضد إدارة هرجيسا وجميع الأشخاص الذين ينحدرون منها لا يزال عائقاً أمام الحل».

ولم تكن دعوة «عرو» للسلام هي الأولى؛ إذ كانت خياراً له منذ ترشحه قبل شهور للرئاسة، وقال في تصريحات نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي إن «سكان أرض الصومال وإقليم سول إخوة، ويجب حل الخلافات القائمة على مائدة المفاوضات».

وسبق أن دعا شركاء الصومال الدوليون عقب تصعيد 2023، جميع الأطراف لاتفاق لوقف فوري وغير مشروط لإطلاق النار، ووقتها أكد رئيس أرض الصومال الأسبق، موسى بيحي عبدي، أن جيشه لن يغادر إقليم سول، مؤكداً أن إدارته مستعدة للتعامل مع أي موقف بطريقة أخوية لاستعادة السلام في المنطقة.

كما أطلقت إدارة خاتمة التي تشكلت في عام 2012، دعوة في 2016، إلى تسوية الخلافات القائمة في إقليم سول، وسط اتهامات متواصلة من بونتلاند لأرض الصومال بتأجيج الصراعات في إقليم سول.

ويرى بري أن «التصعيد الحالي يزيد من التوترات في المنطقة رغم جهود الوساطة من إثيوبيا وقطر وتركيا ودول غربية»، لافتاً إلى أن «زعماء العشائر يتعهدون عادة بالدفاع عن الإقليم مع التمسك بالسلام، لكن نجاح المفاوضات يعتمد على استعداد الأطراف للحوار، والتوصل إلى حلول توافقية».

وباعتقاد كلني، فإنه «إذا اشتدت هذه المواجهات ولم يتم التوصل إلى حل فوري، فمن الممكن أن يؤدي ذلك إلى حدوث اشتباك بين قوات إدارتي أرض الصومال وبونتلاند، الذين يشككون بالفعل في بعضهم البعض، ولديهم العديد من الاتهامات المتبادلة، وسيشتد الصراع بين الجانبين في منطقة سناغ التي تحكمها الإدارتان، حيث يوجد العديد من القبائل المنحدرين من كلا الجانبين».

ويستدرك: «لكن قد يكون من الممكن الذهاب إلى جانب السلام والمحادثات المفتوحة، مع تقديم رئيس أرض الصومال عدداً من المناشدات من أجل إنهاء الأزمة»، لافتاً إلى أن تلك الدعوة تواجَه بتشكيك حالياً من الجانب الآخر، ولكن لا بديل عنها.