«نزاع أعلام» مصري ـ إثيوبي في القدس

تدخلات القاهرة نجحت في التهدئة

العلم المصري على بوابة دير السلطان بالقدس، قبل ازالته (صورة متداولة على الصفحات المسيحية المصرية على فيسبوك)
العلم المصري على بوابة دير السلطان بالقدس، قبل ازالته (صورة متداولة على الصفحات المسيحية المصرية على فيسبوك)
TT

«نزاع أعلام» مصري ـ إثيوبي في القدس

العلم المصري على بوابة دير السلطان بالقدس، قبل ازالته (صورة متداولة على الصفحات المسيحية المصرية على فيسبوك)
العلم المصري على بوابة دير السلطان بالقدس، قبل ازالته (صورة متداولة على الصفحات المسيحية المصرية على فيسبوك)

على وقع نزاعهما المائي حول «سد النهضة» على نهر النيل، تجدد خلاف مصري - إثيوبي قديم حول هوية دير السلطان بالقدس، بعدما قام إثيوبيون برفع علم ضخم لبلادهم داخل الدير، واعتدوا على رهبان مصريين، ردوا من جانبهم بتلوين البوابة الرئيسية للدير بعلم مصر، مؤكدين ملكيته للكنيسة القبطية الأرثوذكسية، وسط حصار للشرطة الإسرائيلية، بهدف الفصل بين الجانبين.
ويكتسب الدير أهمية جغرافية عند الأقباط؛ كونه الرابط الوحيد مع كنيسة القيامة، في حين يشهد خلافاً تاريخياً حول ملكيته. وبعد ليلة عصيبة، أصر فيها كل طرف على موقفه، نجحت تدخلات مصرية رسمية، أمس، في تهدئة النزاع. وقال القمص موسى إبراهيم، المتحدث باسم الكنيسة القبطية، لـ«الشرق الأوسط»، «الأمور أصبحت هادئة تماماً الآن»، مشيراً إلى إعلان الأنبا أنطونيوس، مطران القدس والشرق الأدنى، التوصل إلى اتفاق تم بموجبه إنزال العلم الإثيوبي من على خيمة وسط الدير، مقابل مسح دهان العلم المصري من البوابة.
وأحال الأنبا أنطونيوس، النجاح في التهدئة إلى «مجهودات الإدارة المصرية ممثلة في وزارة الخارجية والمخابرات وتدخلاتهم السريعة»، لكنه شكك في المقابل في «التزام الإثيوبيين»، مؤكداً أن «استقرار الأوضاع غير مضمون». وحاولت «الشرق الأوسط» التواصل مع وزارة الخارجية المصرية، إلا أنها لم تتلقَ رداً.
وشدد الأنبا أنطونيوس، على أن «هذا مكان صلاة وليس محل نزاع سياسي»، مهدداً برفع العلم المصري مجدداً إذا قرر الإثيوبيون نقض تعهدهم.
وأوضح الأنبا أنطونيوس، أن «المناوشات دخل دير السلطان مع الإثيوبيين باتت متكررة كل عام، منذ نحو ثلاثة سنوات، حيث يصر (الأحباش) نسبة للإثيوبيين، بوضع علم كبير لبلادهم، في محاولة منهم لإثبات هوية أن الدير إثيوبي؛ ما يثير غضب الرهبان المصريين والمصلين، الذين يستندون إلى قرار محكمة يقر بملكية الدير للأقباط، بانتظار تنفيذه، فهو بالتالي لا ينتمي إليهم، والمفترض أن تشكل الحكومة لجنة بشأن آلية تنفيذ الحكم».
ويقع دير السلطان على مساحة 1800 متر مربع، وهو متصل من الغرب بمباني كنيسة القيامة، ومن الشمال بدير «مار أنطونيوس»، حيث مقر البطريركية المصرية. ويكتسب أهمية جغرافية عند الأقباط كونه الرابط الوحيد بين المقر وكنيسة القيامة.
وبحسب الناشط القبطي المحامي هاني صبري، لـ«الشرق الأوسط»، فإن أزمة ملكية الدير بين الأقباط والأحباش بدأت منذ القرن السابع عشر، ووفق الرواية المصرية، حلَّ الأحباش ضيوفاً على دير السلطان في بعض غرف الدير بصفة مؤقتة، بعدما فقدت الكنيسة الإثيوبية أديرتها عام 1654، نتيجة لعدم قدرتها على دفع الضرائب المستحقة لكنيستَي الروم والأرمن، ويستند الأقباط إلى تلك الحقيقة في إثبات ملكيتهم لدير السلطان.
وفي مثل يوم (أمس) كل عام وقبل بدء أعياد الفصح المجيد تقوم طائفة الأحباش بنصب خيمة لإقامة صلوات الأعياد في ساحة دير السلطان القبطي، ويُمنع رفع علم إثيوبيا على الخيمة باتفاق متبادل بين الأقباط والأحباش، لكن منذ أعوام بدأت طائفة الأحباش بنصب خيمة كبيرة غير المتفق عليه.
ويشكو الأقباط داخل الدير من تجاهل السلطات التنفيذية الإسرائيلية حل النزاع، وقال الأنبا أنطونيوس، في تصريحات إعلامية أمس «حذرنا العام الماضي وتواصلنا مع الخارجية والشرطة وتلقينا وعوداً كثيرة بإزالة العلم، وننتظر ولا يحدث شيء... ومع استمرار التجاهل لم يكن منا إلا وضع علم كبير لمصر على باب الدير، رداً على تقاعس الشرطة، حتى نثبت أن الدير ليس إثيوبياً».
ويؤكد سكرتير مطرانية الأقباط الأرثوذكس بالقدس، في تصريح إعلامي، أن «دير السلطان هو في الأساس دير قبطي مصري، ولدينا جميع الوثائق التي تثبت ملكية الدير، وستظل هويته قبطية، ويحاول الأحباش من إثيوبيا فعل هذا الأمر بالوقت الراهن لمحاولة تغيير هوية ديرنا القبطي».
ويؤكد صبري، أن «أقباط القدس حصلوا بالفعل على أحكام عدة من القضاء الإسرائيلي تؤكد ملكية الكنيسة المصرية للدير، لكن السلطات الإسرائيلية – بالتواطؤ مع الإثيوبيين - تماطل في التنفيذ ضمن سياسة تهويد المدينة، عبر تغيير معالم دير السلطان ووضعه القانوني».
وبين مصر وإثيوبيا نزاع مائي منذ أكثر من 10 سنوات على حول «سد النهضة» الذي تبنيه الأخيرة على الرافد الرئيسي لنهر النيل، وتخشى القاهرة أن يقلص حصتها من المياه، ما نتج منه توترات دائمة بين البلدين.



أحداث سوريا تدفع الحوثيين لإطلاق مجاميع من المعتقلين

الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
TT

أحداث سوريا تدفع الحوثيين لإطلاق مجاميع من المعتقلين

الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)

دفعت الأحداث المتسارعة التي شهدتها سوريا الحوثيين إلى إطلاق العشرات من المعتقلين على ذمة التخطيط للاحتفال بالذكرى السنوية لإسقاط أسلافهم في شمال اليمن، في خطوة تؤكد المصادر أنها تهدف إلى امتصاص النقمة الشعبية ومواجهة الدعوات لاستنساخ التجربة السورية في تحرير صنعاء.

وذكرت مصادر سياسية في إب وصنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن الحوثيين أطلقوا دفعة جديدة من المعتقلين المنحدرين من محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) بعد مضي ثلاثة أشهر على اعتقالهم بتهمة الدعوة للاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بنظام حكم الإمامة في شمال البلاد عام 1962.

الكثيري والحذيفي بعد ساعات من إطلاق سراحهما من المعتقل الحوثي (إعلام محلي)

وبيّنت المصادر أن معتقلين آخرين من صنعاء تم إطلاق سراحهم أيضاً، ورأت أن هذه الخطوة تهدف إلى امتصاص النقمة الشعبية على إثر انكشاف حجم الجرائم التي ظهرت في سجون النظام السوري، الذي كان حليفاً للحوثيين.

وبحسب هذه المصادر، تم إطلاق سراح محمد الكثيري، وهو أول المعتقلين في محافظة إب، ومعه الناشط الحوثي سابقاً رداد الحذيفي، كما أُطلق سراح المراهق أمجد مرعي، والكاتب سعيد الحيمي، والطيار الحربي مقبل الكوكباني، مع مجموعة من المعتقلين الذين تم نقلهم إلى السجون السرية لمخابرات الحوثيين في صنعاء.

وتوقعت المصادر أن يقوم الحوثيون خلال الأيام المقبلة بإطلاق دفعة من قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» الذين اعتقلوا للأسباب ذاتها.

امتصاص النقمة

كان الحوثيون، وفقاً للمصادر السياسية، يرفضون حتى وقت قريب إطلاق سراح المعتقلين الذين يُقدر عددهم بالمئات، وأغلبهم من محافظة إب، ومن بينهم قيادات في جناح حزب «المؤتمر الشعبي»، أمضوا أكثر من ثلاثة أشهر في المعتقل واتُهموا بالتخطيط لإشاعة الفوضى في مناطق حكم الجماعة من خلال دعوة السكان للاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم الإمامة.

تعنت حوثي بشأن إطلاق سراح قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» (إعلام محلي)

وبيّنت المصادر أن الجهود التي بذلتها قيادة جناح حزب «المؤتمر» المتحالف شكليّاً مع الحوثيين، وكذلك الناشطون والمثقفون والشخصيات الاجتماعية، وصلت إلى طريق مسدود بسبب رفض مخابرات الحوثيين الاستجابة لطلب إطلاق سراح هؤلاء المعتقلين، على الرغم أنه لا يوجد نص قانوني يجرم الاحتفال بذكرى الثورة (26 سبتمبر 1962) أو رفع العلم الوطني، فضلاً عن أن الجماعة فشلت في إثبات أي تهمة على المعتقلين عدا منشورات على مواقع التواصل الاجتماعي تدعو للاحتفال بالمناسبة ورفع الأعلام.

وتذكر المصادر أنه عقب الإطاحة بنظام الرئيس السوري بشار الأسد وانكشاف حجم الانتهاكات والجرائم التي كانت تُمارس في سجونه، ووسط دعوات من أنصار الحكومة المعترف بها دولياً لإسقاط حكم الحوثيين على غرار ما حدث في سوريا وتفكك المحور الإيراني في المنطقة، سارعت الجماعة إلى ترتيب إطلاق الدفعات الجديدة من المعتقلين من خلال تكليف محافظي المحافظات باستلامهم والالتزام نيابة عنهم بعدم الاحتفال بذكرى الإطاحة بالإمامة أو رفع العلم الوطني، في مسعى لامتصاص النقمة الشعبية وتحسين صورتها أمام الرأي العام.

مراهق أمضى 3 أشهر في المعتقل الحوثي بسبب رفع العلم اليمني (إعلام محلي)

ورغم انقسام اليمنيين بشأن التوجهات الدينية للحكام الجدد في سوريا، أجمعت النخب اليمنية على المطالبة بتكرار سيناريو سقوط دمشق في بلادهم، وانتزاع العاصمة المختطفة صنعاء من يد الحوثيين، بوصفهم أحد مكونات المحور التابع لإيران.

وخلافاً لحالة التوجس التي يعيشها الحوثيون ومخاوفهم من أن يكونوا الهدف المقبل، أظهر قطاع عريض من اليمنيين، سواء في الشوارع أو على مواقع التواصل الاجتماعي، ارتياحاً للإطاحة بنظام الحكم في سوريا، ورأوا أن ذلك يزيد من الآمال بقرب إنهاء سيطرة الحوثيين على أجزاء من شمال البلاد، ودعوا الحكومة إلى استغلال هذا المناخ والتفاعل الشعبي للهجوم على مناطق سيطرة الحوثيين.