هل يمتلك مايك دين الكفاءة اللازمة لوضع تقنية «الفار» في نصابها الصحيح؟

قراراته التحكيمية أثارت جدلاً بين المديرين الفنيين واللاعبين والمشجعين والنقاد

الحكم مايك دين (رويترز)
الحكم مايك دين (رويترز)
TT
20

هل يمتلك مايك دين الكفاءة اللازمة لوضع تقنية «الفار» في نصابها الصحيح؟

الحكم مايك دين (رويترز)
الحكم مايك دين (رويترز)

كانت المباراة التي فاز فيها ليستر سيتي على ساوثهامبتون بهدف دون رد على ملعب «فيلبرت ستريت» يوم السبت الموافق التاسع من سبتمبر (أيلول) 2000 مباراة عادية تماماً. لقد سيطر أصحاب الأرض على مجريات اللقاء لفترات طويلة قبل أن يسجل غيري تاغارت هدف الفوز المستحق برأسية من كرة لعبها ستيف جوبي من ركلة ركنية في الدقيقة 66 من عمر اللقاء. ونجح ليستر سيتي في الحفاظ على التقدم، وكان حظه جيداً لأن حكم اللقاء لم يحتسب ركلة جزاء مثيرة للجدل لساوثهامبتون في الوقت القاتل من المباراة عندما سقط جيمس بيتي بعد التدخل عليه من قبل تيم فلاورز.
ورغم أن هذه المباراة ربما لم تبق طويلاً في ذاكرة أي شخص شاهدها أو شارك فيها، فإنها كانت مناسبة خاصة جداً لشخص واحد على الأقل شارك فيها، وهو حكم اللقاء، الذي كان قد تم اختياره مؤخراً ضمن مجموعة حكام الدوري الإنجليزي الممتاز، والذي كان يبلغ من العمر آنذاك 32 عاماً. وكانت هذه أول مباراة لهذا الحكم في الدوري الإنجليزي الممتاز، وقد سارت الأمور بشكل هادئ وطبيعي تماماً رغم وجود روبي سافاج على أرض الملعب، وهو اللاعب الذي كان مشاكسا وجدليا بقدر ما كان لاعباً مقاتلاً.
ولم يشهر الحكم في هذا اللقاء – وهو الحكم مايك دين - أي بطاقات صفراء أو حمراء، كما لم يكن هناك الكثير من اللحظات المثيرة للجدل. لقد أدار دين 552 مباراة أخرى في الدوري الإنجليزي الممتاز على مدار 22 عاماً، وسيكون من الإنصاف القول إن كل هذه المباريات لم تسر بسلاسة مع الرجل الذي أصبح منذ ذلك الحين أشهر حكام كرة القدم وأكثرهم إثارة للجدل في البلاد. وفي الأسبوع الأخير من الشهر الماضي، أشارت تقارير إلى أن دين سيعتزل التحكيم بنهاية الموسم الجاري، ومن المفهوم أنه يجري محادثات مع لجنة الحكام التابعة للاتحاد الإنجليزي لكرة القدم بهدف القيام بدور كبير في غرفة تقنية الفيديو المساعد (الفار) في «ستوكلي بارك».
ورغم أن الأخبار عن دوره الجديد المحتمل قد أثار الكثير من الجدل بين العديد من المديرين الفنيين واللاعبين والمشجعين والنقاد الذين يرون أنه شخص مغرور ومزعج ويهتم بالأمور التافهة، فإن صاحب الحكم المخضرم البالغ من العمر 53 عاماً والذي يمتلك خبرات هائلة قد يكون المرشح المثالي لتحسين وتطوير تقنية الفار.

الحكم مايك دين ونقاش مع إريكسن لاعب برينتفورد (إ.ب.أ)

ويتعرض دين لانتقادات لاذعة من قبل الكثيرين الذين يرون أنه مغرم للغاية بالأضواء، لكن رغم كل التحفظات على أدائه والبطاقات الصفراء الكثيرة التي يشهرها في وجه اللاعبين - ناهيك عن احتفاله سيئ السمعة بالهدف الذي أحرزه توتنهام في مرمى أستون فيلا وهو يدير اللقاء – فإنه يقوم بعمل جيد للغاية فيما أصبح، في السنوات الأخيرة، مهمة صعبة بشكل متزايد.
وتجد كرة القدم الإنجليزية نفسها حالياً في أزمة تحكيم، مع وجود عدد غير كافٍ من الحكام المستعدين لتعريض أنفسهم للإزعاج العام والعنف خلال إدارة المباريات على مستوى القاعدة بشكل منتظم. وحتى أولئك الذين يستمرون في هذه الوظيفة لفترة كافية ليصبحوا محترفين ويعملون أمام أعداد هائلة من الجماهير، فإن قراراتهم تخضع لمستوى غير مسبوق وغير عادل من التدقيق والتفحيص في كثير من الأحيان، وهو الأمر الذي لا يؤدي إلا إلى تأجيج مشاعر الجماهير الغاضبة في المدرجات التي ما زالت مقتنعة بوجود مؤامرة كبيرة ضد أنديتها.
من المؤكد أن الحكام يرتكبون أخطاء فادحة، وقد ارتكب دين نفسه خطأين فادحين في فترة زمنية قصيرة منذ أكثر من عام بقليل، وهو الأمر الذي دعاه إلى طلب التنحي بعد تلقى تهديدات بالقتل عبر الإنترنت بسبب ‘فراطه في إشهار البطاقات الحمراء. وفي هذه المرحلة، يجدر بنا أن نذكر أن دين قد حقق رقما قياسيا بإشهاره 114 بطاقة حمراء للعديد من اللاعبين الذين يتصفون بالشراسة خلال مسيرته التحكيمية في كرة القدم! إنه عدد كبير للغاية، لكن يجب ألا يكون مفاجأة كبيرة بالنظر إلى مدى الخبرة التي يتمتع بها أكثر من أقرانه.
وقال دين في مقابلة صحافية طويلة خلال العام الماضي: «لقد شعرت بالكثير من الحزن على مر السنين. بعض اللاعبين كانوا يستحقون البطاقات الحمراء، والبعض الآخر لم يكونوا يستحقون ذلك. وهذه هي طبيعة هذه المهنة، فأنت معرض لارتكاب الأخطاء. وإذا تسببت في إزعاج أو غضب مجموعة معينة من الجماهير، فأنت لا تفعل ذلك عن قصد، لكنك ترتكب الخطأ بشكل غير مقصود، وبالتالي يتعين عليك مواصلة العمل والمضي قدماً».
وبينما يجب على الحكام أن يحاولوا المضي قدماً، يبدو أن أولئك الذين تعرضوا للصدمة سبب هذه الأخطاء يجدون صعوبة كبيرة في نسيان ذلك. لقد كان من الواضح أن أخبار التهديدات الموجهة إلى دين قد استقبلت بأقصى قدر من الجدية من قبل شبكات التلفزيون والإذاعة البريطانية المختلفة التي يبدو أنها لم تكن تدرك أنها قد ساهمت في ذلك من خلال تخصيص أجزاء كبيرة من وقت البث لتحليل القرارات التحكيمية المثيرة للجدل، وهو الأمر الذي يؤجج نيران الغضب بين الجماهير المتحمسة.
ولا تزال تقنية الفار موضع خلاف كبير، فرغم أن هذه التقنية قد نجحت إلى حد كبير في حل بعض المشكلات التي يواجهها الحكام، فإنها في الوقت نفسه قد خلقت تياراً لا نهاية له من الخلافات الجديدة التي تثير غضب مؤيدي نظرية المؤامرة. وقال دين العام الماضي: «لن يتم إلغاء هذه التقنية، لذا يجب علينا التعود عليها. وأعتقد أنها ستنجح في نهاية المطاف».
ويتميز دين بأنه يجيد التواصل ويحظى بشعبية كبيرة بين أقرانه، ويمتلك خبرات هائلة بفضل عمله كحكم لمدة 22 موسماً في الدوري الإنجليزي الممتاز، وبالتالي فهو قادر على علاج مواطن الخلل في تقنية الفار واستخدامها بشكل جيد في كرة القدم الإنجليزية. وبالتالي، إذا كان بإمكان أي شخص إتقان فن العمل في هذه التقنية، فمن المؤكد أن هذا الشخص هو مايك دين!



من الشغف إلى الاحتراف... الألعاب الإلكترونية في المغرب تلفت الانتباه

الألعاب الإلكترونية تجذب الشباب والفتيات في المغرب (أرشيفية - رويترز)
الألعاب الإلكترونية تجذب الشباب والفتيات في المغرب (أرشيفية - رويترز)
TT
20

من الشغف إلى الاحتراف... الألعاب الإلكترونية في المغرب تلفت الانتباه

الألعاب الإلكترونية تجذب الشباب والفتيات في المغرب (أرشيفية - رويترز)
الألعاب الإلكترونية تجذب الشباب والفتيات في المغرب (أرشيفية - رويترز)

 

انتشرت الألعاب الإلكترونية في المغرب، لا سيما بين الشبان، كوسيلة للترفيه، وقضاء الوقت، لكن سرعة تطور هذه الألعاب شكلت لدى الدولة والمؤسسات المعنية رؤية أوسع بشأن أهمية هذا القطاع، وسبل الاستفادة منه، وتحويله لقطاع جاذب للاستثمار.

ومن بين النماذج الواعدة التي حققت خطوات ملموسة في هذا المجال أنس موسى (21 عاماً) ابن مدينة الحسيمة الساحلية الذي بدأ هاوياً قبل سنوات قليلة حتى استطاع أن يصل إلى نهائي كأس العالم لكرة القدم الإلكترونية 2024 في الرياض.

كذلك نجحت ابتسام فرحان، التي نشأت في حي شعبي بالدار البيضاء، في تحقيق منجز مغربي بمجال الألعاب الإلكترونية حين فازت بالمركز الأول في بطولة البحر المتوسط للرياضات الإلكترونية التي أقيمت في ليبيا شهر أغسطس (آب) الماضي.

وقالت ابتسام لوكالة (رويترز) للأنباء: «قرار الاحتراف جاء بشكل طبيعي بعدما لاحظت أنني قادرة على المنافسة في مستويات عالية، كنت دائماً أبحث عن التحديات، وعندما بدأت في تحقيق نتائج جيدة في البطولات، شعرت بأن هذا المجال يمكن أن يكون أكثر من مجرد هواية».

هذا الشغف المتزايد تردد صداه في أروقة المؤسسات والوزارات المعنية التي شرعت في وضع القواعد التنظيمية، وإقامة البطولات المحلية، وتأسيس منتخبات وطنية، مع الانفتاح على الاستثمار في البنى التحتية لتحويل المغرب إلى مركز إقليمي وعالمي للألعاب الإلكترونية، ليس على مستوى الممارسة فحسب، بل في مجال الابتكار، والبرمجة.

وفي هذا الصدد، تقول نسرين السويسي، المسؤولة عن تطوير صناعة الألعاب الإلكترونية بوزارة الشباب والثقافة والتواصل: «هذا الشغف ليس مجرد ظاهرة مؤقتة كما يعتقد البعض، بل هو تعبير عن جيل يبحث عن هوية رقمية خاصة به، سواء من خلال اللعب التنافسي الذي يجمع الملايين، أو من خلال الإبداع في تطوير الألعاب». وأضافت: «دورنا هو تحويل هذا الحماس إلى فرص عمل، وإنجازات ملموسة من خلال توفير البنية التحتية، والتدريب اللازم لهم ليصبحوا جزءاً من هذه الصناعة».

مبادرات حكومية

وتشيد نسرين بالمبادرات التي أطلقتها الدولة لدعم القطاع الناشئ، ومنها مشروع (مدينة الألعاب الإلكترونية) في الرباط الذي بدأ في الآونة الأخيرة بالشراكة مع فرنسا بهدف توفير منصات تدريبية وإبداعية حديثة، وخلق بيئة متكاملة لدعم صناعة وتطوير الألعاب.

وتستطرد قائلة: «نحن لا نبني مدينة الألعاب على أنه مجرد مبنى، أو مشروع عقاري، بل إنه جزء من استراتيجية متكاملة لتحويل المغرب إلى مركز إقليمي وعالمي في صناعة الألعاب الإلكترونية، حيث ستكون هذه المدينة فضاء شاملاً يضم استوديوهات تطوير متطورة، ومساحات عمل مشتركة للمبرمجين، وورش عمل لمصممي الغرافيكس، وكتاب السيناريوهات، بهدف خلق 6000 فرصة عمل بحلول 2030، وإنتاج ألعاب بجودة عالمية تنافس في الأسواق الدولية، وتضع المغرب على الخريطة العالمية».

وتشرف نسرين أيضاً على (معرض المغرب لصناعة الألعاب الإلكترونية) الذي انطلق لأول مرة العام الماضي وجذب 250 مشاركاً في نسخته الأولى، لكن هذا العدد ارتفع إلى أربعة أمثال في النسخة الثانية، مما عكس اهتماماً متزايداً من المطورين المحليين والشركات الدولية.

قاعدة أوسع

تعمل الجامعة الملكية المغربية للألعاب الإلكترونية على تعزيز الجانب التنافسي بقيادة حسناء الزومي التي تقول إن «الاهتمام بالرياضات الإلكترونية في المغرب شهد تطوراً ملحوظاً في السنوات الأخيرة، حيث لاحظنا زيادة كبيرة في عدد اللاعبين، والمسابقات، والجمهور الذي يتابع هذه الفعاليات، سواء بشكل مباشر، أو عبر الإنترنت».

وأوضحت أن بطولات مثل «البطولة» و«الدوري» نمت بشكل كبير، حيث ارتفع عدد المشاركين في «الدوري» من 180 لاعباً و21 جمعية إلى أكثر من 1200 لاعب و51 جمعية، مع زيادة الألعاب من اثنتين إلى سبع.

كما ترى اللاعبة ابتسام فرحان أن الألعاب الإلكترونية تتيح الفرصة للفتيات لإبراز إمكاناتهن، إذ تقول إن «مستقبل الرياضات الإلكترونية للنساء في المغرب واعد جداً، خاصة مع تزايد عدد اللاعبات المشاركات في البطولات المحلية والدولية».

وتعتبر أن فوزها ببطولة البحر المتوسط للرياضات الإلكترونية لم يكن مجرد إنجاز شخصي، بل بداية لتحفيز جيل جديد من اللاعبات إذ تسعى إلى تغيير الصورة النمطية للمرأة في الألعاب وتصبح نموذجاً يلهم الفتيات الأخريات لاقتحام هذا المجال.

الجانب الثقافي للألعاب

ولا تجذب الألعاب الإلكترونية اللاعبات في المغرب فحسب، بل اقتحمت الفتيات مجال البرمجة، والتصميم، ومنهن سلمى محضر التي تحلم بصنع ألعاب تعكس الروح والهوية المغربية.

وقالت سلمى: «لدينا اهتمام العديد من الشبان المغاربة الذين يريدون تحويل شغفهم إلى مهنة في تطوير الألعاب، أو ببساطة تعلم مهارات إنشاء ألعاب الفيديو، مما دفعهم للانضمام إلى مجتمعات تطوير الألعاب المخصصة، مثل مجموعة (مطوري الألعاب المغاربة)، مما أظهر أن المزيد من الشبان مهتمون بصناعة الألعاب، وليس فقط لعبها». وأضافت: «من تجربتي الشخصية، تمكنت من التعرف أكثر على جغرافية وتاريخ العديد من الدول، وأرى كيف يمكن للألعاب المغربية أن تتناسب مع هذه الصورة باستخدام ثقافتنا الجميلة، وتاريخنا الغني، وجمالنا المحلي في الألعاب».

وتابعت قائلة: «لماذا لا ننشئ لعبة عن عمارتنا في المدن القديمة مثل مراكش وفاس المعروفة بتصاميمها التفصيلية، والأسواق الملونة، والمعالم التاريخية، حيث يتبع اللاعب قصة جيدة بينما يزور أماكن تاريخية مثل مسجد الكتبية، ساحة جامع الفنا، قصر الباهية في مراكش، وجامعة القرويين، المدينة، والمدرسة البوعنانية في فاس».

وختمت بالقول: «لضمان نجاح عالمي للعبة... يجب أن تتابع اتجاهات الألعاب الحديثة، ما هو جديد في الصناعة، وتستمع إلى آراء اللاعبين في كل مراجعة للعبة لفهم ما حدث من خطأ، أو ما حدث بشكل صحيح... ببساطة، يجب أن تكون شخصاً مبدعاً، تحليلياً، صبوراً ومتفهماً».

سوق واعد

وبحسب التقديرات الرسمية تبلغ قيمة سوق الألعاب المغربية 2.24 مليار درهم (نحو 230 مليون دولار)، مع التطلع لمضاعفة هذه القيمة إلى خمسة مليارات درهم بحلول 2023.

ورغم التطور السريع، والانتشار الواسع للألعاب الإلكترونية في المغرب، فإن ثمة تحديات تواجه القطاع الواعد من وجهة نظر المتخصصين.

ويقول الإعلامي المتخصص في الألعاب والرياضات الإلكترونية الطيب جبوج إن البنية التحتية للإنترنت في المغرب شهدت تطوراً كبيراً في السنوات القليلة الماضية، لا سيما في المدن الكبرى، مثل الدار البيضاء، والرباط، ومراكش، لكن لا تزال هناك تفاوتات في المناطق الريفية، أو الأقل تطوراً.

وأضاف أنه من أجل تحقيق نتائج أفضل مستقبلاً يحتاج الأمر إلى تعزيز البنية التحتية الرقمية، وتشجيع تدريب المواهب، والاستثمار في التدريب، والبحث، وإقامة أحداث رياضية إلكترونية منظمة تسمح بتوحيد مجتمع يتزايد عدده باستمرار.