تحرك أميركي لاحتواء التمدد الصيني جنوب الهادي

أكدت بكين، أمس (الثلاثاء)، أنها وقّعت على اتفاق أمني واسع مع جزر سليمان، تخشى حكومات غربية من أنه قد يوفر للجيش الصيني موطئ قدم في جنوب المحيط الهادي، ما استدعى تحركاً أميركياً لإحباط التمدد الصيني في هذه المنطقة الاستراتيجية.
ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن الناطق باسم الخارجية الصينية وانغ وينبين قوله خلال مؤتمر صحافي دوري: «وقّع وزيرا خارجية الصين وجزر سليمان رسمياً مؤخراً على الاتفاق الإطاري بشأن التعاون الأمني».
وكان تم تسريب نسخة مسودة للاتفاق في الشهر الماضي، أحدثت موجة صدمة لأنها تضمنت اقتراحات تسمح بنشر قوات الأمن والبحرية الصينية في الأرخبيل الواقع بالمحيط الهادي. كما أشارت إلى أن جزر سليمان ستسمح لبكين بإرسال قوات عسكرية إلى البلاد والقيام بزيارات منتظمة للسفن.
وأكد رئيس وزراء ماناسيه سوغافاري جزر سليمان في أوائل أبريل (نيسان) الحالي، أنه لن يسمح ببناء قاعدة عسكرية صينية في بلاده، لكن ذلك لم يكن كافياً لتهدئة مخاوف أستراليا وحلفائها. فكانبيرا وواشنطن قلقتان من بناء الصين قاعدة بحرية في جنوب المحيط الهادي من شأنها أن تسمح لها بتوسيع قوتها البحرية أبعد بكثير من حدودها.
المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية نيد برايس كان أعلن أول من أمس، أن مسؤولين أميركيين سيتوجهون إلى جزر سليمان في وقت لاحق من هذا الأسبوع، وسط مخاوف بشأن الاقتراح.
ونقلت وكالة الأنباء الألمانية عن برايس قوله: «نعتقد أن التوقيع على مثل هذا الاتفاق يمكن أن يزيد من زعزعة الاستقرار داخل جزر سليمان وسيشكل سابقة مقلقة لمنطقة جزر المحيط الهادي الأوسع».
وأوضح برايس أن الزيارة تدور حول «الشراكة» التي يمكن أن تجلبها الولايات المتحدة لشركائها في المنطقة، وقال: «سنترك لهم أن يقارنوا ما نقدمه بما قد تقدمه دول أخرى، بما في ذلك دول كبيرة إلى حد ما في المنطقة».
ولفت برايس إلى أن «الطبيعة الفضفاضة للاتفاق الأمني تترك الباب مفتوحاً لنشر» القوات العسكرية الصينية.
وقال إن «جزءاً من مهمة الزيارة المقبلة سيكون تبادل وجهات النظر وتبادل المصالح ومشاركة المخاوف».
وقالت المتحدثة باسم مجلس الأمن القومي الأميركي أدريان واتسون، إن منسق منطقة المحيطين الهندي والهادي في المجلس كيرت كامبل ومساعد وزير الخارجية لشؤون شرق آسيا والمحيط الهادي دانيال كريتنبرينك سيقودان الوفد الذي ستشمل جولته أيضاً فيجي وبابوا غينيا الجديدة.
وتقول الولايات المتحدة إنها تسعى لإظهار دعمها لجزر سليمان، الدولة التي يبلغ عدد سكانها 800 ألف نسمة وتعاني من الاضطرابات والفقر.
وزار وزير الخارجية الأميركي أنطوني بلينكن المنطقة في فبراير (شباط)، لتأكيد التزام واشنطن احتواء الصين، وتعهد بإنشاء سفارة لبلاده في هونيارا، عاصمة المحمية البريطانية السابقة.
وكانت كانبيرا أرسلت الأسبوع الماضي، وزير التنمية الدولية وشؤون المحيط الهادي زد سيسيليا إلى هونيارا، عاصمة جزر سليمان، لحضور اجتماع غير عادي مع سوغافاري الذي كان منخرطاً في حملات للانتخابات النصفية.
وطلب الوزير الأسترالي من سوغافاري «إعادة النظر بتوقيع الاتفاق»، لكن رئيس الوزراء بقي على رأيه.
ولم تقم جزر سليمان التي كانت مسرحاً لجبهة قتال في الحرب العالمية الثانية، علاقات مع الصين إلا عام 2019 بعد الابتعاد عن تايوان. وأثّر هذا القرار بصورة سلبية على جزر سليمان، ما أدى لاندلاع اضطرابات، بحيث استهدف البعض السكان من أصول صينية. وأرسلت أستراليا ونيوزيلندا قوات للمساعدة في مواجهة العنف.