مع تردي الوضع الخدمي وازدياد ساعات تقنين الكهرباء في سوريا، ارتفع معدل سرقة الكابلات الكهربائية بنسبة تصل إلى 50 في المائة، في مؤشر إلى استشراء عصابات سرقة الكابلات النحاسية التي وصل نشاطها إلى أحياء وسط العاصمة دمشق، بعد أن كانت تقتصر على المناطق النائية في الأرياف وأطراف المدن.
ومع أن ظاهرة سرقة الكابلات الكهربائية النحاسية ليست جديدة في سوريا، إلا أنها تحولت خلال الحرب إلى مهنة عرفت بـ«بالتنحيس»، ونشط فيها بشكل معلن عناصر قوات النظام والميلشيات الرديفة، في المناطق المدمرة بعد استعادة السيطرة عليها.
ولم يؤثر تراجع العمليات الحربية على تواصل هذا النشاط الاقتصادي اللاشرعي، وبوتيرة أعلى، بالتوازي مع ازدياد ساعات تقنين الكهرباء التي تتجاوز الخمس ساعات قطع مقابل أقل من ساعة تغذية في معظم المناطق السورية، ما أسهم بتمدد نشاط سارقي الكابلات نحو المناطق المأهولة ومراكز المدن، لا سيما في محافظات اللاذقية وطرطوس وحمص وريف دمشق، ليصل في الأشهر الأخيرة إلى قلب العاصمة دمشق، وإلى محيط المقرات الأمنية، ما يكبد الحكومة خسائر فادحة، في الوقت الذي تقنن فيه الكهرباء لعجزها عن تأمين الوقود اللازم لتشغيل محطات الكهرباء.
وفي تصريح للإعلام المحلي، قال أسامة شعرون، معاون المدير العام لمؤسسة نقل وتوزيع الكهرباء، إن معدل السرقات على شبكة المنخفض ارتفع لأكثر من 50 في المائة خلال الأشهر الأخيرة، كاشفاً عن انتقال ظاهرة سرقة كابلات الكهرباء إلى مراكز التحويل نحو المدن، ومن بينها دمشق، بعد أن كانت تقتصر سابقاً على الأرياف والمناطق الحرجية وخارج البلدات، حيث تم توثيق سرقات في أحياء البرامكة والقصاع ومشروع دمر وغيرها.
ولفت شعرون إلى أن معظم الفاعلين هم من أعمار صغيرة، يتم تشغيلهم من أشخاص آخرين لم يذكر أي تفاصيل إضافية حولهم. وتتكبد الحكومة السورية خسائر فادحة جراء سرقة المقاطع النحاسية للكابلات. وبحسب معاون الوزير، فإن كلفة صيانة مركز التحويل تصل أكثر من 30 مليون ليرة، في حين «يتم بيع المسروقات النحاسية من هذا المركز بعشرات الآلاف، وبالحد الأعلى مئات الآلاف».
وبحسب مديرية الكهرباء في محافظة اللاذقية، بلغت قيمة سرقات الكابلات والمحولات الكهربائية في المحافظة ملياراً و300 مليون ليرة سورية، خلال العام الماضي 2021. وتضمنت محاضر ضبط المسروقات البالغة 890 محضراً سرقة أمراس نحاسية وكابلات وقواطع ودارات، إضافة إلى محاولات سرقة محولات كهربائية.
وبلغ عدد السرقات التي تعرضت لها الشبكة الكهربائية في محافظة حمص العام الماضي نحو 300 سرقة، بقيمة مليار ليرة، وبما يعادل 40 طناً من النحاس، فيما قدر إجمالي أضرار نقل الأمراس الجديدة وتركيبها وحركة العمال بنحو ثلاثة مليارات ليرة، بحسب شركة كهرباء حمص. وفي العام ذاته بلغ وزن الكابلات النحاسية الكهربائية المسروقة في محافظة طرطوس 43 طناً.
وبحسب خبراء في قطاع الكهرباء، تحتاج سرقة الكابلات إلى معدات وسيارات نقل وعمال لديهم خبرة في تفكيك الشبكات، بالإضافة إلى ورشات تذويب وصهر، وهذا لا يمكن أن يتم من دون غض نظر من السلطات الأمنية في المناطق المأهولة والخاضعة لرقابة أمنية شديدة. وبالنظر إلى الحجم الإجمالي لمجموع السرقات، لا يمكن نفي تورط متنفذين في محيط النظام بإدارة شبكات «التنحيس».
وتواجه الحكومة صعوبات كبيرة في تعويض الكابلات الكهربائية المنهوبة، وتلجأ إلى استبدالها بخطوط من الألمنيوم، ما يتسبب بإضعاف الشبكة الكهربائية.
«عصابات التنحيس» تصل إلى قلب دمشق
«عصابات التنحيس» تصل إلى قلب دمشق
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة