المنصورة... مدينة مصرية تنام في حضن النيل وتلتحف التاريخ

كتاب جديد يوثّق بالصور بطولات مواطنيها وأماكنها التراثية

صورة نادرة للرئيس جمال عبد الناصر في المنصورة أمام محطة السكة الحديد
صورة نادرة للرئيس جمال عبد الناصر في المنصورة أمام محطة السكة الحديد
TT

المنصورة... مدينة مصرية تنام في حضن النيل وتلتحف التاريخ

صورة نادرة للرئيس جمال عبد الناصر في المنصورة أمام محطة السكة الحديد
صورة نادرة للرئيس جمال عبد الناصر في المنصورة أمام محطة السكة الحديد

تتمدد مدينة المنصورة بمحافظة الدقهلية (شمال مصر) بين جنبات النيل، لتشاهد وتسجل سير الأولين، وكيف أسهم تداخل الجغرافيا مع التاريخ هناك في صناعة نسيج حيوي أبطاله من البشر والحجر.

صورة تذكارية لطاقم مدرسي المدرسة اليونانية - مدرسة المنصورة التجريبية الآن

بعض من ذلك نبأتنا به «دار ابن لقمان» التي تركت بصمتها على أبرز قيادات الحملة الفرنسية سجيناً بين جدرانها، وما حفظته الكتب عن السلطان الأيوبي الملك الكامل محمد، ومسيرة كوكب الشرق، فضلاً عن قصص المغاربة والإيطاليين واليونانيين ومدارسهم ومؤسساتهم، بجانب ما شهدته المدينة حينها من نهضة سينمائية ومسرحية مبكرة.

عمارة «لوكاندة العائلات» في المنصورة أثناء زيارة جمال عبد الناصر

ويروي كتاب «المنصورة قصص وتاريخ»، أن هذه المدينة استمدت اسمها من الانتصارات التي وقعت على أرضها، فهناك هُزم لويس التاسع وأُسر في «دار ابن لقمان»، وبسبب فرط جمال حدائقها وروعة أشجارها عُرفت قديماً باسم «جزيرة الورد»؛ لا سيما أنها كانت محاطة بالمياه من 3 جهات، وكانت بها أكبر حدائق ورد في مصر، وتميزت بنسيج سكاني مميز اختلطت فيه الجنسيات والثقافات، مما أثرى المدينة وأكسبها طابعاً متفرداً.
ويرصد الكتاب الصادر حديثاً عن دار نشر «الإيمان» للباحث الدكتور إيهاب رجب، أبرز الأمكنة التراثية بالمدينة، كما ينقل الكثير عن النسيج السكاني بها وامتزاجه بشعوب وثقافات أخرى.

المنصورة سنة 1968

ويمثل الكتاب الحلقة الثالثة من سلسلة الكتب التي أصدرها المؤلف عن مدينته، فقد صدر له من قبل كتابَي: «حكاية شوارع المنصورة»، و«المنصورة بلد الوطنية والشهامة». يقول رجب الباحث بجامعة المنصورة لـ«الشرق الأوسط»: «إن توثيق تاريخ المدن يَلقَى اهتماماً عالمياً كبيراً؛ لدوره في إبراز عراقة تلك المدن، وما تتمتع به من إرث إنساني، وفي الوطن العربي يوجد كثير من المدن التي تمتلك تراثاً غنياً وتاريخاً زاخراً بالأحداث التي تستحق إلقاء الضوء عليها؛ خصوصاً أن معظم المدن العربية موغلة في القدم».
وتُعد المنصورة واحدة من أبرز هذه المدن؛ فهي «تتميز بتاريخ عريق ممتد يجهله كثيرون رغم أهميته»، بحسب رجب الذي يقول: «أثناء بحثي الطويل في تاريخها وما مرت به من أحداث مصيرية لمصر، وجدت أنه آن الأوان للتوثيق لها؛ حتى تكون بمثابة ذاكرة لحفظ تراث مكان يزيد عمره عن 800 عام».
ويتابع: «بخلاف معظم مدن شمال مصر التي كانت في الأصل قرى ونمت حتى تحولت إلى مدن، فإن المنصورة بدأت منذ يومها الأول كمدينة حربية؛ إذ أنشأها السلطان الأيوبي الملك الكامل محمد، كمعسكر لجيشه لمواجهة الحملة الصليبية الخامسة، إلا أن الحملة توقفت أمام المنصورة وعادت تجر أذيال الخيبة، وتيمناً بهذا الانتصار سُميت المدينة بـ«المنصورة».

«مكوجي رِجل» مهنة قديمة انقرضت في المنصورة

ويواصل: «وبعد ثلاثين سنة من هذا التاريخ، وبالتعاون مع أبنائها، استطاعت الجيوش العربية القضاء على أكبر حملة صليبية في التاريخ، والتي قادها الملك الفرنسي لويس التاسع بنفسه، وتم أسره وسجنه في مدينة المنصورة، فأصبحت المدينة لها من اسمها نصيب مرة أخرى».
ويقول بفخر: «حتى الآن هي المدينة العربية الوحيدة التي أسر بها ملك أوروبي عظيم، وهي من المدن المظلومة التي يغفلها التاريخ عنها كثيراً؛ رغم دورها في حماية الوطن العربي من خطر داهم في زمنه».
ومن خلال مائتين وثمانين صفحة، وأكثر من مائتين وخمسين صورة نادرة وحديثة في الكتاب الذي يمثل «جولة في تاريخ المنصورة وحياة من عاشوا بها» كما جاء على غلافه، يلتقي القاري الشغوف بالتاريخ ببانوراما نادرة وممتعة تطل على مساجد ومقامات وحدائق ودور السينما والمسرح بالمدينة، ويستمتع بحكايات زمن الفن الجميل، إلى جانب قصص المغاربة والإيطاليين واليونانيين ومدارسهم ومؤسساتهم فيها، كما يتطرق إلى حكايات يهود المنصورة.
يقول رجب: «اكتشفت من خلال البحث الطويل في الحجج القديمة والمراجع المتخصصة، أن نسبة ضخمة من سكان هذه المدينة من أصول عربية وأجنبية، وفي مقدمتهم القادمون من مدينتَي تلمسان بالجزائر وفاس بالمغرب، كما رصدتُ تاريخ الجاليات الأجنبية وعلاقاتهم الطيبة بالمواطنين، وتأثير كل طرف في الآخر. وفي سياق ذلك تناول الكتاب طرائف ومواقف إنسانية عديدة تخص هذا التنوع الحضاري والثقافي».
ويوضح: «اجتذبت المنصورة الأجانب مع غيرها من مدن مصر، عندما فتح محمد علي باشا للأوروبيين أبواب العمل والاستثمار في مصر؛ خصوصاً بالنسبة لهؤلاء الذين استثمروا في تصدير القطن للخارج وحققوا من ورائه ثروات ضخمة. وقد شجعت المنصورة بمُناخها الطيب وجمال معالمها الأجانب على النزوح إليها، إضافة إلى توفر وسائل الحضارة فيها، إذ كانت على سبيل المثال ثالث مدينة مصرية تدخلها الكهرباء».
ومن خلال الكتاب، نتعرف على بعض الحقائق والأحداث التاريخية، ومنها قيام الزعيم عبد الناصر بافتتاح متحف المنصورة في «دار ابن لقمان»، واحتفاله مع أهالي المدينة بعيدهم القومي، وحضوره الحفل الرياضي بملعب مدرسة ثانوية، ومن ثم حضوره مؤتمراً قومياً بها، وإلقاء خطاب للأمة العربية، وحضوره حفلاً لكوكب الشرق، عام 1960. وتتعرف على حقائق مهمة مثل دور عميد الأدب العربي في إنشاء جامعة المنصورة.
ويقدم الكتاب تفسيراً لكون المنصورة هي مدينة صناعة النجوم، ومسقط رأس أبرز فناني مصر، مثل: أم كلثوم، وفاتن حمامة، وعادل إمام، بالإضافة إلى عشرات الفنانين؛ خصوصاً من نجوم الكوميديا، ومنهم: الضيف أحمد، وأمين الهنيدي، وسهير البابلي، وحسن فايق. ويسرد كيف بدأت كوكب الشرق حياتها بالغناء في شوارع المنصورة، إلى جانب حكايات تتعلق بالفنانتين ليلي مراد ونجاة؛ يقول: «يقف وراء هذا الزخم ما شهدته المنصورة من نهضة فنية ومسرحية في وقت مبكر للغاية؛ مقارنة بجميع مدن مصر بعد القاهرة».

تأثير الزمن على البيوت القديمة لم يسلبها دفئها

ومن أكثر حكايات الكتاب ندرة وتشويقاً، هي مغامرات الجنود العرب مع الفرنسيين، وقيامهم باختطافهم عبر حيل طريفة أثناء الحملة الفرنسية، وكذلك حكاية اختباء الملك عمانويل الثالث، آخر ملوك إيطاليا، في المدينة، أواخر الحرب العالمية الثانية، ومغامرات شاب مغربي فقير نجح أن يصبح على رأس قائمة الأثرياء.
ويرجع الكتاب سبب ارتفاع نسبة الجمال الذي تشتهر به فتيات المنصورة، بتمركز أبناء بعض القبائل الشركسية من أصحاب الملامح الجميلة والبشرة البيضاء بها، وتعدد الزيجات مع سكانها.
إلى جانب اطلاع المؤلف ابن المنصورة على الكتب والصحف المصرية والإنجليزية والفرنسية التي جاء ذكر المدينة بها، والخرائط والحجج والوثائق القديمة للمساجد والبيوت، والكشوف الرسمية العتيقة، قام أيضاً بالغوص في أحياء المدينة عبر جولات متعددة، وإجراء لقاءات مطولة مع السكان، لا سيما كبار السن ومن لديهم حكايات عن الأجداد. ومن الطريف أنه أثناء رحلة بحثه توصل إلى الكثير عن تاريخ عائلته وجيرانه وأصدقائه.



«يوم 13» يطارد «هارلي» في سباق إيرادات «الفطر السينمائي» بمصر

أحمد داود في لقطة من الفيلم
أحمد داود في لقطة من الفيلم
TT

«يوم 13» يطارد «هارلي» في سباق إيرادات «الفطر السينمائي» بمصر

أحمد داود في لقطة من الفيلم
أحمد داود في لقطة من الفيلم

حقق فيلم الرعب والإثارة «يوم 13» مفاجأة خلال الأيام الماضية في شباك التذاكر بمصر، حيث حصد أعلى إيراد يومي متفوقاً على فيلم «هارلي» لمحمد رمضان، الذي لا يزال محتفظاً بالمركز الأول في مجمل إيرادات أفلام موسم عيد الفطر محققاً ما يزيد على 30 مليون جنيه مصري حتى الآن (نحو مليون دولار أميركي)، بينما يطارده في سباق الإيرادات «يوم 13» الذي حقق إجمالي إيرادات تجاوزت 20 مليون جنيه حتى الآن.
ويعد «يوم 13» أول فيلم عربي بتقنية ثلاثية الأبعاد، وتدور أحداثه في إطار من الرعب والإثارة من خلال عز الدين (يؤدي دوره الفنان أحمد داود) الذي يعود من كندا بعد سنوات طويلة باحثاً عن أهله، ويفاجأ بعد عودته بالسمعة السيئة لقصر العائلة المهجور الذي تسكنه الأشباح، ومع إقامته في القصر يكتشف مغامرة غير متوقعة. الفيلم من تأليف وإخراج وائل عبد الله، وإنتاج وتوزيع شركته وشقيقه لؤي عبد الله «أوسكار»، ويؤدي بطولته إلى جانب أحمد داود كل من دينا الشربيني، وشريف منير، وأروى جودة، كما يضم عدداً من نجوم الشرف من بينهم محمود عبد المغني، وفرح، وأحمد زاهر، ومحمود حافظ، وجومانا مراد، ووضع موسيقاه هشام خرما.
وقال مخرج الفيلم وائل عبد الله في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إنه ليس متفاجئاً بالإيرادات التي حققها الفيلم، ولكنه كان متخوفاً من الموسم نفسه ألا يكون جيداً، قائلاً إن «إقبال الجمهور حطم مقولة إن جمهور العيد لا يقبل إلا على الأفلام الكوميدية، وإنه يسعى للتنوع ولوجود أفلام أخرى غير كوميدية، وإن الفيصل في ذلك جودة الفيلم، مؤكداً أن الفيلم احتل المركز الأول في الإيرادات اليومية منذ انتهاء أسبوع العيد».
وكشف عبد الله أن الفيلم استغرق عامين، خلاف فترات التوقف بسبب جائحة كورونا، وأنه تضمن أعمال غرافيك كبيرة، ثم بعد ذلك بدأ العمل على التقنية ثلاثية الأبعاد التي استغرق العمل عليها عشرة أشهر كاملة، مؤكداً أنه درس طويلاً هذه التقنية وأدرك عيوبها ومميزاتها، وسعى لتلافي الأخطاء التي ظهرت في أفلام أجنبية والاستفادة من تجارب سابقة فيها.
وواصل المخرج أنه كان يراهن على تقديم الفيلم بهذه التقنية، لا سيما أن أحداً في السينما العربية لم يقدم عليها رغم ظهورها بالسينما العالمية قبل أكثر من عشرين عاماً، موضحاً أسباب ذلك، ومن بينها ارتفاع تكلفتها والوقت الذي تتطلبه، لذا رأى أنه لن يقدم على هذه الخطوة سوى أحد صناع السينما إنتاجياً وتوزيعياً، مشيراً إلى أن «ميزانية الفيلم وصلت إلى 50 مليون جنيه، وأنه حقق حتى الآن إيرادات وصلت إلى 20 مليون جنيه».
ورغم عدم جاهزية بعض السينمات في مصر لاستقبال الأفلام ثلاثية الأبعاد، فقد قام المخرج بعمل نسخ «2 دي» لبعض دور العرض غير المجهزة، مؤكداً أن استقبال الجمهور في القاهرة وبعض المحافظات للفيلم لم يختلف، منوهاً إلى أن ذلك سيشجع كثيراً على تقديم أفلام بتقنية ثلاثية الأبعاد في السينما العربية.