ولد الشيخ يجري مشاورات في صنعاء وسط مخاوف اليمنيين من اختراق الهدنة

هادي: تآمر طهران واضح في المنطقة.. و«عاصفة الحزم» منعت ارتماء اليمن في الحضن الإيراني

يمنيون يعودون إلى اليمن عبر مطار صنعاء أمس (أ.ف.ب)
يمنيون يعودون إلى اليمن عبر مطار صنعاء أمس (أ.ف.ب)
TT

ولد الشيخ يجري مشاورات في صنعاء وسط مخاوف اليمنيين من اختراق الهدنة

يمنيون يعودون إلى اليمن عبر مطار صنعاء أمس (أ.ف.ب)
يمنيون يعودون إلى اليمن عبر مطار صنعاء أمس (أ.ف.ب)

سجلت في اليوم الأول للهدنة الإنسانية في اليمن، عدد من الخروقات التي أقدمت عليها الميليشيات الحوثية، في الوقت الذي تسود المخاوف الشارع اليمني من اختراق الهدنة وعودة الاشتباكات مجددا، بعد نحو شهرين من المواجهات المسلحة التي أضرت كثيرا بالشعب اليمني، وقالت مصادر في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»: إن «الحوثيين ارتكبوا بعض الخروقات، منها إطلاق عدد من القذائف على نجران وجازان في المملكة العربية السعودية»، حسبما أعلنت قوات التحالف، إضافة إلى تكثيف القصف العنيف على محافظة الضالع في جنوب البلاد، إضافة إلى تجدد الاشتباكات في محافظة شبوة، بين المقاومة الشعبية، من جهة، والميليشيات الحوثية والقوات الموالية للرئيس السابق علي عبد الله صالح، من جهة أخرى، في الوقت الذي قال فيه الحوثيون إن «طيران التحالف حلق على محافظة صعدة وأجزاء من العاصمة صنعاء».
وتزامنت هذه الخروقات مع المباحثات التي يجريها المبعوث الدولي الجديد إلى اليمن، إسماعيل ولد الشيخ أحمد، مع قيادات في حركة «أنصار الله» الحوثية وشخصيات سياسية أخرى في صنعاء بشأن تثبيت الهدنة والعودة إلى الحوار السياسي، ويحيط الحوثيون تحركات المبعوث الأممي بنوع من السرية والتكتيم الشديد، وضمن الشخصيات التي التقاها ولد الشيخ، الشيخ محمد علي أبو لحوم، رئيس حزب العدالة والبناء، وقالت مصادر مطلعة لـ«الشرق الأوسط» إن «اللقاء بين ولد الشيخ وأبو لحوم، تركز على ثلاث نقاط رئيسية هي: تثبيت الهدنة وتمديدها بعد انتهائها، والتخفيف على المواطن اليمني جراء ما يعانيه من حصار في المواد الغذائية والمشتقات النفطية، والنقطة الثالثة والأهم وهي مسألة استئناف الحوار السياسي»، حيث ذكرت المصادر أنه جرى بحث استئناف الحوار على أساس أنه المرجع الوحيد لليمنيين، وأن الفترة الماضية لا بد وأن تكون درسا يتعلم منه الجميع، إضافة إلى أن النقاشات تطرقت إلى جملة القضايا المتصلة بمكان انعقاد الحوار والآلية التي سوف تتبع، لكن دون الخوض في التفاصيل العميقة، والتقى ولد الشيخ في صنعاء، بقيادات في حزب المؤتمر الشعبي العام الذي يتزعمه المخلوع علي عبد الله صالح، وقالت مصادر إعلامية في الحزب إنه التقى عارف الزوكا، أمين عام الحزب، والأمينين العامين المساعدين، ياسر العواضي، وفائقة السيد وعددا آخر من قيادات الحزب، وحسب موقع «المؤتمر نت» الناطق باسم الحزب، فقد رحبت قيادات المؤتمر الشعبي بـ«الهدنة للأغراض الإنسانية وأن تكون بداية يبنى عليها للوصول إلى سلام دائم والانتقال بالعملية السياسية إلى مرحلة الحوار بين كل الأطراف»، وأكدوا أنهم سيقدمون كل ما لديهم من دعم لإنجاح جهود الأمم المتحدة في هذا الجانب وكذا جهود المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة، وأضافت ذات المصادر أن قيادات حزب المؤتمر أعربت عن أملها في أن تنجح كل الجهود الرامية إلى تثبيت الهدنة والعمل على تمديدها وبما يكفل وصول السفن التجارية التي تحمل كميات كافية من الاحتياجات والمواد المطلوبة للبلد وعدم الاكتفاء بمواد الإغاثة المقدمة من بعض المنظمات الدولية كون ذلك لن يكفي لسد الاحتياجات الكبيرة للشعب اليمني الذي خلفته فترة الحصار والتي قاربت الشهرين.
وعلمت «الشرق الأوسط» من مصادر سياسية يمنية مطلعة في صنعاء أن الحوثيين وحليفهم الرئيس السابق علي عبد الله صالح وحزبه المؤتمر الشعبي العام، يطالبون برعاية الأمم المتحدة لحوار بين الأطراف اليمنية في جنيف، في حين توقعت مصادر لـ«الشرق الأوسط» أن يغادر ولد الشيخ اليمن اليوم، وذكرت المصادر أنه سوف يعود بعد بضعة أيام لمواصلة مشاوراته مع بقية الأطراف في صنعاء، في إشارة إلى أنه أنهى زيارته الأولى إلى صنعاء، دون أن يعلن عن أي نتائج حققها، حتى الآن.
في هذه الأثناء، تفاءل المواطنون اليمنيون بالهدنة التي بدأ سريانها، حيث شكلت الهدنة فرصة لكثير من سكان العاصمة للنزوح من بعض الأحياء القريبة من مواقع المعسكرات ومخازن الأسلحة، إلى أحياء أخرى، وبعض السكان شوهدوا، أمس، وهم يغادرون العاصمة، رغم الانعدام شبه التام لوسائل المواصلات، وفي السياق ذاته، أعرب مواطنون لـ«الشرق الأوسط» عن مخاوفهم من محاولات إيران إرسال تعزيزات للحوثيين عن طريق البحر على اعتبار أنها مساعدات إنسانية، وأبدى المواطنون استغرابهم لإصرار إيران على خرق الحظر المفروض على المياه اليمنية وعدم قبولها بأن تفتش سفينتها من قبل قوات التحالف أو أن تتعامل مع الهيئات الإغاثية المختصة في جيبوتي، كما فعلت الكثير من الدول التي ترغب في مساعدة الشعب اليمني، وحظي هذا الموضوع بنقاشات واسعة في وسائل التواصل الاجتماعي، حيث طرحت مقترحات باستقبال السفينة الإيرانية بلافتة كبيرة يكتب عليها «شكرا إيران.. يكفي جيهان 1 و2»، في إشارة إلى السفينتين الإيرانيتين «جيهان 1» و«جيهان 2» اللتين ضبطتا، قبل فترة، في المياه اليمنية وهي تحمل كميات كبيرة من الأسلحة إلى المتمردين الحوثيين.
من ناحية ثانية، أشاد الرئيس اليمني، عبد ربه منصور هادي بمواقف المملكة العربية السعودية بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود مع أشقائهم اليمنيين في الأزمة الحالية التي يعانون منها، وأكد رئيس الجمهورية أن مبادرات خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود محل تقدير كل مواطن يمني، وقال: إن «الجمهورية اليمنية تعيش أيامًا عصيبة، كان من الممكن تفاقمها واستحالة حلها، لولا الوقفة الحازمة لخادم الحرمين الشريفين وقادة دول مجلس التعاون الخليجي، وعدم إغفالهم للعمل الإنساني، الذي يتواصل تقديمه من المملكة وباقي دول المجلس والدول العربية والخيرين من مختلف دول العالم»،
وحسبما نقلت عنه وكالة الأنباء اليمنية الرسمية (سبأ)، فقد أوضح الرئيس اليمني أن «تآمر إيران واضح في المنطقة، بدليل دعمها للميليشيات الحوثية في اليمن من خلال السفن المحملة بالأسلحة»، مؤكدًا أن اليمن في الوضع الحالي يحتاج إلى دعم إخوانه وأشقائه.



دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
TT

دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)

مع توجّه الحكومة اليمنية بطلب إلى الأمم المتحدة لعقد مؤتمر للمانحين لجهة دعم خطة الاستجابة الإنسانية في البلاد، بعد تزايد الاحتياجات الإنسانية الملحَّة، جددت منظمات دولية وأممية الدعوة إلى زيادة التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية.

وفي حين تواصل الجماعة الحوثية إعاقة جهود الإغاثة في البلاد، ذكر الإعلام الرسمي أن سفير اليمن لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أكد على ضرورة أن تظل الأزمة الإنسانية في اليمن على رأس أولويات الأمم المتحدة والمجتمع الدولي للحد من المعاناة المتزايدة، داعياً إلى تكثيف الجهود للإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المختطَفين والمعتقَلين، ومحاسبة المسؤولين عن مختلف الانتهاكات، في إشارة إلى الجماعة الحوثية.

وفي بيان اليمن أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، خلال الجلسة الخاصة بتعزيز تنسيق المساعدات الإنسانية والإغاثية، حذَّر السعدي المجتمع الدولي من خطورة تجاهل الانتهاكات التي ترتكبها الجماعة الحوثية لخدمة أجندتها السياسية، بما في ذلك استخدام المساعدات الإنسانية لخدمة أهدافها العسكرية وتحويل المناطق الخاضعة لسيطرتها إلى سجون لمن يعارضونها.

أكثر من 19 مليون يمني بحاجة إلى المساعدات خلال العام المقبل حسب تقديرات أممية (الأمم المتحدة)

وأعاد البيان اليمني التذكير بأهمية نقل مقرات الوكالات الأممية والمنظمات الدولية إلى العاصمة المؤقتة عدن لضمان سلامة العاملين في المجال الإنساني، وتوفير بيئة آمنة للعمل بعيداً عن التدخلات؛ ما يساهم في تحسين القدرة على إيصال المساعدات إلى الفئات المحتاجة في مختلف المناطق. وتتهم الحكومة اليمنية وأوساط إغاثية وحقوقية محلية وأممية ودولية الجماعة الحوثية بالاستمرار في اختطاف العاملين بالمجال الإغاثي، وتبني حملات إعلامية مسيئة للعمل الإنساني، ورفض الاستجابة لطلبات عائلات المختطفين بالسماح بزيارتهم والاطمئنان على صحتهم الجسدية والنفسية، وتقديم الرعاية لهم.

سوء التنظيم والتخطيط

وجدَّدت الحكومة اليمنية التذكير بالأضرار الكبيرة التي تسببت بها الفيضانات والسيول التي ضربت عدة مناطق يمنية هذا العام، إلى جانب مختلف التطرفات المناخية التي ضاعفت من الآثار الناجمة عن الحرب في مفاقمة الأوضاع الإنسانية والاقتصادية؛ ما زاد من أهمية وضرورة تكثيف دعم المجتمع الدولي لليمن في مواجهة هذه التحديات.

جهات دولية تتهم الجماعة الحوثية بإعاقة أعمال الإغاثة بعد اختطاف موظفي المنظمات (رويترز)

ولا يتوقع جمال بلفقيه رئيس اللجنة العليا للإغاثة في الحكومة اليمنية أن يكون الدعم كبيراً أو كافياً لمواجهة مختلف المتطلبات والاحتياجات، مشيراً إلى أن عملية حشد الأموال لا بد أن تقترن بكيفية تنظيم إدارة العمل الإنساني والإغاثي، وخلق شراكة حقيقية بين الحكومة اليمنية والقطاع الخاص، والمنظمات المحلية والجهات الإغاثية الحالية، لإيصال المساعدات.

وفي حديثه لـ«الشرق الأوسط»، يصف بلفقيه الأزمة الإنسانية في بلاده بالأشد قسوة؛ ما يجعل من غير الممكن على اليمنيين الصمود أمام متطلبات معيشتهم، في ظل استمرارها وتصاعدها، منوهاً بأن حجم الأموال التي يمكن الحصول عليها ليس مهماً إذا لم يتم تنظيم عمليات الإغاثة للوصول بكفاءة إلى كل المستحقين.

وانتقد بلفقيه، وهو أيضاً مستشار وزير الإدارة المحلية، التوجهات الأممية الموسمية لزيادة التمويل، عند نهاية عام وبداية عام جديد، مع غياب التخطيط والتنظيم الفاعلين، وعدم مراعاة الاحتياجات المحلية للمتضررين من الأزمة الإنسانية في كل محافظة.

فيضانات الصيف الماضي في اليمن فاقمت من الأزمة الإنسانية وزادت من احتياجات الإغاثة (الأمم المتحدة)

من جهتها، أكدت منظمة «هيومن رايتس ووتش» أن اليمن أصبح يعيش «واحدة من أكبر الأزمات الإنسانية في العالم»، وفقاً لبيانات الأمم المتحدة؛ ما يزيد من احتياجات التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية، بما فيها الغذاء والمياه والإمدادات الطبية.

واتهمت المنظمة، في بيان حديث لها، الجماعة الحوثية، باحتجاز وإخفاء 17 شخصاً على الأقل من موظفي الأمم المتحدة، بالإضافة إلى عشرات الموظفين من المنظمات غير الحكومية ومنظمات المجتمع المدني والشركات الخاصة، ومواصلة احتجازهم دون تهم.

إيقاف التمويل

نقلت «هيومن رايتس ووتش» عن الأمم المتحدة، أن 24.1 مليون يمني، أي ما يساوي 80 في المائة من السكان، بحاجة إلى المساعدات الإنسانية والحماية».

ونبهت المنظمة الدولية إلى أن الحكومة السويدية أقرَّت، أواخر الشهر الماضي، «الإنهاء التدريجي» لمساعداتها الإنمائية لليمن، على خلفية الإجراءات التدميرية المتزايدة للجماعة الحوثية في الأجزاء الشمالية من اليمن، ومنها اختطاف موظفي الأمم المتحدة.

كما دعت الأمم المتحدة والمجتمع الدولي تصعيد مطالبة الحوثيين بالإفراج عن المعتقلين، وتنسيق جهودهما بشكل أفضل في هذا الهدف المشترك. وقالت: «يجب أن تضاعف وكالات الأمم المتحدة الجهود لحماية ودعم موظفيها المتبقين في اليمن».

رغم تراجع تمويل الإغاثة في اليمن لا تزال وكالات أممية تقدم مساعدات للنازحين والمحتاجين (الأمم المتحدة)

ويتفق الباحث الاقتصادي، عادل السامعي، مع مسؤول الإغاثة اليمني، بلفقيه، حول سوء إدارة أموال الإغاثة في اليمن، وتسبب ذلك في حلول جزئية ومؤقتة للأزمة الإنسانية في البلاد. ويوضح السامعي لـ«الشرق الأوسط» أن هناك تراجعاً ملحوظاً في تمويل خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن بسبب «الفساد» الذي أضر بالعملية الإغاثية وتجيير كثير من أوجه الدعم والمساعدات لصالح الجماعة الحوثية.

ويلفت إلى أن هناك تراكماً للفجوات بين الاحتياجات التي تفرضها الأزمة الإنسانية في اليمن والتمويل الموجَّه لها؛ فبعد أن كانت متطلبات الاستجابة الإنسانية خلال الـ12 عاماً الماضية تزيد على 33 مليار دولار، جرى تحصيل أقل من 20 مليار دولار فقط.

وخلال الأسبوع الماضي، كشفت الأمم المتحدة عن حاجتها إلى 2.5 مليار دولار لدعم خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن خلال العام المقبل (2025).

بسبب اختطاف الجماعة الحوثية موظفي الإغاثة في اليمن تراجعت عدد من الدول عن تمويل الاستجابة الإنسانية (أ.ف.ب)

وحذَّر «مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)»، في بيان له، من أن الظروف المعيشية لمعظم اليمنيين ستظل مزرية في عام 2025. ومن المتوقَّع أن تؤدي فرص كسب العيش المحدودة وانخفاض القدرة الشرائية إلى تعميق عدم الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي.

ووفقاً للمكتب الأممي، فإن 19.54 مليون شخص في اليمن بحاجة إلى المساعدة خلال العام المقبل، من بينهم 17 مليون شخص (49 في المائة من السكان) سيواجهون انعدام الأمن الغذائي الشديد، مع معاناة 5 ملايين شخص من ظروف «الطوارئ». بينما يؤثر سوء التغذية الحاد على نحو 3.5 مليون شخص، بمن في ذلك أكثر من 500 ألف شخص يعانون من سوء التغذية الحاد الشديد.