استنفار حوثي في صنعاء تخوفاً من اتساع الغضب الشعبي

مظاهرات جنوب العاصمة طالبت برحيل الانقلابيين والفاسدين

طفل يمني يحضِّر الإفطار على الفحم بأحد الأسواق في صنعاء في وقت تعيش فيه العاصمة ارتفاعاً في الأسعار شمل كل مناحي الحياة (إ.ب.أ)
طفل يمني يحضِّر الإفطار على الفحم بأحد الأسواق في صنعاء في وقت تعيش فيه العاصمة ارتفاعاً في الأسعار شمل كل مناحي الحياة (إ.ب.أ)
TT

استنفار حوثي في صنعاء تخوفاً من اتساع الغضب الشعبي

طفل يمني يحضِّر الإفطار على الفحم بأحد الأسواق في صنعاء في وقت تعيش فيه العاصمة ارتفاعاً في الأسعار شمل كل مناحي الحياة (إ.ب.أ)
طفل يمني يحضِّر الإفطار على الفحم بأحد الأسواق في صنعاء في وقت تعيش فيه العاصمة ارتفاعاً في الأسعار شمل كل مناحي الحياة (إ.ب.أ)

كشفت مصادر مطلعة لـ«الشرق الأوسط» في العاصمة اليمنية صنعاء، أن الميليشيات الحوثية كثفت لليوم الثالث على التوالي من انتشارها الأمني والاستخباراتي بمعظم الشوارع الرئيسية والفرعية، وعلى مستوى الأحياء ومداخل ومخارج العاصمة، تحسباً لخروج أي تظاهرات جديدة غاضبة تطالب برحيلها، وذلك عقب خروج مواطنين مساء الجمعة الماضي في مسيرة احتجاجية بمنطقة دار سلم، التابعة إدارياً لمديرية سنحان جنوبي العاصمة، تنديداً بسياسات الفساد والعبث الحوثية وافتعال الأزمات ورفع أسعار الوقود وغاز الطهي ومختلف السلع، لتسارع الجماعة إلى فرض حالة من الاستنفار الأمني داخل العاصمة ومحيطها؛ حيث نشرت عشرات المدرعات والعربات الأمنية والعسكرية وعناصرها المسلحين، تخوفاً من اندلاع أي انتفاضة شعبية ضدها؛ وفق تأكيدات المصادر ذاتها.
وأوضحت المصادر أن حالة الاستنفار الحوثية تلك عمَّت معظم مديريات العاصمة ومرافقها، مع إغلاق كل الشوارع المؤدية إلى دار سلم، للحيلولة دون توسع الاحتجاجات المناوئة للوجود الميليشياوي. وكان العشرات من المواطنين بينهم عمال أجر يومي وموظفون حكوميون نهبت الميليشيات مرتباتهم، نظموا مسيرات احتجاجية غاضبة طافت شوارع عدة واستقرت في جولة دار سلم، رفضاً لوجود الميليشيات وسياسات الفساد والنهب والتجويع.
وبحسب ما أكده شهود لـ«الشرق الأوسط»، فقد هتف جموع المحتجين لحظة اندلاع التظاهرة بشعارات مناوئة للحوثيين، ومطالبة برحيلهم، ومنددة برفعهم مؤخراً أسعار الوقود والغاز المنزلي، وتسببها في توقف كافة الخدمات، واستمرار ارتكاب عناصرها جرائم قمع وبطش وتنكيل بحق ملايين اليمنيين.
وأفاد الشهود بأن المتظاهرين الذين هتفوا بشعارات من قبيل: «لا حوثي بعد اليوم» و«ارحل يا حوثي» قطعوا خلال احتجاجهم خطوط السير بالمنطقة، داعين للخروج بانتفاضة عارمة رفضاً للممارسات الحوثية التي قادت –بحسبهم- إلى تدهور أوضاعهم المعيشية، وجعلتهم يعانون منذ 8 أعوام أشد الويلات والحرمان من أبسط الحقوق والخدمات. وأشاروا إلى أن الحوثيين سارعوا عقب اندلاع التظاهرة إلى تعزيز المنطقة بأعداد من مسلحيها الذين باشروا تفريق المحتجين مستخدمين الرصاص الحي والهراوات، معتبرين أن تلك التظاهرة تأتي متزامنة مع ما تعيشه حالياً العاصمة المحتلة صنعاء من حالة غليان شعبي غير مسبوق، قد تنذر في أي لحظة بالانفجار في وجه الجماعة.
وليست هذه المرة الأولى التي يعبر فيها اليمنيون القابعون تحت سيطرة وحكم الانقلابيين عن رفضهم القاطع لاستمرار الوجود الحوثي في مناطقهم؛ حيث سبق ذلك انتشار كتابات جدارية في الشوارع وعلى مباني مؤسسات حكومية، وخصوصاً في صنعاء ومدن إب وذمار والبيضاء وعمران وحجة وريمة، وغيرها، جميعها مطالبة برحيل الجماعة.
وكانت مصادر محلية قد تحدثت لـ«الشرق الأوسط»، عن أن العاصمة صنعاء شهدت على مدى شهر مارس (آذار) الماضي استنفاراً أمنياً كبيراً؛ حيث استحدثت الميليشيات نقاط تفتيش واسعة بأحياء وشوارع متفرقة، على خلفية انتشار كتابات جدارية تطالب برحيلها عن العاصمة وبقية المدن تحت سيطرتها. وعد مراقبون محليون انتشار تلك الكتابات الجدارية وسيلة جديدة لدى كثير من اليمنيين المغلوبين على أمرهم، للتعبير عن سخطهم واستيائهم حيال تدهور كافة الأوضاع في مدنهم بفعل استمرار سلوك الجماعة.
وكانت الميليشيات الحوثية الموالية لإيران قد اعترفت قبل أسابيع، بأن ما تشهده العاصمة ومدن أخرى تحت سيطرتها يؤكد وجود «غليان شعبي» ضدها وليس مجرد سخط؛ حيث أوعزت إلى وسائل إعلامها بترهيب السكان ووصف غضبهم بأنه يصب في مصلحة الحكومة الشرعية والتحالف الداعم لها.
يشار إلى أن الميليشيات الحوثية تعمدت طيلة السنوات الماضية افتعال أزمات وقود خانقة في صنعاء، ما تسبب في شل الحركة بالعاصمة المختطفة وبقية المدن اليمنية تحت سيطرتها. وقبل أكثر من أسبوعين وصل سعر صفيحة البنزين عبوة 20 لتراً إلى ما يعادل 50 دولاراً للمرة الأولى في تاريخ البلاد.


مقالات ذات صلة

قيود حوثية جديدة تستهدف طالبات كُبرى الجامعات اليمنية

المشرق العربي طالبات جامعة صنعاء في مواجهة قيود حوثية جديدة (غيتي)

قيود حوثية جديدة تستهدف طالبات كُبرى الجامعات اليمنية

بدأت الجماعة الحوثية إجراءات جديدة لتقييد الحريات الشخصية للطالبات الجامعيات والتضييق عليهن، بالتزامن مع دعوات حقوقية لحماية اليمنيات من العنف.

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
المشرق العربي رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني ونائبه خلال استقبال المبعوث الأميركي والسفير فاجن... الاثنين (سبأ)

جهود إقليمية ودولية لإطلاق عملية سياسية شاملة في اليمن برعاية أممية

شهدت العاصمة السعودية، الرياض، في اليومين الماضيين، حراكاً دبلوماسياً نشطاً بشأن الملف اليمني، ركَّز على الجهود الإقليمية والدولية لخفض التصعيد.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي جانب من سور أكبر المستشفيات في العاصمة صنعاء وقد حولته الجماعة الحوثية معرضاً لصور قتلاها (الشرق الأوسط)

نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

تتزايد أعداد القتلى من قيادات الجماعة الحوثية الذين يجري تشييعهم دون الإشارة إلى أماكن سقوطهم، بالتوازي مع مقتل مشرفين حوثيين على أيدي السكان.

وضاح الجليل (عدن)
أوروبا مدنيون يرتدون زياً عسكرياً يشاركون في تدريب عسكري من قبل جنود أوكرانيين في كييف (أ.ف.ب)

تقرير: بمساعدة الحوثيين... روسيا تجند يمنيين للقتال في أوكرانيا

أفاد تقرير صحافي أن روسيا تقوم بتجنيد رجال من اليمن لإرسالهم إلى الجبهة في أوكرانيا بمساعدة من الحوثيين في اليمن.

«الشرق الأوسط» (لندن )
العالم العربي مالكو الكسارات في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية يشتكون من الابتزاز والإتاوات (فيسبوك)

حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

فرضت الجماعة الحوثية إتاوات جديدة على الكسارات وناقلات حصى الخرسانة المسلحة، وأقدمت على ابتزاز ملاكها، واتخاذ إجراءات تعسفية؛ ما تَسَبَّب بالإضرار بقطاع البناء.

«الشرق الأوسط» (صنعاء)

حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
TT

حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)

فرضت الجماعة الحوثية خلال الأيام الماضية إتاوات جديدة على مُلاك مناجم الحجارة وسائقي ناقلات الحصى المستخدم في الخرسانة المسلحة في العاصمة المختطفة صنعاء ومدن أخرى؛ ما تَسَبَّبَ أخيراً في ارتفاع أسعارها، وإلحاق أضرار في قطاع البناء والتشييد، وزيادة الأعباء على السكان.

وذكرت مصادر محلية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، أن قيادات حوثية تُدير شؤون هيئة المساحة الجيولوجية والثروات المعدنية الخاضعة لسيطرة الجماعة، فرضت زيادة سعرية مفاجئة على ناقلات الحصى تتراوح ما بين 300 و330 دولاراً (ما بين 160 ألفاً و175 ألف ريال) لكل ناقلة.

ووصل إجمالي السعر الذي يُضطر مُلاك مناجم الحجارة وسائقو الناقلات إلى دفعه للجماعة إلى نحو 700 دولار (375 ألف ريال)، بعد أن كان يقدر سعرها سابقاً بنحو 375 دولاراً (200 ألف ريال)، حيث تفرض الجماعة سعراً ثابتاً للدولار بـ 530 ريالاً.

مالكو الكسارات في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية يشتكون من الابتزاز والإتاوات (فيسبوك)

وتذهب الزيادة المفروضة، وفقاً للمصادر، لمصلحة أحد المشرفين الحوثيين، الذي يُكنى بـ«الجمل»، ويواصل منذ أيام شن مزيد من الحملات التعسفية ضد مُلاك كسارات وسائقي ناقلات بصنعاء وضواحيها، لإرغامهم تحت الضغط والترهيب على الالتزام بتعليمات الجماعة، وتسديد ما تقره عليهم من إتاوات.

واشتكى مُلاك كسارات وسائقو ناقلات في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، من حملات الابتزاز الحوثي لفرض الزيادة المفاجئة في أسعار بيع ونقل الخرسانة المستخدمة في البناء والتشييد، ما يزيد من أعبائهم ومعاناتهم.

وقال بعضهم إن الجماعة لم تكتفِ بذلك، لكنها فرضت إتاوات أخرى عليهم تحت أسماء متعددة منها تمويل تنظيم الفعاليات بما تسمى ذكرى قتلاها في الحرب، ورسوم نظافة وتنمية مجتمعية وأجور مشرفين في الجماعة بذريعة تنفيذ الرقابة والمتابعة والإشراف على السلامة البيئية.

وتحدث مالك كسارة، اشترط إخفاء اسمه، عن لجوئه وآخرين يعملون في ذلك القطاع، لتقديم عدة شكاوى لسلطة الانقلاب للمطالبة بوقف الإجراءات التعسفية المفروضة عليهم، لكن دون جدوى، وعدّ ذلك الاستهداف لهم ضمن مخطط حوثي تم الإعداد له مسبقاً.

الإتاوات الجديدة على الكسارة وناقلات الحصى تهدد بإلحاق أضرار جديدة بقطاع البناء (فيسبوك)

ويتهم مالك الكسارة، المشرف الحوثي (الجمل) بمواصلة ابتزازهم وتهديدهم بالتعسف والإغلاق، عبر إرسال عناصره برفقة سيارات محملة بالمسلحين لإجبارهم بالقوة على القبول بالتسعيرة الجديدة، كاشفاً عن تعرُّض عدد من سائقي الناقلات خلال الأيام الماضية للاختطاف، وإغلاق نحو 6 كسارات لإنتاج الحصى في صنعاء وضواحيها.

ويطالب مُلاك الكسارات الجهات الحقوقية المحلية والدولية بالتدخل لوقف التعسف الحوثي المفروض على العاملين بذلك القطاع الحيوي والذي يهدد بالقضاء على ما تبقى من قطاع البناء والتشييد الذي يحتضن عشرات الآلاف من العمال اليمنيين.

وسبق للجماعة الحوثية، أواخر العام قبل الفائت، فتح مكاتب جديدة تتبع هيئة المساحة الجيولوجية والثروات المعدنية الخاضعة لها، في أغلبية مناطق سيطرتها بغية التضييق على مُلاك الكسارات وسائقي ناقلات الحصى، ونهب أموالهم.

وأغلقت الجماعة الحوثية عبر حملة استهداف سابقة نحو 40 كسارة في محافظات صنعاء وعمران وحجة وإب والحديدة وذمار، بحجة مخالفة قانون المناجم، رغم أنها كانت تعمل منذ عقود وفق القوانين واللوائح المنظِّمة لهذا القطاع.

إتاوات جديدة فرضتها الجماعة الحوثية على ناقلات الحصى المستخدم في الخرسانة المسلحة (فيسبوك)

وسبق أن فرضت الجماعة في ديسمبر (كانون الأول) من العام قبل الماضي، على مُلاك المناجم في صنعاء وبقية المناطق رسوماً تقدر بـ 17 دولاراً (8900 ريال) على المتر الواحد المستخرج من الحصى، والذي كان يباع سابقاً بـ5 دولارات ونصف الدولار (2900 ريال) فقط.

وتفيد المعلومات بإقدامها، أخيراً، على مضاعفة الرسوم المفروضة على سائقي ناقلات الحصى، إذ ارتفعت قيمة الرسوم على الناقلة بحجم 16 متراً، من 181 دولاراً (64 ألف ريال)، إلى 240 دولاراً (128 ألف ريال)، في حين ارتفع سعر الحمولة ليصل إلى 750 دولاراً، (400 ألف ريال).