المتمردون في مالي يوقعون اليوم بالأحرف الأولى على اتفاق السلام في الجزائر

وزير الأوقاف الجزائري: حركات التطرف تسعى لزعزعة المرجعية الدينية للمواطنين

المتمردون في مالي يوقعون اليوم بالأحرف الأولى على اتفاق السلام في الجزائر
TT

المتمردون في مالي يوقعون اليوم بالأحرف الأولى على اتفاق السلام في الجزائر

المتمردون في مالي يوقعون اليوم بالأحرف الأولى على اتفاق السلام في الجزائر

أعلن المتحدث باسم وزارة الخارجية الجزائرية، أمس، أن المتمردين الطوارق بشمال مالي سيوقعون بالأحرف الأولى على اتفاق السلام بالجزائر اليوم الخميس، في انتظار التوقيع النهائي المقرر غدا الجمعة في باماكو. وأكد عبد العزيز بن علي شريف، المتحدث باسم الخارجية الجزائرية، لوكالة الصحافة الفرنسية خبر توجه وفد من تنسيقية حركات أزواد، التي تضم الحركة الوطنية لتحرير أزواد، والمجلس الأعلى لوحدة أزواد، وحركة أزواد العربية المنشقة، إلى الجزائر أمس للتوقيع على الاتفاق.
وكانت التنسيقية قد رفضت التوقيع في مارس (آذار) الماضي إلى جانب الحكومة المالية والحركات الثلاث الأخرى، وهي حركة أزواد العربية، وتنسيقية شعب أزواد، وتنسيقية الحركات والجبهات الوطنية للمقاومة.
وكان مسؤول من المتمردين ومصدر من القوة الدولية قد أكدا، أول من أمس، أنه «يفترض» أن يوقع وفد التنسيقية بالأحرف الأولى على اتفاق السلم والمصالحة بالجزائر، كما طالبت بذلك الوساطة الدولية.
وكانت الجزائر، التي تقود الوساطة الدولية في الأزمة المالية، وفرنسا عضو الوساطة، والقوة العسكرية المنتشرة في البلاد، قد طالبوا الأطراف المالية التوقيع على اتفاق السلم والمصالحة، إذ قال وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس بنبرة صارمة إنه «يجب أن يتم التوقيع والمصادقة على هذا النص من كلا الطرفين»، أي الحكومة والمتمردون الطوارق المسلحون.
وينص الاتفاق على إنشاء مجالس محلية بصلاحيات كبيرة ومنتخبة بالاقتراع العام والمباشر، ولكن من دون استقلال ذاتي في شمال البلاد، أو نظام اتحادي وفقا لما طالبت به حكومة باماكو. لكن الحكومة لا تعترف بمنطقة أزواد، وهي التسمية التي يطلقها المتمردون على شمال البلاد كإقليم سياسي، ولكن فقط «كواقع إنساني».
وعلى صعيد متصل، دعت منظمة التعاون الإسلامي إلى وقف فوري للأعمال العدائية، وإلى احترام وقف إطلاق النار في شمال مالي من قبل الموقعين عليه، إذ قال إياد بن أمين مدني، الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي، في بيان صحافي أمس، إنه تابع: «باهتمام الحادث الأخير الذي وقع قبل ثلاثة أيام في الجزء الشمالي الغربي من البلاد، والذي سقط جراءه ما لا يقل عن ثمانية جنود ماليين»، معربا عن بالغ القلق إزاء تفاقم المواجهات بين القوات الحكومية والجماعات المسلحة، ومذكرا الأطراف بمسؤولياتهم المقررة بموجب اتفاق وقف إطلاق النار المبرم في مايو (أيار) الماضي، وبغيره من الإعلانات الموقعة خلال عملية السلام في الجزائر العاصمة.
وحث الأمين العام الأطراف المعنية على تفادي الأعمال، التي من شأنها تقويض عملية التوقيع المزمعة على اتفاق الجزائر للسلام، وذلك باعتباره السبيل الوحيد المجدي لإحلال السلم بمالي، مؤكداً في ذات الوقت موقف منظمة التعاون الإسلامي، الداعي إلى الحوار والتفاوض لحل القضايا العالقة. من جهة ثانية، أكد محمد عيسى، وزير الشؤون الدينية والأوقاف الجزائري، أن حركات التطرف الدينية تسعى إلى زعزعة مرجعية الجزائر الدينية الوحدوية، المتميزة بتبنيها للمذهب المالكي (السني).
وقال الوزير عيسى في تدخله بمناسبة الملتقى الدولي الـ11 حول المذهب المالكي، الذي افتتح أول من أمس بمدينة عين الدفلى، غربي الجزائر، إن هذه الحركات «تسعى إلى أن يكون لها ضلع في الجزائر من خلال التشكيك في عشرات السنين من هذا الإرث الديني، التابع لمذهب الإمام مالك بن أنس». وأضاف أن «أجزاء كبيرة من سكان الجزائر والمغرب العربي عامة قد تبنوا المذهب المالكي لأجل الديناميكية التي يتميز بها، ولكونه يضع مصالحهم وانشغالهم في الحسبان»، منوها بأن تطبيق هذا المذهب ساهم في خلق «نموذج حياتي» للسكان.
ونفى محمد عيسى تراجع المذهب المالكي في الجزائر، مؤكدا أن هذا المذهب «هو في معقله»، وذلك في تلميح مباشر إلى الأخبار التي تتداول انتشار المد الشيعي بالجزائر.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.