قائد الجيش الجزائري يدعو إلى إحباط مؤامرات تستهدف بلاده

أصابع الاتهام تشير إلى معارضين في الخارج

قائد الجيش بالمنشأة العسكرية جنوبي البلاد (وزارة الدفاع)
قائد الجيش بالمنشأة العسكرية جنوبي البلاد (وزارة الدفاع)
TT

قائد الجيش الجزائري يدعو إلى إحباط مؤامرات تستهدف بلاده

قائد الجيش بالمنشأة العسكرية جنوبي البلاد (وزارة الدفاع)
قائد الجيش بالمنشأة العسكرية جنوبي البلاد (وزارة الدفاع)

دعا رئيس أركان الجيش الجزائري، الفريق سعيد شنقريحة، إلى «إحباط ما يحاك ضد البلاد من مؤامرات ودسائس تستهدف وحدتنا الترابية والشعبية»، وحذّر من «هشاشة أمنية مزمنة بمنطقتنا»، ومن «تمدد الظاهرة الإرهابية بجوارنا الإقليمي المباشر وانتشار الجريمة المنظمة العابرة للحدود».
وكان شنقريحة يخاطب ضباطاً عسكريين، أول من أمس، أثناء زيارته منشأة عسكرية جنوب البلاد، حيث شدد على أن «التلاحم بين الشعب وجيشه، مكننا من دحر آفة الإرهاب الهمجي، وهذا التلاحم سيمكن بلادنا دون شك من مواصلة مسيرة الرقي والتطور، وستبقى بإذن الله واحة للأمن والأمان، رغم كيد الكائدين والمتربصين الحاقدين، الذين لم ولن ترضى نفوسهم المريضة والخبيثة الخير للجزائر ولشعبها»؛ دون توضيح من يقصد.
وبحسب قائد الجيش؛ فـ«المشهد واضح كل الوضوح؛ لأن المتمعن في الحملات المسعورة التي تتعرض لها بلادنا في الآونة الأخيرة، لا يحتاج لتفكير طويل وتحليل عميق، حتى يُدرك خبث نواياها ودناءة أهدافها وخساسة مروجيها، الذين خانوا وطنهم وباعوا ضمائرهم وشرفهم». ويوحي كلام شنقريحة عن «خيانة الوطن» بأن المستهدف من هجومه معارضون جزائريون بالخارج، ينتمون لتنظيم «رشاد» الإسلامي المصنف جزائرياً جماعة إرهابية، وقد صدرت بحقهم مذكرات اعتقال دولية.
ويوجد في السجون العديد من الأشخاص بتهمة الانتماء إلى هذا التنظيم. كما صنفت الحكومة حركة «ماك» القبائلية منظمةً إرهابيةً وسجنت العديد من نشطائها، وتبحث عن ترحيل زعيمها فرحات مهني من فرنسا حيث مقر إقامته.
وقال شنقريحة في خطابه أيضاً، إنه «في الوقت الذي تحتاج الجزائر لتعزيز وحدتها الوطنية، والتفاف كل القوى الحية حول المصلحة العليا للوطن، تحاول هذه الأطراف المأجورة، وعن قصد، زرع بذور التفرقة والفتنة بين أبناء الشعب الواحد، وبين الشعب وجيشه، وهي أوهام وتخيلات لن تتحقق أبداً على أرض الشهداء؛ لأن منبت الشعب الجزائري وجيشه طيب ومعدنهما أصيل، لا غاية لهما سوى مصلحة الوطن ومستقبل أبنائه».
وحث قائد الجيش العسكريين على «الالتزام بواجب خدمة الوطن والحفاظ على مصالحه العليا، وتعزيز أمنه واستقراره وسيادته، من أجل بناء الجزائر الجديدة، التي رسم معالمها السيد رئيس الجمهورية».
وفي الخطاب الرسمي، يجري الحديث منذ تنحي الرئيس عبد العزيز بوتفليقة عن الحكم في 2019، عن «مؤامرات في الداخل والخارج». وكثيراً ما يجري ربطها بـ«مواقف الجزائر الثابتة ودعمها المتواصل للقضايا العادلة»، وتجري الإشارة عادة إلى القضية الفلسطينية ونزاع الصحراء.
وشهد هذا الخطاب تصعيداً؛ منذ زيارة وزير خارجية إسرائيل، يائير لابيد، المغرب في أغسطس (آب) 2021، وحديثه عن «قلق إسرائيل من التقارب الجزائري - الإيراني»، كما هاجم الجزائر بسبب مساعيها لرفض قبول إسرائيل عضواً ملاحظاً في «الاتحاد الأفريقي». وعدّت الجزائر زيارة لابيد إلى المنطقة وتصريحاته، بمثابة «إعلان حرب عليها».
وفي عدد شهر أبريل (نيسان) الحالي، قالت «مجلة الجيش»؛ لسان حال وزارة الدفاع، إن الجيش «عازم على فضح ألاعيب الخونة وممارساتهم الدنيئة، وسعيهم لاستغلال سذاجة البعض للتأثير عليهم وتجنيدهم في مشروع جهنمي يستهدف عبثاً ضرب أركان الدولة ومؤسساتها؛ بما فيها الجيش الذي يظل عصياً من أن تطاله مثل تلك المحاولات الخسيسة»، مبرزة أن «هذه المحاولات يقف وراءها أناس تاهت بهم السبل وآثروا الانخراط في أعمال عدائية مفضوحة ضد بلادنا ومؤسساتها، مستعينين ببعض القوى الأجنبية التي لا تخفي عداءها لبلادنا».
وكانت النشرية العسكرية تشير ضمناً إلى «رشاد» و«ماك» اللذين سبق اتهامهما بـ«خدمة دول أجنبية معادية للجزائر». والصيف الماضي، حملت الجزائر التنظيمين مسؤولية النيران التي قتلت عشرات الأشخاص والتهمت مساحات واسعة بمنطقة القبائل شرق العاصمة.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.