رمال مطلية بالشمع تحافظ على رطوبة التربة وتزيد المحاصيل

رمل مطلي بشمع البارافين (دورية الجمعية الأميركية  لتكنولوجيا الزراعة والعلوم)
رمل مطلي بشمع البارافين (دورية الجمعية الأميركية لتكنولوجيا الزراعة والعلوم)
TT

رمال مطلية بالشمع تحافظ على رطوبة التربة وتزيد المحاصيل

رمل مطلي بشمع البارافين (دورية الجمعية الأميركية  لتكنولوجيا الزراعة والعلوم)
رمل مطلي بشمع البارافين (دورية الجمعية الأميركية لتكنولوجيا الزراعة والعلوم)

المناطق الحارة يصعب فيها زراعة النباتات، لأن التربة تجف بسرعة، ونتيجة لذلك يروي المزارعون في المناطق القاحلة وشبه القاحلة حقولهم بشبكات أنابيب الري المدفونة ويغطون الأرض بأغطية بلاستيكية، لكنها تكون باهظة الثمن وتسبب نفايات.
ولحل هذه المشكلة، أبلغ الباحثون من مركز تحلية المياه وإعادة استخدامها بقسم العلوم والهندسة البيولوجية والبيئية بجامعة الملك عبد الله للعلوم والتكنولوجيا (كاوست)، عن تطوير غطاء أرضي بسيط قابل للتحلل، وهو رمال مغطاة بالشمع، بحيث يمكنها المحافظة على رطوبة التربة وزيادة غلة المحاصيل.
يقول الباحثون في دراستهم المنشورة في 16 مارس (آذار) الماضي بدورية «الجمعية الأميركية لتكنولوجيا الزراعة والعلوم»، أنه لري المحاصيل، عادة ما يحصل المزارعون على المياه من المجاري المائية القريبة أو طبقات المياه الجوفية، ويمكن استنفاد هذه الإمدادات بسرعة عند زراعة النباتات في المناطق القاحلة، حيث تتكون التربة في الغالب من الرمل ولا يمكنها الاحتفاظ بالمياه جيداً.
وتتمثل إحدى طرق تحسين كفاءة المياه المروية في التأكد من بقائها في التربة لفترة كافية حتى تتمكن جذور النباتات من تناولها، وأظهرت الدراسات السابقة أن حواجز الغطاء الأرضي، مثل الألواح البلاستيكية والمواد النانوية المصممة هندسياً، يمكن أن تبطئ التبخر وتعزز نمو النبات وإنتاج المحاصيل، ومع ذلك، يمكن لكليهما تسريب مركبات غير مرغوب فيها إلى التربة مع تأثيرات غير معروفة على المدى الطويل.
وتنتج بعض النباتات والحيوانات بشكل طبيعي مواد شمعية تحبس المياه وتجمعها من الضباب أو التكثيف حتى تتمكن من الوصول إلى مصادر الرطوبة، واستوحى الباحثون ذلك من الطبيعة، وقام الباحث الرئيسي بالدراسة هيمانشو ميشرا وزملاؤه باختبار ما إذا كان بإمكانهم طلاء الرمل بالشمع، وإنشاء غطاء أرضي غير ضار بالبيئة للتحكم في تبخر التربة. واختار الباحثون شمع البارافين المنقى، وهو مادة قابلة للتحلل الحيوي ومتوفرة بكميات كبيرة، لتجاربهم، حيث قاموا بإذابة الشمع في مركب الهكسان وصبوا رمال السيليكا في الخليط.
ومع تبخر المذيب، تُرك طبقة من الشمع بسمك 20 نانومتراً على الحبيبات، وعندما طبق الفريق البحثي الرمل المطلي بالشمع في طبقة رقيقة في حقل مفتوح في المملكة العربية السعودية، قلل من فقدان رطوبة التربة بنسبة تصل إلى 50 - 80 في المائة.
وكشفت التجارب الميدانية أن نباتات الطماطم والشعير والقمح المغطاة بالمواد الجديدة أنتجت الكثير من الفاكهة والحبوب أكثر من تلك المزروعة في التربة غير المغطاة. بالإضافة إلى ذلك، لم يتأثر المجتمع الميكروبي حول جذور النباتات وفي التربة سلباً بالرمل الشمعي، والذي يمكن أن يكون بمثابة مصدر غذاء لبعض الميكروبات.
يقول الباحثون إن هذه التكنولوجيا البسيطة المستوحاة من الطبيعة يمكن أن تجعل استخدام المياه أكثر كفاءة في المناطق القاحلة.


مقالات ذات صلة

شركتان تابعتان لـ«السيادي» السعودي تعززان بناء مستقبل مستدام لصناعة الطيران 

الاقتصاد خلال توقيع مذكرة التفاهم بين شركتي «سرك» و«الطائرات المروحية» (إكس)

شركتان تابعتان لـ«السيادي» السعودي تعززان بناء مستقبل مستدام لصناعة الطيران 

وقّعت شركة «الطائرات المروحية»، والشركة السعودية الاستثمارية لإعادة التدوير (سرك)، يوم الاثنين، مذكرة تفاهم تُسهم في بناء مستقبل مستدام لصناعة الطيران والبيئة.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد رجل يحمل لافتة عليها صورة ترمب بينما يتجمع أنصاره خارج ساحة «كابيتال وان» تحضيراً للاحتفال بتنصيبه (رويترز)

ترمب يعتزم إحياء «تيك توك»... لكنه يريد ملكية أميركية بنسبة 50 %

قال الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب إنه سيعيد إحياء الوصول إلى تطبيق «تيك توك» في الولايات المتحدة بأمر تنفيذي، بعد أن يؤدي اليمين الدستورية، يوم الاثنين.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
تكنولوجيا تمتد المنشأة على مساحة 18.500 متر مربع وتتميز بنظام فرز آلي متقدم يضم 120 مركبة موجهة آلياً لمعالجة معالجة 4 آلاف شحنة/ ساعة (أرامكس)

«أرامكس»: نظام روبوتي بميناء جدة و«درون» لتوصيل الطرود

تمتد المنشأة على مساحة 18.500 متر مربع وتتميز بنظام فرز آلي متقدم لمعالجة 4 آلاف شحنة في الساعة.

نسيم رمضان (لندن)
تحليل إخباري يتخوف مراقبون من أن حظر «تيك توك» بالولايات المتحدة قد يدفع دولاً أخرى لاتخاذ خطوات مماثلة (أدوبي)

تحليل إخباري ماذا يعني حظر «تيك توك» لـ170 مليون مستخدم أميركي؟

سيغيّر الحظر الطريقة التي يتفاعل بها ملايين المستخدمين مع المحتوى الرقمي بالولايات المتحدة.

نسيم رمضان (لندن)
عالم الاعمال «هونر» تُطلق هاتف «ماجيك 7 برو» في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا

«هونر» تُطلق هاتف «ماجيك 7 برو» في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا

أعلنت شركة «هونر» العالمية للتكنولوجيا عن إطلاق هاتفها الجديد «هونر ماجيك 7 برو» في أسواق الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.


«محاصيل ذكية مناخياً»... استراتيجية علمية لتحقيق أعلى إنتاجية

الدكتور كاو شو وفريقه يفحصون ثمار الطماطم التي خضعت للتعديل الجيني ضمن الإستراتيجية الجديدة (الأكاديمية الصينية للعلوم)
الدكتور كاو شو وفريقه يفحصون ثمار الطماطم التي خضعت للتعديل الجيني ضمن الإستراتيجية الجديدة (الأكاديمية الصينية للعلوم)
TT

«محاصيل ذكية مناخياً»... استراتيجية علمية لتحقيق أعلى إنتاجية

الدكتور كاو شو وفريقه يفحصون ثمار الطماطم التي خضعت للتعديل الجيني ضمن الإستراتيجية الجديدة (الأكاديمية الصينية للعلوم)
الدكتور كاو شو وفريقه يفحصون ثمار الطماطم التي خضعت للتعديل الجيني ضمن الإستراتيجية الجديدة (الأكاديمية الصينية للعلوم)

بحلول عام 2050، من المتوقع أن يرتفع عدد سكان العالم إلى 10 مليارات نسمة، ما يتطلب زيادة في إنتاجية المحاصيل الزراعية بنسبة 60 في المائة، لتلبية احتياجات الغذاء. ومع ذلك، فإن الإنتاج الحالي لا يكفي، ومن المتوقع أن يتفاقم هذا العجز بسبب الضغوط الناتجة عن تغير المناخ.

على سبيل المثال، يؤدي ارتفاع درجات الحرارة بمقدار درجتين مئويتين خلال موسم النمو إلى انخفاض في الإنتاجية يصل إلى 13 في المائة. لذا، يركز العلماء حالياً على تطوير محاصيل «ذكية مناخياً» قادرة على تحقيق إنتاجية أعلى في الظروف الطبيعية، مع الحفاظ على إنتاجية مستقرة تحت ضغوط الحرارة.

وفي خطوة نحو تحسين إنتاج المحاصيل في ظل الظروف المناخية المتغيرة، عمل علماء في الصين على تحسين أدوات التعديل الجيني لتطوير استراتيجية جديدة تعزز خصائص نمو وتطور النباتات.

وطوَّر فريق من معهد علم الوراثة التابع للأكاديمية الصينية للعلوم استراتيجية تعتمد على تعديل جين، يلعب دوراً حاسماً في تنظيم آلية طبيعية في النباتات، تؤثر بشكل كبير على إنتاجية النبات وحلاوة الثمار وجودة الحبوب. ونُشرت نتائج الدراسة في عدد 15 ديسمبر (كانون الأول) الماضي من دورية «Cell».

«المصدَر والمستقبِل»

تحتاج النباتات إلى المياه والعناصر الغذائية والضوء لتنمو؛ حيث يعتمد كل جزء منها على هذه المكونات الأساسية. فالجذور تتطلب طاقة من عملية التمثيل الضوئي لامتصاص المياه والعناصر الغذائية من التربة، بينما تحتاج الأوراق للمياه والعناصر الغذائية التي تمتصها الجذور لتقوم بعملية التمثيل الضوئي، وتصنيع الغلوكوز الذي يعد المصدر الأساسي للطاقة في النبات.

وتُمتص هذه الموارد وتُنتَج في أماكن مختلفة داخل النبات، ما يتطلب نظاماً معقداً لنقلها بين الأماكن التي تُنتج أو تُستخدم فيها.

ويستخدم العلماء مصطلحَي «المصدَر» (Source) و«المستقبِل» (Sink) لوصف هذه العمليات؛ حيث يكون «المصدر» هو المكان الذي يتم فيه امتصاص أو إنتاج الموارد اللازمة لنمو النباتات، بينما «المستقبِل» هو المكان الذي تُستخدم فيه هذه الموارد. ويحدد التوازن في هذه العملية قدرة النباتات على النمو والإثمار.

ومع تغير المناخ وارتفاع درجات الحرارة، تتعرض هذه العمليات الحيوية للخطر، ما يؤدي لتدهور إنتاجية وجودة المحاصيل.

يقول الدكتور كاو شو، الباحث الرئيسي للدراسة في المركز الوطني لبحوث جينات النبات، في معهد علم الوراثة التابع للأكاديمية الصينية للعلوم، إن علاقة «المصدَر والمستقبِل» هي نظرية كلاسيكية عمرها قرن من الزمان؛ لكنها ما زالت تحظى باهتمام مستمر في مجال علم الأحياء النباتية، وتعد مجالاً بحثياً مهماً وصعباً.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن هذه النظرية تركز على إنتاج وتوزيع المركبات الكربونية -مثل السكروز- التي تلعب دوراً محورياً في حياة النباتات، من أعضاء المصدر (كالأوراق) إلى المستقبِل (مثل الجذور والثمار والبذور) التي تخزن أو تستهلك هذه المركبات لتوفير الغذاء والمواد الأساسية للإنسان. وأشار إلى أن تحسين العلاقة بين «المصدَر والمستقبِل» يمكن أن يسهم في زيادة الإنتاجية بنسبة تتراوح بين 40 و60 في المائة.

تعديل جيني

تستند الاستراتيجية الجديدة على تحسين استجابة النباتات للحرارة، من خلال التحكم في توزيع الكربون على الأجزاء المستقبلة للطاقة في النباتات.

وركز الباحثون في دراستهم على جين يُعرف باسم «CWIN»، المسؤول عن تنظيم العلاقة بين «المصدَر» و«المستقبِل» في النبات. وعند تعرض النبات للإجهاد الحراري، ينخفض نشاط هذا الجين، ما يؤدي إلى فقدان التوازن بين «المصدر» و«المستقبل»، ويقلل توزيع الكربون على الثمار، ما يؤثر سلباً على نمو وجودة وإنتاجية المحاصيل.

ولحل هذه المشكلة، أجرى الفريق تعديلاً للجين، عن طريق إدخال تسلسل جيني خاص يتفاعل مع درجات الحرارة المرتفعة، في أصناف الأرز والطماطم، باستخدام تقنيات التحرير الجيني المتطورة.

وأوضح شو أن هذا التعديل يساعد على تنشيط التعبير عن الجين عند التعرض للحرارة العالية، ما يضمن استقرار تدفق الكربون إلى الثمار، ويعزز الإنتاجية. كما يعزز التعديل توزيع الكربون على الثمار في الظروف الطبيعية، ما يؤدي إلى زيادة الإنتاجية.

وأظهرت الاختبارات المتعددة على الطماطم أن هذه الاستراتيجية زادت المحصول بنسبة تصل إلى 47 في المائة في الظروف العادية، وبنسبة 33 في المائة تحت الإجهاد الحراري. كما حسَّنت جودة الثمار من حيث توحيد الحجم ونسبة الحلاوة.

وطبَّق فريق البحث الأسلوب نفسه على الأرز، ما أدى إلى زيادة الإنتاجية بنسبة 13 في المائة في الظروف العادية، و25 في المائة تحت الإجهاد الحراري، ما ساهم بشكل كبير في تعويض خسائر الإنتاج الناتجة عن الحرارة العالية.

وفق شو، فإن الاستراتيجية الجديدة تعتمد على مجموعة شاملة من تقنيات التحرير الجيني لتحسين المحاصيل وتقييم الإنتاجية، ما يمهد الطريق لتطوير محاصيل ذكية مناخياً تحقق إنتاجية عالية في الظروف الطبيعية، وتقلل من خسائر الإنتاج تحت ظروف الإجهاد المختلفة. وطُبقت هذه الاستراتيجية أيضاً على محاصيل مثل فول الصويا والقمح والذرة.