السعودية تحتفي بـ«يوم التراث العالمي» بفعاليات وأنشطة متنوعة

تهدف السعودية إلى توعية المجتمع بأهمية التراث الوطني والمحافظة عليه وصوْنه (واس)
تهدف السعودية إلى توعية المجتمع بأهمية التراث الوطني والمحافظة عليه وصوْنه (واس)
TT

السعودية تحتفي بـ«يوم التراث العالمي» بفعاليات وأنشطة متنوعة

تهدف السعودية إلى توعية المجتمع بأهمية التراث الوطني والمحافظة عليه وصوْنه (واس)
تهدف السعودية إلى توعية المجتمع بأهمية التراث الوطني والمحافظة عليه وصوْنه (واس)

تحتفي السعودية، الاثنين، بـ«يوم التراث العالمي» عبر مجموعة من الفعاليات والأنشطة المتنوعة في العاصمة الرياض وعدد من المواقع التراثية بمختلف مناطق البلاد، حيث تستهدف جميع فئات المجتمع؛ للتوعية بأهمية التراث الوطني والمحافظة عليه وصوْنه.
وتشارك هيئة التراث السعودية مع وزارة الثقافة والشباب الإماراتية في عرض عدد من الأفلام التي تتناول عناصر التراث الثقافي غير المادي المشتركة بين البلدين.
وتقام الفعاليات في الرياض بالقصور الطينية وسط العاصمة، إذْ تتضمَّن معرضاً مصوراً لمواقع التراث العالمي المسجلة في منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة «اليونيسكو»، وركناً خاصاً بتفعيل القهوة السعودية وأجوائها وآلية تحضيرها، إلى جانب العروض الحيَّة للحرفيين، وأنشطة تفاعلية للزوار تجسِّد من خلالها الهيئة الحياة المجتمعية القديمة، كما ستشهد ألعاباً شعبية تعكس الموروث التراثي السعودي في عدد من مدن المملكة.
وتحتفي الهيئة بهذا اليوم، الذي حدَّده المجلس الدولي للمباني والمواقع الأثرية بيوم 18 أبريل (نيسان)، في بيوت الحرفيين ببريدة وعنيزة والمدرسة الأميرية بالأحساء، من خلال تخصيص منافذ بيع للحرف التقليدية، وإقامة ورش عمل حرفية مصغَّرة، وركن للقهوة السعودية، إضافة إلى مسابقة لأفضل عمل حرفي لهذا الاحتفاء، وتعزيز أهمية التراث الثقافي والمحافظة عليه من الاندثار.
وتستعرض من خلال هذه الفعاليات الجهود التي بذلتها السعودية في سبيل صوْن التراث الوطني وتعزيز انتشاره، المتمثلة في تسجيل 6 مواقع تراثية على قائمة التراث العالمي، و9 عناصر تراثية على قائمة اليونيسكو للتراث غير المادي، والإسهام الفاعل في حماية وتنمية التراث الثقافي، وتسجيل مواقع أثرية وتراثية في السجلات الوطنية، وتسجيل الحرفيين في السجل الحرفي الوطني، وإجراء البحوث والاكتشافات، وتنفيذ أعمال التنقيب على مدار العام بمختلف مناطق المملكة، وتنفيذ مشاريع لحماية وتأهيل وترميم عدد من المواقع الأثرية ومواقع التراث العمراني بالمملكة.
وستقيم الهيئة برامج ثقافية تراثية تستهدف طلاب وطالبات المدارس بالتعاون مع وزارة التعليم، إلى جانب تنظيم زيارات للطلاب للمواقع التراثية، وتحفيزهم للمشاركة برسومات متنوعة في وسم «#اليوم_العالمي_للتراث» على موقع التواصل الاجتماعي «تويتر».



موسيقى تحت النار تصدح في «مترو المدينة» لإعلان الحياة

مقابل الصدمة والاهتزاز واليأس... موسيقى ونغمات وأمل (مترو المدينة)
مقابل الصدمة والاهتزاز واليأس... موسيقى ونغمات وأمل (مترو المدينة)
TT

موسيقى تحت النار تصدح في «مترو المدينة» لإعلان الحياة

مقابل الصدمة والاهتزاز واليأس... موسيقى ونغمات وأمل (مترو المدينة)
مقابل الصدمة والاهتزاز واليأس... موسيقى ونغمات وأمل (مترو المدينة)

وصلتْ إلى هاتف صاحبة السطور رسالة تعلن عودة أمسيات «مترو المدينة». كان كلُّ ما حول المتلقّية هولاً وأحزاناً، فبدا المُرسَل أشبه بشعاع. يبدأ أحد مؤسّسي «مترو» ومديره الفنّي، هشام جابر، حديثه مع «الشرق الأوسط» بترسيخ الفنون بوصفها احتمالاً للنجاة. ينفض عنها «مفهوماً قديماً» حصر دورها بالترفيه وتمضية الوقت، ليحيلها على ما هو عميق وشامل، بجَعْلها، بأصنافها وجمالياتها، مطلباً مُلحّاً لعيش أفضل، وحاجة لتحقيق التوازن النفسي حين يختلّ العالم وتتهدَّد الروح.

موسيقيون عزفوا للمحاربين في هذه الاستراحة (مترو المدينة)

في 15 نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي، أنار المسرح البيروتي أضواءه واستقبل آتين إلى سهراته المميّزة بفرادة الطابع والمزاج. أُريد للموسيقى خَلْق فسحة تعبيرية لاحتواء المَعيش، فتُجسّد أرضية للبوح؛ مُنجزةً إحدى وظائفها. تُضاف الوظيفة الأخرى المُمثَّلة بالإصرار على النجاة لمَنْح الآتي إلى الأمسية المُسمَّاة «موسيقى تحت النار» لحظات حياة. موسيقيون على البزق والدرامز والإيقاع والكمنجة... عزفوا للمحاربين في هذه الاستراحة. يُعلّق هشام جابر: «لم يكن ينقصنا سوى الغبار. جميعنا في معركة».

لشهر ونصف شهر، أُغلق «مترو». شمَلَه شلل الحياة وأصابته مباغتات هذه المرارة: «ألغينا برنامجاً افترضنا أنه سيمتدّ إلى نهاية السنة. أدّينا ما استطعنا حيال النازحين، ولمّا لمسنا تدهور الصحّة النفسية لدى المعتادين على ارتياد أمسيات المسرح، خطرت العودة. أردنا فسحة للفضفضة بالموسيقى».

لم يَسْلم تاريخ لبنان من الويل مما لقَّن أبناءه فنّ التجاوُز (مترو المدينة)

يُشبّه المساحة الفنية التي يتيحها «مترو» بـ«علبة خارج الزمن». ذلك لإدراكه أنّ لبنان امتهن الصعاب ولم يَسْلم تاريخه من الويل، مما لقَّن أبناءه فنّ التجاوُز. وامتهن اجتراح «العُلب»، وهي الفسحات الرقيقة. منها يُواجه أقداره ويُرمّم العطب.

استمرّت الحفلات يومَي 20 و21 الحالي، وسلّمت «موسيقى تحت النار» أنغامها لعرض سُمِّي «قعدة تحت القمر»، لا يزال يتواصل. «هذا ما نجيده. نعمل في الفنّ»، يقول هشام جابر؛ وقد وجد أنّ الوقت لا ينتظر والنفوس مثقلة، فأضاء ما انطفأ، وحلَّ العزفُ بدل الخوف.

يُذكِّر بتاريخ البشرية المضرَّج بالدماء، وتستوقفه الأغنيات المولودة من ركام التقاتُل الأهلي اللبناني، ليقول إنّ الحروب على مرّ العصور ترافقت مع الموسيقى، ونتاج الفنّ في الحرب اللبنانية تضاعف عمّا هو في السلم. يصوغ المعادلة: «مقابل الصدمة والاهتزاز واليأس، موسيقى ونغمات وأمل». ذلك يوازي «تدليك الحالة»، ويقصد تليينها ومدّها بالاسترخاء، بما يُشبه أيضاً إخضاع جهاز لـ«الفرمتة»، فيستعيد ما تعثَّر ويستردّ قوةً بعد وهن.

أنار المسرح البيروتي أضواءه واستقبل آتين إلى سهراته المميّزة (مترو المدينة)

يتمسّك «مترو المدينة» بحقيقة أنّ الوقت الصعب يمضي والزمن دولاب. أحوالٌ في الأعلى وأحوال في الأسفل. هذه أوقات الشدائد، فيشعر الباحثون عن حياة بالحاجة إلى يد تقول «تمسّك بها»، ولسان يهمس «لا تستسلم». أتاح المسرح هذا القول والهَمْس، ففوجئ هشام جابر بالإقبال، بعد الظنّ أنه سيقتصر على معارف وروّاد أوفياء. يقول: «يحضر الناس لكسر الشعور بالعزلة. يريدون مساحة لقاء. بعضهم آلمته الجدران الأربعة وضخّ الأخبار. يهرعون إلى المسرح لإيجاد حيّز أوسع. ذلك منطلقه أنّ الفنّ لم يعد مجرّد أداة ترفيهية. بطُل هذا الدور منذ زمن. الفنون للتعافي وللبقاء على قيد الحياة. أسوةً بالطعام والشراب، تُغذّي وتُنقذ».

كفَّ عن متابعة المسار السياسي للحرب. بالنسبة إليه، المسرح أمام خيارَيْن: «وضع خطّة للمرحلة المقبلة وإكمال الطريق إن توقّف النار، أو الصمود وإيجاد مَخرج إن تعثَّر الاتفاق. في النهاية، المسارح إيجارات وموظّفون وكهرباء وتكاليف. نحاول أن يكون لنا دور. قدّمنا عروضاً أونلاين سمّيناها (طمنونا عنكم) ترافقت مع عرض (السيرك السياسي) ذائع الصيت على مسرحنا. جولته تشمل سويسرا والدنمارك وكندا...».

ترسيخ الفنون بوصفها احتمالاً للنجاة (مترو المدينة)

ويذكُر طفولة تعمَّدت بالنار والدخان. كان في بدايات تفتُّح الوعي حين رافق والده لحضور حفل في الثمانينات المُشتعلة بالحرب الأهلية. «دخلنا من جدار خرقته قذيفة، لنصل إلى القاعة. اشتدّ عودنا منذ تلك السنّ. تعلّقنا بالحياة من عزّ الموت. لبنان حضارة وثقافة ومدينة وفنّ. فناء تركيبته التاريخية ليست بهذه البساطة».

يرى في هذه المحاولات «عملاً بلا أمل». لا يعني إعلان اليأس، وإنما لشعورٍ بقسوة المرحلة: «يخذلني الضوء حيال الكوكب بأسره، ولم يعُد يقتصر غيابه على آخر النفق. حين أردّد أنني أعمل بلا أمل، فذلك للإشارة إلى الصعوبة. نقبع في مربّع وتضيق بنا المساحة. بالفنّ نخرج من البُعد الأول نحو الأبعاد الثلاثة. ومن الفكرة الواحدة إلى تعدّدية الأفكار لنرى العالم بالألوان. كما يُحدِث الطبيب في الأبدان من راحة وعناية، يحتضن الفنّ الروح ويُغادر بها إلى حيث تليق الإقامة».