تطبيقات إلكترونية لمتابعة أداء الموظفين.. تثير زوبعة قضائية في أميركا

تراقب أعمالهم ومواقعهم الجغرافية حتى خارج مكاتبهم

تطبيقات إلكترونية لمتابعة أداء الموظفين.. تثير زوبعة قضائية في أميركا
TT

تطبيقات إلكترونية لمتابعة أداء الموظفين.. تثير زوبعة قضائية في أميركا

تطبيقات إلكترونية لمتابعة أداء الموظفين.. تثير زوبعة قضائية في أميركا

أثارت دعوى أقامتها سيدة أميركية من كاليفورنيا ضد مدير شركتها الذي يتابع تحركاتها على مدار الساعة باستخدام تطبيق إلكتروني لرصد المواقع والتعرف على أداء الموظفين، زوبعة قضائية في الولايات المتحدة.
وقدمت ميرنا آرياس وهي مديرة مبيعات دعوى تتهم فيها مدير شركة «إنترميكس» لتحويل الأموال، بالتعدي على خصوصياتها، ولكونه سرحها من العمل بعد أن أزالت التطبيق الإلكتروني من هاتفها الذكي. ووفقا للائحة الدعوى التي نشرها موقع «آرس تكنيكا» فإن الشركة أمرت كل العاملين فيها بتنزيل تطبيق «زورا» Xora في أبريل (نيسان) عام 2014 الماضي.
ويعرف موقع «زورا» الإلكتروني التطبيق، بأنه «تطبيق لإدارة الموظفين» يتيح للشركات عملية «الإدارة عن بعد» لموظفيها ورصد ساعات عملهم وكل جوانب أدائهم. وتسمح نظم الملاحة الجغرافية «جي بي إس» التي ترسل إشاراتها إلى كومبيوترات الشركة، للمديرين رؤية موقع كل موظف متنقل على خرائط «غوغل ماب».
ووفقا للدعوى القضائية فإن المدير المشرف على أعمال السيدة آرياس قد اعترف بأن موظفيه يخضعون للمراقبة خارج أوقات دوامهم، كما أنه تبجح بأنه يعرف حتى سرعة قيادة السيدة آرياس لسيارتها في أي وقت محدد، منذ يوم تنزيل التطبيق على هاتفها. كما أن المدير «أكد أنه طلب منها الحفاظ على التطبيق في هاتفها لمدة 24 ساعة على مدار الأسبوع، لكي تجيب على المكالمات الهاتفية من الزبائن». وأضافت وثائق المحكمة أن السيدة آرياس لم يكن لديها «اعتراضات» على مثل هذه المراقبة أثناء أوقات العمل إلا أنها شعرت أن مراقبتها خارج أوقات العمل تعتبر خرقا لخصوصياتها. وشبهت آرياس التطبيق، بسوار المراقبة الإلكتروني الذي يضعه السجناء في كاحلهم. وطردت آرياس من العمل في 5 من شهر مايو (أيار) الحالي وطالبت تعويضات بقيمة نصف مليون دولار.
ويسمح التطبيق المسمى «زورا ستريت سمارت» (زورا - الشارع الذكي)، للمديرين بـ«رؤية مواقع أي موظف متنقل، مثل الموقع السابق، والموقع الحالي لهم». وهو موجه لمراقبة أداء العاملين أثناء عملهم فقط «إذ يجب على الموظفين المتنقلين تشغيله عند بدء عملهم»، كما يشير موقع «زورا»
وربما يمثل تطبيق «زورا» رأس جبل الجليد بالنسبة للتقنيات الجديدة التي تراقب العاملين، إذ تسوق تطبيقات أخرى تسمح للمديرين قراءة النصوص والمراسلات، وصلت أعدادها المستخدمة حاليا إلى مليون تطبيق، كما تسوق أنواع أخرى لتسهيل الإنصات إلى المكالمات الهاتفية لموظفيهم.
ويقدم تطبيق «إم سباي» mSpy نفسه على أنه «أحد الحلول لتأمين سلامة الأطفال وإنتاجية العاملين»، ويستخدمه حاليا أكثر من مليون زبون حول العالم، ويعتبر مفيدا للشركاء الذي لا يأتمنون بعضهم البعض. ويقدم التطبيق خدماته في قراءة الرسائل النصية مقابل 40 دولارا لفترة 3 أشهر. ويمكن ترقية التطبيق بمبلغ 8 دولارات إضافية لكي يستطيع رصد حركة أصابع يد الموظفين على لوحات الأزرار في كومبيوتراتهم للتعرف على ما يقومون به أثناء الكتابة.
كما طرح تطبيق «برنامج مراقبة الموظف» الأسترالي الذي يراقب هواتف الموظفين ومكالماتهم ويرصدها ويسجلها، إضافة إلى قراءة الرسائل النصية والتنصت على خلفية الأصوات المحيطة بهاتف «آيفون» الذكي بتوظيف ميكروفون الهاتف نفسه.
وحذر خبراء بريطانيون من مشاكل توظيف مثل هذه التطبيقات الخارقة لخصوصيات العاملين، وقالت إيما كار مديرة منظمة «بيغ بروذر ووتش» إن توجهات المراقبة «لن تنحسر بل ستزداد مع الزمن إلا إذا تمكنا من وضع نوع من قيود الحماية لضمان الخصوصيات داخل قوانينا، خصوصا أن بعض أرباب العمل يعلنون جهارا بأنهم يستخدمونها». وقال البروفسور كاري كوبر أحد الأعضاء البارزين في مؤسسة أبحاث «وورك فاونديشن» إن آلاف الدراسات «أشارت إلى أن منح المديرين الموظفين الاستقلالية والثقة تدفع هؤلاء الأخيرين إلى زيادة إنتاجية العمل».
ومن الناحية القانونية لا تسمح بريطانيا بمراقبة الموظفين إلا بموافقتهم، كما أن موضوع المراقبة ينبغي أن يوضع داخل بنود العقد بين الموظف ورب العمل.



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».