رغم تعب التنقل من مكان إلى آخر، الذي تفرضه أسابيع الموضة العالمية على المتابعين، فإن ما يشفع لها دائما أنها تُعرفهم على مبان تاريخية رائعة سواء كانت متحف اللوفر أو قصر فرساي في باريس، أو «سومرست هاوس» وفندق الـ«سافوي» في لندن.. وغيرها من الأماكن المتفرقة التي يحلو لبعض المصممين الذين لديهم الإمكانات أن تكون خلفية لتصاميمهم. أسبوع لندن بالذات، اختار لحد الآن أماكن تاريخية رائعة، مثل ساحة دوق يورك بمنطقة «باترسي بارك»، ثم المتحف الطبيعي في «ساوث كينجستون»، ومنذ عام 2009 مبنى «سومرست هاوس» الذي كان في العهد التيودوري قصرا قبل أن يتحول إلى مركز ثقافي. لهذا كانت المفاجأة مثيرة لكثير من الجدل، عندما أرسلت «منظمة الأسبوع اللندني» رسالة إلى وسائل الإعلام معلنة أن مقرها الجديد ابتداء من شهر سبتمبر (أيلول) المقبل لن يكون ساحة «سومرست هاوس»، بل مرأبا للسيارات في «بروير ستريت». التفسير الذي قدمته المنظمة أن المنطقة التي يقع فيها المرأب تضج بالحياة والحيوية، فضلا عن أنها استراتيجية.. فهي على بعد خطوات من «ترافالغر سكوير» و«ناشيونال غاليري» والمسارح الكبيرة التي تشتهر بها لندن. وأكدت كارولاين راش، الرئيسة التنفيذية لـ«الأسبوع» أن المكان مثالي يسهل الوصول إليه، خصوصا أنه قريب من المحلات الكبيرة ومن أهم شوارع الموضة؛ فهو على بعد ميل واحد من «بوند ستريت»، و«دوفر ستريت»، و«ماونت ستريت»، و«أكسفورد ستريت»، و«ريجنت ستريت».
بدورها صرحت منيرة ميرزا، نائب عمدة لندن للتعليم والثقافة، بأن اختيار المكان «فكرة رائعة تخدم (أسبوع لندن)، لموقعه الاستراتيجي في منطقة سوهو الشهيرة، التي ارتبطت منذ زمن طويل بالموضة والإبداع». وأضافت: «أنا متأكدة من أن النقلة سيكون لها تأثير إيجابي أكبر على الاقتصاد».
لكن مهما وصلت درجة التطمينات، على متابعات الموضة تحديدا الانتظار إلى شهر سبتمبر المقبل لكي يتأكدن مما إذا كان المكان مناسبا للكعوب العالية التي تعودن على ارتدائها واستعراضها في أسابيع الموضة العالمية أم لا.
صحيح أنه سبق لثلاثة مصممين على الأقل هم: ريتشارد نيكول، وأنطونيو بيراردي، وهنري هولاند، أن قدموا عروضهم فيه، واستعملته المنظمة مركزا لعرض أعمال 110 من المصممين العالميين في الموسم الماضي، ما أكسبه لقب «مرأب الموضة»، إلا أن تحوله إلى وجهة رسمية ورئيسية تجعل النظرة إليه تختلف، بالنظر إلى الجدل المثار حول النقلة. المصمم هنري هولاند، بارك الخطوة قائلا إن المكان يجسد ما تقوم عليه لندن من غرابة وابتكار وحيوية.. «فهو مثل الكنفس الأبيض، أي يمكن تشكيله بأي شكل أو صورة، على العكس من (سومرست هاوس) ببذخها وأناقة معمارها». وذهب إلى أبعد من مباركة المكان الجديد، بالقول إن الخيمة الضخمة التي كانت تُنصب في ساحة «سومرست هاوس» لم تكن تتمتع بأي روح مما كان يجعل كثير من المصممين يفضلون العرض خارجها. وأضاف: «لهذا أعتقد أن المرأب سيناسب الأغلبية، كما أنه سيجسد شخصية لندن ومبادئ أسبوعها؛ بدءا من فورة مصمميها الشباب، إلى روح الابتكار الذي يتمتعون به ورغبتهم في تقديم الجديد بمعنى الكلمة».
يذكر أنه على الرغم من الانطباع الذي يقفز إلى الذهن عند ذكر المكان بوصفه مرأبًا للسيارات بطوابق متعددة وجدران إسمنتية باردة، فإنه يتمتع بتاريخ يعود إلى عام 1929 حين صممه المهندس جي جي جواس، في عز حركة الـ«آرت ديكو». وفي عام 2002 أثيرت حوله ضجة كبيرة عندما فكرت بلدية لندن في أن تضمه إلى لائحة الأماكن غير القابلة للتغيير، على أساس أنه جزء من تاريخ السيارات، قبل أن تتراجع عن قرارها وتسمح بخضوعه لعملية تجميل تكلفت 80 مليون جنيه إسترليني، وأخذت بعين الاعتبار أن يحتضن فعاليات مهمة، سواء تعلق الأمر بعروض الموضة، أو بتصوير أفلام سينمائية، أو عروض فنية.. وغيرها. فمرائب السيارات حاليا أصبحت أكثر من مجرد أماكن لوقف وإيواء السيارات، بعد أن فتح كثير منها أبوابه لشتى الفعاليات، نذكر منها معرضا خاصا بسيارات «بي إم دبليو» رسمتها فراشي فنانين كبار مثل آندي وورهول، وديفيد هوكني، وهو المعرض الذي جرت أحداثه في مرأب بشورديتش في عام 2012، وعرضا لمسرحية «ماكبث» من إخراج كينيث براناه في مرأب «بريدج ووتر هول» ضمن مهرجان مانشستر العالمي في عام 2013. احتضن أيضا معرض «ذي إنكلايف» لريتشارد موس.. وهلم جرا من الأنشطة الثقافية والفنية.
لكن كل هذا في كفة، وقرار منظمة الموضة بلندن أن تجعل من مرأب «بروير ستريت» مقرها الرسمي والرئيسي في كفة ثانية؛ إذ سيبقى الحكم على مدى مناسبته لمثل هذه الفعالية معلقا إلى شهر سبتمبر المقبل.
«أسبوع لندن للموضة» يغير بيته الرئيسي من «سومرست هاوس» إلى مرآب للسيارات
يعكس شخصية العاصمة البريطانية ويناسب فورة شبابها وجريهم وراء الجديد
«أسبوع لندن للموضة» يغير بيته الرئيسي من «سومرست هاوس» إلى مرآب للسيارات
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة