لبنان: المرشحون يلجأون للأساليب التقليدية للقاء الناخبين

لقاءات في المقاهي وزيارات للمنازل إضافة لـ«التواصل الاجتماعي»

من لقاء مرشحة للانتخابات اللبنانية مع الناخبين في أحد المقاهي (الشرق الأوسط)
من لقاء مرشحة للانتخابات اللبنانية مع الناخبين في أحد المقاهي (الشرق الأوسط)
TT

لبنان: المرشحون يلجأون للأساليب التقليدية للقاء الناخبين

من لقاء مرشحة للانتخابات اللبنانية مع الناخبين في أحد المقاهي (الشرق الأوسط)
من لقاء مرشحة للانتخابات اللبنانية مع الناخبين في أحد المقاهي (الشرق الأوسط)

لم يعد أمام معظم المرشحين للانتخابات النيابية في لبنان الذين يفتقدون إلى التمويل، إلا اللجوء إلى الأساليب التقليدية لحملاتهم الانتخابية في ظل الارتفاع غير المسبوق لتكاليف الحملات الإعلامية، بحيث باتت الزيارات إلى المنازل واللقاءات في المقاهي إضافة إلى وسائل التواصل الاجتماعي، أفضل الطرق التي يتواصل فيها المرشحون مع ناخبيهم ويلتقون بهم.
ومع ارتفاع سعر صرف الدولار والقيود المصرفية على أموال المودعين، يبدو لافتاً على غير العادة غياب الحملات الانتخابية الكبيرة في لبنان باستثناء تلك التي تعود لبعض الأحزاب الأساسية، حتى أنه لم تعد تسجل احتفالات للقاء المرشحين مع الناخبين في المناطق وبات الأمر يقتصر على حفل رئيسي لإطلاق اللائحة إذا حصل. ويعود هذا الأمر بشكل أساسي، بحسب ما يقول مرشحون، إلى الوضع الاقتصادي الصعب الذي يعاني منه اللبنانيون وبالتالي عدم قدرتهم على دفع ثمن المحروقات للانتقال بسياراتهم من منطقة إلى أخرى والمشاركة في اللقاءات، إضافة إلى عدم اكتراث الناخبين بالاستحقاق من الأساس ولاقتناع معظمهم بأن الطبقة السياسية ستعود هي نفسها والتغيير لن يتحقق كما تظهر العديد من استطلاعات الرأي.
ويتحدث المرشح في دائرة البقاع الغربي جهاد الزرزور عن تجربته في هذا الإطار، مؤكداً أن اللقاءات المباشرة مع الناس لها وقع إيجابي للتعرف على المرشح عن قرب، ويلفت من جهة أخرى إلى أن ارتفاع أسعار الحملات والمقابلات الإعلامية لا سيما في محطات التلفزيون، يحول دون اللجوء إليها وبات الإنفاق يقتصر على ما هو أساسي من الصور والماكينة الانتخابية وما يرتبط بها.
ويقول الزرزور «لـ«الشرق الأوسط»: «أعتمد في حملتي الانتخابية بشكل أساسي على وسائل التواصل الاجتماعي والزيارات التي أقوم بها إلى العائلات في منطقة البقاع الغربي بحيث ألمس أن الناس يفرحون بالتعرف شخصياً عليَّ وسماع أفكاري وآرائي»، مشيراً من جهة أخرى إلى تحد يواجهه المرشحون المستقلون في مواجهة الحزبيين الذين يعتمدون على قرار من الأحزاب التي ينتمون إليها لتنفيذه من قبل المناصرين والمؤيدين، «أما نحن ورغم أننا أبناء المنطقة ويعرفنا الأهالي فتقع علينا مهمة التواصل المباشر معهم وحثهم على دعمنا».
ويتحدث الزرزور في الوقت عينه عن تكلفة هذه الزيارات مع الارتفاع غير المسبوق للأسعار، على الطرفين المرشح والعائلات. ويوضح: «زيارة لبلدتين قريبتين قد تكلف نحو مليون ليرة علماً بأننا بتنا نشعر بأن هذه الزيارات تشكل أحياناً عبئاً على من نزورههم أيضاً في ظل الغياب في بعض الأحيان، لأبسط الأمور من القهوة والتدفئة، لدى بعض العائلات التي باتت تعيش أوضاعاً اقتصادية صعبة».
ومع بدء العد العكسي وقرب موعد الانتخابات النيابية المقررة في 15 مايو (أيار)، يلفت الزرزور إلى أنه يعتمد في تكاليف حملته، وتحديداً المصاريف الأساسية من الماكينة الانتخابية والمندوبين وغيرهم على تبرعات ومساعدات تطوعية من الأقارب والأصدقاء.
ولا يختلف وضع المرشح عن دائرة الجنوب الثالثة (حاصبيا – مرجعيون)، فراس حمدان، إذ يقول: «نخوض المواجهة باللحم الحي ضد السلطة وأحزابها»، ويضيف لـ«الشرق الأوسط» «حملتنا الانتخابية ترتكز على جهود نبذلها كلائحة معاً وككل مرشح على حدة في منطقته وذلك عبر اللقاءات التي نعقدها كمجموعات في القرى أو عبر الزيارات إلى المنازل إضافة إلى اللقاءات في الجامعات وعبر وسائل التواصل الاجتماعي التي تشكل محطة للنقاش مع الناس وجيل الشباب».
لكن في المقابل ومع التشابه في الوضع الاقتصادي فإن المشكلة تكمن مع المرشح علي خليفة، في دائرة الجنوب الثالثة (الزهراني) ليس فقط في عدم القدرة على دفع الأموال الطائلة للحملة الانتخابية، إنما أيضاً في تقييد حركته في الجنوب حيث السيطرة لـ«الثنائي الشيعي» (حزب الله وحركة أمل) الذي يخوض المعركة عبر لائحة موحدة كما العادة. ويقول خليفة لـ«الشرق الأوسط»: «نحن لا نخوض الانتخابات بأدواتها لأسباب سياسية واقتصادية، ويوضح: «نعتمد على المقابلات الإعلامية التي تقدم لنا مجاناً، وإن كانت قليلة، إضافة إلى اعتمادنا على اللقاءات مع الناخبين في مناطق محدودة في الجنوب أي في الأماكن التي يقبل أصحابها استقبالنا نظراً لخوف الناس نتيجة الضغوط التي يتعرض لها كل من يتجرأ على دعمنا أو استقبالنا».
وجرت العادة في لبنان أن تنظم المهرجات الانتخابية الكبيرة في موازاة الحملات الإعلامية التي غابت بجزء كبير منها اليوم، وبات الترويج للائحة والمرشحين بأقل الوسائل كلفة، مقابل استمرار بعض الأحزاب بدفع مبالغ هائلة لحملاتها وهي وصلت في بعض الأحيان إلى مليون دولار فيما تكلف الدقيقة في قنوات التلفزة ألف دولار أميركي.



3.5 مليون يمني من دون مستندات هوية وطنية

المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)
المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)
TT

3.5 مليون يمني من دون مستندات هوية وطنية

المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)
المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)

على الرغم من مرور ستة عقود على قيام النظام الجمهوري في اليمن، وإنهاء نظام حكم الإمامة الذي كان يقوم على التمايز الطبقي، فإن نحو 3.5 مليون شخص من المهمشين لا يزالون من دون مستندات هوية وطنية حتى اليوم، وفق ما أفاد به تقرير دولي.

يأتي هذا فيما كشف برنامج الأغذية العالمي أنه طلب أكبر تمويل لعملياته الإنسانية في اليمن خلال العام المقبل من بين 86 دولة تواجه انعدام الأمن الغذائي.

لا يزال اليمن من أسوأ البلاد التي تواجه الأزمات الإنسانية في العالم (إعلام محلي)

وذكر المجلس النرويجي للاجئين في تقرير حديث أن عناصر المجتمع المهمش في اليمن يشكلون 10 في المائة من السكان (نحو 3.5 مليون شخص)، وأنه رغم أن لهم جذوراً تاريخية في البلاد، لكن معظمهم يفتقرون إلى أي شكل من أشكال الهوية القانونية أو إثبات جنسيتهم الوطنية، مع أنهم عاشوا في اليمن لأجيال عدة.

ويؤكد المجلس النرويجي أنه ومن دون الوثائق الأساسية، يُحرم هؤلاء من الوصول إلى الخدمات الأساسية، بما في ذلك الصحة، والتعليم، والمساعدات الحكومية، والمساعدات الإنسانية. ويواجهون تحديات في التحرك بحرية عبر نقاط التفتيش، ولا يمكنهم ممارسة الحقوق المدنية الأخرى، بما في ذلك تسجيل أعمالهم، وشراء وبيع وتأجير الممتلكات، والوصول إلى الأنظمة المالية والحوالات.

ووفق هذه البيانات، فقد أفاد 78 في المائة من المهمشين الذين شملهم استطلاع أجراه المجلس النرويجي للاجئين بأنهم لا يمتلكون بطاقة هوية وطنية، في حين يفتقر 42 في المائة من أطفال المهمشين إلى شهادة ميلاد.

ويصف المجلس الافتقار إلى المعلومات، وتكلفة الوثائق، والتمييز الاجتماعي بأنها العقبات الرئيسة التي تواجه هذه الفئة الاجتماعية، رغم عدم وجود أي قوانين تمييزية ضدهم أو معارضة الحكومة لدمجهم في المجتمع.

وقال إنه يدعم «الحصول على الهوية القانونية والوثائق المدنية بين المهمشين» في اليمن، بما يمكنهم من الحصول على أوراق الهوية، والحد من مخاطر الحماية، والمطالبة بفرص حياة مهمة في البلاد.

أكبر تمويل

طلبت الأمم المتحدة أعلى تمويل لعملياتها الإنسانية للعام المقبل لتغطية الاحتياجات الإنسانية لأكثر من 17 مليون شخص في اليمن يواجهون انعدام الأمن الغذائي الحاد، بمبلغ قدره مليار ونصف المليار دولار.

وأفاد برنامج الأغذية العالمي في أحدث تقرير له بأن التمويل المطلوب لليمن هو الأعلى على الإطلاق من بين 86 بلداً حول العالم، كما يُعادل نحو 31 في المائة من إجمالي المبلغ المطلوب لعمليات برنامج الغذاء العالمي في 15 بلداً ضمن منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وشرق أوروبا، والبالغ 4.9 مليار دولار، خلال العام المقبل.

الحوثيون تسببوا في نزوح 4.5 مليون يمني (إعلام محلي)

وأكد البرنامج أنه سيخصص هذا التمويل لتقديم المساعدات الإنسانية المنقذة للحياة في اليمن، حيث خلّف الصراع المستمر والأزمات المتعددة والمتداخلة الناشئة عنه، إضافة إلى الصدمات المناخية، 17.1 مليون شخص يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد.

وأشار البرنامج إلى وجود 343 مليون شخص حول العالم يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد، بزيادة قدرها 10 في المائة عن العام الماضي، وأقل بقليل من الرقم القياسي الذي سجل أثناء وباء «كورونا»، ومن بين هؤلاء «نحو 1.9 مليون شخص على شفا المجاعة، خصوصاً في غزة والسودان، وبعض الجيوب في جنوب السودان وهايتي ومالي».

أزمة مستمرة

أكدت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين أن اليمن لا يزال واحداً من أسوأ البلاد التي تواجه الأزمات الإنسانية على مستوى العالم، حيث خلقت عشر سنوات من الصراع تقريباً نقاط ضعف، وزادت من تفاقمها، وتآكلت القدرة على الصمود والتكيف مع ذلك.

وذكرت المفوضية الأممية في تقرير حديث أن اليمن موطن لنحو 4.5 مليون نازح داخلياً، وأكثر من 60 ألف لاجئ وطالب لجوء. وهؤلاء الأفراد والأسر المتضررة من النزوح معرضون للخطر بشكل خاص، مع انخفاض القدرة على الوصول إلى الخدمات الأساسية وسبل العيش، ويواجهون كثيراً من مخاطر الحماية، غالباً يومياً.

التغيرات المناخية في اليمن ضاعفت من أزمة انعدام الأمن الغذائي (إعلام محلي)

ونبّه التقرير الأممي إلى أن كثيرين يلجأون إلى آليات التكيف الضارة للعيش، بما في ذلك تخطي الوجبات، والانقطاع عن الدراسة، وعمل الأطفال، والحصول على القروض، والانتقال إلى مأوى أقل جودة، والزواج المبكر.

وبيّنت المفوضية أن المساعدات النقدية هي من أكثر الطرق سرعة وكفاءة وفاعلية لدعم الأشخاص الضعفاء الذين أجبروا على الفرار من ديارهم وفي ظروف صعبة، لأنها تحترم استقلال الشخص وكرامته من خلال توفير شعور بالطبيعية والملكية، مما يسمح للأفراد والأسر المتضررة بتحديد ما يحتاجون إليه أكثر في ظروفهم.

وذكر التقرير أن أكثر من 90 في المائة من المستفيدين أكدوا أنهم يفضلون الدعم بالكامل أو جزئياً من خلال النقد، لأنه ومن خلال ذلك تستطيع الأسر شراء السلع والخدمات من الشركات المحلية، مما يعزز الاقتصاد المحلي.