موسكو تحذّر واشنطن «رسمياً» من إمداد أوكرانيا بالسلاح

الاستخبارات الأميركية : يأس بوتين قد يقوده لاستخدام النووي

صورة أرشيفية للسفينة الروسية «موسكفا» التي غرقت في البحر الأسود (رويترز)
صورة أرشيفية للسفينة الروسية «موسكفا» التي غرقت في البحر الأسود (رويترز)
TT

موسكو تحذّر واشنطن «رسمياً» من إمداد أوكرانيا بالسلاح

صورة أرشيفية للسفينة الروسية «موسكفا» التي غرقت في البحر الأسود (رويترز)
صورة أرشيفية للسفينة الروسية «موسكفا» التي غرقت في البحر الأسود (رويترز)

حذّرت روسيا «رسمياً» الولايات المتحدة من «عواقب لا يمكن التنبؤ بها» إذا استمرت واشنطن في تسليح أوكرانيا، الأمر الذي يرفع خطر صدام مباشر مع حلف «الناتو». ونقلت صحيفة «واشنطن بوست» الأميركية أمس (الجمعة) عن روسيا القول في مذكرة دبلوماسية أُرسلت إلى واشنطن، تقول: «ندعو الولايات المتحدة وحلفاءها إلى وقف التسليح غير المسؤول لأوكرانيا، الأمر الذي ينطوي علي عواقب لا يمكن التنبؤ بها على الأمن الإقليمي والدولي».
وعندما التقى رئيس وكالة الاستخبارات الأميركية «سي آي إيه» ويليام بيرنز، الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، في موسكو في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، لم يكن أحد يدرك حقيقة الرسالة التي حملها إليه. فقد كانت قعقعة السلاح لا تزال عاجزة عن إقناع بعض المتشككين بنيّات روسيا تجاه أوكرانيا. لكن بيرنز ذهب ليحذّر الرئيس الروسي من مغبة القيام بمغامرة عسكرية، بدا أن الاستخبارات الأميركية على معرفة كاملة بتفاصيلها. وأول من أمس (الخميس)، عادت قعقعة السلاح، لكن هذه المرة من النووي الروسي، لتحظى باهتمام مدير «سي آي إيه»، الذي عبّر عن «قلق متزايد» بشأن استعداد الكرملين لإطلاق بعض ترسانته النووية في الوقت الذي يواجه فيه «يأساً محتملاً» في أوكرانيا.

جندي أوكراني في الخط الأمامي بشرق أوكرانيا (أ.ف.ب)

- تحذير بيرنز
وحذّر بيرنز في كلمة له أمام طلاب جامعة جورجيا التقنية، من أن العالم «يجب ألا يقلل من شأن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الذي زادت شهيته للمخاطرة (مع إحكام قبضته على روسيا)». وقال: «بالنظر إلى اليأس المحتمل للرئيس بوتين والقيادة الروسية في ضوء النكسات التي واجهوها عسكرياً حتى الآن، لا يمكن لأيٍّ منَّا أن يتعامل باستخفاف مع التهديد الذي يمثله اللجوء المحتمل إلى الأسلحة النووية التكتيكية أو الأسلحة النووية منخفضة القوة». وأضاف: «من الواضح أننا قلقون للغاية». وأشار إلى أن بوتين لديه «اعتقاد صوفيٌّ تقريباً بأن مصيره هو استعادة نفوذ روسيا» كقوة عظمى في العالم، بما في ذلك وضع أوكرانيا تحت نفوذ الكرملين. وكان بوتين قد أعلن وضع «قوات الردع النووي»، في حالة تأهب قصوى للمرة الأولى في 27 فبراير (شباط) الماضي، بعد 3 أيام على بدء غزوه لأوكرانيا، رداً على ما سماها «التصريحات العدوانية» لحلف شمال الأطلسي، والعقوبات الاقتصادية من الغرب.

جنود أوكرانيون في مدينة شيرنهيف شمال كييف (رويترز)

- دول البلطيق
حذّر أحد أقرب حلفاء بوتين، أول من أمس، من أن روسيا ستضع رؤوساً حربية نووية على حدودها مع دول البلطيق، إذا قررت السويد وفنلندا الانضمام إلى حلف الناتو. وقال ديمتري ميدفيديف، نائب رئيس مجلس الأمن الروسي: «لا يمكن أن يكون هناك مزيد من الحديث عن وضع منطقة خالية من الأسلحة النووية في منطقة البلطيق، تجب إعادة التوازن». وقال ميدفيديف إن روسيا ستضع رؤوساً حربية في كالينينغراد، وهو جيب روسي على بحر البلطيق يبعد 500 كيلومتر عن برلين وأقل من 1400 كيلومتر من لندن وباريس. وقلل وزير دفاع ليتوانيا من أهمية التهديد الروسي، واصفاً إياه بأنه ليس جديداً.
ورغم ذلك، حذّر مدير الـ«سي آي إيه» من أن التهديدات النووية الروسية تستحق المراقبة. وقال بيرنز: «لقد تعلمت على مر السنين ألا نقلل من تصميم بوتين الذي لا يلين، خصوصاً فيما يتعلق بأوكرانيا». وأضاف: «لقد أزعجني ما سمعته». ورغم قلقه، قال بيرنز إن الاستخبارات الأميركية لم ترَ بعد دليلاً على أن موسكو تستعد لإطلاق أي جزء من ترسانتها النووية. وأضاف: «بينما رأينا بعض المواقف الخطابية من جانب الكرملين، والانتقال إلى مستويات أعلى من التأهب النووي، لم نشهد حتى الآن الكثير من الأدلة العملية على عمليات نشر أو ترتيبات عسكرية، من شأنها أن تعزز هذا القلق».
- تصعيد غير ضروري
وفيما وصف مسؤولون دفاعيون أميركيون في وقت سابق، قرار روسيا وضع قواتها النووية في حالة تأهب قصوى، بأنه «تصعيد غير ضروري»، قالوا أيضاً إنهم لم يروا بعد أي شيء يتطلب رداً أميركياً. وقال المتحدث باسم وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) جون كيربي، أول من أمس (الخميس): «من الواضح أننا نراقب ذلك عن كثب... لم نرَ شيئاً في الفضاء أعطانا سبباً لتغيير موقف الردع النووي بأي طريقة ملموسة». وأضاف: «إنه ليس بالشيء الذي نأخذه كأمر مسلَّم به». لكن يذكر أن الحزمة الجديدة من المساعدات الأميركية التي بدأ البنتاغون بإرسالها إلى أوكرانيا، تتضمن معدات مصممة لحماية القوات الأوكرانية من التعرض للإشعاعات النووية والهجمات البيولوجية والكيميائية. وحذّر بيرنز في كلمة له أمام طلاب في جامعة اتلانتا، من أن «الفصل الأخير من حرب بوتين لم يُكتب بعد»، قائلاً إنه من غير المرجح أن تحيد روسيا عن «استراتيجياتها الشريرة الحالية».
وقال: «لا يساورني شك في الألم القاسي والضرر الذي يمكن أن يستمر بوتين في إلحاقه بأوكرانيا، أو الوحشية القاسية التي تُستخدم بها القوة الروسية». وأشار إلى ما جرى في بوتشا ويجري في ماريوبول وخاركيف، الذي «يذكّره بما جرى في غروزني». ووصف مدير «سي آي إيه» الصين بأنها «شريك صامت في عدوان بوتين» على أوكرانيا، مضيفاً أن بكين تمثل تهديداً للولايات المتحدة والغرب في حد ذاتها. وقال بيرنز إن الصين «هي التحدي الأكبر الذي نواجهه، وهو من نواحٍ كثيرة الاختبار الأكثر عمقاً الذي واجهته وكالة الاستخبارات المركزية على الإطلاق... كجهاز استخبارات، لم نضطر أبداً إلى التعامل مع خصم له نفوذ أكبر في مجالات أكثر».


مقالات ذات صلة

واشنطن تعلن مساعدات عسكرية جديدة لأوكرانيا بقيمة 1.7 مليار دولار

الولايات المتحدة​ جندي أوكراني يحمل نظام صواريخ «جافلين» في موقع على خط المواجهة في منطقة كييف الشمالية بأوكرانيا في 13 مارس 2022 (رويترز)

واشنطن تعلن مساعدات عسكرية جديدة لأوكرانيا بقيمة 1.7 مليار دولار

أعلنت الولايات المتحدة، الاثنين، عن حزمة مساعدات عسكرية جديدة لأوكرانيا تقدر قيمتها بنحو 1.7 مليار دولار، وتتضمن ذخائر دفاع جوي وقذائف مدفعية.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
أوروبا المستشار الألماني أولاف شولتز مع زعيم الحزب المسيحي الديمقراطي المعارض فريدرش ميرز يشاركان في الذكرى 80 لمحاولة الانقلاب على النازيين في 20 يوليو ببرلين (رويترز)

ألمانيا تقلل من تهديدات روسيا وتتمسك بالاتفاقية الأمنية مع واشنطن

قللت ألمانيا من تحذيرات موسكو لها بالسماح للولايات المتحدة بنشر أسلحة بعيدة المدى على أراضيها.

راغدة بهنام (برلين)
أوروبا رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني (رويترز)

ميلوني تبحث مع جينبينغ تطورات أوكرانيا والشرق الأوسط

قال مكتب رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني، اليوم (الاثنين)، إنها بحثت مع الرئيس الصيني شي جينبينغ تطورات الحرب في أوكرانيا والوضع في الشرق الأوسط.

«الشرق الأوسط» (روما)
أوروبا مستودع للوقود يحترق إثر ضربة أوكرانية على مدينة بيلغورود الروسية (أرشيفية - رويترز)

هجوم أوكراني يلحق أضراراً بمحطة كهرباء في جنوب غرب روسيا

قال حاكم منطقة أوريول في جنوب غرب روسيا إن هجوماً نفذته أوكرانيا بطائرات مسيرة ألحق أضراراً بمحطة للكهرباء في أوريول.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
أوروبا الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يجلس أمام وزير الدفاع وقائد البحرية بمناسبة الاحتفالات بيوم البحرية في سان بطرسبرغ الأحد (رويترز)

بوتين يحذر أميركا من أزمة صواريخ شبيهة بالحرب الباردة

حذر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الأحد، الولايات المتحدة من أنه في حال نشرها صواريخ طويلة المدى في ألمانيا، فإن روسيا ستضع صواريخ مماثلة.

«الشرق الأوسط» (موسكو)

دوريات جوية «روسية - صينية» مشتركة قرب ألاسكا الأميركية

صورة من شريط فيديو لقاذفة روسية يعاد تزويدها بالوقود في الجو خلال التدريبات قرب حدود ألاسكا الأميركية الخميس (رويترز)
صورة من شريط فيديو لقاذفة روسية يعاد تزويدها بالوقود في الجو خلال التدريبات قرب حدود ألاسكا الأميركية الخميس (رويترز)
TT

دوريات جوية «روسية - صينية» مشتركة قرب ألاسكا الأميركية

صورة من شريط فيديو لقاذفة روسية يعاد تزويدها بالوقود في الجو خلال التدريبات قرب حدود ألاسكا الأميركية الخميس (رويترز)
صورة من شريط فيديو لقاذفة روسية يعاد تزويدها بالوقود في الجو خلال التدريبات قرب حدود ألاسكا الأميركية الخميس (رويترز)

أعلنت روسيا والصين أنهما نفذتا دوريات مشتركة بقاذفات استراتيجية قادرة على حمل رؤوس نووية، قرب ولاية ألاسكا الأميركية، في شمال المحيط الهادي والقطب الشمالي، الخميس، وهو تحرك دفع الولايات المتحدة وكندا إلى إرسال طائرات مقاتلة.

وقالت وزارة الدفاع الروسية: إن قاذفات استراتيجية روسية من طراز «تو-95 إم إس» (بير) وقاذفات استراتيجية صينية من طراز «شيان إتش-6» شاركت في دوريات فوق بحري تشوكشي وبيرنع وشمال المحيط الهادي.

وأضافت وزارة الدفاع الروسية في بيان: «خلال الطلعة، تعاونت الطواقم الروسية والصينية في المنطقة الجديدة للعمليات المشتركة خلال كافة مراحلها... في بعض مراحل الدورية، رافقت القاذفات مقاتلات من دول أجنبية».

صورة من شريط فيديو لمقاتلات أميركية وروسية قرب قاذفة روسية على حدود ألاسكا الأميركية الخميس (رويترز)

وفي الطلعة، التي استغرقت خمس ساعات، رافقت مقاتلات روسية من طراز «سوخوي سو-30 إس إم» و«سو-35 إس» القاذفات الروسية والصينية. وأوضحت روسيا أن القاذفات لم تنتهك المجال الجوي لدول أخرى.

وقالت قيادة دفاع الفضاء الجوي الأميركية الشمالية، التابعة للجيش الأميركي: «إن طائرات مقاتلة أميركية وكندية اعترضت طائرات روسية، وأخرى تابعة للصين، في منطقة تحديد الدفاع الجوي في ألاسكا».

وقالت القيادة الأميركية: «الطائرات الروسية والصينية ظلت في المجال الجوي الدولي، ولم تدخل المجال الجوي السيادي الأمريكي أو الكندي». وأضافت: «لا ينظر إلى هذا النشاط الروسي والصيني في منطقة التحديد الجوي الدفاعي لألاسكا على أنه تهديد، وستواصل قيادة دفاع الفضاء الجوي الأميركية الشمالية مراقبة نشاط القوى المنافسة بالقرب من أميركا الشمالية والتصدي لها بالوجود العسكري».

صورة من شريط فيديو لقاذفة روسية ترافقها مقاتلة روسية خلال التدريبات قرب حدود ألاسكا الأميركية الخميس (رويترز)

وقال تشانغ شياو قانغ، المتحدث باسم وزارة الدفاع الصينية، إن الدوريات أدت إلى تعزيز الثقة والتنسيق الاستراتيجيين المتبادلين بين جيشي البلدين. وأضاف أن هذه العملية لا تستهدف طرفاً ثالثاً، وتتوافق مع القانون الدولي، وليست مرتبطة بالوضع الدولي والإقليمي الحالي. مشيراً إلى أن الدورية «تختبر مستوى التعاون بين القوات الجوية للبلدين وتحسنه».

وقالت روسيا: «جاء الحدث في إطار تنفيذ خطة التعاون العسكري لعام 2024 وهو غير موجه لأطراف ثالثة».

وكثيراً ما يجري اعتراض طائرات روسية في هذه المنطقة. وتجري موسكو وبكين، المتحالفتان في وجه الغرب، بانتظام تدريبات مماثلة في مناطق أخرى من المحيط الهادي.

ويمكن للقاذفات الاستراتيجية تنفيذ ضربات نووية وتقليدية على مسافات بعيدة.

وحذّرت وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون)، الاثنين الماضي، من زيادة التعاون بين روسيا والصين في القطب الشمالي، مع فتح تغيّر المناخ بالمنطقة منافسة متزايدة على الطرق والموارد البحرية.