لبنان يتجه إلى التخلي عن نظام السرية المصرفية

استجابة لمطالب «النقد الدولي» وبعد 66 عاماً على اعتماده

المقر الرئيسي للمصرف المركزي في بيروت (رويترز)
المقر الرئيسي للمصرف المركزي في بيروت (رويترز)
TT

لبنان يتجه إلى التخلي عن نظام السرية المصرفية

المقر الرئيسي للمصرف المركزي في بيروت (رويترز)
المقر الرئيسي للمصرف المركزي في بيروت (رويترز)

يتجه لبنان إلى التخلي قريباً عن نظام «السرية المصرفية» الذي يعتمده منذ ستة عقود ونيف، من ضمن التماهي مع المتطلبات التي تم التوافق على التزامها من قبل السلطات التنفيذية والتشريعية، توطئة لتحويل صيغة الاتفاق الأولي مع صندوق النقد الدولي إلى اتفاقية برنامج تمويلي بقيمة 3 مليارات دولار على مدى 4 سنوات.
ويؤكد مسؤول مصرفي معني لـ«الشرق الأوسط»، أن مشروع القانون المعجل الرامي إلى إقرار حزمة من التعديلات المقترحة على مجموعة قوانين نافذة وذات صلة بالسرية المصرفية، من شأنه أن يؤسس لحقبة مصرفية جديدة تتوافق مع المتطلبات الدولية الأحدث والخاصة بسد منافذ الأموال المشبوهة ومنع مرورها في القنوات المصرفية. وبذلك يتم الخروج تماماً من ستار «السرية» الذي يثير شبهات تتعدى بضررها ما يمكن أن يتم تحصيله من مغانم.
وتعول الأوساط المالية والمصرفية على تمكن الحكومة ومجلس النواب من إحداث خرق مهم على مسار تسريع إقرار مجموعة القوانين – الشروط، خلال الأسبوعين القادمين وقبيل الانشغال التام باستحقاق الانتخابات النيابية منتصف الشهر المقبل. وثمة إشارات مشجعة بخاتمة نوعية لولاية المجلس الحالي وانطلاقة قوية ومسبقة للمجلس الجديد، تستند إلى إمكانية عقد الهيئة العامة للمجلس جلسة أو أكثر تفلح بإنضاج وإقرار عدد من مشاريع القوانين الإصلاحية المحالة من قبل الحكومة، إلى جانب مشروع قانون موازنة العام الحالي.
ويؤكد المسؤول المصرفي، أن ما يعتمده لبنان من أنظمة متداخلة في حفظ المدخرات وإدارة الأموال لم يعد منسجماً مع القواعد المحدثة في المنظومة المالية العالمية ومع المتطلبات الصادرة عن الهيئات الدولية المعنية بمنع مرور عمليات أو تحويلات مالية عبر القنوات المصرفية. ومن شأن تحديث البنية القانونية لإدارة الأموال والجهاز المصرفي، والمقبل بدوره على خطة إعادة هيكلة، ليس فقط تأكيد التزام الدولة بشروط الصندوق، إنما تصحيح أوضاع القطاع المالي بكامله والتحضير لإعادة تموضعه السليم في الأسواق الدولية.
وتكتسب هذه التحولات أهمية خاصة في الاستجابة أيضاً للملاحظات الواردة تباعاً من قبل وزارة الخزانة الأميركية، ولا سيما في ظل سيطرة الدولار الأميركي على الاقتصاد اللبناني والتعاملات النقدية. إذ تشكل الودائع المحررة بالدولار والبالغة حالياً نحو 102 مليار دولار في الجهاز المصرفي نحو 80 في المائة من إجمالي الودائع. كما أن تحويلات اللبنانيين العاملين في الخارج والمغتربين تتم بمعظمها بالدولار وتبلغ بالمتوسط نحو 7 مليارات دولار. وهي حالياً الرئة شبه الوحيدة التي تؤمن تدفقات العملات الصعبة إلى الداخل.
وتكرر وزارة الخزانة الأميركية الطلب من المصارف اللبنانية اتخاذ تدابير أكثر فاعلية لحماية النظام المالي اللبناني من الفساد، من خلال القيام بالتدقيق المالي حول حسابات الشخصيات البارزة سياسياً وتحديد مصادر أموالها. كما تذكر بأن المصارف التي لا تتخذ التدابير اللازمة قد تكون عرضة للعقوبات. فيما تجهد إدارات البنوك لتبيان حزمها في مكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب من خلال الامتثال للمعايير العالمية، وبأنها تشرع أبوابها أمام المجتمع الدولي في محاربة كافة أنواع التمويل غير المشروع.
ويرد صراحة في الأسباب الموجبة لمشروع القانون المتصل بالسرية المصرفية، تعديلات تطول بعض المواد في القانون ذاته والصادر عام 1956، وتعديلات موازية تشمل قانون أصول المحاكمات الجزائية وقانون النقد والتسليف وقانون الإجراءات الضريبية. وذلك من ضمن مندرجات الاتفاق المبدئي مع بعثة صندوق النقد على برنامج تصحيح اقتصادي ومالي تحت مسمى «التسهيل الائتماني الممدد».
ويبرز من هذه التعديلات حظر فتح حسابات مرقمة وتأجير خزائن حديدية لزبائن لا يعرف أصحابها غير مديري المصرف أو وكلائهم، مع وجوب تحويل الحسابات القائمة والخزائن المؤجرة خلال مهلة ستة أشهر من نفاذ القانون، إلى حسابات عادية تنطبق عليها جميع متطلبات مكافحة غسل (تبييض) الأموال وتمويل الإرهاب، فضلاً عن تأجيل أي عمليات سحب للأموال من حسابات الودائع المرقمة والخزائن خلال الفترة الفاصلة لتحويلها إلى حسابات عادية.
وبالتوازي، سيصبح متاحاً إلقاء حجز على الأموال والموجودات لدى المصارف، بقرار صادر عن هيئة التحقيق الخاصة (لدى البنك المركزي) وفقاً لقانون مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، أو بقرار صادر عن سلطة قضائية مختصة بحسب القانون، أو بقرار عن أي سلطة أخرى تناط بها هذه الصلاحية.
وتكتسب التعديلات المقترحة على المادة السابعة من قانون السرية المصرفية أهمية استثنائية في ظل التداعيات الراهنة للأزمتين المالية والنقدية في البلاد؛ إذ توسع مدى إلزام المصارف بالإفصاح وتقديم المعلومات، من النطاق المحدد حصراً بالسلطات القضائية في دعاوى الإثراء غير المشروع، لتشمل السلطات عينها في جرائم الفساد والجرائم المالية المنصوص عنها في قانون مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، وهيئة التحقيق الخاصة، والهيئة الوطنية لمكافحة الفساد المنشأة حديثاً، ولجنة الرقابة على المصارف، والمؤسسة الوطنية لضمان الودائع، ومصرف لبنان المركزي، كما يمكن لهذه السلطات والهيئات تبادل المعلومات فيما بينها مع اشتراط التزام الموجبات في استخدام هذه المعلومات.
وفي التعديلات الخاصة بقانون أصول المحاكمات الجزائية، سيتاح للنائب العام في محاكم التمييز وللمدعين العامين الاستئنافيين الطلب من المصارف تقديم معلومات محمية بالسرية المصرفية، ضمن مهام دعم التحقيق في الجرائم المالية، كما يحق لقاضي التحقيق، وبموافقة الهيئة الاتهامية، طلب معلومات محمية بالسرية من شأنها المساعدة في التحقق من الجرائم المالية.



«حماس» تُرحّب بمذكرتي توقيف نتنياهو وغالانت وتصفهما بخطوة «تاريخية»

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه السابق يوآف غالانت (أرشيفية - رويترز)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه السابق يوآف غالانت (أرشيفية - رويترز)
TT

«حماس» تُرحّب بمذكرتي توقيف نتنياهو وغالانت وتصفهما بخطوة «تاريخية»

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه السابق يوآف غالانت (أرشيفية - رويترز)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه السابق يوآف غالانت (أرشيفية - رويترز)

رحبت حركة «حماس»، اليوم (الخميس)، بإصدار المحكمة الجنائية الدولية مذكرتي اعتقال بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه السابق يوآف غالانت، معتبرة أنه خطوة «تاريخية مهمة».

وقالت الحركة في بيان إنها «خطوة ... تشكل سابقة تاريخيّة مهمة، وتصحيحاً لمسار طويل من الظلم التاريخي لشعبنا»، من دون الإشارة إلى مذكرة الاعتقال التي أصدرتها المحكمة بحق محمد الضيف، قائد الجناح المسلح لـ«حماس».

ودعت الحركة في بيان «محكمة الجنايات الدولية إلى توسيع دائرة استهدافها بالمحاسبة، لكل قادة الاحتلال».

وعدّت «حماس» القرار «سابقة تاريخية مهمة»، وقالت إن هذه الخطوة تمثل «تصحيحاً لمسار طويل من الظلم التاريخي لشعبنا، وحالة التغاضي المريب عن انتهاكات بشعة يتعرض لها طيلة 46 عاماً من الاحتلال».

كما حثت الحركة الفلسطينية كل دول العالم على التعاون مع المحكمة الجنائية في جلب نتنياهو وغالانت، «والعمل فوراً لوقف جرائم الإبادة بحق المدنيين العزل في قطاع غزة».

وفي وقت سابق اليوم، أصدرت المحكمة الجنائية الدولية مذكرتي اعتقال بحق نتنياهو وغالانت؛ لتورطهما في «جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب»، منذ الثامن من أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

وقال القيادي بحركة «حماس»، عزت الرشق، لوكالة «رويترز» للأنباء، إن أمر الجنائية الدولية يصب في المصلحة الفلسطينية.

وعدّ أن أمر «الجنائية الدولية» باعتقال نتنياهو وغالانت يكشف عن «أن العدالة الدولية معنا، وأنها ضد الكيان الصهيوني».

من الجانب الإسرائيلي، قال رئيس الوزراء السابق، نفتالي بينيت، إن قرار المحكمة بإصدار أمري اعتقال بحق نتنياهو وغالانت «وصمة عار» للمحكمة. وندد زعيم المعارضة في إسرائيل، يائير لابيد، أيضاً بخطوة المحكمة، ووصفها بأنها «مكافأة للإرهاب».

ونفى المسؤولان الإسرائيليان الاتهامات بارتكاب جرائم حرب. ولا تمتلك المحكمة قوة شرطة خاصة بها لتنفيذ أوامر الاعتقال، وتعتمد في ذلك على الدول الأعضاء بها.