أن يتحوّل شاب مُعدم فجأة إلى ثري يمتلك ملايين الريالات، هي قصة تداعب أحلام البسطاء ولطالما تناولتها الدراما العربية، إلا أنها تأتي بنكهة سعودية ساخرة في مسلسل «منهو ولدنا»، الذي تبدأ حكايته من كارثة تبديل المواليد، إلى تقديم حياتين مختلفتين لشابين يجمعهما القدر، في كوميديا سوداء تسخر من التفاوت الاجتماعي وتباين أنماط المعيشة ما بين الأغنياء والفقراء.
إذ تشكل الفوارق الطبقية العمود الفقري لقصة العمل، عبر اللعب على التناقض ما بين شخصية ريان (إبراهيم الحجاج) الشاب الفقير المتواضع الذي يتمتع بحس الفكاهة والروح المتفائلة، وشخصية بندر (فايز بن جريس) الشاب الغني المتعالي الذي ينتهز الفرص لمضاعفة أمواله ويقسو على موظفيه إلى حد إجبارهم على العمل 14 ساعة يومياً.
تبعاً لذلك، يرى المشاهد نقلة هائلة ما بين المنزل القديم في الحي الشعبي الممتلئ بالفقراء والمهمشين ممن يزجون أوقاتهم باحتساء الشاي وتبادل الأحاديث الفارغة، وبين مكان مختلف تماماً، حيث القصر الفسيح المليء بالخدم والمقتنيات الثمينة والسيارات الفارهة، إلى جانب مشاهد الشركة ذات التصاميم الفاخرة والتي تشكل حدثاً للعديد من الصراعات خلال العمل.
وتأتي اللحظة الفاصلة، والمتوقعة، عند اكتشاف تبديل طفلين في مستشفى الولادة قبل 30 عاماً، ليصبح ابن الفقراء غنياً وابن الأغنياء فقيراً، ومن هنا يتحوّل العمل إلى مسار جديد، حيث يزدري الغني معيشة الفقر ويرفض الاندماج بها، في حين يفتح الحظ أبوابه للشاب الفقير الذي يصدمه هذا التحوّل، في مواقف فكاهية تظهر تعامله الطريف مع نمط الثراء الذي لم يعتد عليه.
إبراهيم الحجاج بطل مسلسل «منهو ولدنا»
الجمهور يرى نفسه
يتحدث لـ«الشرق الأوسط» بطل المسلسل إبراهيم الحجاج، قائلاً: «أنا مؤمن أن الفن عليه أن يكون من المجتمع وإلى المجتمع، وهذه المعادلة من الضروري أن تكون حاضرة في أي عمل، حتى وإن كان عملاً خيالياً، فالناس في نهاية الأمر تريد أن ترى نفسها». ويشير الحجاج إلى أنه لا يعني هنا أن يرى الجمهور نفسه تحديداً في شخصية ريان أو بندر من باب الرغبة بأن يكونوا مثلها، بقدر ما هي مقاربة لشخصيات يعرفونها جيداً ثم يرون أمثالها عبر الشاشة.
ويضيف: «الصدق في الأداء هو سر دفين لأي عمل»، مبيناً أن عمله الذي يدمج الدراما مع الكوميديا تمكن من تحقيق شعبية جماهيرية لهذا السبب، ويردف: «ردة الفعل فاقت توقعاتي، وأكثر ما يتمناه الفنان هو أن يتفاعل معه الجمهور ويسعد بما يقدم، وهو أمر يعود بدرجة كبيرة لتكامل العملية الإنتاجية، بداية من المشرف العام خلف الحربي إلى المنتج عماد العنزي والمخرج منير الزعبي والنجوم المشاركين في العمل».
وبسؤاله عن مدى تقاطع شخصيته مع شخصية ريان، الشاب الطموح الذي بقي وفياً لحياته السابقة بعد الثراء، يقول: «عندما تبني أبعاد شخصية ما وتتقمصها، فمن الطبيعي أن يجد الإنسان بينه وبينها أوجه تشابه، وإن كانت هناك صفة تجمعني مع ريان فهي الطيبة، هو شاب طيب ولا يرغب في أذية أحد وساذج أحياناً... ومن الممكن القول إنه طيب لدرجة ساذجة».
جيل سعودي واعد
يأتي إبراهيم الحجاج ضمن قائمة تجمع أسماء ممثلين سعوديين من جيل الشباب، أثنى الجمهور والنقاد على ما قدموه خلال الموسم الرمضاني الحالي، عن ذلك يقول: «كل الأعمال السعودية المقدمة هذا العام جميلة، سواء من جيل الكبار مثل ناصر القصبي ومحمد الشمراني، أو من جيل الشباب».
ويشير الحجاج إلى تجارب الجيل الجديد من الممثلين السعوديين، مبيناً أن معظمهم جاءت بداياتهم من منصة «يوتيوب» عبر عدد من البرامج، وبسؤاله عن أكثر عمل لقي استحسانه في شهر رمضان، يجيب: «من الأعمال الشبابية (سكة سفر) ومن الأعمال القوية (العاصوف)، وشخصياً أتمنى أن أمثل فيها كلها».
وبالعودة للحديث عن التجارب السابقة لإبراهيم الحجاج، لا يمكن تجاهل دور قاطع الطريق «قحص» الذي قدمه في المسلسل السعودي «رشاش» وحظي بنسب مشاهدة عالية إبان عرضه العام الماضي، وهنا يقول: «قد يستغرب البعض أن أكثر دور استمتعت بأدائه هو قحص، لأنه كان جديداً تماماً، أما ريان فهو من أجمل أدواري، لأني أخذته بأبعاد كوميدية».
وبسؤاله إلى أين يتجه مسلسل «منهو ولدنا» وشكل النهاية المتوقعة، يقول: «ستكون صادمة وسعيدة في آن واحد». مع الإشارة لكون المسلسل الذي تعرضه حالياً قناة MBC1 تمام السابعة والنصف مساءً بتوقيت السعودية، يأتي بطولة: إبراهيم الحجاج، وفايز بن جريس، وهند محمد، وخيرية أبو لبن، وعلي الحميدي، وخالد الفراج، وريم العلي، وحكيم جمعة.