السلطات التركية ترضخ لضغوط المعارضة حيال ملف السوريين

تصاعد المخاوف من الترحيل حتى لحاملي «الحماية المؤقتة»

السوريون الفارون من الحرب ينتظرون العبور إلى أورفة عند الحدود التركية السورية في محافظة الرقة (غيتي)
السوريون الفارون من الحرب ينتظرون العبور إلى أورفة عند الحدود التركية السورية في محافظة الرقة (غيتي)
TT
20

السلطات التركية ترضخ لضغوط المعارضة حيال ملف السوريين

السوريون الفارون من الحرب ينتظرون العبور إلى أورفة عند الحدود التركية السورية في محافظة الرقة (غيتي)
السوريون الفارون من الحرب ينتظرون العبور إلى أورفة عند الحدود التركية السورية في محافظة الرقة (غيتي)

يشهد ملف اللاجئين السوريين في تركيا موجة جديدة من الشد والجذب بين الحكومة والمعارضة، مع تصاعد الضغوط من أجل ترحيلهم، واستغلال بعض أحزاب المعارضة الملف للضغط على حزب «العدالة والتنمية» الحاكم والرئيس رجب طيب إردوغان، مع اقتراب موعد الانتخابات البرلمانية والرئاسية المقررة في يونيو (حزيران) العام المقبل.
وجدد رئيس حزب «النصر» التركي القومي، أوميت أوزداغ، الذي يواصل منذ العام الماضي حملة للضغط على الحكومة لترحيل السوريين، مطالبته بعدم التلكؤ في ترحيلهم. وذهب بعيداً هذه المرة، حيث اتهم كل تركي يريد أن يُبقي السوريين في البلاد بأنه «خائن»، قائلاً، في مقابلة تلفزيونية أمس: «إلى جهنم، إذا كنت تريد السوريين فاذهب معهم في الحال». وأضاف: «لستُ عنصرياً، لكن لا أريد مشاركة وطني (تركيا) مع أحد».
ويركز أوزداغ على اللاجئين السوريين وحدهم، البالغ عددهم نحو 3.7 مليون، بينما يتغاضى عن الجنسيات الأخرى، حيث تستضيف تركيا نحو 5 ملايين لاجئ من جنسيات مختلفة.
بدوره، كشف وزير الداخلية التركي، سليمان صويلو، عن ترحيل 20 ألفاً و636 سورياً منذ عام 2016 حتى الآن، بملفات أمنية، قائلاً إنه في حين بلغت نسبة الترحيل في أوروبا عام 2020 نحو 18 في المائة، نجحنا بترحيل 40 في المائة ممن ألقينا القبض عليهم. وأشار إلى أنه خلال الشهور الثلاثة الأولى من العام الحالي، بلغ معدل نجاح الترحيل 41.2 في المائة بزيادة 73 في المائة مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي. وأضاف أن عدد السوريين الخاضعين للحماية المؤقتة في تركيا، ارتفع من 220 ألفاً إلى 3.5 مليون سوري.
ووصف صويلو، خلال الإفطار السنوي للمديرية العامة شؤون الهجرة في أنقرة، ليل الأربعاء - الخميس، مَن يعملون على جمع أصوات الناخبين مستغلين سياسة الهجرة والمهاجرين، بـ«الأشخاص البائسين». ولفت إلى أن الهجرة كانت موجودة دائماً عبر تاريخ البشرية، لكن «أصحاب القلب الحجري» لا يفهمون؛ فالهجرة مرارة، وحزينة على الدوام.
وغيرت السلطات التركية نهجها في التعامل مع الحوادث التي يتورَّط فيها السوريون، في الأشهر الأخيرة، بسبب تنامي تيار الغضب والعداء تجاه السوريين، وانتقاله من المعارضة إلى صفوف مؤيدي حزب «العدالة والتنمية» الحاكم نفسه، وتنفذ السلطات بين فترة وأخرى حملات اعتقال بحق سوريين بدعوى ارتكاب مخالفات. كما تزايدت عمليات الترحيل بسبب عدم امتلاك أوراق ثبوتية.
وأواخر الشهر الماضي، وجهت مديرية الهجرة رسائل إلى السوريين تحذرهم بإلغاء بطاقات الحماية المؤقتة (الكيملك)، في حالة عدم إثبات عناوين الإقامة الفعلية، الأمر الذي وضع عشرات الآلاف في حالة من القلق. وبات السوريون يعيشون في خوف على مصيرهم في تركيا، وسط تزايد حالات الترحيل للاجئين رغم حملهم «الكيملك». ويواجه قسم من اللاجئين السوريين مخاطر بسبب أوضاعهم القانونية، قد تصل إلى حد الترحيل، خصوصاً أولئك الذين لم يثبتوا عناوينهم، أو يقيمون في ولايات غير التي استخرجوا منها بطاقات «الكيملك» الخاصة بهم، أو لأسباب أخرى.



تجدد القتال في «سول»... هل يفاقم الصراع بين «أرض الصومال» و«بونتلاند»؟

رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)
رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)
TT
20

تجدد القتال في «سول»... هل يفاقم الصراع بين «أرض الصومال» و«بونتلاند»؟

رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)
رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)

تجدد القتال في «إقليم سول» يُحيي نزاعاً يعود عمره لأكثر من عقدين بين إقليمي «أرض الصومال» الانفصالي و«بونتلاند»، وسط مخاوف من تفاقم الصراع بين الجانبين؛ ما يزيد من تعقيدات منطقة القرن الأفريقي.

وبادر رئيس أرض الصومال، عبد الرحمن عرو، بالتعهد بـ«الدفاع عن الإقليم بيد ويد أخرى تحمل السلام»، وهو ما يراه خبراء في الشأن الأفريقي، لن يحمل فرصاً قريبة لإنهاء الأزمة، وسط توقعات بتفاقم النزاع، خصوصاً مع عدم وجود «نية حسنة»، وتشكك الأطراف في بعضها، وإصرار كل طرف على أحقيته بالسيطرة على الإقليم.

وأدان «عرو» القتال الذي اندلع، يوم الجمعة الماضي، بين قوات إدارتي أرض الصومال وإدارة خاتمة في منطقة بوقداركاين بإقليم سول، قائلاً: «نأسف للهجوم العدواني على منطقة سلمية، وسنعمل على الدفاع عن أرض الصومال بيد، بينما نسعى لتحقيق السلام بيد أخرى»، حسبما أورده موقع الصومال الجديد الإخباري، الأحد.

وجاءت تصريحات «عرو» بعد «معارك عنيفة تجددت بين الجانبين اللذين لهما تاريخ طويل من الصراع في المنطقة، حيث تبادلا الاتهامات حول الجهة التي بدأت القتال»، وفق المصدر نفسه.

ويعيد القتال الحالي سنوات طويلة من النزاع، آخرها في فبراير (شباط) 2023، عقب اندلاع قتال عنيف بين قوات إدارتي أرض الصومال وخاتمة في منطقة «بسيق»، وفي سبتمبر (أيلول) من العام نفسه، نشرت إدارة أرض الصومال مزيداً من قواتها على خط المواجهة الشرقي لإقليم سول، بعد توتر بين قوات ولايتي بونتلاند وأرض الصومال في «سول» في أغسطس (آب) 2022.

كما أودت اشتباكات في عام 2018 في الإقليم نفسه، بحياة عشرات الضحايا والمصابين والمشردين، قبل أن يتوصل المتنازعان لاتفاق أواخر العام لوقف إطلاق النار، وسط تأكيد ولاية بونتلاند على عزمها استعادة أراضيها التي تحتلها أرض الصومال بالإقليم.

ويوضح المحلل السياسي الصومالي، عبد الولي جامع بري، أن «النزاع في إقليم سول بين أرض الصومال وبونتلاند يعود إلى عام 2002، مع تصاعد الاشتباكات في 2007 عندما سيطرت أرض الصومال على لاسعانود (عاصمة الإقليم)»، لافتاً إلى أنه «في فبراير (شباط) 2023، تفاقم القتال بعد رفض زعماء العشائر المحلية حكم أرض الصومال، وسعيهم للانضمام إلى الحكومة الفيدرالية الصومالية؛ ما أدى إلى مئات القتلى، ونزوح أكثر من 185 ألف شخص».

ويرى الأكاديمي المختص في منطقة القرن الأفريقي، الدكتور علي محمود كلني، أن «الحرب المتجددة في منطقة سول والمناطق المحيطة بها هي جزء من الصراعات الصومالية، خصوصاً الصراع بين شعب إدارة خاتمة الجديدة، وإدارة أرض الصومال، ولا يوجد حتى الآن حل لسبب الصراع في المقام الأول»، لافتاً إلى أن «الكثير من الدماء والعنف السيئ الذي مارسه أهل خاتمة ضد إدارة هرجيسا وجميع الأشخاص الذين ينحدرون منها لا يزال عائقاً أمام الحل».

ولم تكن دعوة «عرو» للسلام هي الأولى؛ إذ كانت خياراً له منذ ترشحه قبل شهور للرئاسة، وقال في تصريحات نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي إن «سكان أرض الصومال وإقليم سول إخوة، ويجب حل الخلافات القائمة على مائدة المفاوضات».

وسبق أن دعا شركاء الصومال الدوليون عقب تصعيد 2023، جميع الأطراف لاتفاق لوقف فوري وغير مشروط لإطلاق النار، ووقتها أكد رئيس أرض الصومال الأسبق، موسى بيحي عبدي، أن جيشه لن يغادر إقليم سول، مؤكداً أن إدارته مستعدة للتعامل مع أي موقف بطريقة أخوية لاستعادة السلام في المنطقة.

كما أطلقت إدارة خاتمة التي تشكلت في عام 2012، دعوة في 2016، إلى تسوية الخلافات القائمة في إقليم سول، وسط اتهامات متواصلة من بونتلاند لأرض الصومال بتأجيج الصراعات في إقليم سول.

ويرى بري أن «التصعيد الحالي يزيد من التوترات في المنطقة رغم جهود الوساطة من إثيوبيا وقطر وتركيا ودول غربية»، لافتاً إلى أن «زعماء العشائر يتعهدون عادة بالدفاع عن الإقليم مع التمسك بالسلام، لكن نجاح المفاوضات يعتمد على استعداد الأطراف للحوار، والتوصل إلى حلول توافقية».

وباعتقاد كلني، فإنه «إذا اشتدت هذه المواجهات ولم يتم التوصل إلى حل فوري، فمن الممكن أن يؤدي ذلك إلى حدوث اشتباك بين قوات إدارتي أرض الصومال وبونتلاند، الذين يشككون بالفعل في بعضهم البعض، ولديهم العديد من الاتهامات المتبادلة، وسيشتد الصراع بين الجانبين في منطقة سناغ التي تحكمها الإدارتان، حيث يوجد العديد من القبائل المنحدرين من كلا الجانبين».

ويستدرك: «لكن قد يكون من الممكن الذهاب إلى جانب السلام والمحادثات المفتوحة، مع تقديم رئيس أرض الصومال عدداً من المناشدات من أجل إنهاء الأزمة»، لافتاً إلى أن تلك الدعوة تواجَه بتشكيك حالياً من الجانب الآخر، ولكن لا بديل عنها.