«الأسايش» تسيطر على القامشلي وتحاصر قوات النظام داخل مبانٍ أمنية

قائد «قسد» يستقبل قائد العمليات الأميركية الجديد بالشرق الأوسط

المربع الأمني داخل مدينة القامشلي شبه خالٍ من المارة أمس (الشرق الأوسط)
المربع الأمني داخل مدينة القامشلي شبه خالٍ من المارة أمس (الشرق الأوسط)
TT

«الأسايش» تسيطر على القامشلي وتحاصر قوات النظام داخل مبانٍ أمنية

المربع الأمني داخل مدينة القامشلي شبه خالٍ من المارة أمس (الشرق الأوسط)
المربع الأمني داخل مدينة القامشلي شبه خالٍ من المارة أمس (الشرق الأوسط)

عقد المجلس العسكري العام لقيادة «قسد» اجتماعاً طارئاً لبحث تطورات حصار القوات الحكومية أحياء كردية في محافظة حلب، بحضور القائد العام للقوات مظلوم عبدي.
وقال مسؤول عسكري مشارك في الاجتماع إن مواقف دمشق تجاه المنطقة عدائية، «باستمرارها في حصار حيي الشيخ مقصود والأشرفية بحلب، وتكثيف نشاطها الاستخباراتي، مؤخراً، وتصعيد لهجتها حيال (قسد) إعلامياً، كما تلعب سلطة النظام على وتر عشائر المنطقة»، ودعا المصدر ذاته الحكومة السورية إلى الابتعاد عن الخيار العسكري والأمني والالتزام بالحل السياسي.
في سياق متصل، أحكمت «قوى الأمن الداخلي (الأسايش)»، التابعة للإدارة الذاتية، سيطرتها على المربع الأمني داخل مدينة القامشلي، وسيطرت خلال ساعات صباح أمس على مجموعة من الكتل والدوائر الحكومية وسط مركز المدينة بعد أيام من تصاعد التوتر مع القوات الحكومية الموالية للرئيس السوري بشار الأسد، جاء على خلفية منع حواجز الفرقة الرابعة في مدينة حلب شمال البلاد دخول المواد الغذائية والمحروقات إلى حيي الأشرفية والشيخ مقصود ذوي الأغلبية الكردية.
هذا؛ وسيطرت قوات «الأسايش» على السراي الحكومي داخل مدينة القامشلي التابعة للحسكة، والذي يضم مؤسسات ودوائر خدمية حكومية، من بينها المجمع التربوي واتحاد الفلاحين ومركز اتحاد الشبيبة ودائرة الكهرباء ونقابة المعلمين ومؤسسة المالية، ومؤسسات أخرى تقع بالقرب من منطقة الأجهزة الأمنية. واستثنت من ذلك، المحكمة ومديرية المنطقة المطلة على شارع «القوتلي».
كما نصبت «الأسايش» حواجز بالقرب من دوار السبع بحرات، وتقدمت داخل المربع الأمني دون اشتباكات تذكر مع القوات الحكومية والأفرع الأمنية لأول مرة منذ سنوات، وقال شهود عيان وسكان المنطقة إن القوات الحكومية انسحبت إلى داخل مقار الأجهزة الأمنية دون حدوث أي اشتباكات، كما حاصرت «مخبز البعث الآلي» بالقرب من الحديقة العامة، وأغلقت الطرق المؤدية إلى مطارها المدني، حيث تتمركز القوات الروسية وقوات الأمن الجوي والمشفى الحكومي.
بدورها، قالت قوات «الأسايش»، في بيان رسمي نشر على موقعها أمس، إنها تقوم بإجراءات أمنية مشددة في مناطق وجود قوات الحكومة السورية في القامشلي «رداً على الحصار الجائر على أهالينا، من قبل قوات عسكرية وأمنية تابعة للنظام السوري في أحياء الشيخ مقصود والأشرفية بحلب»، وشددت على أن هذه الإجراءات الأمنية «مستمرة في المربع الأمني، حتى فك الحصار عن أهالي الشيخ مقصود والأشرفية بحلب»، وقالت: «قواتنا تعمل جاهدة للحفاظ على المراكز الخدمية والاجتماعية ومنع تخريبها، كما ننوه بأن قواتنا لم تسيطر على المؤسسات الحكومية، ولن تقوم بإيقاف عمل المراكز الخدمية، ولن تمنع موظفيها من العمل». وقالت مصادر مطلعة إن اجتماعاً آخر عقد أمس بين ممثلين عن الإدارة الذاتية والحكومة السورية وقيادة المحافظة، برعاية القوات الروسية العاملة ضمن قاعدة مطار القامشلي، لإنهاء الحصار على الأحياء الكردية بحلب، مقابل كسر الحصار على مناطق سيطرة الحكومة ضمن مدينتي الحسكة والقامشلي.
وفي حلب، تمنع عناصر «الفرقة الرابعة» منذ شهر دخول الطحين والمواد الغذائية والأدوية والمشتقات النفطية إلى أحياء الشيخ مقصود والأشرفية الكردية، مما تسبب في حرمان نحو 200 ألف شخص من المواد الغذائية في شهر رمضان.
وقال وجهاء عشائر وشخصيات مجتمعية وسكان الحيين المحاصرين في بيان: «إن ادعاءات (الفرقة الرابعة) بدخول المواد إلى الحيين كاذبة. إن هذا الحصار ينذر بكارثة إنسانية تهدد حياة الآلاف؛ كونه سياسة تجويعية، ولا تخدم وحدة الشعب السوري»، ودعا الجهات المعنية إلى حل المشكلة وإبعاد عناصر «الفرقة الرابعة» عن تلك الحواجز، والسماح بحركة المدنيين والتنقل من وإلى مدينة حلب والعودة للأحياء دون قيود، والسماح بدخول المواد الغذائية والأساسية والأدوية ومشتقات المحروقات والغاز.
في شأن سياسي، عقد قائد العمليات الأميركية الجديدة بالشرق الأوسط، مايكل كوريلا، ووفده الذي يضم خبراء ومستشارين عسكريين أميركيين، اجتماعاً مع قائد «قوات سوريا الديمقراطية» مظلوم عبدي، وأعضاء القيادة العامة للقوات، وبحث الجانبان خطورة تحركات الخلايا الموالية لتنظيم «داعش» وعودة نشاطها في المنطقة.
وتعهد الجنرال كوريلا في الاجتماع؛ الذي عقد بمدينة الحسكة أقصى شمال شرقي سوريا، بتقديم مزيد من الدعم المالي واللوجستي، لتأمين المعتقلات والسجون الخاصة التي تضم محتجزي التنظيم، ومخيمات عائلات عناصره وأسره. ونقل للمجتمعين التزام الإدارة الأميركية بمواصلة مهمة محاربة «داعش» والبقاء في سوريا لمحاربة بقايا التنظيم، والتزام بلاه بالحفاظ على أمن واستقرار مناطق شمال وشرق سوريا لمنع عودة «داعش» والقضاء على خلاياه النائمة وتجفيف منابع الإرهاب والبيئة المساعدة على ظهوره.
وبحث قائد العمليات الأميركية مع قيادة «قسد» الأوضاع الأمنية في مخيم الهول والتمرد المسلح الذي شهده المخيم، نهاية الشهر الماضي، وكيفية دعم «قوى الأمن الداخلي (الأسايش)» وتزويدها بمعدات وتقنيات حديثة، ومواجهة الخلايا النشطة الموالية للتنظيم. كما بحث بشكل مفصل الأحداث التي شهدها سجن الحسكة في حي الغويران نهاية يناير (كانون الثاني) الماضي، وبحث المجتمعون خطورة هذه التحركات.



سكان في غرب اليمن يكابدون للحصول على المياه النظيفة

انخفاض خصوبة التربة وزيادة الملوحة في اليمن أدى إلى تهديد الزراعة (الأمم المتحدة)
انخفاض خصوبة التربة وزيادة الملوحة في اليمن أدى إلى تهديد الزراعة (الأمم المتحدة)
TT

سكان في غرب اليمن يكابدون للحصول على المياه النظيفة

انخفاض خصوبة التربة وزيادة الملوحة في اليمن أدى إلى تهديد الزراعة (الأمم المتحدة)
انخفاض خصوبة التربة وزيادة الملوحة في اليمن أدى إلى تهديد الزراعة (الأمم المتحدة)

مع دخول الحرب التي أشعلها الحوثيون عامها العاشر، لا يزال ملايين من النازحين يعانون جراء غياب الخدمات ويعيشون في تجمعات تفتقر لأبسط مقومات الحياة، حيث تشكل أزمة المياه النظيفة في مناطق الساحل الغربي لليمن واحدة من صور المعاناة التي يعيشها النازحون بسبب الحرب.

يقول حسن، وهو أب لأربعة أطفال وصل إلى منطقة «يختل» قبل خمس سنوات، إنهم يسيرون لساعات من أجل جلب بضعة صفائح من الماء، وفي بعض الأيام، يعود وأطفاله خالي الوفاض، حيث يبدو أن المياه تفرّ بعيداً عن متناول اليد.

الصراع من أجل المياه في اليمن تفاقم بسبب سنوات الحرب (الأمم المتحدة)

ولأن الحرب أجبرت أكثر من 4.5 مليون يمني على ترك منازلهم، فقد لجأ الكثير منهم إلى قرى ريفية مثل «يختل» القريبة من ميناء المخا على ساحل البحر الأحمر، ومع وصول المزيد من الأسر النازحة، وغالباً لا يحملون سوى الملابس على ظهورهم، زاد الضغط على الموارد الشحيحة بالفعل.

وفي ظل هذه الظروف، يتنافس السكان المتزايدون على الوصول إلى المياه والمأوى والخدمات الأساسية؛ مما يؤدي إلى تفاقم التحديات التي يواجهها كل من النازحين والسكان المحليين. كما أدى انخفاض خصوبة التربة وزيادة ملوحة مصادر المياه وارتفاع مستويات سطح البحر إلى تهديد الزراعة على طول الساحل الغربي، خصوصاً في هذه المنطقة.

لهذا؛ يجد سكان المنطقة، الذين اعتمدوا في السابق على الزراعة على نطاق صغير لإعالة أسرهم، أنه من المستحيل تقريباً زراعة المحاصيل أو إطعام مواشيهم، حيث أصبح المناخ معادياً بشكل متزايد لأساليب الزراعة التقليدية.

كما أن صيد الأسماك على نطاق صغير، الذي كان أيضاً شريان حياة للاقتصاد المحلي، في انحدار. ومع فشل المحاصيل وتناقص مخزون الأسماك، أصبح لدى السكان خيارات أقل.

مهمة صعبة

يقرّ محمد علي، وهو أحد سكان «يختل» بالصعوبة، حيث يستيقظ كل يوم قبل الفجر للبحث عن الماء، وهي مهمة تستهلك صباحاته وتستنزف طاقته، كما أن رحلاته اليومية إلى نقاط المياه المشتركة محفوفة بعدم اليقين، هل سيجد ما يكفي من المياه لأسرته أم لا.

وفق المنظمة الدولية للهجرة، تفاقم الصراع من أجل المياه بسبب سنوات الحرب التي دمَّرت البنية الأساسية التي كانت ذات يوم حيوية للبقاء؛ لأن نظام المياه، الذي تم بناؤه في الأصل لخدمة 200 منزل، أصبح الآن ممتداً إلى ما هو أبعد من حدوده، في محاولة لتلبية احتياجات أكثر من 1500 أسرة، بما في ذلك مئات النازحين الذين هربوا من العنف في مناطق خطوط التماس بين القوات الحكومية والحوثيين.

البحث اليومي عن المياه يستهلك وقت الأسر وطاقتها لفترة طويلة (الأمم المتحدة)

من خلال إعادة تأهيل خطوط الأنابيب وبناء نقاط مياه جديدة، ساعدت تدخلات المنظمة الأممية في تخفيف العبء على الأسر وتخفيف الصراع على الموارد. كما يعالج المشروع المخاطر الصحية من خلال ضمان حصول كل من المجتمعات المضيفة والأسر النازحة على وصول موثوق به إلى المياه النظيفة.

وجزءاً من هذه الجهود في منطقة «يختل»، يتم توسيع شبكة توزيع المياه. ويشمل ذلك تركيب أنابيب أكبر وبناء مرافق تخزين مياه إضافية، وضمان توزيع العرض المحدود بكفاءة عبر المجتمع.

وبحسب المنظمة الأممية، تم إدخال أنظمة ضخ المياه بالطاقة الشمسية؛ مما يوفر مصدر طاقة مستداماً يقلل من الاعتماد على الوقود الباهظ الثمن وغير المتاح في كثير من الأحيان، ومساعدة المجتمعات على تحمل التقلبات الجوية المتطرفة مثل الفيضانات بشكل أفضل.

مساعدة على الصمود

تتضمن جهود منظمة الهجرة الدولية ترقية نظام المياه لتحسين قدرته على الصمود في مواجهة الفيضانات، والتخطيط بعناية لتجنب المناطق المعرضة للفيضانات وإنشاء تدابير وقائية، بالإضافة إلى ذلك، سيتم تركيب أجهزة تعقيم المياه بالكلور الأوتوماتيكية لتطهير المياه.

وبينما يتم إحراز تقدم في منطقة «يختل»، تستمر صراعات مماثلة في أجزاء أخرى من الساحل الغربي اليمني وفقاً للمجتمع الإغاثي، ففي مخيم للنازحين في حيس، يشارك سامي، وهو أب لاثني عشر طفلاً، قصة مألوفة عن المشقة، ويذكر أن معظم الأشخاص الذين يذهبون لجلب المياه هم من الأطفال؛ فهم لا يذهبون إلى المدرسة لأنهم مضطرون إلى المساعدة.

الجفاف يهدد مناطق واسعة باليمن مما يتسبب في شح المياه (إ.ب.أ)

تؤكد المنظمات الإغاثية أن عدم القدرة على الحصول على المياه النظيفة أدى إلى حرمان أطفاله من التعليم؛ مما أجبرهم على القيام بدورة من الأعمال المنزلية اليومية.

وبغرض معالجة النقص الحاد في المياه، تشرف منظمة الهجرة الدولية على بناء بئر جديدة من شأنها أن توفر مياه نظيفة وموثوقة لآلاف الأسر النازحة والمجتمعات المضيفة.

تجزم المنظمات الإغاثية أنه ومن خلال توفير هذا المصدر الثابت للمياه، سيتم تخفيف العبء المادي على الأسر وتقليل المخاطر الصحية المرتبطة بالمياه الملوثة، لكن رغم ذلك، تظل التحديات هائلة، حيث يستمر تغير المناخ والأحداث الجوية المتطرفة في جميع أنحاء اليمن في تضخيم أزمة المياه؛ مما يزيد من ضغوط الصراع والنزوح.