مباحثات جزائرية ـ فرنسية تعطي دفعة جديدة لعلاقات البلدين المتوترة

إيف لودريان أكد أن «لا غنى» عن التعاون مع الجزائر

جانب من لقاء الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون ووزير الخارجية الفرنسي في قصر المرادية ليلة أول من أمس (أ.ف.ب)
جانب من لقاء الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون ووزير الخارجية الفرنسي في قصر المرادية ليلة أول من أمس (أ.ف.ب)
TT

مباحثات جزائرية ـ فرنسية تعطي دفعة جديدة لعلاقات البلدين المتوترة

جانب من لقاء الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون ووزير الخارجية الفرنسي في قصر المرادية ليلة أول من أمس (أ.ف.ب)
جانب من لقاء الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون ووزير الخارجية الفرنسي في قصر المرادية ليلة أول من أمس (أ.ف.ب)

في مؤشر جديد على انفراج العلاقات المتوترة بين البلدين، أكد وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان خلال زيارة خاطفة إلى الجزائر أنه «لا غنى» عن التعاون بين البلدين من أجل استقرار المنطقة، حسبما أوردت وكالة الصحافة الفرنسية في تقريرها أمس.
وصرّح لودريان في وقت متأخر من ليلة أول من أمس، عقب محادثات مع نظيره الجزائري رمطان لعمامرة والرئيس عبد المجيد تبون «إننا نواجه تحديات إقليمية، وفي مقدمتها الإرهاب؛ ولذلك فإن تعاوننا في مجال الأمن واستقرار بيئتنا الإقليمية لا غنى عنه في البحر الأبيض المتوسط، كما في أفريقيا». مبرزاً أن «تطور الوضع في منطقة الساحل، والحاجة إلى استئناف مسار الانتقال في ليبيا يؤكد الحاجة إلى ذلك».
وتأتي هذه الزيارة في وقت تحاول فيه كل من فرنسا والجزائر إعطاء دفعة جديدة لعلاقاتهما المتوترة بعد أزمة دبلوماسية كبيرة، وذلك بعد أن قامت الجزائر باستدعاء سفيرها في باريس في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، رداً على تصريحات للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون اعتبر فيها أن الجزائر أقامت بعد استقلالها عام 1962، إثر 132 عاماً من الاستعمار الفرنسي، «ريعاً للذاكرة» عزّزه «النظام السياسي - العسكري».
وعلى إثر ذلك، قام إيف لودريان بزيارة أولى للجزائر في ديسمبر (كانون الأول)، في محاولة لنزع فتيل هذه الأزمة، في حين استأنف السفير الجزائري في فرنسا مهامه في باريس في السادس من يناير (كانون الثاني) الماضي.
وأضاف وزير الخارجية الفرنسي «لقد واصلنا العمل الذي بدأناه بشأن إعادة الإطلاق الجاري لعلاقاتنا الثنائية الضرورية لكل من بلدينا، والتي نرغب أن تستمر في إطار الاجتماع القادم للجنة الوزارية العليا المشتركة».
كما أشار إلى غزو روسيا لأوكرانيا، مؤكداً أن هذا النزاع «كانت له تداعيات كبرى على صعيد تنويع إمدادات الطاقة للدول الأوروبية، وكذلك لناحية أمن الإمدادات الغذائية، بما في ذلك للجزائر».
وتورد الجزائر نحو 11 في المائة من الغاز المستهلك في أوروبا، في حين تورد روسيا 47 في المائة. ومؤخراً ولّت العديد من الدول وجهها شطر الجزائر، في مسعى لخفض اعتمادها على الإمدادات الروسية منذ بدء الحرب في أوكرانيا، لكن الجزائر لديها قدرة محدودة للغاية على زيادة صادراتها، بحسب مراقبين. وقد أبرمت الجزائر الاثنين اتفاقاً لزيادة وارداتها من الغاز إلى إيطاليا، عبر خط أنابيب الغاز «ترانسميد» الذي يمر عبر تونس.
في سياق ذلك، تابع وزير الخارجية الفرنسي موضحاً أن العلاقات بين الجزائر وفرنسا «عميقة وتاريخية ومتعددة»، مشيراً إلى أنه بحث خلال لقائه مع الرئيس الجزائري الوضع في منطقة الساحل وليبيا. وقال لودريان، في تصريح صحافي على هامش لقائه مع الرئيس تبون بالعاصمة الجزائرية، إن البلدين يواجهان تحديات مشتركة على غرار الإرهاب، مشيراً إلى تطور الأوضاع في منطقة الساحل وضرورة بعث العملية الانتقالية في ليبيا.
وأكد لودريان، أنه تناول مع الطرف الجزائري هذه الملفات الحساسة في جو تسوده الثقة والتضامن، كأساس للشراكة بين الدولتين.
وكانت رئاسة الجمهورية الجزائرية قد كشفت في ساعة مبكرة من صباح أمس عن استقبال الرئيس الجزائري وزير الخارجية الفرنسي، أول من أمس، بحضور رمطان لعمامرة، وزير الشؤون الخارجية الجزائري. ووصل الوزير لودريان إلى الجزائر في زيارة دامت يومين لبحث التعاون والقضايا ذات الاهتمام المشترك، ومن بينها انتخابات الرئاسة الفرنسية، التي تنتظر دورها الثاني في 24 من الشهر الحالي، علماً بأن كتلة الناخبين في فرنسا تضم عدداً كبيراً من جزائريين مزدوجي الجنسية. وشملت أيضاً، «ملف الذاكرة» الذي أحدث توترات حادة في علاقات البلدين في المدة الأخيرة، والذي يحاول الطرفان تجاوزه بتطوير علاقاتهما في مجالات أخرى عديدة تربطهما.
وحسب مراقبين، فإن الترتيبات السريعة لزيارة لودريان إلى الجزائر توحي بأن فرنسا حريصة على ألا يفوتها شيء من المفاهمات التي جرت بين المسؤولين الجزائريين، وكبار المسؤولين في إيطاليا وإسبانيا وسلوفينيا، بخصوص توريد الغاز المسال إلى هذه البلدان، لتعويض الإمدادات بالغاز الروسي.



بيانات أممية: غرق 500 مهاجر أفريقي إلى اليمن خلال عام

رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
TT

بيانات أممية: غرق 500 مهاجر أفريقي إلى اليمن خلال عام

رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)

على الرغم من ابتلاع مياه البحر نحو 500 مهاجر من القرن الأفريقي باتجاه السواحل اليمنية، أظهرت بيانات أممية حديثة وصول آلاف المهاجرين شهرياً، غير آبهين لما يتعرضون له من مخاطر في البحر أو استغلال وسوء معاملة عند وصولهم.

ووسط دعوات أممية لزيادة تمويل رحلات العودة الطوعية من اليمن إلى القرن الأفريقي، أفادت بيانات المنظمة الدولية بأن ضحايا الهجرة غير الشرعية بلغوا أكثر من 500 شخص لقوا حتفهم في رحلات الموت بين سواحل جيبوتي والسواحل اليمنية خلال العام الحالي، حيث يعد اليمن نقطة عبور رئيسية لمهاجري دول القرن الأفريقي، خاصة من إثيوبيا والصومال، الذين يسعون غالباً إلى الانتقال إلى دول الخليج.

وذكرت منظمة الهجرة الدولية أنها ساعدت ما يقرب من 5 آلاف مهاجر عالق في اليمن على العودة إلى بلدانهم في القرن الأفريقي منذ بداية العام الحالي، وقالت إن 462 مهاجراً لقوا حتفهم أو فُقدوا خلال رحلتهم بين اليمن وجيبوتي، كما تم توثيق 90 حالة وفاة أخرى للمهاجرين على الطريق الشرقي في سواحل محافظة شبوة منذ بداية العام، وأكدت أن حالات كثيرة قد تظل مفقودة وغير موثقة.

المهاجرون الأفارقة عرضة للإساءة والاستغلال والعنف القائم على النوع الاجتماعي (الأمم المتحدة)

ورأت المنظمة في عودة 4.800 مهاجر تقطعت بهم السبل في اليمن فرصة لتوفير بداية جديدة لإعادة بناء حياتهم بعد تحمل ظروف صعبة للغاية. وبينت أنها استأجرت لهذا الغرض 30 رحلة طيران ضمن برنامج العودة الإنسانية الطوعية، بما في ذلك رحلة واحدة في 5 ديسمبر (كانون الأول) الحالي من عدن، والتي نقلت 175 مهاجراً إلى إثيوبيا.

العودة الطوعية

مع تأكيد منظمة الهجرة الدولية أنها تعمل على توسيع نطاق برنامج العودة الإنسانية الطوعية من اليمن، مما يوفر للمهاجرين العالقين مساراً آمناً وكريماً للعودة إلى ديارهم، ذكرت أن أكثر من 6.300 مهاجر من القرن الأفريقي وصلوا إلى اليمن خلال أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وهو ما يشير إلى استمرار تدفق المهاجرين رغم تلك التحديات بغرض الوصول إلى دول الخليج.

وأوضح رئيس بعثة منظمة الهجرة في اليمن، عبد الستار إيسوييف، أن المهاجرين يعانون من الحرمان الشديد، مع محدودية الوصول إلى الغذاء والرعاية الصحية والمأوى الآمن. وقال إنه ومع الطلب المتزايد على خدمات العودة الإنسانية، فإن المنظمة بحاجة ماسة إلى التمويل لضمان استمرار هذه العمليات الأساسية دون انقطاع، وتوفير مسار آمن للمهاجرين الذين تقطعت بهم السبل في جميع أنحاء البلاد.

توقف رحلات العودة الطوعية من اليمن إلى القرن الأفريقي بسبب نقص التمويل (الأمم المتحدة)

ووفق مدير الهجرة الدولية، يعاني المهاجرون من الحرمان الشديد، مع محدودية الوصول إلى الغذاء، والرعاية الصحية، والمأوى الآمن. ويضطر الكثيرون منهم إلى العيش في مأوى مؤقت، أو النوم في الطرقات، واللجوء إلى التسول من أجل البقاء على قيد الحياة.

ونبه المسؤول الأممي إلى أن هذا الضعف الشديد يجعلهم عرضة للإساءة، والاستغلال، والعنف القائم على النوع الاجتماعي. وقال إن الرحلة إلى اليمن تشكل مخاطر إضافية، حيث يقع العديد من المهاجرين ضحية للمهربين الذين يقطعون لهم وعوداً برحلة آمنة، ولكنهم غالباً ما يعرضونهم لمخاطر جسيمة. وتستمر هذه المخاطر حتى بالنسبة لأولئك الذين يحاولون مغادرة اليمن.

دعم إضافي

ذكر المسؤول في منظمة الهجرة الدولية أنه ومع اقتراب العام من نهايته، فإن المنظمة تنادي بالحصول على تمويل إضافي عاجل لدعم برنامج العودة الإنسانية الطوعية للمهاجرين في اليمن.

وقال إنه دون هذا الدعم، سيستمر آلاف المهاجرين بالعيش في ضائقة شديدة مع خيارات محدودة للعودة الآمنة، مؤكداً أن التعاون بشكل أكبر من جانب المجتمع الدولي والسلطات ضروري للاستمرار في تنفيذ هذه التدخلات المنقذة للحياة، ومنع المزيد من الخسائر في الأرواح.

الظروف البائسة تدفع بالمهاجرين الأفارقة إلى المغامرة برحلات بحرية خطرة (الأمم المتحدة)

ويقدم برنامج العودة الإنسانية الطوعية، التابع للمنظمة الدولية للهجرة، الدعم الأساسي من خلال نقاط الاستجابة للمهاجرين ومرافق الرعاية المجتمعية، والفرق المتنقلة التي تعمل على طول طرق الهجرة الرئيسية للوصول إلى أولئك في المناطق النائية وشحيحة الخدمات.

وتتراوح الخدمات بين الرعاية الصحية وتوزيع الأغذية إلى تقديم المأوى للفئات الأكثر ضعفاً، وحقائب النظافة الأساسية، والمساعدة المتخصصة في الحماية، وإجراء الإحالات إلى المنظمات الشريكة عند الحاجة.

وعلى الرغم من هذه الجهود فإن منظمة الهجرة الدولية تؤكد أنه لا تزال هناك فجوات كبيرة في الخدمات، في ظل قلة الجهات الفاعلة القادرة على الاستجابة لحجم الاحتياجات.