أزمة انقطاع الدواء تصل البنج... ومستشفيات تؤجل جراحات

نتيجة تراجع احتياطيات مصرف لبنان بالعملة الصعبة لدعم استيرادها

TT

أزمة انقطاع الدواء تصل البنج... ومستشفيات تؤجل جراحات

يعيش لبنان نكبة صحية لم يشهد لها مثيلاً، وصلت آخر علاماتها إلى انقطاع أدوية البنج التي لا يمكن إجراء أي عملية جراحية بسيطة أو معقدة من دونها، وذلك بسبب شح احتياطيات مصرف لبنان، ما يؤدي إلى تقنين استيراد أدوية الأمراض المستعصية وتلك المزمنة كما أدوية البنج التي لا تزال تخضع لدعم المصرف المركزي بعدما تم رفع الدعم عن معظم الأدوية الأخرى.
ويشير نقيب المستشفيات سليمان هارون إلى أن أدوية البنج الموضعي تشهد تقريباً انقطاعاً كلياً يصل إلى نسبة 90 في المائة فيما يسجل نقص في مخزون البنج العمومي لدى الأغلبية الساحقة من المستشفيات. ويوضح هارون في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «الوكيل يسلم هذه الأدوية معتمدا عملية تقنين كبير بحيث نطلب مثلا 20 علبة فلا يسلمنا أكثر من علبتين»، لافتا إلى أن «هناك أنواعا من البنج مقطوعة كليا ما يجبرنا كمستشفيات على التقنين باستخدام المخزون الذي لدينا والذي لا يكفي أكثر من 15 يوماً، وذلك من خلال تأجيل العمليات غير المستعجلة». ويضيف: «بحسب المستوردين فإن سبب الأزمة هو أن مصرف لبنان لم يفتح اعتمادات لاستيراد هذه الأدوية التي لا تزال خاضعة لآلية الدعم».
ويبدو مدير قسم الطوارئ في مستشفى «أوتيل ديو» في بيروت الدكتور أنطوان الزغبي ناقما أكثر من أي وقت مضى على ما وصلت إليه الأمور، معتبرا أنه «بفقدان أدوية الأمراض المستعصية والمزمنة والبنج نكون قد تجاوزنا الخطوط الحمراء»، لافتا إلى أن «اللبناني مبتكر وقادر على تجاوز الكثير من الصعاب والأزمات لكن حين يتعلق الأمر بصحته، فذلك لا يحتمل أي تلاعب بها من أي جهة كانت». ويضيف الزغبي لـ«الشرق الأوسط»: «هناك أولويات يجب احترامها والدواء كما الطحين أولوية ويجب على المسؤولين أن يكونوا على مستوى مواقعهم ويجدوا حلولا سريعة بالتعاون مع مستوردي الدواء والمستشفيات باعتبارهم جميعا يتحملون مسؤولية الوضع الراهن».
وينبه الزغبي إلى أن «هناك 3 أنواع من البنج لم تعد موجودة ما يدفعنا لتأجيل العمليات غير المستعجلة كما أن الدواء لـ60 في المائة من الأمراض السرطانية لم يعد متوافرا»، قائلا: «الوضع غير مطمئن على الإطلاق».
ويعتبر نقيب الصيادلة جو سلوم أن انقطاع أدوية البنج وأدوية السرطان، «رهينة أهواء البعض ورهينة سياسة عدم الترشيد»، لافتاً إلى أنه «مع الحلول المقترحة وعملية رفع الدعم عن الدواء هناك بارقة أمل لتوفر جزء من الأموال لأدوية السرطان والبنج». وطمأن سلوم في حديث إذاعي إلى أنه «ستكون هناك حلحلة، بحيث سيتم استيراد المزيد من أدوية البنج وتسليمها إلى المستشفيات والفترة الزمنية لن تكون طويلة».
وعقد وزير الصحة العامة فراس الأبيض اجتماعا بعد ظهر أمس مع نقابة مستوردي الأدوية في لبنان، وأبلغهم قرار مجلس الوزراء الموافقة على تحويل 13 مليونا وحوالي ثلاثمائة ألف دولار لاستيراد أدوية للأمراض السرطانية والمزمنة ومواد أولية لزوم الصناعة المحلية للدواء ومستلزمات طبية ضرورية وحليب للأطفال، مؤكدا أن مصرف لبنان باشر بإجراء التحويلات المالية اللازمة.
وأكد الأبيض خلال الاجتماع أن «الحكومة، ونظرا لأهمية ملف الدواء، أكدت استمرار الدعم»، مشيرا إلى أنه «اتفق مع وزير المالية يوسف خليل على هامش اجتماع مجلس الوزراء، على الآلية الواجب اعتمادها لاستمرار تأمين الأموال اللازمة لملف الدواء وعدم تكرار ما حصل أخيرا»، كاشفا أن «أي تحويل للأموال من قبل مصرف لبنان لم يتم خلال الأسابيع الأربعة الماضية».
وشكر «بعض الشركات التي لم توقف استيراد الأدوية إلى لبنان رغم التأخير الذي حصل في تحويل الأموال»، ودعا «الشركات العالمية التي جمدت التوريد إلى التسريع في استئناف نشاطها وتعويض النقص الحاصل في سوق الدواء بعد حل المسألة المالية».
ويحاول لبنان تغطية الشح بالدواء المستورد لعدم توافر الأموال من خلال دعم صناعة الدواء محليا، لكن هناك بعض الأدوية كالبنج مثلا لا يُصنع محليا. ويُصنع لبنان 1161 دواء من ضمن عشرين فئة علاجية للأمراض الأساسية والمزمنة مثل القلب، الضغط، السكري، الكولسترول، سيلان الدم، الربو، الالتهابات والحساسية إضافة إلى بعض الأمراض السرطانية.



الجيش الأميركي يتبنى قصف 15 هدفاً حوثياً

غارات أميركية استهدفت معسكراً للحوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
غارات أميركية استهدفت معسكراً للحوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الجيش الأميركي يتبنى قصف 15 هدفاً حوثياً

غارات أميركية استهدفت معسكراً للحوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
غارات أميركية استهدفت معسكراً للحوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

غداة سلسلة من الغارات التي ضربت مواقع في صنعاء وثلاث محافظات يمنية خاضعة للجماعة الحوثية المدعومة من إيران، الجمعة، أعلن الجيش الأميركي تبني هذه الضربات، التي قال إنها طالت 15 هدفاً للجماعة، في سياق الحد من قدراتها الهجومية ضد السفن.

وتشن واشنطن ضربات على الأرض منذ 12 يناير (كانون الثاني) الماضي، ضد الجماعة الحوثية، وشاركتها بريطانيا في 4 مرات على الأقل، رداً على الهجمات التي تنفذها الجماعة ضد السفن في البحرين الأحمر والعربي.

وأوضحت القيادة المركزية الأميركية في بيان على منصة «إكس»، أن قواتها نفذت ضربات على 15 هدفاً حوثياً في المناطق الخاضعة لسيطرة الجماعة المدعومة من إيران.

وشملت هذه الأهداف -بحسب البيان- قدرات عسكرية هجومية للحوثيين، إذ اتخذت هذه الإجراءات (الضربات) لحماية حرية الملاحة وجعل المياه الدولية أكثر أمناً وأماناً للسفن الأميركية وقوات التحالف والسفن التجارية.

وكانت الجماعة الحوثية أقرت، الجمعة، بسلسلة من الغارات وصفتها بـ«الأميركية - البريطانية»، وقالت إنها استهدفت «معسكر الصيانة» في صنعاء، وموقعاً في جنوبي ذمار، ومواقع في مديرية مكيراس التابعة لمحافظة البيضاء، فضلاً عن ضربات استهدفت مواقع عسكرية في مدينة الحديدة الساحلية على البحر الأحمر، ومناطق المطار والجبانة والكثيب.

ولم يشر الحوثيون إلى حجم خسائرهم جراء هذه الضربات التي استهدفت مواقع سبق استهدافها خلال الأشهر الماضية، في حين رجح مراقبون أن الغارات استبقت هجمات كانت تعد لها الجماعة ضد السفن.

وتشن الجماعة هجماتها ضد السفن منذ 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023 تحت مزاعم نصرة الفلسطينيين في غزة، إذ تدعي محاولة منع ملاحة السفن المرتبطة بإسرائيل بغض النظر عن جنسيتها إلى جانب السفن الأميركية والبريطانية.

دخان يتصاعد في صنعاء بعد ضربات أميركية استهدفت مواقع حوثية (أ.ف.ب)

وأطلقت واشنطن، في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، ما سمّته «تحالف حارس الازدهار»؛ لحماية الملاحة البحرية، قبل أن تبدأ ضرباتها الجوية على الأرض في 12 يناير الماضي، بمشاركة بريطانيا.

وتلقّت الجماعة الحوثية نحو 720 غارة غربية في مناطق يمنية عدة خاضعة لها، بما فيها صنعاء، لكن أكثر الضربات تركّزت على المناطق الساحلية في محافظة الحديدة الساحلية، وأدت، في مجملها، إلى مقتل أكثر من 60 عنصراً.

ضربات غير مجدية

تقول الحكومة اليمنية إن الضربات الغربية ضد الجماعة الحوثية غير مجدية، وإن الحل الأنجع هو دعم القوات الشرعية لاستعادة الحديدة وموانئها وصولاً إلى إنهاء الانقلاب الحوثي واستعادة العاصمة المختطفة صنعاء.

ووجدت الجماعة المدعومة من إيران في الحرب الإسرائيلية على غزة فرصة للهروب من استحقاقات السلام مع الحكومة اليمنية، إذ كان الطرفان وافقا أواخر العام الماضي على خريطة سلام توسطت فيها السعودية وعمان، قبل أن تنخرط الجماعة في هجماتها ضد السفن وتعلن انحيازها إلى المحور الإيراني.

عناصر حوثيون في صنعاء متضامنون مع «حزب الله» اللبناني (أ.ف.ب)

وبخلاف ما تزعمه الجماعة الحوثية من مساندة للفلسطينيين، ترى الحكومة اليمنية أن الجماعة تزايد بالقضية الفلسطينية في مسعى لتبييض جرائمها بحق اليمنيين خلال العشر سنوات الماضية مستغلة العاطفة الشعبية.

وأقر عبد الملك الحوثي في خطاب حديث بأن جماعته نجحت خلال أشهر التصعيد البحري من تجنيد وتعبئة نحو 500 ألف شخص، وسط مخاوف في الشارع اليمني من استغلال هذه التعبئة الواسعة لمهاجمة المناطق المحررة الخاضعة للحكومة اليمنية.

وتبنت الجماعة الحوثية إطلاق المئات من الصواريخ والطائرات المسيّرة باتجاه إسرائيل خلال الأشهر العشرة الماضية، لكن لم يكن لها أي تأثير هجومي باستثناء مسيَّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها في شقة بتل أبيب في 19 يونيو (حزيران) الماضي.

واستدعت الهجمات الحوثية إسرائيل للرد في 20 يوليو (تموز) الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة، وهو ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص وإصابة نحو 80 آخرين.

وتكررت الضربات الإسرائيلية في 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، على مستودعات الوقود في ميناءي الحديدة ورأس عيسى، كما استهدفت محطتي توليد كهرباء في الحديدة إضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات. وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص وإصابة نحو 30 شخصاً، وفق ما أقر به الحوثيون.

صورة وزعها الحوثيون لاستهداف ناقلة نفط بريطانية في البحر الأحمر بزورق مسيّر (إ.ب.أ)

ومِن بين نحو 188 سفينة تبنّت الجماعة مهاجمتها، أدى هجوم، في 18 فبراير (شباط) الماضي، إلى غرق السفينة البريطانية «روبيمار» في البحر الأحمر، قبل غرق السفينة اليونانية «توتور»، التي استهدفتها الجماعة في 12 يونيو الماضي.

كما أدى هجوم صاروخي حوثي، في 6 مارس (آذار) الماضي، إلى مقتل 3 بحّارة، وإصابة 4 آخرين، بعد أن استهدف سفينة «ترو كونفيدنس» الليبيرية في خليج عدن.

وإلى جانب الإصابات، التي لحقت عدداً من السفن، لا تزال الجماعة تحتجز السفينة «غالاكسي ليدر»، التي قرصنتها في 19 نوفمبر الماضي، واقتادتها مع طاقمها إلى ميناء الصليف، شمال الحديدة، وحوّلتها مزاراً لأتباعها.