تقرير حول «مخيم الأرامل» يثير غضب السوريين

نازحات سوريات في مخيمات النازحين بشمال غربي سوريا
نازحات سوريات في مخيمات النازحين بشمال غربي سوريا
TT

تقرير حول «مخيم الأرامل» يثير غضب السوريين

نازحات سوريات في مخيمات النازحين بشمال غربي سوريا
نازحات سوريات في مخيمات النازحين بشمال غربي سوريا

أثار تقرير نشرته منظمة «الرؤية العالمية» غير الحكومية، السبت الماضي، حول حوادث جنسية يتعرَّض لها عدد من النساء «الأرامل والمطلّقات» والقاصرات وعمالة الأطفال، في مخيمات النازحين شمال غربي سوريا، موجةَ غضب في أوساط النازحين والناشطين السوريين، بسبب المعلومات الواردة في التقرير. وكانت منظمة «World Vision» قد ذكرت في تقرير نشرته على موقعها، أن «النساء (الأرامل والمطلقات) والأطفال، الذين يعيشون في بعض المخيمات شمال غربي سوريا، يواجهون مستويات (مزمنة ومرتفعة) من العنف والاكتئاب، بما في ذلك الاعتداء اللفظي والجسدي والجنسي، وأن نحو 16 في المائة من النساء و26 في المائة من الأطفال الذين تحدثت إليهم المنظمة في 28 مخيماً للأرامل والمطلقات، لا يشعرون بالأمان داخل المخيمات، بسبب التحرُّش الجنسي وإساءة معاملة الأطفال. وذلك وفق دراسة أجرتها في يناير (كانون الثاني) وفبراير (شباط) الماضيين، تحدثت خلالها المنظمة في مقابلات مع نحو 200 امرأة، و139 قاصراً (أعمارهم بين 11 و18 سنة)، و80 طفلاً (بين ست وعشر سنوات)، معظمهم أمضوا سنوات في مخيمات (الأرامل)، وأن واحدة من بين كل أربع نساء تتعرض للاعتداء الجنسي، يومياً أو كل أسبوع أو شهر، وأنهن رضين بهذا الواقع مقابل توفر السكن»، بحسب التقرير. وأضاف التقرير أن «نحو 25 في المائة من النساء شهدن على حوادث جنسية في المخيم بشكل يومي أو أسبوعي أو شهري، بينما أبلغت 9 في المائة من النساء والفتيات عن تعرضهن لاعتداءات جنسية، في حين عبرت نحو 91 في المائة من النساء اللاتي تحدثت إليهن المنظمة عن شعورهن بمشاعر سلبية، وإحساس بالحزن أو اليأس، بينما كان 25 في المائة منهن محرومات من النوم في الأسبوعين السابقين، لأنهن عايشن حوادث عنف». وأثار التقرير حالة غضب واسعة في أوساط النازحين والناشطين السوريين، بسبب عدم صحة المعلومات التي تحدث عنها تقرير المنظمة، وطالبوا بفتح تحقيق فوري، لا سيما أن عدداً من الوكالات والجهات الإعلامية تناقلت التقرير بعنوان «الجنس مقابل البقاء في مخيمات الشمال السوري»، في رواية تخدم النظام السوري. وقالت أم زاهر (34 عاماً)، وهي «أرملة» من ريف حلب وتقيم في مخيم للأرامل في منطقة أطمة، بالقرب من الحدود السورية التركية، إنها شعرت وجارتها «بصدمة كبيرة بعد مشاهدتها تقرير المنظمة والمعلومات الواردة فيه وبُعدها عن الواقع الحقيقي، ومعظم المعلومات غير صحيحة بالمطلق». مضيفة: «نعيش في مخيم خاص بـ(الأرامل) حياة خاصة سعيدة نوعاً ما، وليس هناك ما يعكّر صفوها، سوى بُعدِنا عن منازلنا وقرانا التي هُجرنا منها، ولا وجود لرجال في المخيم يعملون على ابتزاز النسوة مقابل أي خدمات، ونحصل على مستحقاتنا الإغاثية والكفالات المالية لأبنائنا دون أدنى عناء، أو الاحتياج للتحدث مع أي رجل، سوى فرق المنظمات الإنسانية أثناء توزيع المساعدات، مرة كل شهر». من جهته، قال الحقوقي أكرم جنيد إن «التقرير الذي نشرته منظمة (World Vision)، حول الاعتداءات الجنسية للنساء في مخيمات النازحين شمال غربي سوريا، يدل على تأييدها الواضح للنظام السوري الذي دأب على ترويج الأخبار الكاذبة فيما يخص النازحين، والإساءة لكرامة النازحات السوريات، من خلال الطعن بكرامتهن وشرفهن، الذي لأجله تركن ديارهن ولجأن إلى المخيمات، تلافياً للتعرُّض للاغتصاب على أيدي ميليشيات النظام خلال عمليات الاقتحام التي طالت معظم المناطق الثائرة خلال السنوات الماضية». ويضيف أن «هناك جهات أمنية وقضائية قادرة على محاسبة كل مَن تسوّل له نفسه الإساءة للنازحات أو ابتزازهن، في الوقت الذي يعرف فيه الجميع أن كرامة النازحات من كرامة الجميع في شمال غربي سوريا، واحترامهن واجب أخلاقي يلتزم به



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.