مقتل عشرين شخصًا على الأقل في قصف جوي استهدف محطة حافلات في حلب

منظمة دولية: استخدام الأسلحة المتفجرة يهدد حياة خمسة ملايين سوري بينهم مليونا طفل

ردود فعل سكان منطقة دوار جسر الحج في مدينة حلب أمس بعد استهداف طيران النظام السوري لها بالبراميل المتفجرة (رويترز)
ردود فعل سكان منطقة دوار جسر الحج في مدينة حلب أمس بعد استهداف طيران النظام السوري لها بالبراميل المتفجرة (رويترز)
TT

مقتل عشرين شخصًا على الأقل في قصف جوي استهدف محطة حافلات في حلب

ردود فعل سكان منطقة دوار جسر الحج في مدينة حلب أمس بعد استهداف طيران النظام السوري لها بالبراميل المتفجرة (رويترز)
ردود فعل سكان منطقة دوار جسر الحج في مدينة حلب أمس بعد استهداف طيران النظام السوري لها بالبراميل المتفجرة (رويترز)

قُتل عشرون شخصا على الأقل بينهم أطفال وجرح أكثر من ثلاثين آخرين أمس، الثلاثاء، في قصف ببرميل متفجر استهدف محطة للحافلات العمومية في منطقة جسر الحج الخاضعة لسيطرة المعارضة في مدينة حلب، وفق المرصد السوري لحقوق الإنسان، في الوقت الذي دعت فيه منظمة الإعاقة العالمية إلى اتخاذ إجراءات عاجلة لحماية المدنيين من استخدام الأسلحة المتفجرة لحماية أكثر من خمسة ملايين سوري، بينهم مليونا طفل في خطر محدق.
وقال المرصد إن «عشرين شخصا على الأقل قضوا في المجزرة التي نفذتها طائرات النظام المروحية من خلال إلقاء برميل متفجر على منطقة قرب موقف للحافلات العمومية الصغيرة في منطقة جسر الحج». وأضاف: «معظم الجثث تعرضت للاحتراق بينما أصيب أكثر من 30 آخرين بينهم أطفال ومواطنات بجراح في القصف ذاته».
وأظهرت مقاطع فيديو بثها ناشطون حجم الدمار الناجم عن إلقاء البرميل المتفجر ورجال إطفاء وشبان يعملون على إخماد نيران اندلعت في سيارات وحافلات متوقفة تحت الجسر.
كما بدا شبان ومسعفون ينقلون أحد الضحايا وقد أصيب إصابة بالغة في ظهره. وقال أحد المسعفين الذي حضر في موقع القصف وتولى نقل القتلى والجرحى: «لا مناطق عسكرية هنا، كلنا مدنيون»، قبل أن يضيف: «الله ينتقم منهم».
وأوضح مدير المرصد رامي عبد الرحمن لوكالة الصحافة الفرنسية أن «القصف استهدف موقفا لحافلات عمومية يقصده المواطنون في المنطقة للتوجه إلى الأحياء الخاضعة لسيطرة النظام أو إلى خارج مدينة حلب». وقال إن عدد القتلى «مرشح للارتفاع بسبب وجود جرحى في حالات خطرة».
ويقع جسر الحج قرب حي الفردوس الخاضع لسيطرة قوات المعارضة في جنوب مدينة حلب التي تشهد مواجهات عنيفة منذ 2012 وتتقاسم قوات النظام والمعارضة السيطرة على أحيائها. وتقصف قوات النظام بشكل دائم الأحياء الشرقية التي تسيطر عليها المعارضة جوا، لا سيما بالبراميل المتفجرة التي حصدت مئات القتلى، بينما يستهدف مقاتلو المعارضة الأحياء الغربية بالقذائف.
من جهتها، أعلنت «منظمة الإعاقة العالمية» أن استخدام الأسلحة والمتفجرات في سوريا يضع حياة أكثر من خمسة ملايين سوري بينهم مليونا طفل في خطر محدق، داعية إلى اتخاذ إجراءات عاجلة لحماية المدنيين من استخدام الأسلحة المتفجرة.
وقالت في تقرير أصدرته الثلاثاء بعنوان «استخدام الأسلحة والمتفجرات في سوريا: قنبلة موقوتة على وشك الانفجار» إن «هناك خمسة ملايين شخص، منهم مليونا طفل، يعيشون في مناطق متضررة بشكل كبير بسبب استخدام هذه النوع من الأسلحة المتفجرة، والتي تسببت كذلك بخلق كارثة تهدد حياتهم من لحظة استخدامها ولسنوات طويلة جدا».
وتشمل الأسلحة المتفجرة الذخائر، مثل مدافع الهاون والصواريخ وقذائف المدفعية وقنابل الطائرات وكذلك العبوات الناسفة.
وأوضحت المنظمة في تقريرها المستند إلى تحليل نحو ثمانين ألف حادثة بين ديسمبر (كانون الأول) 2012 ومارس (آذار) 2015 أن «جميع أطراف النزاع يستخدمون وبشكل مكثف الأسلحة المتفجرة والقنابل وتأثيرها على المدنيين هو أمر مفزع ومرعب».
ويهدد استخدام الأسلحة المتفجرة حياة المدنيين بخطر حقيقي وفق المنظمة التي تشير إلى أن «75 في المائة من هذه الحوادث حصلت في المناطق السكانية».
وتحل محافظة حلب في المرتبة الأولى لناحية عدد السكان المتضررين من استخدام هذه الأسلحة مع تضرر أكثر من 1,18 مليون شخص، يليها ريف دمشق مع توثيق تضرر أكثر من 915 ألفا، فدمشق مع 561 ألف متضرر ثم إدلب مع 516 ألفا.
وقالت المنسقة الإقليمية للمنظمة آنا غارليا إن «الانفجارات والشظايا الناتجة عن الأسلحة المتفجرة إما أن تقتل وإما أن تتسبب بإصابات معقدة. مع وجود أكثر من مليون جريح جراء الحرب في سوريا لدينا جيل كامل سيعاني من تأثير هذه الأسلحة».
وأوضحت أنه في ظل «انعدام الرعاية الطبية الملائمة (...) وعندما لا تتم معالجة الإصابات بشكل سليم فمن المرجح عدم شفاء المصاب، ويمكن أن يتطور الوضع بشكل سلبي مسببا إعاقة أو عاهة مستديمة».
وأكدت أن «سوريا سترث تركة مميتة من الأسلحة المتفجرة ولسنوات». وناشدت المنظمة «جميع أطراف الصراع للامتثال فورا إلى القانون الإنساني الدولي والتوقف عن استخدام الأسلحة المتفجرة في المناطق المأهولة بالسكان»، ودعت «جميع الدول إلى إدانة هذا العمل واستخدام نفوذها لضمان توقف أطراف النزاع من استخدام هذا النوع من الأسلحة والضغط عليهم للمشاركة في المناقشات الجارية حاليا نحو التزام سياسي دولي لوقف استخدام الأسلحة المتفجرة في المناطق المأهولة بالسكان».
وأدى النزاع المستمر منذ أربعة أعوام إلى مقتل أكثر من 220 ألف شخص في سوريا.



دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
TT

دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)

مع توجّه الحكومة اليمنية بطلب إلى الأمم المتحدة لعقد مؤتمر للمانحين لجهة دعم خطة الاستجابة الإنسانية في البلاد، بعد تزايد الاحتياجات الإنسانية الملحَّة، جددت منظمات دولية وأممية الدعوة إلى زيادة التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية.

وفي حين تواصل الجماعة الحوثية إعاقة جهود الإغاثة في البلاد، ذكر الإعلام الرسمي أن سفير اليمن لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أكد على ضرورة أن تظل الأزمة الإنسانية في اليمن على رأس أولويات الأمم المتحدة والمجتمع الدولي للحد من المعاناة المتزايدة، داعياً إلى تكثيف الجهود للإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المختطَفين والمعتقَلين، ومحاسبة المسؤولين عن مختلف الانتهاكات، في إشارة إلى الجماعة الحوثية.

وفي بيان اليمن أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، خلال الجلسة الخاصة بتعزيز تنسيق المساعدات الإنسانية والإغاثية، حذَّر السعدي المجتمع الدولي من خطورة تجاهل الانتهاكات التي ترتكبها الجماعة الحوثية لخدمة أجندتها السياسية، بما في ذلك استخدام المساعدات الإنسانية لخدمة أهدافها العسكرية وتحويل المناطق الخاضعة لسيطرتها إلى سجون لمن يعارضونها.

أكثر من 19 مليون يمني بحاجة إلى المساعدات خلال العام المقبل حسب تقديرات أممية (الأمم المتحدة)

وأعاد البيان اليمني التذكير بأهمية نقل مقرات الوكالات الأممية والمنظمات الدولية إلى العاصمة المؤقتة عدن لضمان سلامة العاملين في المجال الإنساني، وتوفير بيئة آمنة للعمل بعيداً عن التدخلات؛ ما يساهم في تحسين القدرة على إيصال المساعدات إلى الفئات المحتاجة في مختلف المناطق. وتتهم الحكومة اليمنية وأوساط إغاثية وحقوقية محلية وأممية ودولية الجماعة الحوثية بالاستمرار في اختطاف العاملين بالمجال الإغاثي، وتبني حملات إعلامية مسيئة للعمل الإنساني، ورفض الاستجابة لطلبات عائلات المختطفين بالسماح بزيارتهم والاطمئنان على صحتهم الجسدية والنفسية، وتقديم الرعاية لهم.

سوء التنظيم والتخطيط

وجدَّدت الحكومة اليمنية التذكير بالأضرار الكبيرة التي تسببت بها الفيضانات والسيول التي ضربت عدة مناطق يمنية هذا العام، إلى جانب مختلف التطرفات المناخية التي ضاعفت من الآثار الناجمة عن الحرب في مفاقمة الأوضاع الإنسانية والاقتصادية؛ ما زاد من أهمية وضرورة تكثيف دعم المجتمع الدولي لليمن في مواجهة هذه التحديات.

جهات دولية تتهم الجماعة الحوثية بإعاقة أعمال الإغاثة بعد اختطاف موظفي المنظمات (رويترز)

ولا يتوقع جمال بلفقيه رئيس اللجنة العليا للإغاثة في الحكومة اليمنية أن يكون الدعم كبيراً أو كافياً لمواجهة مختلف المتطلبات والاحتياجات، مشيراً إلى أن عملية حشد الأموال لا بد أن تقترن بكيفية تنظيم إدارة العمل الإنساني والإغاثي، وخلق شراكة حقيقية بين الحكومة اليمنية والقطاع الخاص، والمنظمات المحلية والجهات الإغاثية الحالية، لإيصال المساعدات.

وفي حديثه لـ«الشرق الأوسط»، يصف بلفقيه الأزمة الإنسانية في بلاده بالأشد قسوة؛ ما يجعل من غير الممكن على اليمنيين الصمود أمام متطلبات معيشتهم، في ظل استمرارها وتصاعدها، منوهاً بأن حجم الأموال التي يمكن الحصول عليها ليس مهماً إذا لم يتم تنظيم عمليات الإغاثة للوصول بكفاءة إلى كل المستحقين.

وانتقد بلفقيه، وهو أيضاً مستشار وزير الإدارة المحلية، التوجهات الأممية الموسمية لزيادة التمويل، عند نهاية عام وبداية عام جديد، مع غياب التخطيط والتنظيم الفاعلين، وعدم مراعاة الاحتياجات المحلية للمتضررين من الأزمة الإنسانية في كل محافظة.

فيضانات الصيف الماضي في اليمن فاقمت من الأزمة الإنسانية وزادت من احتياجات الإغاثة (الأمم المتحدة)

من جهتها، أكدت منظمة «هيومن رايتس ووتش» أن اليمن أصبح يعيش «واحدة من أكبر الأزمات الإنسانية في العالم»، وفقاً لبيانات الأمم المتحدة؛ ما يزيد من احتياجات التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية، بما فيها الغذاء والمياه والإمدادات الطبية.

واتهمت المنظمة، في بيان حديث لها، الجماعة الحوثية، باحتجاز وإخفاء 17 شخصاً على الأقل من موظفي الأمم المتحدة، بالإضافة إلى عشرات الموظفين من المنظمات غير الحكومية ومنظمات المجتمع المدني والشركات الخاصة، ومواصلة احتجازهم دون تهم.

إيقاف التمويل

نقلت «هيومن رايتس ووتش» عن الأمم المتحدة، أن 24.1 مليون يمني، أي ما يساوي 80 في المائة من السكان، بحاجة إلى المساعدات الإنسانية والحماية».

ونبهت المنظمة الدولية إلى أن الحكومة السويدية أقرَّت، أواخر الشهر الماضي، «الإنهاء التدريجي» لمساعداتها الإنمائية لليمن، على خلفية الإجراءات التدميرية المتزايدة للجماعة الحوثية في الأجزاء الشمالية من اليمن، ومنها اختطاف موظفي الأمم المتحدة.

كما دعت الأمم المتحدة والمجتمع الدولي تصعيد مطالبة الحوثيين بالإفراج عن المعتقلين، وتنسيق جهودهما بشكل أفضل في هذا الهدف المشترك. وقالت: «يجب أن تضاعف وكالات الأمم المتحدة الجهود لحماية ودعم موظفيها المتبقين في اليمن».

رغم تراجع تمويل الإغاثة في اليمن لا تزال وكالات أممية تقدم مساعدات للنازحين والمحتاجين (الأمم المتحدة)

ويتفق الباحث الاقتصادي، عادل السامعي، مع مسؤول الإغاثة اليمني، بلفقيه، حول سوء إدارة أموال الإغاثة في اليمن، وتسبب ذلك في حلول جزئية ومؤقتة للأزمة الإنسانية في البلاد. ويوضح السامعي لـ«الشرق الأوسط» أن هناك تراجعاً ملحوظاً في تمويل خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن بسبب «الفساد» الذي أضر بالعملية الإغاثية وتجيير كثير من أوجه الدعم والمساعدات لصالح الجماعة الحوثية.

ويلفت إلى أن هناك تراكماً للفجوات بين الاحتياجات التي تفرضها الأزمة الإنسانية في اليمن والتمويل الموجَّه لها؛ فبعد أن كانت متطلبات الاستجابة الإنسانية خلال الـ12 عاماً الماضية تزيد على 33 مليار دولار، جرى تحصيل أقل من 20 مليار دولار فقط.

وخلال الأسبوع الماضي، كشفت الأمم المتحدة عن حاجتها إلى 2.5 مليار دولار لدعم خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن خلال العام المقبل (2025).

بسبب اختطاف الجماعة الحوثية موظفي الإغاثة في اليمن تراجعت عدد من الدول عن تمويل الاستجابة الإنسانية (أ.ف.ب)

وحذَّر «مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)»، في بيان له، من أن الظروف المعيشية لمعظم اليمنيين ستظل مزرية في عام 2025. ومن المتوقَّع أن تؤدي فرص كسب العيش المحدودة وانخفاض القدرة الشرائية إلى تعميق عدم الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي.

ووفقاً للمكتب الأممي، فإن 19.54 مليون شخص في اليمن بحاجة إلى المساعدة خلال العام المقبل، من بينهم 17 مليون شخص (49 في المائة من السكان) سيواجهون انعدام الأمن الغذائي الشديد، مع معاناة 5 ملايين شخص من ظروف «الطوارئ». بينما يؤثر سوء التغذية الحاد على نحو 3.5 مليون شخص، بمن في ذلك أكثر من 500 ألف شخص يعانون من سوء التغذية الحاد الشديد.