تسارناييف أحد المسؤولين عن هجوم بوسطن.. «نادم على فعلته»

الحكم على مفجر ماراثون بوسطن هذا الأسبوع > عمات وخالات من الشيشان للشهادة لصالحه

جوهر تسارناييف أحد المتهمين الاثنين في محاكمة تفجير ماراثون بوسطن (وسط) خلال المرافعة الختامية أمس (أ.ب)
جوهر تسارناييف أحد المتهمين الاثنين في محاكمة تفجير ماراثون بوسطن (وسط) خلال المرافعة الختامية أمس (أ.ب)
TT

تسارناييف أحد المسؤولين عن هجوم بوسطن.. «نادم على فعلته»

جوهر تسارناييف أحد المتهمين الاثنين في محاكمة تفجير ماراثون بوسطن (وسط) خلال المرافعة الختامية أمس (أ.ب)
جوهر تسارناييف أحد المتهمين الاثنين في محاكمة تفجير ماراثون بوسطن (وسط) خلال المرافعة الختامية أمس (أ.ب)

قال أحد الشهود في قضية تفجير ماراثون بوسطن إن جوهر تسارناييف، أحد المتهمين الاثنين، نادم على فعلته.
جاء ذلك في الوقت الذي اختتم فيه محامي الدفاع مرافعته التي يحاول فيها إنقاذ حياة موكله.
واستمعت المحكمة لشهادات 40 شخصا في القضية بينهم هيلين بريان الناشطة في مجال المطالبة بإلغاء عقوبة الإعدام. وأوضحت بريان أن تسارناييف أظهر لها ندما شديدا على ما قام به، وأنه قال لها تعليقا على ضحايا التفجير: «ينبغي ألا يعاني أحد بهذا الشكل». وأدى التفجير الذي وقع قرب خط نهاية ماراثون بوسطن عام 2013 إلى مقتل 3 أشخاص.
ومع نهاية هذا الأسبوع، يتوقع أن يصدر الحكم على جوهر تسارناييف، المهاجر الشيشاني الذي اشترك مع شقيقه في تفجيرات ماراثون بوسطن التي قتلت ثلاثة أشخاص وجرحت أكثر من مائتي شخص، بينما يواصل الدفاع تقديم شهود لإقناع المحكمة بعدم الحكم عليه بالإعدام. ولأول مرة، بدأ الدفاع يقدم شهودا أحضرهم، على نفقة المحكمة، من الشيشان، هن عمات وخالات.
أول من أمس، شهدت الراهبة الكاثوليكية هيلين بريجين، وقالت، كما نقلت صحيفة «بوسطن غلوب»، إن جوهر تسارناييف «يبدو آسفا أسفا صادقا» على ما فعل. اشتهرت بريجين بمعارضتها أحكام الإعدام، وبتأليفها كتبا صارت أفلاما، وبمقابلاتها مع السجناء. وقالت إنها قابلت تسارناييف في السجن خمس مرات خلال العام الماضي.
وقالت في المحكمة: «لا أعتقد أنه قابل راهبة قبل أن يقابلني، لكنه رحب بي، واستمع إلى. كانت اجتماعاتنا مفيدة»، وقالت إنهما تحدثا عن الأديان، وعن الاختلافات بين المسيحية الكاثوليكية والإسلام.
وقالت وكالة «رويترز»: «صارت الراهبة بريجين أقرب شخص إلى تسارناييف يشهد أمام المحكمة»، وهذه إشارة إلى أن تسارناييف رفض أن يدلي بشهادته، وظل صامتا لا يتكلم خلال جلسات محاكمته.
وقال روبرت بلوم، أستاذ القانون في كلية بوسطن: «صار واضحا أن تسارناييف لن يتكلم خلال محاكمته. يعنى هذا أن الاتهام لن يقدر على استجوابه، وعلى سؤاله أسئلة تثبت رأي الاتهام بأن تسارناييف تعمد فعل ما فعل». وأضاف بلوم: «أعتقد أن هذا قرار صائب. صار واضحا أن تسارناييف أثبت قدرته على الصمت خلال محاكمته. وها هي راهبة تتكلم معه، وتدافع عنه».
وحسب صحيفة «بوسطن غلوب»، في الأسبوع الماضي، ولأول مرة، أظهر تسارناييف عواطفه عندما سالت دموع من عينيه خلال شهادة خالته. وكانت باتيمان سليمانوفا (فاطمة سليمان) جاءت من الشيشان للشهادة، حسب طلب الدفاع. وبمجرد بداية كلامها، مع مترجمة، داخل المحكمة، بدأت تبكي، كانت (عمرها 64 عاما) تنظر إلى ابن أختها (عمره 21 عاما) على مسافة عشرة أقدام فقط. وتطور البكاء إلى شهيق، ولم تقدر على أن تواصل كلامها.
بعد ثلاث دقائق، طلب القاضي جورج أوتولي من محامي الدفاع، الذي كان يجلس بالقرب منها، تأجيل شهادتها لوقت آخر. خلال هذا الوقت، مسح تسارناييف دموعا سالت من عينيه، ثم كرر ذلك بعد ثوان قليلة، ثم عاد إلى جلسته التقليدية، لامسا خلفية الكرسي الذي جلس عليه بظهره.
بعد الخالة، شهدت عمته، وتكلمت، رغم حزنها، وأشادت، مثل الخالة، بتسارناييف. وتحدثت عن «براءته» و«حسن أخلاقه» و«احترامه لوالديه».
هذه المرة، عندما خرج تسارناييف، مع الشرطة، من قاعة المحكمة لساعة تناول الغداء، التفت إلى الوراء، ونظر إلى العمة، وأرسل لها قبلة في الهواء، دون أن يبتسم. وعلقت صحيفة «بوسطن غلوب»: «هذا يوم مثير.. يوم تصرفات عاطفية. أول مرة، بدا تسارناييف وكأنه يبكى. وثاني مرة، أرسل قبله في الهواء. خلال كل جلسات محاكمته، جلسات ما قبل الإدانة، ثم الآن جلسات إصدار الحكم، ظل صامتا، وكأنه لا يملك عواطف» وأضافت الصحيفة: «صار هذان التصرفان أفضل شهادة لصالحه بأنه، في نهاية المطاف، إنسان وإنساني».
هذا، ويتوقع أن تستمر شهادات عمات وخالات جئن من الشيشان، ثم يختم الدفاع شهوده، ثم يقدم الاتهام شهوده، ثم يصدر الحكم، قد يكون يوم الجمعة.



رياح اليسار تهب مجدداً على أميركا اللاتينية

رياح اليسار تهب مجدداً على أميركا اللاتينية
TT

رياح اليسار تهب مجدداً على أميركا اللاتينية

رياح اليسار تهب مجدداً على أميركا اللاتينية

هل عادت رياح اليسار تهب من جديد على أميركا اللاتينية بعد موجة الانتصارات الأخيرة التي حصدتها القوى والأحزاب التقدمية في الانتخابات العامة والرئاسية؟
من المكسيك إلى الأرجنتين، ومن تشيلي إلى هندوراس والبيرو، ومؤخراً كولومبيا، خمسة من أقوى الاقتصادات في أميركا اللاتينية أصبحت بيد هذه الأحزاب، فيما تتجه كل الأنظار إلى البرازيل حيث ترجح الاستطلاعات الأولى فوز الرئيس الأسبق لولا دي سيلفا في انتخابات الرئاسة المقبلة، وإقفال الدائرة اليسارية في هذه المنطقة التي تتعاقب عليها منذ عقود شتى أنظمة الاستبداد العسكري والمدني، التي شهدت أبشع الديكتاتوريات اليسارية واليمينية.
بعض هذه الدول عاد إلى حكم اليسار، مثل الأرجنتين وهندوراس وبوليفيا، بعد أن جنح إلى الاعتدال، ودول أخرى لم تكن تتصور أنها ستقع يوماً في قبضة القوى التقدمية، مثل تشيلي وكولومبيا، فيما دول مثل المكسيك وبيرو ترفع لواء اليسار لكن اقتصادها يحتكم إلى أرسخ القواعد الليبرالية.
هذه الموجة تعيد إلى الأذهان تلك التي شهدتها المنطقة مطلع هذا القرن مع صعود هوغو تشافيز في فنزويلا، وتحت الظل الأبدي الوارف لفيديل كاسترو، فيما أطلق عليه يومها «اشتراكية القرن الحادي والعشرين». ومن المفارقة أن الدوافع التي كانت وراء ظهور هذه الموجة، نجدها غالباً في تمايزها عن تلك الموجة السابقة التي كان لارتفاع أسعار المواد الأولية والصادرات النفطية الدور الأساسي في صمودها. فيما محرك التغيير اليوم يتغذى من تدهور الوضع الاجتماعي الذي فجر احتجاجات عام 2019 وتفاقم مع ظهور جائحة «كوفيد». يضاف إلى ذلك أن تطرف القوى اليمينية، كما حصل في الأرجنتين وكولومبيا وتشيلي وبيرو، أضفى على الأحزاب اليسارية هالة من الاعتدال ساعدت على استقطاب قوى الوسط وتطمين المراكز الاقتصادية.
ومن أوجه التباين الأخرى بين الموجتين، أنه لم يعد أي من زعماء الموجة الأولى تقريباً على قيد الحياة، وأن القيادات الجديدة تتميز ببراغماتية ساعدت على توسيع دائرة التحالفات الانتخابية نحو قوى الوسط والاعتدال كما حصل مؤخراً في تشيلي وكولومبيا.
حتى لولا في البرازيل بحث عن حليفه الانتخابي في وسط المشهد السياسي واختار كمرشح لمنصب نائب الرئيس جيرالدو آلكمين، أحد زعماء اليمين المعتدل، الذي سبق أن هزمه في انتخابات عام 2006.
ولى زمن زعماء اليسار التاريخيين مثل الأخوين كاسترو في كوبا، وتشافيز في فنزويلا، وإيفو موراليس في بوليفيا، الذين اعتنقوا أصفى المبادئ الاشتراكية وحاولوا تطويعها مع مقتضيات الظروف المحلية، وجاء عهد قيادات جديدة تحرص على احترام الإطار الدستوري للأنظمة الديمقراطية، وتمتنع عن تجديد الولاية، وتلتزم الدفاع عن حقوق الإنسان والحفاظ على البيئة.
لكن مع ذلك لا يستقيم الحديث عن كيان واحد مشترك تنضوي تحته كل القوى التقدمية الحاكمة حالياً في أميركا اللاتينية، إذ إن أوجه التباين بين طروحاتها الاقتصادية والاجتماعية تزيد عن القواسم المشتركة بينها، الأمر الذي يدفع إلى التساؤل حول طبيعة العلاقات التي ستقيمها هذه القوى التقدمية مع محيطها، وأيضاً مع بقية دول العالم.
وتشير الدلائل الأولى إلى ظهور توتر يتنامى بين رؤية القوى التقدمية الواقعية والمتعددة الأطراف للعلاقات الدولية، والمنظور الجيوستراتيجي للمحور البوليفاري. ومن المرجح أن يشتد في حال فوز لولا في البرازيل، نظراً لتمايز نهجه الدبلوماسي عن خط كوبا وفنزويلا، في الحكم كما في المعارضة.
ويلاحظ أن جميع القوى اليسارية الحاكمة اليوم في أميركا اللاتينية، وخلافاً لتلك التي حكمت خلال الموجة السابقة، تعتمد أسلوباً دفاعياً يهدف إلى صون، أو إحداث، تغييرات معتدلة من موقع السلطة وليس من خلال التعبئة الاجتماعية التي كانت أسلوب الأنظمة اليسارية السابقة، أو البوليفارية التي ما زالت إلى اليوم في الحكم. ولا شك في أن من الأسباب الرئيسية التي تدفع إلى اعتماد هذا الأسلوب الدفاعي، أن القوى اليسارية والتقدمية الحاكمة غير قادرة على ممارسة الهيمنة السياسية والآيديولوجية في بلدانها، وهي تواجه صعوبات كبيرة في تنفيذ برامج تغييرية، أو حتى في الحفاظ على تماسكها الداخلي.
ويتبدى من التحركات والمواقف الأولى التي اتخذتها هذه الحكومات من بعض الأزمات والملفات الإقليمية الشائكة، أن العلاقات مع كوبا ونيكاراغوا وفنزويلا ستكون مصدراً دائماً للتوتر. ومن الأمثلة على ذلك أن الرئيس الكولومبي الجديد غوستافو بيترو، ونظيره التشيلي، اللذين كانا لأشهر قليلة خلت يؤيدان النظام الفنزويلي، اضطرا مؤخراً لإدانة انتهاكات حقوق الإنسان التي يمارسها نظام نيكولاس مادورو، علماً بأن ملايين الفنزويليين لجأوا في السنوات الأخيرة إلى كولومبيا وتشيلي.
وفي انتظار نتائج الانتخابات البرازيلية المقبلة، وبعد تراجع أسهم المكسيكي مانويل لوبيز لوبرادور والتشيلي بوريتش لقيادة الجبهة التقدمية الجديدة في أميركا اللاتينية، برزت مؤخراً صورة الرئيس الكولومبي المنتخب الذي يتولى مهامه الأحد المقبل، والذي كان وضع برنامجه الانتخابي حول محاور رئيسية ثلاثة تمهد لهذا الدور، وهي: الحفاظ على البيئة والموارد الطبيعية وتغير المناخ، والدور المركزي لمنطقة الكاريبي والسكان المتحدرين من أصول أفريقية، والميثاق الإقليمي الجديد الذي لا يقوم على التسليم بريادة الولايات المتحدة في المنطقة لكن يعترف بدورها الأساسي فيها.