الانتخابات تقتحم الإعلام اللبناني... وبـ«الفرش دولار»

رئيس «هيئة الإشراف»: نرصد المخالفات لاتخاذ الإجراءات المناسبة

رئيس هيئة الإشراف على الانتخابات نديم عبدالملك
رئيس هيئة الإشراف على الانتخابات نديم عبدالملك
TT

الانتخابات تقتحم الإعلام اللبناني... وبـ«الفرش دولار»

رئيس هيئة الإشراف على الانتخابات نديم عبدالملك
رئيس هيئة الإشراف على الانتخابات نديم عبدالملك

تطغى الانتخابات النيابية على ما عداها من مواضيع في الإعلام اللبناني بكل أنواعه وبرامجه، لا سيما المرئي منه. إلا أن متابعين عن كثب يؤكدون لـ«الشرق الأوسط» أن هذا الحضور مرتبط بإنفاق مرشحين على الحملات الإعلامية وبشكل أصبح «خارج أي قواعد أو معايير». ولا ينفي رئيس هيئة الإشراف على الانتخابات نديم عبد الملك في اتصال مع «الشرق الأوسط»، وجود «فوضى في الحملات الانتخابية في الإعلام»، مقراً بأن «وسائل الإعلام لا تقدم التقارير الدقيقة المطلوبة لإطلالات المرشحين على شاشاتها لناحية التكلفة والمساحة والوقت».
ومع رفض 3 محطات تلفزيونية اتصلت بها «الشرق الأوسط» الإفصاح عن الحملات المدفوعة التي تقدمها للمرشحين، تكشف معلومات حصلت عليها «الشرق الأوسط» أن الإطلالة عبر برنامج مخصص للمرشحين في إحدى القنوات تكلف ما بين عشرة و20 ألف دولار أميركي، أما المقابلة في برنامج سياسي فتكلف بين مائة ومائتي ألف دولار أميركي، في وقت وصلت فيه رزمة كاملة عبر محطة تلفزيونية، تشمل مقابلات وإطلالات دورية وتغطية لنشاطات المرشحين في اللائحة إلى أكثر من مليون دولار أميركي. واللافت أن المعلومات التي تتحدث عن هذا الإنفاق بالدولار، تؤكد أنه «فرش»، أي أنه من الدولارات النقدية التي دخلت إلى لبنان بعد الأزمة المالية وليس من الدولارات المجمدة لدى المصارف. وللدولار في لبنان 3 أسعار: رسمي بـ1500 ليرة، ومنصة صيرفة بـ8 آلاف ليرة، والسوق السوداء فوق 20 ألفاً، وهو السعر السائد في معظم معاملات الناس وحياتهم اليومية.
وتفيد المعلومات أيضاً بأن هذه الأرقام قابلة للزيادة مع قرب موعد الانتخابات النيابية حيث ستصبح أيضا الإطلالة عبر معظم البرامج السياسية تقتصر على من يدفع ثمنها فقط ما يؤكد غياب تكافؤ الفرص بالنسبة إلى كل المرشحين وتحديدا من هم مستقلون ولا ينتمون إلى أحزاب كبيرة، على حد تعبير مرشحين أحدهما على لوائح المجتمع المدني والثاني مستقل ضمن لائحة «حزبية». ويقولان لـ«الشرق الأوسط» إنهما غير قادرين على «دفع المبالغ الكبيرة للإطلالات التلفزيونية».
رئيس هيئة الإشراف على الانتخابات نديم عبد الملك لا ينفي هذا الأمر، ويؤكد أنه «سمع بأن الحملات الإعلامية وصلت إلى مليون دولار أميركي». ويقول: «هناك فريق عمل يقوم بعمله بمراقبة الإعلام ورصد المخالفات، لتتخذ الهيئة الإجراءات المناسبة وهي تتراوح بين التحذير والإحالة على محكمة المطبوعات». ويلفت في الوقت عينه أن «الهيئة غير قادرة بالصلاحيات والقدرات المالية واللوجيستية المحدودة لديها العمل أكثر من ذلك».
وفي هذا الإطار، أتت دراسة قامت بها «مؤسسة مهارات» تركزت على تغطيات القنوات التلفزيونية للحملات الانتخابية خلال شهر مارس (آذار) الماضي، كاشفة أن مجموع معدل توقيت البث المباشر والمقابلات في شهر مارس بلغ 7500 دقيقة، مشيرة إلى أنه إذا تم احتساب معدل الدقيقة الواحدة ألف دولار وفق تقديرات انتخابات العام 2018 تكون بدلات المحطات التلفزيونية 7 ملايين و500 ألف دولار في هذا الشهر.
مع العلم أن هيئة الإشراف على الانتخابات كانت قد حددت سقف المبلغ الأقصى الذي يحق لكل مرشح إنفاقه أثناء فترة الحملة الانتخابية، وهو يتضمن قسماً ثابتاً مقطوعاً قدره 750 مليون ليرة، ويضاف إليه قسم متحرك مرتبط بعدد الناخبين في الدائرة الانتخابية التي ينتخب فيها وقدره خمسون ألف ليرة لبنانية (50 ألف ليرة لبنانية) عن كل ناخب مسجل في قوائم الناخبين في هذه الدائرة، أما سقف الإنفاق الانتخابي للائحة فهو مبلغ ثابت مقطوع قدره سبعمائة وخمسون مليون ليرة لبنانية عن كل مرشح.
ومع إشارة «دراسة مهارات» إلى «الزيادة الكبيرة في حجم التغطيات لموضوع الانتخابات في كل المحطات قياسا إلى الأشهر الماضية ما يؤكد أن الحياة السياسية المحلية باتت تعيش على وقع الاستعداد لهذا الاستحقاق السياسي الرئيسي»، لفت إلى أن ذلك يعني «انطلاق المحطات في ممارسة الإعلان الانتخابي وهو الترويج لأطراف سياسية معينة، وهو في الغالب إعلان مدفوع يفترض بالمحطات أن تصرح عنه وأن تُعلم به المشاهد، وإلا تكون في مخالفة صريحة لقانون الانتخاب»، من هنا، أكد ممارسة كل المحطات لهذه المخالفة بما فيها تلفزيون لبنان، فيما تعمد قناة «إل بي سي» على تبليغ المشاهدين عن ذلك في تغطياتها المباشرة.
وأظهرت الدراسة من جهة أخرى، انقسام المحطات إلى فئتين حيال القوى السياسية الناشئة التي تحاول خرق الساحة السياسية وانتزاع دور لها في الخريطة السياسية المحلية، مشيرة إلى أن «هناك المحطات التي تعطي القوى الناشئة مكانا هاما في تغطياتها، وهناك المحطات التي تتجاهلها كليا».
كما وقعت المحطات، بحسب الدراسة، في مخالفات أخرى لا سيما في تعاطيها مع استفتاءات الرأي التي تتطلب منهجية وقواعد خاصة ضمانا لجديتها.
وأشارت «مهارات» إلى أنه في توزع التغطيات بين القوى السياسية التقليدية والقوى السياسية الناشئة كان لافتا جدا أن محطتي «إل بي سي» و«إم تي في» القوى الناشئة (المجتمع المدني) مساحة واسعة قاربت السبعين في المائة من حصة القوى التقليدية. بينما محطات «إن بي إن» (التابعة لحركة أمل) و«المنار» (التابعة لـ«حزب الله») والـ«أو تي في»، التابعة للتيار الوطني الحر، غيبتها بشكل شبه كلي، فيما أعطتها قناة «الجديد» نسبة 46 في المائة و«تلفزيون لبنان» حوالي 6 في المائة.



محمد حيدر... «البرلماني الأمني» والقيادي الاستراتيجي في «حزب الله»

صورة متداولة لمحمد حيدر
صورة متداولة لمحمد حيدر
TT

محمد حيدر... «البرلماني الأمني» والقيادي الاستراتيجي في «حزب الله»

صورة متداولة لمحمد حيدر
صورة متداولة لمحمد حيدر

خلافاً للكثير من القادة الذين عاشوا في الظل طويلا، ولم يفرج عن أسمائهم إلا بعد مقتلهم، يعتبر محمد حيدر، الذي يعتقد أنه المستهدف بالغارة على بيروت فجر السبت، واحداً من قلائل القادة في «حزب الله» الذين خرجوا من العلن إلى الظل.

النائب السابق، والإعلامي السابق، اختفى فجأة عن مسرح العمل السياسي والإعلامي، بعد اغتيال القيادي البارز عماد مغنية عام 2008، فتخلى عن المقعد النيابي واختفت آثاره ليبدأ اسمه يتردد في دوائر الاستخبارات العالمية كواحد من القادة العسكريين الميدانيين، ثم «قائداً جهادياً»، أي عضواً في المجلس الجهادي الذي يقود العمل العسكري للحزب.

ويعتبر حيدر قائداً بارزاً في مجلس الجهاد في الحزب. وتقول تقارير غربية إنه كان يرأس «الوحدة 113»، وكان يدير شبكات «حزب الله» العاملة خارج لبنان وعين قادة من مختلف الوحدات. كان قريباً جداً من مسؤول «حزب الله» العسكري السابق عماد مغنية. كما أنه إحدى الشخصيات الثلاث المعروفة في مجلس الجهاد الخاص بالحزب، مع طلال حمية، وخضر يوسف نادر.

ويعتقد أن حيدر كان المستهدف في عملية تفجير نفذت في ضاحية بيروت الجنوبية عام 2019، عبر مسيرتين مفخختين انفجرت إحداهما في محلة معوض بضاحية بيروت الجنوبية.

عمال الإنقاذ يبحثون عن ضحايا في موقع غارة جوية إسرائيلية ضربت منطقة البسطة في قلب بيروت (أ.ب)

ولد حيدر في بلدة قبريخا في جنوب لبنان عام 1959، وهو حاصل على شهادة في التعليم المهني، كما درس سنوات عدة في الحوزة العلمية بين لبنان وإيران، وخضع لدورات تدريبية بينها دورة في «رسم وتدوين الاستراتيجيات العليا والإدارة الإشرافية على الأفراد والمؤسسات والتخطيط الاستراتيجي، وتقنيات ومصطلحات العمل السياسي».

بدأ حيدر عمله إدارياً في شركة «طيران الشرق الأوسط»، الناقل الوطني اللبناني، ومن ثم غادرها للتفرغ للعمل الحزبي حيث تولى مسؤوليات عدة في العمل العسكري أولاً، ليتولى بعدها موقع نائب رئيس المجلس التنفيذي وفي الوقت نفسه عضواً في مجلس التخطيط العام. وبعدها بنحو ثماني سنوات عيّن رئيساً لمجلس إدارة تلفزيون «المنار».

انتخب في العام 2005، نائباً في البرلمان اللبناني عن إحدى دوائر الجنوب.