متطرفون يهود يهددون بقتل أيمن عودة

مظاهرة في الناصرة أمس ضد الانتهاكات الإسرائيلية بحق الفلسطينيين في الضفة (وفا)
مظاهرة في الناصرة أمس ضد الانتهاكات الإسرائيلية بحق الفلسطينيين في الضفة (وفا)
TT

متطرفون يهود يهددون بقتل أيمن عودة

مظاهرة في الناصرة أمس ضد الانتهاكات الإسرائيلية بحق الفلسطينيين في الضفة (وفا)
مظاهرة في الناصرة أمس ضد الانتهاكات الإسرائيلية بحق الفلسطينيين في الضفة (وفا)

في وقت تتواصل فيه حملة التحريض اليمينية على رئيس «القائمة المشتركة» للأحزاب العربية الوطنية، النائب أيمن عودة، بسبب دعوته رجال الشرطة وجنود الجيش الإسرائيلي العرب، إلى إلقاء أسلحتهم والامتناع عن استخدامها في قمع الفلسطينيين في القدس وغيرها، تلقى عودة عشرات رسائل التهديد من عناصر يهودية متطرفة.
وروى عودة، خلال كلمة ألقاها في مدينة الناصرة، أمس (الأربعاء)، حيث شارك في مظاهرة وطنية احتجاجاً على الحملة الاحتلالية للقوات الإسرائيلية في الضفة الغربية عموماً، وبشكل خاص في منطقة جنين، أنه تعرض لحملة تحريض جنونية في الشارع اليهودي منذ سنوات عدة، ولكن هذه الحملة تضاعفت مرات عدة في الأسابيع الأخيرة، حيث صار أصحابها يتحدثون بلا مواربة ويقولون بلغة مباشرة: «سنقتلك». وأضاف: «طبعاً أنا أجمع هذه الرسائل وأقدمها لضابط الأمن في الكنيست، ومثلما أن هذه الرسائل لم ترهب من سبقونا فإنها لا ترهبنا بطبيعة الحال».
وكان عودة قد التقى فلسطينيين من القدس، فأخبروه بأن عدداً من رجال الشرطة الإسرائيلية من العرب (فلسطينيي 48)، يتشددون مع المتظاهرين الفلسطينيين في القدس ومحيطها أكثر حتى من الجنود اليهود، لكي يثبتوا ولاءهم. فأطلق تصريحات اعتبر فيها الخدمة في الجيش أو في الشرطة، على السواء، مرفوضة لأنها تخدم سياسة الاحتلال وأساليبه. ويوم أمس، قال إن تصريحاته تنبع من الموقف الآيديولوجي المبدئي، الذي تطرحه الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة التي ينتمي لها حزبياً، التي تدعو على مدار 74 عاماً وبشكل صريح، الشباب اليهودي والعربي على السواء إلى عدم الخدمة في أجهزة الأمن الإسرائيلية والتمرد على الخدمة الإجبارية المفروضة على الشبان العرب الدروز، وبشكل خاص رفض الخدمة في المناطق المحتلة، كنوع من التضامن مع الشعب الفلسطيني ضد الاحتلال. وكان هذا الموقف يلقى رفضاً وهجوماً إسرائيلياً ولكن من دون هذه التهديدات. وقال: «إسرائيل تغيّرت وليس نحن الذين تغيرنا. هناك انزياح يميني في كل مؤسسات إسرائيل».
وأضاف: «المؤسسة الحاكمة أرادت دائماً أن تبني منا شخصية (العربي الإسرائيلي). لهذا كان أكثر ما يغضبها ويثيرها دائماً هو تفاعلنا مع قضية شعبنا الوطنية. واليسار الصهيوني يريد لقائمتنا المشتركة أن تكون جزءاً من حكومة نفتالي بنيت، وبالنسبة لهم، فإن تصريحاتي كانت بمثابة تفجير لهذه الحالة. وأنا أقول إن من يريدنا أن نكون جزءاً من اليمين، يمين استيطاني أو يمين فاشي، ويقول إنه لا خيار آخر لنا، نرد عليه بالقول إننا نرفض هذه المعادلة برمتها، ولدينا طرح مخالف يتمثل في كل ما يسهم بتحقيق العدل والسلام والمساواة. ومن يغضبه موقفنا فليغضب. وهذا موضوع قيمي وأخلاقي ممنوع لشبابنا أن ينخرطوا ضمن جيش الاحتلال».
وتلقى عودة مساندة لرأيه هذا من النائب اليهودي في القائمة المشتركة، دكتور عوفر كسيف، الذي قال إنه موقف «شرعي وإنساني». وأصدرت سكرتارية لجنة المبادرة الدرزية، التي تعد جزءاً لا يتجزأ من الجبهة، بياناً أكدت فيه مناصرة عودة واعتبرت موقفه «شجاعاً». وقال رئيس اللجنة، الكاتب غالب سيف: «تابعنا الحملة ضد عودة ولاحظنا أنهم يقولون إن تصريحاته تمس بالحق في المساواة. لكن الخدمة التي فرضت على الشباب الدروز ليس فقط لم تحقق لهم المساواة، بل إن وضع بلداتنا العربية الدرزية أسوأ من وضع البلدات العربية الأخرى». وقدّم مثلاً على ذلك: «بلداتنا الدرزية حصلت على أعلى منسوب من مصادرة أراضينا (83 في المائة) بالمقارنة مع باقي أبناء شعبنا (80.5 في المائة). وحصلت على أدنى تحصيل علمي وأدنى منسوب تطوير. ورغم أن نسبتنا لا تتجاوز 8.5 في المائة من باقي أبناء شعبنا في الداخل، فإن نسبة البيوت التي دون ترخيص في قرانا العربية الدرزية 50 في المائة من البيوت وهي مهددة بالهدم». وأكد سيف أن «خدمة الاحتلال تتناقض بالمطلق مع انتمائنا لشعبنا الفلسطيني، عدا عن كونها جريمة ضد إنسانيتنا وضمائرنا وبالمطلق».
هذا، وأكدت اللجنة الدرزية، أنها تحيي أيمن عودة على دعوته المبدئية وتدعو المجتمع الإسرائيلي اليهودي خاصة، إلى تبني هذا الموقف وليس التحريض عليه، وتناشد المُجندين إلزامياً والمتجندين طوعياً، التجاوب مع دعوة النائب عودة، وتدعو الشباب اليهود إلى الانضمام إلى رافضي الخدمة في جيش الاحتلال».



الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)

كثّفت الجماعة الحوثية استهدافها مدرسي الجامعات والأكاديميين المقيمين في مناطق سيطرتها بحملات جديدة، وألزمتهم بحضور دورات تعبوية وزيارات أضرحة القتلى من قادتها، والمشاركة في وقفات تنظمها ضد الغرب وإسرائيل، بالتزامن مع الكشف عن انتهاكات خطيرة طالتهم خلال فترة الانقلاب والحرب، ومساعٍ حثيثة لكثير منهم إلى الهجرة.

وذكرت مصادر أكاديمية في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن مدرسي الجامعات العامة والخاصة والموظفين في تلك الجامعات يخضعون خلال الأسابيع الماضية لممارسات متنوعة؛ يُجبرون خلالها على المشاركة في أنشطة خاصة بالجماعة على حساب مهامهم الأكاديمية والتدريس، وتحت مبرر مواجهة ما تسميه «العدوان الغربي والإسرائيلي»، ومناصرة فلسطينيي غزة.

وتُلوّح الجماعة بمعاقبة مَن يتهرّب أو يتخلّف من الأكاديميين في الجامعات العمومية، عن المشاركة في تلك الفعاليات بالفصل من وظائفهم، وإيقاف مستحقاتهم المالية، في حين يتم تهديد الجامعات الخاصة بإجراءات عقابية مختلفة، منها الغرامات والإغلاق، في حال عدم مشاركة مدرسيها وموظفيها في تلك الفعاليات.

أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

وتأتي هذه الإجراءات متزامنة مع إجراءات شبيهة يتعرّض لها الطلاب الذين يجبرون على حضور دورات تدريبية قتالية، والمشاركة في عروض عسكرية ضمن مساعي الجماعة لاستغلال الحرب الإسرائيلية على غزة لتجنيد مقاتلين تابعين لها.

انتهاكات مروّعة

وكان تقرير حقوقي قد كشف عن «انتهاكات خطيرة» طالت عشرات الأكاديميين والمعلمين اليمنيين خلال الأعوام العشرة الماضية.

وأوضح التقرير الذي أصدرته «بوابة التقاضي الاستراتيجي»، التابعة للمجلس العربي، بالتعاون مع الهيئة الوطنية للأسرى والمختطفين، قبل أسبوع تقريباً، وغطّي الفترة من مايو (أيار) 2015، وحتى أغسطس (آب) الماضي، أن 1304 وقائع انتهاك طالت الأكاديميين والمعلمين في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية التي اتهمها باختطافهم وتعقبهم، ضمن ما سمّاها بـ«سياسة تستهدف القضاء على الفئات المؤثرة في المجتمع اليمني وتعطيل العملية التعليمية».

أنشطة الجماعة الحوثية في الجامعات طغت على الأنشطة الأكاديمية والعلمية (إكس)

ووثّق التقرير حالتي وفاة تحت التعذيب في سجون الجماعة، وأكثر من 20 حالة إخفاء قسري، منوهاً بأن من بين المستهدفين وزراء ومستشارين حكوميين ونقابيين ورؤساء جامعات، ومرجعيات علمية وثقافية ذات تأثير كبير في المجتمع اليمني.

وتضمن التقرير تحليلاً قانونياً لمجموعة من الوثائق، بما في ذلك تفاصيل جلسات التحقيق ووقائع التعذيب.

ووفق تصنيف التقرير للانتهاكات، فإن الجماعة الحوثية نفّذت 1046 حالة اختطاف بحق مؤثرين، وعرضت 124 منهم للتعذيب، وأخضعت اثنين من الأكاديميين و26 من المعلمين لمحاكمات سياسية.

وتشمل الانتهاكات التي رصدها التقرير، الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب الجسدي والنفسي والمحاكمات الصورية وأحكام الإعدام.

عشرات الأكاديميين لجأوا إلى طلب الهجرة بسبب سياسات الإقصاء الحوثية وقطع الرواتب (إكس)

وسبق أن كشف تقرير تحليلي لأوضاع الأكاديميين اليمنيين عن زيادة في طلبات العلماء والباحثين الجامعيين للهجرة خارج البلاد، بعد تدهور الظروف المعيشية، واستمرار توقف رواتبهم، والانتهاكات التي تطال الحرية الأكاديمية.

وطبقاً للتقرير الصادر عن معهد التعليم الدولي، ارتفعت أعداد الطلبات المقدمة من باحثين وأكاديميين يمنيين لصندوق إنقاذ العلماء، في حين تجري محاولات لاستكشاف الطرق التي يمكن لقطاع التعليم الدولي من خلالها مساعدة وتغيير حياة من تبقى منهم في البلاد إلى الأفضل.

إقبال على الهجرة

يؤكد المعهد الدولي أن اليمن كان مصدر غالبية الطلبات التي تلقّاها صندوق إنقاذ العلماء في السنوات الخمس الماضية، وتم دعم أكثر من ثلثي العلماء اليمنيين داخل المنطقة العربية وفي الدول المجاورة، بمنحة قدرها 25 ألف دولار لتسهيل وظائف مؤقتة.

قادة حوثيون يتجولون في جامعة صنعاء (إعلام حوثي)

لكن تحديات التنقل المتعلقة بالتأشيرات وتكلفة المعيشة والاختلافات اللغوية الأكاديمية والثقافية تحد من منح الفرص للأكاديميين اليمنيين في أميركا الشمالية وأوروبا، مقابل توفر هذه الفرص في مصر والأردن وشمال العراق، وهو ما يفضله كثير منهم؛ لأن ذلك يسمح لهم بالبقاء قريباً من عائلاتهم وأقاربهم.

وخلص التقرير إلى أن العمل الأكاديمي والبحثي داخل البلاد «يواجه عراقيل سياسية وتقييداً للحريات ونقصاً في الوصول إلى الإنترنت، ما يجعلهم يعيشون فيما يُشبه العزلة».

وأبدى أكاديمي في جامعة صنعاء رغبته في البحث عن منافذ أخرى قائمة ومستمرة، خصوصاً مع انقطاع الرواتب وضآلة ما يتلقاه الأستاذ الجامعي من مبالغ، منها أجور ساعات تدريس محاضرات لا تفي بالاحتياجات الأساسية، فضلاً عن ارتفاع الإيجارات.

إجبار الأكاديميين اليمنيين على المشاركة في الأنشطة الحوثية تسبب في تراجع العملية التعليمية (إكس)

وقال الأكاديمي الذي طلب من «الشرق الأوسط» التحفظ على بياناته خوفاً على سلامته، إن الهجرة ليست غاية بقدر ما هي بحث عن وظيفة أكاديمية بديلة للوضع المأساوي المعاش.

ويقدر الأكاديمي أن تأثير هذه الأوضاع أدّى إلى تدهور العملية التعليمية في الجامعات اليمنية بنسبة تتجاوز نصف الأداء في بعض الأقسام العلمية، وثلثه في أقسام أخرى، ما أتاح المجال لإحلال كوادر غير مؤهلة تأهيلاً عالياً، وتتبع الجماعة الحوثية التي لم تتوقف مساعيها الحثيثة للهيمنة على الجامعات ومصادرة قرارها، وصياغة محتوى مناهجها وفقاً لرؤية أحادية، خصوصاً في العلوم الاجتماعية والإنسانية.

وفي حين فقدت جامعة صنعاء -على سبيل المثال- دورها التنويري في المجتمع، ومكانتها بصفتها مؤسسة تعليمية، تُشجع على النقد والتفكير العقلاني، تحسّر الأكاديمي اليمني لغياب مساعي المنظمات الدولية في تبني حلول لأعضاء هيئة التدريس، سواء في استيعابهم في مجالات أو مشروعات علمية، متمنياً ألا يكون تخصيص المساعدات لمواجهة المتطلبات الحياتية للأكاديميين غير مشروط أو مجاني، وبما لا يمس كرامتهم.