مسودة أميركية لاتفاق سوري ـ إسرائيلي: التخلي عن إيران و«حزب الله»... مقابل استعادة كامل الجولان

كتاب فريد هوف «بلوغ المرتفعات» يكشف تفاصيل المحادثات السرية بين دمشق وتل أبيب بين 2009 و2011

الرئيس السوري بشار الأسد ورئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الشيوخ الأميركي جون كيري في دمشق في 2010 (أ.ب)
الرئيس السوري بشار الأسد ورئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الشيوخ الأميركي جون كيري في دمشق في 2010 (أ.ب)
TT

مسودة أميركية لاتفاق سوري ـ إسرائيلي: التخلي عن إيران و«حزب الله»... مقابل استعادة كامل الجولان

الرئيس السوري بشار الأسد ورئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الشيوخ الأميركي جون كيري في دمشق في 2010 (أ.ب)
الرئيس السوري بشار الأسد ورئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الشيوخ الأميركي جون كيري في دمشق في 2010 (أ.ب)

بين أبريل (نيسان) 2009 ومنتصف مارس (آذار) 2011، كان الدبلوماسي والمبعوث الأميركي فريد هوف «يعيش الحلم». فكرة تحقيق سلام بين سوريا وإسرائيل، خطرت في ذهنه للمرة الأولى عندما كان يزور دمشق وهو في السادسة عشرة من عمره، باعتباره طالباً أميركياً زائراً. وبعد 45 عاماً، سنحت له فرصة تحويل الفكرة إلى «حقيقة». لكنها كغيرها من فرص السلام الضائعة، سرعان ما وصلت إلى «فشل يلاحقني بقية أيام حياتي».
قصة التحليق إلى قمة التفاؤل والانحدار إلى قعر الخيبة، يرويها هوف في كتابه الجديد «بلوغ المرتفعات: قصة محاولة سرية لعقد سلام سوري - إسرائيلي»، الذي صدر عن «المعهد الأميركي للسلام» في واشنطن.
وساطة هوف خلال إدارة الرئيس السابق باراك أوباما، لم تقم على المقايضات السابقة «الأرض مقابل السلام»، أي أن تقوم إسرائيل بإعادة هضبة الجولان السورية المحتلة مقابل توقيع دمشق اتفاق سلام وإقامة علاقات طبيعية، لا على معادلة «السلام مقابل السلام»، كما اقترحت أفكار أخرى.
مقاربة هوف، قامت على مقايضة من نوع آخر: إعادة الأرض مقابل التموضع الاستراتيجي. ماذا يعني هذا؟ أن تعيد تل أبيب الجولان مقابل تخلي دمشق عن تحالفها وعلاقاتها العسكرية مع إيران و«حزب الله» و«حماس». هذا هو جوهر الحراك الأميركي السري بين 2009 و2011. وهذا ما فهمه أيضاً المبعوث الأميركي السابق دينس روس؛ إذ يقول إن «بلوغ المرتفعات» لم يقدم «صيغة الأرض مقابل السلام، وإنما قدمت صيغة الأرض مقابل إعادة الترتيب الاستراتيجي لسوريا، مع ابتعاد سوريا عن إيران و«حزب الله».
هوف، الخبير والمبعوث والعسكري، الذي عُرف بأنه بين أوائل من رسموا «خط 4 يونيو (حزيران) 1967» الذي كان محور جدل ومقترحات لإبرام الاتفاق السوري - الإسرائيلي، كثيراً ما يتساءل حالياً عما إذا كان الرئيس بشار الأسد بالفعل يريد صفقة «الجولان - التموضع الاستراتيجي»، خصوصاً أنه عزز تحالفه مع طهران و«حزب الله»، بعد احتجاجات 2011.
حالياً، سوريا مقسمة إلى ثلاث مناطق نفوذ. إيران باتت حاضرة في ثلثي سوريا، وروسيا أيضاً. وغارات إسرائيل تلاحق «مواقع طهران» بصمتٍ من موسكو. أميركا وتركيا حاضرتان عسكرياً فيما تبقى من البلاد. وهناك مبادرات سرية وعلنية كثيرة وخطوات «تطبيعية» مع دمشق، لفك الارتباط بين سوريا وإيران و«حزب الله». ولا شك أن محاولة هوف قبل أكثر من عقد، تشكل مرجعاً فيه الكثير من الدروس.

غلاف كتاب فريد هوف «بلوغ المرتفعات: قصة محاولة سرية لعقد سلام سوري - إسرائيلي»

بعد انطلاق عملية السلام في مؤتمر مدريد 1991، جرت جولات عديدة من المفاوضات السورية - الإسرائيلية العلنية والسرية، السياسية والأمنية والعسكرية، في أميركا وأوروبا. وفي 1993، كانت هناك نقطة تحول قادها الرئيس الأميركي بيل كلنتون، لدى تعهد رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق إسحق رابين بالانسحاب الكامل من الجولان مقابل علاقات سلمية وترتيبات أمنية. وعرفت تلك المبادرة بـ«وديعة رابين». وبعد جمود بسبب اتفاق أوسلو في 1993، جرت محاولات أميركية أخرى على المسار السوري، مع تغير الحكومات في تل أبيب. وكانت على وشك إنجاز اتفاق سلام في قمة الرئيسين حافظ الأسد وبيل كلنتون في 2000، لكن الخلاف على الخط النهائي للانسحاب من الجولان والوصول إلى بحرية طبريا في الهضبة السورية، حالا دون ذلك.
وبعد وصول الرئيس بشار الأسد، جرت محاولات أيضاً، كانت أبرزها خلال فترة العزلة الدولة على دمشق، الوساطة التركية بين عامي 2007 و2008. التي تعمقت في تحديد خط الرابع من يونيو، الذي كانت دمشق تريد الانسحاب الإسرائيلي إليه. كما تناولت تفاصيل الترتيبات الأمنية والعلاقات التطبيعية (دمشق كانت تسميها علاقات سلم عادية أو طبيعية)، إلى حد أن أنقرة اقترحت ترتيب لقاء مباشر سوري - إسرائيلي بين الأسد ورئيس الوزراء الأسبق إيهود أولمرت. أيضاً، انهارت الاتصالات وشنّت إسرائيل الهجوم على غزة دون تشاور مع أنقرة.
على هذه الخلفية، جاء جهد هوف بالانضمام إلى الخارجية الأميركية في أبريل 2009، بعد فوز بنيامين نتانياهو (الذي كان فاوض الأسد الأب عبر الوسيط السري الأميركي رولاند لاودر بين 1996 و1999) وقيام أوباما بتكليف السيناتور جورج ميتشل قيادة فريق السلام في الشرق الأوسط.

المبعوث الأميركي جورج ميتشل ومساعده فريد هوف في دمشق في يوليو 2009 (غيتي)

في 2009، قام ميتشل وهوف بزيارة دمشق مرتين وتل أبيب أيضاً، لاختبار احتمال استئناف مفاوضات المسار السوري. وفي 2010، تواصلت رحلات هوف الدورية إلى سوريا وإسرائيل. مفتاح التحرك للوساطة الأميركية، تحول تدريجياً من الحصول على «الوديعة» إلى إقناع قادة إسرائيل بالفوائد الأمنية المحتملة من السلام مع سوريا بدلاً من صيغتهم «الأرض مقابل السلام».
في خضم ذلك، وفي مايو (أيار) 2010، اجتمع رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ الأميركي، جون كيري، بالرئيس الأسد في دمشق، حيث ظهر من خلال وثيقة خطية «انفتاح الأسد على اتفاق سلام يلبي جميع المتطلبات الإسرائيلية في مقابل الانسحاب الإسرائيلي الكامل إلى خط 4 يونيو 1967».
في موازاة ذلك، نجح المبعوث الأميركي السابق دينيس روس في ترتيب عقد لقاءات له وهوف مع نتنياهو. في هذه اللقاءات، عرض الأميركيان مسودة وثيقة، قبل تقديمها إلى الأسد. وحسب قراءة هوف، فإنه «رغم الشكوك القوية حول وثيقة كيري والنوايا السورية، يتفق في نهاية المطاف على أن (ورقة المناقشة) التي صاغتها أميركا لمسودة معاهدة سلام إسرائيلية - سورية، من الممكن أن تشكل الأساس لوساطة السلام الأميركية».
هوف أُطلع ميتشل على لقاءاته مع نتنياهو وعلى مقاربة «ورقة المناقشة». وسافر ميتشل وهوف إلى دمشق في سبتمبر (أيلول) في محاولة للحصول على موافقة الأسد على إجراء من شأنه تجنب طريق «الوديعة» المسدود. و«وافق الأسد فوراً على منهجية الوساطة الجديدة»، حسب قول هوف. وكان هوف وروس كتبا «ورقة المناقشة»، وناقشا المسودة الأولى مع فريق صغير من الإسرائيليين يعينهم نتنياهو.

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو والمبعوث الأميركي جورج ميتشل في 13 ديسمبر 2010 (غيتي)

وعليه، يُنسى ما يعرف بـ«ما بعد الوديعة»: وجوب تسوية الجوانب الإقليمية لورقة المناقشة قبل كل أمر آخر، ثم تناول أي موضوع آخر تختاره إسرائيل. موقف إسرائيل، كان: وجوب تناول جميع عناصر ورقة المناقشة في آن واحد، بما في ذلك تراجع سوريا وضبط العلاقات الإقليمية التي تشكل تهديدا لأمن إسرائيل. سوريا توافق على أن بحر الجليل (بحيرة طبريا) بأكمله يمكن أن يكون تحت السيادة الإسرائيلية.
«هذا التنازل» الذي كان وراء انهيار قمة الأسد - كلنتون قبل عشر سنوات من ذلك، أي في العام 2000، «شجع الفريق الإسرائيلي على الانخراط بجدية في تحديد خط 4 حزيران 1967، على اعتباره حدوداً مستقبلية بين إسرائيل وسوريا. لكن الجزء الأعلى من نهر الأردن الذي يصب في بحر الجليل لا يزال موضع خلاف»، حسب هوف.
وفي بداية 2011، استمرت جهود بلورة ورقة المناقشة. وتنقل هوف بين دمشق وتل أبيب، مع مشاركة دينيس روس في المباحثات مع الفريق الإسرائيلي. وإذ أبلغ نتنياهو ضيفيه الأميركيين بـ«شكوكه المتزايدة في التزام الأسد الشخصي بوساطة السلام وبالسلام نفسه»، حسب وثائق الاجتماعات، فإنه «رحب بالفكرة الأميركية الخاصة بربط رفع العقوبات الأميركية عن سوريا بتنفيذ دمشق لالتزامات معاهدة السلام».

الرئيس السوري بشار الأسد والمبعوث الأميركي جورج ميتشل في 26 يوليو 2009 (غيتي)

- لقاء مباشر
هذا التفاؤل، شجع هوف في اجتماع مع نتنياهو وفريقه على «السعي لعقد اجتماع مباشر مع الأسد لتقييم التزام الرئيس الشخصي بإعادة توجيه الاستراتيجية السورية التي من شأنها تعزيز الأمن الإسرائيلي». هنا، وفي محادثات هاتفية مع نتنياهو ووزير الخارجية السوري الراحل وليد المعلم والأسد، أكدت وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون على النوايا الإسرائيلية وتمهد الطريق للقاء هوف مع الأسد.
قبل وصول هوف إلى دمشق في فبراير (شباط) 2011، أبلغ الأسد أعضاء مجلس الشيوخ الأميركيين الزائرين، أن السلام مع إسرائيل لا بد أن يستند إلى «مراجع محددة» تغطي الأرض والأمن. عندها، قام روس وهوف بصوغ هذه «المراجع المحددة».
في 28 فبراير، وافق الأسد، في اجتماع مع هوف في دمشق، على «المراجع المحددة بشأن الأمن (التي تقضي بإنهاء الأنشطة والعلاقات السورية التي تشكل تهديدا للأمن الإسرائيلي)»، حسب المبعوث الأميركي. ويضيف، أن الرئيس السوري أكد أن «لبنان وإيران و(حزب الله) سوف يلتزمون بمعاهدة السلام بين سوريا وإسرائيل». كما أعرب عن ارتياحه لمفهوم رفع العقوبات الأميركية مع تنفيذ سوريا لالتزاماتها التعاهدية. خلال كل ذلك، بقي الانسحاب الإسرائيلي الكامل حتى خط 4 يونيو 1967 مطلباً أساسياً للأسد.
وفي 2 مارس، أطلع هوف نتنياهو وفريقه على اجتماع الأسد. وعبّر نتنياهو عن ارتياحه، وأعلن أن الوساطة وإمكانيات السلام «حقيقية». وتركزت الاجتماعات اللاحقة مع فريق نتنياهو على خصائص الأراضي ومذكرة الاتفاق. وبقي الاتفاق بشأن أعالي نهر الأردن بعيد المنال، لكن هذا لم يمنع هوف وروس من البدء بترتيب «محادثات تقارب» سورية - إسرائيلية في أوروبا الشرقية في أبريل.

دخان يتصاعد من مزارع شبعا جنوب لبنان في يوليو 2020 (رويترز)

قبل ذلك، اندلعت الاحتجاجات السورية في منتصف مارس. وفي 18 مارس، ردت قوات الأمن السورية بالعنف الشديد على المتظاهرين في درعا. كما ردت قوات الأمن بعنف على الاحتجاجات في دمشق. وقتها، علقت الوساطة «بسبب الفوضى الرسمية» في سوريا. سعى هوف إلى زيارة دمشق، لكنه مُنع الحصول من على إذن من البيت الأبيض كي يناقش مع الأسد الآثار المترتبة على الوساطة إثر العنف الحكومي السوري.
وفي 13 مارس، استقال ميتشل من منصبه كمبعوث خاص للسلام في الشرق الأوسط، وفي 19 من الشهر نفسه، قال أوباما، في خطاب لوزارة الخارجية، إن «الأسد يجب أن يقود انتقال سوريا إلى الديمقراطية أو يتنحى عن الحكم». وفي في 18 أغسطس (آب)، أعلن أوباما أن «الوقت قد حان لتنحي الأسد». أما هوف، فانتقل من فريق السلام في الشرق الأوسط إلى تقديم المشورة إلى وزير الخارجية ومكتب الشرق الأدنى بشأن تفاقم الأزمة السورية.
وفي أغسطس، رفض أوباما توصية من كبار مسؤولي الأمن القومي بأن تساعد الولايات المتحدة في تنظيم وتدريب وحدات عسكرية تابعة للمعارضة السورية. وتم إنهاء عمل «المجموعة الصغيرة» و«الاستعاضة عنها بجهد مشترك بين الوكالات لتحديد الاحتياجات السورية المحتملة بعد الأسد». كما أعلن أوباما أن استخدام الأسلحة الكيماوية في سوريا يشكل بالنسبة له «خطا أحمر». وفي سبتمبر، استقال هوف من وزارة الخارجية الأميركية.
وتطورت الأمور في سوريا وانحدرت لسنوات مؤلمة وطويلة. وفي 25 مارس 2019، أصدر الرئيس دونالد ترمب إعلاناً يعترف بالسيادة الإسرائيلية على مرتفعات الجولان: الجزء الرئيسي من الأراضي موضوع النزاع خلال وساطة السلام بين عامي 2009 و2011، والمسألة المحورية في الجهود الدبلوماسية السابقة التي بذلتها تركيا في عامي 2007 و2008، والولايات المتحدة بين عامي 1993 و2000.
يبقى أن نرى ما إذا كان هذا الإعلان قد رفع مرتفعات الجولان والمناطق المتاخمة المتنازع عليها من جهة الغرب من طاولة محادثات السلام المستقبلية بين إسرائيل وسوريا.
- تعهد خطي من بايدن للأسد
في 22 مايو 2010، زار رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ جون كيري دمشق والتقى الأسد في القصر الرئاسي. وقد شجع البيت الأبيض، الذي «انزعج بشدة من التقارير التي تفيد بأن نظام الأسد ينقل صواريخ سكود إلى (حزب الله)»، كيري على القيام بزيارة سوريا و«مواجهة الأسد بشأن هذه المسألة»، موضحاً للرئيس السوري أن «الفوائد التي ستعود على سوريا من الحوار الثنائي، ستنتهي ما لم تكن سوريا راغبة في التخلص من مهمة تزويد حلفاء إيران اللبنانيين وعملائها بالأسلحة الفتاكة».
حسب المحضر الأميركي للاجتماع الذي عقد في التاسعة صباحاً من يوم 22 مايو، قال كيري للأسد «طلب الرئيس أوباما مني شخصياً أن آتي لمقابلتكم. لقد استدعاني إلى البيت الأبيض، وتحدثنا عن المنطقة، وأعرب عن قلقه بشأن الأوضاع الراهنة».
رحب الأسد بكيري، وقال «أنتم أحد أصدقائنا القليلين في الولايات المتحدة. وهذا هو لقاؤنا الخامس منذ عام 2004. نحن نثق بكم. وأنتم تثقون بالرئيس أوباما. لذا؛ فنحن نثق بالرئيس أوباما. ونثق بكم سيناتور كيري. ونرغب منكم الاضطلاع بدور الوساطة. أنت شخصية مستقلة، ولستم جزءاً من مؤسسة بعينها. وليست لديكم أجندة خاصة. ونحن لن نسمح لمسؤولين أميركيين آخرين بالولوج إلى التفاصيل. سنسمح للسيناتور كيري فحسب بالاطلاع على تفاصيل عملية السلام». ورد كيري «ربما أستطيع الاضطلاع بذلك الدور. وأعتقد أن إسرائيل تحمل مسؤولية إعادة الجولان بالكامل حتى حدود الرابع من يونيو 1967».
وصل كيري حاملاً مسودة رسالة مُعدة لتوقيع الرئيس الأسد، تُنقل إلى الرئيس أوباما «من خلال السيناتور كيري. وتتضمن مسودة الرسالة تأكيد الأسد على ما يلي:
1.أن معاهدة السلام بين سوريا وإسرائيل، بما في ذلك الحدود التي تعكس استعادة سوريا الكاملة للأراضي التي فقدتها في يونيو 1967، من شأنها أن تنهي كل دعم سوري للأعمال، والسياسات، والتعاون الذي يهدد أمن إسرائيل من جانب الدول وغير الدول على حد سواء.
2.من شأن معاهدة السلام أن تنهي الصراع بين إسرائيل وسوريا، وأن تشتمل على تسوية جميع المطالبات الناشئة عن الأحداث قبل إبرام الاتفاق.
3.ينجم عن ذلك تطبيع العلاقات الدبلوماسية، بما في ذلك فتح السفارات.
4.تكون علاقات سوريا مع الدول وغير الدول متسقة تماما مع التزاماتها التعاهدية والتزاماتها تجاه إسرائيل كما هي محددة بما يبعث على ارتياح الطرفين.
5.في حال التوصل إلى معاهدة سلام مع إسرائيل، فإن سوريا، تمشياً مع مبادرة السلام العربية، ستقدم دعمها وتعاونها الكاملين لتحقيق سلام عربي - إسرائيلي شامل، بما في ذلك تأمين اتفاقيات السلام بين إسرائيل والفلسطينيين، وبين إسرائيل ولبنان، وما يترتب على ذلك من تطبيع العلاقات بين إسرائيل وجميع أعضاء جامعة الدول العربية.
قال كيري للأسد «تعكس هذه الرسالة التفاهمات التي توصلنا إليها في المرة الأخيرة». وفي اجتماع سابق، قرأ كيري على الأسد بنود هذه الرسالة، وهي المذكرة التي أعطاها هوف للسيناتور كيري في وقت سابق من عام 2010، والتي تحدد وجهات نظره بشأن البنود الأساسية لاتفاقية السلام المحتملة بين سوريا وإسرائيل.
كان رد فعل الأسد إيجابياً على الفور «يجب أن نوافق على هذه الرسالة». إلا أن وزير الخارجية المعلم اعترض، قائلاً إنه يجب أن يسبق ذلك رسالة من إسرائيل إلى الولايات المتحدة، تؤكد فيها أن الاتفاق الشامل يستلزم انسحاب إسرائيل الكامل إلى خط 4 يونيو 1967. وقد تدخل كيري على الفور قائلاً «هذا ليس ضرورياً: لقد أكدت مع نائب الرئيس (جوزيف بايدن) بالأمس أن موقف الولايات المتحدة يستلزم عودة الجولان بالكامل إلى خط 1967». وكان كيري يحاول استبدال «الوديعة الإسرائيلية»، أي «وديعة رابين» للعام 1993، بموقف سياسي أميركي أحادي الجانب.
تطرق لقاء الأسد وكيري إلى علاقة سوريا بـ«حزب الله»، بالتزامن مع قيام مساعديهما بتنقيح مسودة الاتفاق السوري - الإسرائيلي، بحيث تضمن خمس نقاط، هي:
1.أن معاهدة السلام بين سوريا وإسرائيل، بما في ذلك الحدود التي تعكس الاستعادة السورية الكاملة لمرتفعات الجولان حتى خط 4 يونيو 1967، ستسفر عن علاقة ثنائية بين سوريا وإسرائيل لا يقدم فيها أي من الطرفين المساعدة أو الموافقة على أي عمل يقوم به طرف ثالث، أو دولة أو غير دولة، بما يهدد أمن الطرف الآخر.
2.من شأن معاهدة السلام المذكورة أن تُنهي الصراع بين إسرائيل وسوريا، وأن تشمل تسوية جميع المطالبات الناشئة عن الأحداث قبل إبرام الاتفاق.
3.من شأن ذلك أن يؤدي إلى تطبيع العلاقات الدبلوماسية، بما في ذلك فتح السفارات.
4.احترام سوريا وإسرائيل، في علاقاتهما المتبادلة، بنود معاهدتهما.
5.في حال التوصل إلى معاهدة سلام، فإن سوريا، تمشياً مع مبادرة السلام العربية، ستقدم دعمها وتعاونها الكاملين لتحقيق سلام عربي - إسرائيلي شامل، بما في ذلك المساعدة على إبرام اتفاقات سلام بين إسرائيل والفلسطينيين، وما يترتب على ذلك من تطبيع العلاقات بين إسرائيل وجميع أعضاء جامعة الدول العربية».
- الأسد: مزارع شبعا سورية... والجميع سيفاجأون بسرعة التزام نصر الله باتفاقنا مع إسرائيل
- أبلغ هوف في فبراير 2011 أن «سوريا ليست عميلة إيران»... وطهران لم تعترض على وساطة أنقرة بين دمشق وتل أبيب
في 27 فبراير (شباط) 2011، وصل هوف إلى دمشق للقاء الأسد، حيث تحدث المبعوث الأميركي عن اهتمامه بتحقيق «سلام سوري - إسرائيلي وبناء علاقة رسمية ودية بين دمشق وواشنطن، يتجلى من خلالها دفء علاقات الصداقة التي تربط بين الشعبين». وقد رد الأسد بشكل إيجابي.
وبعد تناول تصريحات صحافية وزيارات أميركيين لسوريا وعقوبات واشنطن ضد دمشق، تحدث هوف عن مسودة الاتفاق التي كان صاغها وتوصل إليها (نصها موجود هنا لاحقاً). وحسب نص الكتاب «مع ذلك، سيكون ردك على الحواشي، سيدي الرئيس، أساسياً لتحديد بلادي للقرار الخاص بمواصلة هذه العملية. نحن في حاجة إلى معرفة ما إذا كانت سوريا والولايات المتحدة الأميركية متفقتين على ما تحتاج سوريا إلى القيام به لتنفيذ التزاماتها المتعلقة بمعاهدة السلام، ما يلزم الولايات المتحدة الأميركية برفع العقوبات أم لا».
طلب الأسد توضيح ومعرفة ما إذا كانت تلك الحواشي مهمة للطرف الآخر، فأجاب هوف «نعم، لكني أكدت على أن تلك النقاط لها القدر نفسه من الأهمية بالنسبة إلى الولايات المتحدة الأميركية، وأن موافقته عليها سوف تمكّن أميركا من المُضي قدماً الآن باتجاه القضايا المتبقية المتعلقة بالأرض، وبدء عملية التخطيط المتعلقة برفع العقوبات. وسوف يتيح تنفيذ سوريا تلك الأمور، بمجرد إقرار معاهدة السلام، للولايات المتحدة الأميركية رفع العقوبات، وقد أشار الأسد إلى تفهمه وموافقته».
سلم هوف الورقة إلى الأسد، وقرأها ببطء وحرص على ما يبدو. وأعرب قبل تطرقه إلى الحواشي عن اهتمامه بفهم أفضل لجوانب النقاط الخمس. وأشار إلى أن النقاط الأربع الأولى تتضمن مرجعيات خاصة بلبنان، لكن النقطة الرابعة فقط ذاتها هي التي تذكر اسم البلد صراحة. وتساءل عما إذا كان من الملائم ذكر لبنان في نص معاهدة سلام سورية - إسرائيلية. وقال إن «هذا هو تحفظه الوحيد».
أعرب الأسد، حسب الكتاب، عن موافقة حماسية على النقطة الخامسة بما تتضمنه من دعوة إلى سلام عربي - إسرائيلي شامل، ثم تحدث لدقيقتين عن «المصالح». وكان مقصده هو أنه في حال توقيعه على معاهدة تلبي «المصلحة» الرئيسية لسوريا، وهي إعادة إسرائيل كامل الأراضي السورية التي احتلتها عام 1967، لن يكون منطقياً بالنسبة إليه القيام بأي فعل يهدد الدولة اليهودية. كذلك، أوضح أن مثل تلك التهديدات سوف تثير الارتياب مما يجعل الناس يسألونه عما إذا كانت هناك معاهدة سلام سوريا مع إسرائيل أم لا.
ويقول هوف «امتنعت عن الرد على النقطة التي أثارها بشأن لبنان؛ لأنني أردت التطرق إلى لبّ المسألة دون التورط في الأمر، فأنا في النهاية لم أكن أعلم الوقت الذي سيمنحه لي الرئيس الأسد، وافترضت أنه نحو ساعة كحد أقصى، وكانت قد مرت خمس عشرة دقيقة بالفعل، واقترحت أن يقرأ أو يعيد قراءة الحواشي حتى نتمكن من مناقشة كل واحدة منها. بدأ بالتركيز على الشرط الخاص بطرد حركة «حماس» وجماعات أخرى، وسأل عما سيكون مطلوباً من سوريا في حال ظهور أحدهم على شاشة التلفزيون السوري وطلبه التزام إسرائيل بالعدالة مع الشعب الفلسطيني؟ هل يعني ذلك أنه من الضروري طرده من البلاد؟ وكان ردي بالنفي، لكنني أضفت أنه سيكون على أي شخص يؤيد أو يخطط أو ينفذ أعمال عنف أو تهديد بتنفيذ أعمال عنف ضد إسرائيل من الأراضي السورية الرحيل بمجرد دخول معاهدة السلام حيز التنفيذ».
تحول انتباه الأسد بعد ذلك نحو اللغة الخاصة بـ«حزب الله»، حيث أشار إلى أن «الجميع سيفاجأون بالسرعة التي سوف يلتزم بها حسن نصر الله، أمين عام (حزب الله)، بالقواعد بمجرد إعلان كل من سوريا وإسرائيل التوصل إلى اتفاق سلام»، حسب هوف. وزاد «أجبته بقولي إنني سأكون من بين الأشخاص الأكثر تفاجؤاً، وسألت الرئيس كيف ستكون لديه تلك القناعة بالنظر إلى ولاء نصر الله لإيران و(للثورة الإسلامية) الإيرانية. بدأ الأسد بإيضاح أن نصر الله عربي لا فارسي، وأشار إلى ضرورة أن تكون سوريا ولبنان ضمن مسار عملية السلام العربي – الإسرائيلي؛ إذ يعتمد المسار اللبناني على سوريا، وقد أخبر ميشال سليمان، الرئيس اللبناني، بضرورة تجهيز فريق مفاوض مع اعتزام سوريا المضي قدماً في حال تعاون إسرائيل. لقد أكّد لي أنه في حال توصل سوريا إلى سلام مع إسرائيل، لن يتمكن نصر الله من الحفاظ على منصبه الحالي كزعيم «للمقاومة». كما وصف الأسد «(حزب الله) بأنه الحزب السياسي اللبناني الوحيد الحقيقي، مشيراً إلى أنه ممثل أكبر جماعة طائفية في لبنان وهي الشيعة، وهي مؤسسة قدرها هو الاضطلاع بدور قيادي في السياسة اللبنانية الداخلية».
سأل هوف الأسد «عما إذا كانت رؤيته بشأن خروج نصر الله من عالم المقاومة سوف تتطلب من سوريا إعادة مزارع شبعا إلى لبنان بمجرد جلاء إسرائيل عن قطاع هضبة الجولان؟». وأضاف «مع ذلك، في ظل عدم حديث الأسد الآن عن الحق في مزارع شبعا، أكّد لي أن الخرائط توضح أن مزارع شبعا هي أراض سورية، وربما يكون إجراء تعديلات مستقبلية مع لبنان أمراً ممكناً، لكن الأرض محل التساؤل كانت سوريا. وأكّد الأسد بشكل عفوي أن سوريا لم تكن دولة عميلة لإيران، حيث كان اتفاق سلام مع إسرائيل شأناً سورياً لا إيرانياً، وأضاف أنه لم يخطر إيران حين بدأت جهود الوساطة التركية في اتفاق السلام».
يضيف هوف «سألت الأسد عما إذا كان قد وجد أمراً مستهجناً في حواشي مسودة الاتفاق، وكان رده مباشراً وقاطعاً بالنفي، وطلب أن أخبر الرئيس أوباما ووزيرة الخارجية كلينتون بأنه ليس لديه مشكلة في أي منها. وطلب الأسد أن يتم إخبار إسرائيل بأن سوريا أيضاً لديها رأي عام، وعلى السوريين الاقتناع بأنه قد تمت استعادة أرضهم بالكامل، فلا يوجد أي مجال للتلاعب. وكان ردي هو التأكيد مرة أخرى للأسد على اعتقادي بإحراز تقدم جاد في المسائل المتعلقة بالأرض، وبأننا قد تجاوزنا حقبة الاهتمام بالمخزون (المائي) وانخرطنا في مرحلة جديدة مع وجود مياه وادي الأردن في قلب النزاع الباقي. أقرّ الأسد بأن إسرائيل كانت في حاجة إلى المياه المذكورة وأن المشكلة قابلة للحل، وأشار أيضاً إلى أن المياه تتدفق نحو الأسفل لا الأعلى». وبالعودة إلى المرجعية المحددة الخاصة بالأمن المطروحة أمامه، أكّد الأسد مرة أخرى على عدم وجود مشكلة فيها، باستثناء تحفظ واحد. فقد أراد أن يتم الانتهاء من المرجعية الخاصة بالأراضي أولاً. مع ذلك، كنت أتمتع بحرية مناقشة المرجعية الخاصة بالأمن، بما في ذلك الحواشي، مع وليد المعلم».
وتابع «هممت بالمغادرة، وشكرت الأسد على وقته، وقد أكّد مرة أخرى تحياته إلى الرئيس أوباما، وكلينتون، وزيرة الخارجية، وميتشل المبعوث الخاص. كذلك طلب مني أن أبلغ الرئيس أوباما بموافقته على كل ما هو مطروح، وكان ممسكاً بنسخته من الورقة أثناء مغادرتي. كانت قد مرّت نحو خمسين دقيقة منذ بدء محادثتنا».
- «اتفاق الفصل»... مقدمة وديباجة وحواشٍ
> بعد جولات بين دمشق وتل أبيب وواشنطن، توصل الوفد الأميركي إلى مسودة اتفاق سلام سوري - إسرائيلي يتضمن ابتعاد دمشق عن طهران و«حزب الله»، يتضمن مقدمة وفقرات تنفيذية وحواشي، هذا نصه:
«سينهي هذا الاتفاق (اتفاق الإطار المحتمل/معاهدة السلام المحتملة) حالة الحرب بين سوريا وإسرائيل، ويرسي السلام، ويتطلب أفعالاً من جهة الطرفين لإقامة علاقة ثنائية وعلاقات مع كافة الأطراف الأخرى الفاعلة، اتساقاً مع هذا الواقع الجديد. وفقاً لذلك، لن يهدد أي من الطرفين، طبقاً لمبادئ القانون الدولي المعمول بها، ووثيقة الأمم المتحدة، أو يدعم بشكل مباشر أو غير مباشر، أي أفعال أو جهود أو خطط من جانب طرف يمثل دولة أخرى أو لا يمثل دولة، من شأنها تهديد أمن أو سلامة الطرف الآخر أو مواطنيه، بوجه خاص عند دخول هذا الاتفاق حيز التنفيذ:
1 - سيمتنع الطرفان عن ممارسة أي تهديد أو استخدام للقوة بشكل مباشر أو غير مباشر ضد بضعهما بعضاً، وسيعملان على تسوية كافة الخلافات والنزاعات بينهما بالطرق السلمية.
2 - سينهي الطرفان ويحظران القيام بأي أنشطة على أراضيهما أو من جانب مواطنيهما تساعد أي قوات نظامية أو غير نظامية أو شبه عسكرية تسعى نحو الإضرار بالطرف الآخر أو مواطنيه. (حاشية رقم 1).
3 - لن يستخدم أي من الطرفين حقه بموجب أي معاهدة أو اتفاق أو التزام مع أي طرف يمثل أو لا يمثل دولة في الاستخدام الجماعي للقوة ضد الطرف الآخر، أو يستجيب بالموافقة على أي طلب مساعدة في ممارسة تهديد أو استخدام لقوة ضد الطرف الآخر بموجب مثل تلك المعاهدة، أو الاتفاق أو الالتزام، أو المشاركة أو الحفاظ على المشاركة في تحالف عدائي ضد الطرف الآخر. (حاشية رقم 2).
4 - لن يقوم أي طرف بنقل أسلحة أو معدات عسكرية إلى لبنان، أو السماح بأن تتم مثل تلك العمليات عبر أراضيه، باستثناء تلك المرسلة إلى قوات الأمن الرسمية للحكومة اللبنانية. (حاشية رقم 3).
5 - يتشارك الطرفان هدف تحقيق سلام عربي - إسرائيلي شامل، ويدركان أن هذا سوف يتطلب إبرام اتفاقيات سلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين، ولبنان وإسرائيل، وتطبيع العلاقات بين الدول الأعضاء كافة في جامعة الدول العربية وإسرائيل. وسوف يبذل الطرفان قصارى جهديهما لتحقيق هذا الهدف.
تمت صياغة الديباجة والنقاط الخمس بطريقة تتيح دمج جزء كبير من اللغة مباشرة في اتفاق إطار سوري - إسرائيلي أو معاهدة إطار سورية - إسرائيلية. وتطرقت الحواشي إلى حالات خاصة:
1 - عملياً، بالنظر إلى السياسات الحالية لتلك الجماعات، سينبغي على سوريا الامتناع عن تقديم المساعدة العسكرية والمالية، بما فيها الأسلحة والمواد ذات الاستخدام المزدوج والتدريب والمعلومات الاستخباراتية، إلى تنظيم «حزب الله»، سواء في سوريا أو لبنان، وكذلك حركة «حماس» وغيرها من الجماعات الفلسطينية التي تخطط وتدعم وتشارك في أعمال عنف ضد إسرائيل والإسرائيليين، وتطرد من سوريا كل الأفراد التابعين لتلك الجماعات أو أي جماعة أخرى تستخدم الأراضي السورية في تنفيذ الأنشطة المحظورة إلى دول أخرى غير لبنان.
2 - يقال إنه لدى سوريا اتفاقات أمنية جماعية مع كل من إيران و«حزب الله» وأطراف في جامعة الدول العربية قد تقع ضمن نطاق هذا المتطلب. من الأمثلة على ذلك، أنه ينبغي على سوريا إنهاء علاقتها مع الحرس الثوري الإيراني، بما في ذلك «فيلق القدس»، ومنع عبور أفراده ومعداته عبر الأراضي السورية أو المجال الجوي السوري. كذلك، سيتعين على سوريا إنهاء أي اتفاقات تتيح وجود تهديد أو استخدام للقوة ضد إسرائيل والمواطنين الإسرائيليين إن وجدت.
3 - بناءً على ذلك، سوف يتعين على سوريا إنهاء مشاركتها في كل عمليات نقل الأسلحة والمعدات العسكرية، بما في ذلك المواد ذات الاستخدام المزدوج، إلى تنظيم «حزب الله» سواء في لبنان أو إلى لبنان وتيسيرها لتلك العمليات، كما سيتعين على سوريا وقف تدفق الأسلحة إلى الجماعات الفلسطينية في لبنان ودعم الجهود الرامية إلى نزع سلاحها».



مساعٍ يمنية حكومية لإيجاد حلول مستدامة لأزمة الكهرباء

رئيس الوزراء اليمني مجتمعاً مع مسؤولي شركة «مصافي عدن» (سبأ)
رئيس الوزراء اليمني مجتمعاً مع مسؤولي شركة «مصافي عدن» (سبأ)
TT

مساعٍ يمنية حكومية لإيجاد حلول مستدامة لأزمة الكهرباء

رئيس الوزراء اليمني مجتمعاً مع مسؤولي شركة «مصافي عدن» (سبأ)
رئيس الوزراء اليمني مجتمعاً مع مسؤولي شركة «مصافي عدن» (سبأ)

تكافح الحكومة اليمنية من أجل إيجاد حلول مستدامة لأزمة الكهرباء في العاصمة المؤقتة عدن وغيرها من المدن مع حلول فصل الصيف، وسط تشديد رسمي على اعتماد أقل البدائل تكلفة في التوليد.

وفي حين تعد معضلة الكهرباء واحدة من أبرز التحديات التي تواجه الحكومات اليمنية المتعاقبة، زادت الصعوبات أمام حكومة أحمد عوض بن مبارك لجهة شحة الموارد للإنفاق على الوقود، وفاقم من ذلك توقف بيع النفط منذ أكتوبر (تشرين الأول) 2022، بسبب هجمات الحوثيين على مواني التصدير.

رئيس الحكومة اليمنية بن مبارك مجتمعاً في عدن لحل مشكلة الكهرباء (سبأ)

وذكر الإعلام الرسمي أن بن مبارك ترأس في عدن في مقر وزارة الكهرباء والطاقة، اجتماعاً خُصص لمناقشة الإجراءات المنفذة لمعالجة انقطاعات الكهرباء، والخطط الجارية لتزويد محطات التوليد باحتياجاتها من المشتقات النفطية اللازمة للتشغيل، وتخفيف معاناة السكان.

وطبقاً لوكالة «سبأ»، اطلع رئيس الحكومة في الاجتماع الذي ضم وزراء المالية سالم بن بريك، والكهرباء والطاقة مانع بن يمين، والنفط والمعادن سعيد الشماسي، ورئيس لجنة مناقصات شراء وقود محطات توليد الكهرباء ناجي جابر، ومدير المؤسسة العامة للكهرباء مجيب الشعبي، على الخطط والبرامج الموضوعة، وما يجري تنفيذه لتجاوز الإشكالات القائمة في أغلب مفاصل المنظومة الكهربائية، والجهود الجارية لتنفيذ أعمال الصيانة وتوفير المشتقات النفطية للتوليد، وتفاصيل الأحمال والعجز القائم.

وقال بن مبارك إن حكومته تتفهم بشكل كامل معاناة السكان الكبيرة بسبب انقطاعات الكهرباء، وحرصها على إيجاد حلول مستدامة وعاجلة في هذا القطاع الحيوي، واعترف أن مواطنيه لم يعد يحتملون المزيد من المعاناة في هذا الجانب، داعياً الجميع إلى تحمل مسؤولياتهم والقيام بواجباتهم.

وشدد رئيس الوزراء اليمني على أهمية مراعاة الاعتماد على أقل البدائل تكلفة في التوليد، وتقليل أعباء ملف الطاقة على الموارد العامة للدولة، مؤكداً أن الأموال المخصصة للكهرباء يجب أن تنفق بالطريقة الصحيحة ووفقاً لأسس حوكمة رشيدة، وتحقيق منظومة الرقابة على هذا القطاع بما ينعكس بشكل مباشر على تحسين الخدمة وتخفيف معاناة المواطنين.

مصفاة عدن

في سياق مشكلة الكهرباء والبحث عن حلول لها، أكد رئيس الوزراء اليمني حرص حكومته على إقامة أنشطة اقتصادية في مجالات مختلفة تعتمد على البعد اللوجستي لمدينة عدن، وفي مقدمة ذلك إعادة تشغيل مصافي عدن للقيام بدورها الحيوي في تأمين احتياجات السوق المحلية من المشتقات النفطية ورفد الاقتصاد الوطني.

رئيس الوزراء اليمني مجتمعاً مع مسؤولي شركة «مصافي عدن» (سبأ)

تصريحات بن مبارك جاءت خلال زيارة إلى شركة «مصافي عدن» في مديرية البريقة بالعاصمة المؤقتة عدن، للاطلاع على سير العمل فيها ومستوى الإنجاز في إعادة تأهيلها والسُّبل والآليات الكفيلة باستعادة نشاطها بشكل كامل.

واستمع رئيس الحكومة اليمنية - وفق الإعلام الرسمي - من إدارة المصفاة والمهندسين إلى شرح حول خطط وبرامج «مصافي عدن» لإعادة تأهيل المصفاة واستكمال صيانة وتشغيل محطة الكهرباء، وشدد بهذا الخصوص على ضرورة مضاعفة الجهود والتركيز على دراسات الجدوى لتشغيل المصفاة؛ كونها إحدى أبرز المنشآت الحيوية المعول عليها في رفد الاقتصاد الوطني.

وناقش بن مبارك مع المسؤولين في الشركة الخطط المستقبلية لعمل المصافي وتطبيق مبادئ الشفافية والمساءلة والارتقاء بكفاءة الأعمال الإدارية ودورها في تسلم وتسيير منحة التسهيل النفطي المقدمة من السعودية والإمارات.

وأمر رئيس الوزراء بن مبارك مسؤولي الشركة بتقديم إيضاحات حول أسباب تعثر إنجاز محطة كهرباء مصفاة عدن، ووضع خطة زمنية عاجلة لاستكمالها للمساهمة في تعزيز وتيرة العمل ونشاط المصفاة بشكل عام.

جانب من جولة تفقدية قام بها رئيس الحكومة اليمنية لمرافق «مصافي عدن» (سبأ)

وقال إن إعادة تشغيل «مصافي عدن» تحظى باهتمام مجلس القيادة الرئاسي والحكومة، وإن ذلك يتطلب الارتقاء بمستوى العمل في الجوانب الإدارية والاقتصادية وعدم الاكتفاء بالنظر إلى البعد التاريخي للمصفاة، مشدداً على تحديث أنشطتها بما يتواكب مع الاحتياجات القائمة.

وأكد بن مبارك استعداد حكومته لإصدار قرار بإعادة الامتياز لـ«مصافي عدن» باعتبارها منطقة حرة، وما يتطلبه ذلك من تهيئة واستعداد لضمان نجاح هذا النشاط، إضافة إلى تفعيل دورها في التخزين وتموين السفن وإعادة التصدير.

وأشار إلى أنه سيتم تخصيص اجتماعات لدراسة كل المواضيع المتعلقة بتفعيل نشاط «مصافي عدن»، وقال: «على الجميع تحمل مسؤولياتهم في إعادة الاعتبار لهذه المنشأة الحيوية وقيمتها»، بحسب ما نقله عنه الإعلام الرسمي.


اتهامات للحوثيين بخطف المراهقين في إب لتجنيدهم

الجماعة الحوثية متهمة بتجنيد آلاف الأطفال والشبان في اليمن (فيسبوك)
الجماعة الحوثية متهمة بتجنيد آلاف الأطفال والشبان في اليمن (فيسبوك)
TT

اتهامات للحوثيين بخطف المراهقين في إب لتجنيدهم

الجماعة الحوثية متهمة بتجنيد آلاف الأطفال والشبان في اليمن (فيسبوك)
الجماعة الحوثية متهمة بتجنيد آلاف الأطفال والشبان في اليمن (فيسبوك)

بينما أخضعت الجماعة الحوثية منذ أسابيع مئات الأطفال والمراهقين لتلقي دروس تعبوية وتدريبات قتالية في أكثر من 626 مركزاً صيفياً مغلقاً ومفتوحاً في محافظة إب اليمنية، شكا السكان من تنامي ظاهرة خطف المراهقين وتوسعها، في أكثر من قرية ومدينة، وسط اتهامات مباشرة لقادة الجماعة بالوقوف وراء حوادث الخطف بدافع الابتزاز والاستغلال والتجنيد.

وكان زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي أقرّ في آخر خطبة له، بتجنيد 296 ألف عنصر وتدريبهم منذ بدء الأحداث في غزة، وشدّد على الاستمرار في أعمال التعبئة والحشد، تحت مزاعم نصرة الفلسطينيين والاستعداد للمواجهة مع الولايات المتحدة وإسرائيل.

الحوثيون يدفعون الطلبة للمشاركة في تظاهرات تخدم أجندتهم (فيسبوك)

وأفاد مصدر أمني مناهض للجماعة الحوثية في إب لـ«الشرق الأوسط»، بتصاعد مقلق لظاهرة اختطاف المراهقين في المحافظة، كاشفاً عن أن مدينة إب (مركز المحافظة) ومديريات العدين وحبيش ويريم وغيرها سجلت أخيراً أكثر من 7 حوادث اختطاف أغلب ضحاياها من المراهقين.

واتهم المصدر، الذي طلب إخفاء معلوماته؛ حفاظاً على حياته، قادة الجماعة الحوثية بالوقوف وراء حوادث الخطف السابقة والحالية التي تشهدها إب وبقية مديرياتها (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) بالتزامن مع ما تعانيه المحافظة من فوضى وانفلات أمني غير مسبوقين، مضافاً إليها معاناة معيشية بائسة يكابدها السكان.

وتمثّل آخر تلك الحوادث وليس أخيرها، بحسب المصدر، في تعرّض مراهق يدعى موسى الزهيري للخطف من مديرية العدين أثناء دخوله من قريته «بني زهير» إلى مركز المديرية لشراء بعض الاحتياجات، حيث لم يُكشف عن مصيره حتى اللحظة.

وذكر مقربون من أسرة المراهق لـ«الشرق الأوسط»، بأنهم أبلغوا أجهزة أمن الجماعة في المديرية عن فقدانهم ابنهم، وأن الجماعة لم تحرك ساكناً حيال ذلك البلاغ.

ونقلت المصادر عن شهود في مديرية العدين أن مشرفين حوثيين حشدوا قبل أيام مجموعة من الأطفال والمراهقين في المديرية دون معرفة ذويهم، ثم اتجهوا بهم على متن حافلات صوب مركز المحافظة لإلحاقهم بالمخيمات الصيفية، وإشراكهم بمظاهرة طلابية تعتزم الجماعة تنفيذها.

مدينة إب اليمنية تعيش في فوضى أمنية برعاية حوثية (فيسبوك)

ورجحت المصادر أن يكون المراهق موسى الزهيري ضمن آخرين استقطبتهم الجماعة وأجبرتهم على الالتحاق بصفوفها.

وسبق اختفاء الزهيري تسجيل وقائع خطف أخرى تعرّض لها مراهقون وشبان في مديريات عدة في إب، منها تعرّض شقيقين، الأول عصام والآخر أدهم، للخطف على أيدي مجهولين في مديرية يريم شمال شرق إب، حيث يواصل أقاربهما حتى اللحظة عملية البحث عنهما بمناطق عدة؛ أملاً في العثور عليهما، في ظل اتهامات للجماعة الحوثية بالمسؤولية عن اختفائهما.

وعلى خلفية تكرار دعوات الجماعة الحوثية بتحشيد الطلاب إلى معسكراتها الصيفية والتي قوبلت بمزيد من الرفض المجتمعي، اتهمت مصادر في إب قادة ومشرفين في الجماعة بالوقوف وراء جرائم اختطاف المراهقين والأطفال بدافع التجنيد والانتقام من ذويهم لرفضهم إلحاقهم بالمعسكرات الصيفية.

ويؤكد سليم، وهو ناشط مجتمعي في مدينة إب، أن جرائم الخطف بمختلف أشكالها تشهد ارتفاعاً ملحوظاً كل عام أثناء تدشين الحوثيين لمراكزهم الصيفية.

ويقول إن الجماعة الانقلابية قامت مراراً باستقطاب وتحشيد الأطفال والشبان وخطف آخرين من قرى ومناطق متفرقة عدة في إب لتعزيز مخيماتها الصيفية بهم. داعياً الحقوقيين والمنظمات الدولية المعنية بالطفولة وحقوق الإنسان إلى التدخل لمعرفة مصير المختطفين وأماكن وجودهم.

تسرب من التعليم

في بيان حديث، كشفت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف) عن أن أكثر من 4.5 مليون طفل في اليمن خارج المدرسة، بسبب تداعيات سنوات من الصراع المسلح في البلاد. وأكدت المنظمة أن شركاء التعليم يعيدون تأهيل الفصول الدراسية وبنائها، ويقدّمون المساعدة التعليمية للملايين، ويعملون على إعادة الآخرين إلى المدارس. معتبرة أن الاستثمار في التعليم هو استثمار في مستقبل الأجيال.

الشبان اليمنيون يتلقون تعبئة متطرفة وتدريباً على استخدام الأسلحة (إعلام حوثي)

ومنذ انقلاب الحوثيين في أواخر 2014، خلّفت الهجمات التي تعرّض لها أطفال المدارس والمعلمون والبنية التحتية التعليمية آثاراً مدمرة على النظام التعليمي في اليمن وعلى فرص الملايين من الأطفال في الحصول على التعليم.

وبحسب «يونيسيف» كان للنزاع والتعطيل المستمر للعملية التعليمية في جميع أنحاء اليمن وتجزئة نظام التعليم شبه المنهار أصلاً أثر بالغ على التعلم والنمو الإدراكي والعاطفي العام والصحة العقلية للأطفال كافة في سن الدراسة البالغ عددهم 10.6 مليون طالب وطالبة.

ودمّرت الحرب - طبقاً للبيان- أكثر من 2.916 مدرسة (واحدة على الأقل من بين كل 4 مدارس) أو تضررت جزئياً أو تم استخدامها لأغراض غير تعليمية نتيجة سنوات من النزاع.


‏عبث الانقلابيين يهدد صنعاء القديمة بالخروج من «التراث العالمي»

عشرات المنازل التاريخية في صنعاء تهدمت جراء الإهمال والعبث (إعلام محلي)
عشرات المنازل التاريخية في صنعاء تهدمت جراء الإهمال والعبث (إعلام محلي)
TT

‏عبث الانقلابيين يهدد صنعاء القديمة بالخروج من «التراث العالمي»

عشرات المنازل التاريخية في صنعاء تهدمت جراء الإهمال والعبث (إعلام محلي)
عشرات المنازل التاريخية في صنعاء تهدمت جراء الإهمال والعبث (إعلام محلي)

كشف ناشطون يمنيون في المجال الثقافي عن توسع دائرة عبث الحوثيين بالطراز المعماري في مدينة صنعاء القديمة، ما يهدد بإسقاط المدينة التاريخية من قائمة التراث العالمي. وطالبوا منظمة الأمم المتحدة للعلوم والثقافة (اليونيسكو) باتخاذ موقف جاد تجاه ذلك العبث.

ووفق إفادات جمعتها «الشرق الأوسط» من 5 ناشطين، طال عبث الحوثيين 3 حارات في المدينة القديمة التي أُدرجت ضمن التراث العالمي قبل 38 عاماً، وهو أمر من شأنه أن يهدد بإسقاطها من قائمة التراث العالمي، خصوصاً أنها موضوعة الآن على قائمة «التراث العالمي المعرّض للخطر».

الحوثيون يخططون لتحويل صنعاء القديمة إلى مزار طائفي (إعلام حكومي)

وبيّنت الإفادات أن المسؤولين الحوثيين ورغبةً في الحصول على الأموال، مكّنوا تجاراً وميسورين من هدم عدد من المباني التاريخية وإقامة مبانٍ كبيرة مكانها، مستخدمين الخرسانة المسلحة والأحجار، وبشكل مخالف تماماً للطراز المعماري؛ شكلاً ومضموناً.

وتشهد حارات ‏سكرة وموسى ونصير، عبثاً غير مسبوق في الطابع المعماري للمدينة، وفق الناشطين؛ نتيجة تواطؤ المسؤولين الحوثيين، ‏وسماحهم لأغلب التجار بإزالة مبانٍ تاريخية وإقامة مكانها مبانٍ من الخرسانة والأحجار.

وبيّنت المصادر أن ‏حارة بالكامل تم تغيير دكاكينها المعروفة بطرازها المعماري وصغر حجمها وأبوابها، وأُعيد بناؤها بالإسمنت المسلح والأحجار، وتحويلها إلى محلات تجارية وفقاً للنموذج الحديث في البناء، خصوصاً بالقرب من باب السلام ‏وحارة نصير.

وتحوّلت حارة سكرة، وهي الحارة الجميلة في المدينة القديمة، إلى محال تجارية مخالفة للبناء التاريخي القديم، حيث تجاهل الحوثيون القانون الذي يجرّم مثل هذه الأفعال، كما تجاهلوا تحذيرات منظمة الأمم المتحدة للعلوم والثقافة من هذه التجاوزات، واستمروا في صرف تراخيص هدم وبناء، خلافاً لمعايير البناء وأدواته في المدينة.

وذكر الناشطون أن أحد التجار الكبار أقام عمارة شاهقة بالحديد المسلح في شارع الذهب القريب من بيت الشاعر الراحل عبد الله البردوني، الذي تضرر نتيجة الأمطار الغزيرة، وأن التاجر يواصل البناء الآن.

‏ ترميم دون المعايير

اشتكى النشطاء في مدينة صنعاء القديمة من الطريقة التي يدار بها مشروع إنقاذ وتأهيل المباني التاريخية، وقالوا إن عملية الترميم لا تتم باستخدام أنواع جيدة من المواد، وتتم بأدنى المعايير، ولهذا تتضرر المباني بسرعة وفي وقت بسيط.

كما انتقدوا ذهاب غالبية الأموال المخصصة للمشروع في صورة نفقات إدارية بما فيها سفريات واجتماعات وورش تدريب، وقالوا إن كثيراً من أصحاب المنازل المتضررة جراء الأمطار حاولوا إدراج منازلهم ضمن قوائم المنازل التي يتم ترميمها حالياً، لكن دون جدوى.

التغيرات المناخية زادت الأضرار التي تعرض لها كثير من المنازل في صنعاء القديمة (إكس)

ووفق ما ذكرته المصادر فإن شباناً من المدينة، الذين يستهدفهم المشروع الممول من الاتحاد الأوروبي، يحاولون منذ عامين الحصول على فرصة للتدريب والعمل، لكن مطالبهم قوبلت بالتجاهل.

وتؤكد «اليونيسكو» أن اليمن يشتهر بتراثه الثقافي الغني، بما في ذلك المواقع الأثرية والمدن ذات الأهمية التاريخية، مع وجود 5 مواقع تم ترشيحها للتراث العالمي، و9 مدرجة في القائمة المؤقتة.

وتقول المنظمة إن مواقع التراث الثقافي المبنية في اليمن تعد نافذة فريدة لفهم الحضارة غير العادية التي يبلغ عمرها 2200 عام، التي ازدهرت ذات يوم في شبه الجزيرة العربية.

وبحسب المنظمة الأممية، فإنه وبسبب النزاع المستمر، لا تزال مدينة صنعاء القديمة، ومدينة شبام القديمة المسورة، ومدينة زبيد التاريخية، وعديد من المراكز التاريخية المهمة في اليمن معرضة للخطر للغاية.

ولهذا أطلقت المنظمة بالشراكة مع الاتحاد الأوروبي في يونيو (حزيران) 2022 مبادرة «توظيف الشباب من خلال التراث والثقافة في اليمن»، بهدف تلبية احتياجات إعادة تأهيل التراث، والبرامج الثقافية، وتوفير فرص العمل للشباب اليمنيين.


الزيّاني في عدن حاملاً رسالة من ملك البحرين

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني مستقبلاً في عدن وزير الخارجية البحريني (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني مستقبلاً في عدن وزير الخارجية البحريني (سبأ)
TT

الزيّاني في عدن حاملاً رسالة من ملك البحرين

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني مستقبلاً في عدن وزير الخارجية البحريني (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني مستقبلاً في عدن وزير الخارجية البحريني (سبأ)

وصل إلى العاصمة اليمنية المؤقتة عدن، الخميس، وزير الخارجية البحريني عبد اللطيف الزياني، حاملاً رسالة إلى رئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي، من الملك حمد بن عيسى آل خليفة، وناقش مع المسؤولين اليمنيين القضايا ذات الاهتمام المشترك، وفق ما ذكره الإعلام الرسمي اليمني.

وأفادت وكالة «سبأ» بأن العليمي، ومعه عضوا المجلس عيدروس الزبيدي، وعبد الرحمن المحرمي، استقبل الزياني في قصر معاشيق، وأثنى على العلاقات المتميزة اليمنية مع مملكة البحرين، والدعم السياسي الكبير الذي تقدمه ضمن تحالف دعم الشرعية للشعب اليمني وقيادته الشرعية في مختلف المحافل الإقليمية والدولية.

وزير الخارجية البحريني عبد اللطيف الزياني أثناء وصوله إلى مطار عدن (سبأ)

وتطرّق اللقاء، وفق الوكالة، إلى مستجدّات الوضع اليمني، والمواقف المشتركة إزاء التطورات في المنطقة، والتحديات المحدقة بالسلم والأمن الدوليين.

وأشاد رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني بالجهود التي تبذلها مملكة البحرين، ملكاً وحكومة وشعباً، من أجل إنجاح أعمال القمة العربية الثالثة والثلاثين المرتقبة، لما فيه مصلحة الأمة وتعزيز دورها الجماعي لمواجهة كل التحديات.

في السياق نفسه، التقى الزياني، رئيس الحكومة اليمنية أحمد عوض بن مبارك، وتطرّق اللقاء إلى جدول أعمال القمة العربية الـ33، المزمع عقدها الشهر المقبل، في البحرين، والتنسيق المشترك لإنجاح القمة، في ظل التطورات الإقليمية الراهنة.

ورأى بن مبارك في زيارة الزياني لعدن دلالة سياسية مهمة ضمن الموقف البحريني الثابت في دعم الشرعية اليمنية والحكومة لمواجهة التحديات في مختلف المجالات، وفق ما ذكره الإعلام الحكومي.

وأشار رئيس الوزراء اليمني إلى ألويات حكومته بموجب التحديات المستجدّة مع تصاعد الحرب الاقتصادية والعسكرية الحوثية هروباً من استحقاقات السلام، والإصلاحات الجاري تنفيذها لتخفيف وطأة الأوضاع المعيشية التي فاقمتها هجمات الحوثيين على المنشآت النفطية، وخطوط الملاحة الدولية.

رئيس الحكومة اليمنية يستقبل في عدن وزير الخارجية البحريني عبد اللطيف الزياني (سبأ)

ونسبت وكالة «سبأ» إلى الوزير الزياني أنه جدَّد دعم بلاده للحكومة اليمنية، سواء بشكل ثنائي أم على المستوى الخليجي والعربي والدولي، لافتاً إلى الحرص على حضور ملف اليمن وأولويات الحكومة في مجلس التعاون وأعمال القمة العربية.

إلى ذلك، أفاد الإعلام الرسمي اليمني بأن الزياني التقى، بعد وصوله إلى عدن، نظيره وزير الخارجية شائع الزنداني، وناقش معه العلاقات الثنائية، وسُبل تعزيزها وتطويرها، واستعراض الأوضاع على الساحة اليمنية والتطورات الإقليمية.

وقال الزنداني إن بلاده «حريصة على إنجاح كل الجهود والمساعي الإقليمية والأممية لإحلال السلام، إلا أن الأعمال والسلوكيات التي تنتهجها الميليشيات الحوثية الإرهابية تشكل عائقاً أمام ذلك».

ونقل الإعلام اليمني الحكومي عن الزياني أنه أكد دعم بلاده لمجلس القيادة والحكومة الشرعية اليمنية، والموقف البحريني الثابت من إحلال السلام والاستقرار باليمن، والمنطقة عموماً، والحرص على إنجاح الجهود الإقليمية والدولية لإحلال السلام وإنهاء الحرب في اليمن.

وضمن اليوم البحريني الدبلوماسي الحافل في العاصمة اليمنية المؤقتة عدن، كان رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي قد تسلَّم بقصر معاشيق أوراق اعتماد سفير مملكة البحرين، الشيخ علي بن عبد الرحمن آل خليفة.


«حرب غزة»: هل تنهار ترتيبات المعابر الصامدة منذ 2005؟

صورة نشرها أدرعي لدبابة إسرائيلية داخل معبر رفح (إكس)
صورة نشرها أدرعي لدبابة إسرائيلية داخل معبر رفح (إكس)
TT

«حرب غزة»: هل تنهار ترتيبات المعابر الصامدة منذ 2005؟

صورة نشرها أدرعي لدبابة إسرائيلية داخل معبر رفح (إكس)
صورة نشرها أدرعي لدبابة إسرائيلية داخل معبر رفح (إكس)

لم يكن رفع العلم الإسرائيلي على دبابات تقتحم معبر رفح من الجانب الفلسطيني، لحظةً عاديةً في الحرب المستعرة منذ نحو 8 أشهر، بقدر ما كانت خطاً فاصلاً بين ما كان وما سيكون في اليوم التالي بعد نهاية القتال.

الاختراق الأول من نوعه لاتفاق المعابر الموقَّع عام 2005، يراه خبراء في الشؤون العسكرية والفلسطينية والقانون الدولي، في أحاديث منفصلة مع «الشرق الأوسط»، بداية ترتيبات إسرائيلية جديدة في اليوم التالي للحرب.

قلب الطاولة

في 7 مايو (أيار)، قلبت قوات إسرائيلية الطاولة على اتفاق المعابر، الموقَّع عام 2005، بين السلطة الفلسطينية وتل أبيب برعاية أوروبية، و«توغلت آليات عسكرية إسرائيلية في الجانب الشرقي برفح، حسب إعلان الجيش الإسرائيلي». وفي اليوم نفسه، قالت صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية، إن شركة أمن أميركية خاصة تُجري تل أبيب مفاوضات معها لتولي إدارة معبر رفح.

وجاء الرد المصري سريعاً عبر نفي مصدر مصري رفيع المستوى لقناة «القاهرة الإخبارية» ما تداولته وسائل إعلام إسرائيلية بشأن تولي مصر مسؤوليات أمنية داخل قطاع غزة.

تزامن ذلك مع أنباء عن تعزيزات عسكرية مصرية على الحدود، وقالت مصادر مطلعة لـ«الشرق الأوسط»، الثلاثاء، إن «القوات المسلحة المصرية نشرت قوات وآليات شرقي وغربي معبر رفح في الجانب المصري»، وأوضحت أن «تلك القوات في حالة استنفار واستعداد تام».

ووسط حديث متصاعد على منصات التواصل عن مساس التحركات الإسرائيلية باتفاقية السلام بين مصر وإسرائيل، أكد المتحدث باسم حكومة تل أبيب، أوفير جندلمان، الأربعاء، أن «عملية رفح لا تخالف على الإطلاق معاهدة السلام».

لكنَّ الرئيس الأميركي جو بايدن، قال في وقت لاحق إن العملية الإسرائيلية في رفح «تتسبب في مشكلات مع مصر التي يحرص على العلاقات معها، وعلى المساعدة في تقدمها».

محددات مصرية

موقف مصر في هذا السياق ينطلق من محددات مهمة، كما يرى النائب مصطفى بكري، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، تشمل «التمسك بالاتفاقيات الموقَّعة لا سيما الأمنية في 2005، وما تضمنه من أن السلطة الفلسطينية هي التي تتولى إدارة المعبر في أراضيها».

فمصر، وفق بكري، «تدير الأزمة بحكمة وتلعب دورها في الوساطة وطالبت بفتح معبر رفح من الجانب الفلسطيني لمرور المساعدات فوراً»، فيما «تسعى إسرائيل لترتيبات في اليوم التالي للحرب ولا تريد للسلطة الفلسطينية ولا لحماس وجوداً في الإدارة، وتسعى لوجود دولي وفرض سيطرتها الأمنية».

اختراق عابر

من جانب آخر، يعد ما قامت به إسرائيل بالسيطرة على معبر رفح من الجانب الفلسطيني، «اختراقاً عابراً»، وفق اللواء سمير فرج، الخبير العسكري والاستراتيجي المصري.

هذا الاختراق، وفق حديث سابق لفرج مع «الشرق الأوسط»، يعد «مجرد خطأ في تطبيق المعاهدة، ويواجَه عبر لجنة متخصصة تتكون من الجانبين المصري والإسرائيلي بالإضافة إلى الجانب الأميركي الراعي لمعاهدة السلام، وفق ما تنص الاتفاقية».

فرج يرى أن تلك التحركات «لن تخلق واقعاً جديداً»، ويعزو ذلك إلى أن «إسرائيل ليست من الغباء بأن تُحدث أزمة حالية مع مصر».

ترتيبات جديدة

في المقابل، يرى المحلل السياسي الفلسطيني، عبد المهدي مطاوع، المدير التنفيذي لمنتدى الشرق الأوسط للدراسات الاستراتيجية والأمن القومي، في حديث مع «الشرق الأوسط»، أن غزة «إزاء ترتيبات إسرائيلية جديدة لليوم التالي للحرب عقب السيطرة الإسرائيلية على رفح».

مطاوع قال إن «السيطرة على رفح رغم مخالفته القانون الدولي يعد جزءاً من أهداف حرب رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو»، إذ يعتقد الأخير أن خروجه عام 2005، من معبر رفح والمنطقة الحدودية، كان «سبباً في الإضرار بأمن إسرائيل وبالتالي لا يريد أن يغامر بتكرار ذلك الخطأ السابق، وفق ما يعتقد».

نتنياهو لا ينظر إلى مدى التداعيات القانونية، بل يضع، حسب مطاوع، «مخططه فقط موضع التنفيذ»، ويسعى لتحقيق 3 أهداف: «عدم إيجاد أي مهدِّد لأمن إسرائيل باعتقاده، والضغط بورقة رابحة في المفاوضات الحالية في القاهرة بشأن هدنة غزة، وإرضاء اليمين المتطرف في حكومته».

وبالتالي، فإن سيطرة إسرائيل على شرق رفح تعني، وفق مطاوع، «مؤشراً مهماً على وجود ترتيبات جديدة تنطلق من معبر رفح ونراها في اليوم التالي للحرب، وتفرض أمراً واقعاً جديداً».

سيناريوهات قانونية

لذلك، فإن اتفاقية المعابر، وفق أستاذ القانون الدولي العام محمد مهران، «باتت مهدَّدة بأن تُنسف بالكامل بعد الاجتياح الإسرائيلي الأخير، سواء من الناحية العملية بفرض سيطرة أحادية على المعبر، أو من الناحية النظرية باعتبار أن خرق بنودها يُفقدها قيمتها القانونية».

في مثل هذه الحالات، يتعين على الدول المتضررة، وفق تصريحات إعلامية لمهران، «اللجوء إلى الإجراءات القانونية الواردة بالاتفاقية، أو اللجوء لوسائل التسوية السلمية وفقاً للقانون الدولي، مثل رفع شكوى لمجلس الأمن».


تنسيق مصري - أردني بوجه ترتيبات إسرائيلية في «رفح»

السيسي يلتقي الخصاونة في القاهرة الخميس (الرئاسة المصرية)
السيسي يلتقي الخصاونة في القاهرة الخميس (الرئاسة المصرية)
TT

تنسيق مصري - أردني بوجه ترتيبات إسرائيلية في «رفح»

السيسي يلتقي الخصاونة في القاهرة الخميس (الرئاسة المصرية)
السيسي يلتقي الخصاونة في القاهرة الخميس (الرئاسة المصرية)

زيارة في سياق معقد أجراها بشر الخصاونة، رئيس الوزراء وزير الدفاع الأردني، إلى مصر، حملت في طياتها «خطوات لتحرك وتنسيق أكبر» في وجه ترتيبات إسرائيل بـ«رفح»، بعد سيطرة قواتها على المعبر من الجانب الفلسطيني.

وهيمنت تطورات الحرب في غزة، على لقاء الخصاونة مع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، وسط «رفض مشترك للعملية الإسرائيلية في رفح وتعطيل معبر رفح»، وفق ما أفاد به بيان للرئاسة المصرية عقب اللقاء.

وبحسب البيان المصري، جرى التأكيد على «الرفض الكامل والتحذير من الآثار الإنسانية الكارثية للعمليات العسكرية الإسرائيلية في مدينة رفح الفلسطينية، وتُعطّل المنفذ الآمن لخروج الجرحى والمرضى لتلقي العلاج، ولدخول المساعدات الإنسانية والإغاثية». كما ناشد المجتمع الدولي لـ«الاضطلاع بمسؤولياته للتوصل لوقف فوري ومستدام لإطلاق النار، والمضي قدماً في إنفاذ الاعتراف بالدولة الفلسطينية المستقلة ذات السيادة على حدود 1967 وعاصمتها القدس الشرقية».

وحمل الخصاونة رسالة شفوية من ملك الأردن عبد الله الثاني، للرئيس المصري، بشأن الجهود المشتركة في ملف غزة ورفض تهجير الفلسطينيين، وفق ما ذكره رئيس الوزراء الأردني بمؤتمر صحافي مع نظيره المصري مصطفى مدبولي.

وكانت العملية الإسرائيلية الأخيرة في رفح الفلسطينية، محل رفض مصري أردني خلال اللقاء، كما ذكر الخصاونة، الذي دعا العالم لتحمل مسؤوليته إزاء تلك العملية. وأسفرت الزيارة عن تجديد الرفض المصري الأردني لتهجير الفلسطينيين من غزة أو الضفة، كما ذكر مدبولي.

وينطوي التصعيد الإسرائيلي في مدينة رفح وإغلاق المعبر على «تحديات أمنية جديدة في المنطقة»، وفق عضو لجنة العلاقات الخارجية بمجلس النواب المصري، مجدي عاشور، الذي قال لـ«الشرق الأوسط» إن الزيارة «فرصة لتبادل وجهات النظر بين الأردن ومصر حول كيفية التعامل مع هذا التصعيد وتأثيره على الاستقرار الإقليمي».

وتوقع عاشور أن تحمل الزيارة «تحركا دبلوماسياً مصرياً أردنياً بصورة أكبر ضد الخرق الكبير»، مضيفاً أن «الحديث عن ترتيبات إسرائيلية جديدة أمر مرفوض، وكل السيناريوهات مطروحة للرد المصري وبالتأكيد في ظل تنسيق أردني».

مصر والأردن ترفضان العملية الإسرائيلية في رفح وتعطيل المعبر (الرئاسة المصرية)

بدوره، قال المحلل السياسي الأردني منذر الحوارات لـ«الشرق الأوسط» إن «التنسيق الأردني المصري بدا من اليوم الأول فاعلاً ومؤثراً في اتجاه أساسي هو رفض تهجير الفلسطينيين، وكان له أثر على المجتمع الدولي، ولم يتحقق التهجير حتى الآن على الأرض».

وناضلت مصر والأردن في إدخال المساعدات الإنسانية، وفق الحوارات، بعد «تضييقات إسرائيلية، ونجحا في ذلك بجهود مشتركة مع المجتمع الدولي»، في إشارة لعمليات الإنزال الجوي للمساعدات الإنسانية.

وتعكس زيارة الخصاونة إدراكاً مشتركاً لأهمية التنسيق بشكل أكبر، ومخطط إسرائيل وترتيباتها الأمنية بشأن فصل الضفة عن غزة، والسيطرة على القطاع، عبر بناء جدار عازل، وتنفيذ إجراءات أحادية مرفوضة عربياً ودولياً، على حد قول الحوارات.

من جهة أخرى، ناقشت الزيارة تعزيز العلاقات والتعاون الثنائي بين البلدين، بهدف تحقيق المصالح المشتركة في تحقيق التنمية الشاملة، لا سيما في ضوء الانعقاد الجاري بالقاهرة للدورة الثانية والثلاثين من اللجنة العليا المصرية الأردنية المشتركة، برئاسة رئيسي وزراء الدولتين.


الحوثي يتبنّى مهاجمة 112 سفينة وتجنيد 296 ألف عنصر

حشد من أتباع الحوثيين خلال مظاهرة دعا إليها زعيمهم في صنعاء (أ.ف.ب)
حشد من أتباع الحوثيين خلال مظاهرة دعا إليها زعيمهم في صنعاء (أ.ف.ب)
TT

الحوثي يتبنّى مهاجمة 112 سفينة وتجنيد 296 ألف عنصر

حشد من أتباع الحوثيين خلال مظاهرة دعا إليها زعيمهم في صنعاء (أ.ف.ب)
حشد من أتباع الحوثيين خلال مظاهرة دعا إليها زعيمهم في صنعاء (أ.ف.ب)

تبنّت الجماعة الحوثية في اليمن مهاجمة ثلاث سفن في خليج عدن والمحيط الهندي، بينما توعّد زعيمها عبد الملك الحوثي بمرحلة خامسة من التصعيد دون خطوط حمراء، وتبنى مهاجمة 112 سفينة منذ نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

وتهاجم الجماعة المدعومة من إيران السفن في البحر الأحمر وخليج عدن والمحيط الهندي منذ 19 نوفمبر الماضي، تحت مزاعم نصرة الفلسطينيين في غزة، ومحاولة منع ملاحة السفن المرتبطة بإسرائيل، وكذا السفن الأميركية والبريطانية، وأعلنت الأسبوع الماضي توسيع الهجمات إلى البحر المتوسط.

طائرة من دون طيار وهمية من صنّع الحوثيين معروضة في ساحة في صنعاء (إ.ب.أ)

وقال الحوثي في خطبة بثها تلفزيون «المسيرة» الذراع الإعلامية للجماعة، الخميس، إنه ليس أمام جماعته خطوط حمراء تحول دون تنفيذ الهجمات، التي قال إنها بلغت خلال شهر 25 عملية نفذت بـ71 صاروخاً باليستياً ومجنحاً وطائرة مسيّرة.

وفي حين تبنى زعيم الجماعة الموالية لإيران مهاجمة 112 سفينة، قال إن العمليات التي نفذتها جماعته خلال هذا الأسبوع تمت بـ10 صواريخ باليستية ومجنّحة وطائرة مسيّرة.

وزعم أن لدى الجماعة خيارات استراتيجية حساسة ومهمة ومؤثرة، وأنها لا تكترث لكل التهديدات التي تلقتها ومستعدة لكل الاحتمالات.

وهدّد الحوثي باستهداف أي سفينة نقلت بضائع لموانئ إسرائيل، وقال إن المرحلة الرابعة من التصعيد التي كان أعلن عنها قبل أسبوع ستشمل استهداف أي سفن لأي شركة لها علاقة بالإمداد أو نقل بضائع لإسرائيل وإلى أي جهة ستتجه.

ومع تهديده بمرحلة خامسة من التصعيد، أقرّ بأن جماعته استغلت الحرب في غزة لمزيد من التعبئة والتجنيد، حيث بلغ عدد المتدربين في التعبئة والتأهيل العسكري 296 ألفاً داعياً إلى المزيد.

المتحدث العسكري باسم الجماعة الحوثية يردد الصرخة الخمينية خلال تجمّع في صنعاء (إ.ب.أ)

خطبة الحوثي، جاءت بعد ساعات من تبني المتحدث العسكري باسم الجماعة يحيى سريع مهاجمة ثلاث سفن بالطائرات المسيّرة والصواريخ، من بينهما سفينتان إسرائيليتان، الأولى «ديجو» في خليج عدن والثانية «جينا» في خليج عدن، زاعماً إصابتهما. كما تبنى مهاجمة السفينة «فيتوريا» مرتين، الأولى في المحيط الهندي والأخرى في البحر العربي.

وكان الجيش الأميركي أكد، الأربعاء، إطلاق الحوثيين 3 طائرات مسيرة وصاروخاً باليستياً مضاداً للسفن إلى خليج عدن، من دون أن تسبب الهجمات أي أضرار.

50 سفينة في البحر الأحمر

تأكيداً للأضرار الاقتصادية الناجمة عن تصعيد الحوثيين، قالت وكالة الأنباء الألمانية، إن الجماعة هاجمت أكثر من 50 سفينة تجارية في البحر الأحمر خلال الفترة من 19 نوفمبر وحتى نهاية أبريل (نيسان) الماضيين، وفقاً لبيانات شركة التأمين الصناعي «أليانز كوميرشال».

ووفقاً للشركة، انخفضت لذلك حركة المرور عبر قناة السويس الآن بشكل ملحوظ، ففي بداية العام تراجع عدد السفن التي عبرت القناة بنسبة 40 في المائة عما كانت عليه في أوقات الذروة.

وأطلقت واشنطن تحالفاً دولياً، في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، سمَّته «حارس الازدهار»، لحماية الملاحة في البحر الأحمر، وخليج عدن، قبل أن تشنّ ضرباتها على الأرض، حيث شاركتها بريطانيا في 4 مناسبات.

وأثّرت هجمات الحوثيين على مصالح أكثر من 55 دولة وفقاً للجيش الأميركي، وهدّدت التدفق الحر للتجارة عبر البحر الأحمر، وهو حجر أساس للاقتصاد العالمي؛ إذ دفعت الهجمات أكثر من 10 شركات شحن كبرى إلى تعليق عبور سفنها عبر البحر الأحمر؛ ما تسبب في ارتفاع أسعار التأمين على السفن في المنطقة.

طلبة جامعيون في صنعاء يرفعون صورتين لزعيم الجماعة الحوثية ولمؤسسها شقيقه (أ.ف.ب)

وتشارك في مهمة الاتحاد الأوروبي (أسبيدس) فرنسا، وألمانيا، وإيطاليا، واليونان، وبلجيكا، إلى جانب فرقاطة دنماركية عادت من المهمة إلى قاعدتها، إثر تعرضها لعطل في نظام الأسلحة إثر هجوم حوثي. كما عادت فرقاطة ألمانية إلى قواعدها في انتظار إرسال أخرى بديلة.

وإلى جانب قرصنة السفينة «غالاكسي ليدر»، واحتجاز طاقمها، تسببت إحدى الهجمات الحوثية، في 18 فبراير (شباط) الماضي، بغرق السفينة البريطانية «روبيمار» بالبحر الأحمر بالتدريج.

كما أدى هجوم صاروخي حوثي، في 6 مارس (آذار) الماضي، إلى مقتل 3 بحّارة، وإصابة 4 آخرين، بعد أن استهدف في خليج عدن سفينة «ترو كونفيدنس».

وتسبب تصعيد الحوثيين في إصابة مساعي السلام اليمني التي يقودها المبعوث الأممي هانس غروندبرغ بالجمود؛ إذ تسود المخاوف من انهيار التهدئة الهشة المستمرة منذ عامين، وعودة القتال على نطاق أوسع.

وتقول الحكومة اليمنية إن الجماعة تنفذ أجندة إيران في المنطقة وتسعى للهروب من استحقاقات السلام، وتتخذ من غزة ذريعة للمزايدة السياسية، كما ترى الحكومة اليمنية أن الحل ليس في الضربات الغربية لوقف هجمات الحوثيين، ولكن في دعم قواتها المسلحة لاستعادة الأراضي كافة من قبضة الجماعة، بما فيها الحديدة وموانئها.

وإذ بلغ عدد الغارات الأميركية والبريطانية ضد الحوثيين على الأرض نحو 450 غارة، اعترف زعيمهم الحوثي بمقتل 40 من عناصره وإصابة 35 آخرين، جراء هذه الضربات.


جدل مصري متصاعد بشأن التحركات العسكرية الإسرائيلية الحدودية

توقفت عملية إدخال المساعدات عبر معبر رفح منذ السيطرة الإسرائيلية (الهلال الأحمر المصري)
توقفت عملية إدخال المساعدات عبر معبر رفح منذ السيطرة الإسرائيلية (الهلال الأحمر المصري)
TT

جدل مصري متصاعد بشأن التحركات العسكرية الإسرائيلية الحدودية

توقفت عملية إدخال المساعدات عبر معبر رفح منذ السيطرة الإسرائيلية (الهلال الأحمر المصري)
توقفت عملية إدخال المساعدات عبر معبر رفح منذ السيطرة الإسرائيلية (الهلال الأحمر المصري)

لم يهدأ الجدل المصري الدائر حول مصير اتفاقية السلام الموقعة مع إسرائيل والصامدة منذ عام 1979. وذلك عقب التحركات العسكرية الإسرائيلية الأخيرة في مدينة «رفح» الفلسطينية على الحدود المصرية، وسط تباين ردود الفعل حول كيفية التعامل مع السيطرة الإسرائيلية على معبر «رفح» من الجانب الفلسطيني.

وبينما دعا إعلاميون وسياسيون معارضون لإلغاء الاتفاقية وقطع العلاقات الدبلوماسية بإسرائيل، يؤمن آخرون بأهمية «ضبط النفس»، بوصف ما حدث - وإن كان «خروقات مدانة» - «لا يمس السيادة المصرية» على أراضيها.

وأعلن الجيش الإسرائيلي، الثلاثاء، سيطرته على الجانب الفلسطيني من معبر رفح في جنوب قطاع غزة على الحدود مع مصر، تزامن ذلك مع أنباء عن تعزيزات عسكرية مصرية على الحدود؛ حيث قالت مصادر مطلعة لـ«الشرق الأوسط»، إن «القوات المسلحة المصرية نشرت قوات وآليات شرق وغرب معبر رفح في الجانب المصري».

وطالبت «الحركة المدنية الديمقراطية» التي تضم عدة أحزاب سياسية معارضة، بـ«إسقاط اتفاقية السلام، على خلفية ما وصفته بالانتهاك الإسرائيلي من جانب واحد للاتفاقية، مع طرد البعثة الدبلوماسية الإسرائيلية». كما دعا نقيب الصحافيين المصريين خالد البلشي في بيان (الأربعاء) إلى «قطع العلاقات وإلغاء الاتفاقية واعتبارها كأن لم تكن»، في وقت شهدت فيه منصات مواقع التواصل الاجتماعي سجالاً حول الموقف من الاتفاقية.

ورصدت الإعلامية المصرية قصواء الخلالي في برنامجها التلفزيوني ما قالت إنه «مطالب شعبية لإلغاء معاهدة السلام» مع المطالبة بـ«رد تاريخي».

لكن في المقابل، عارض آخرون دعوات «محاولة توريط الجيش المصري في حروب وصراعات»، مؤيدين التعامل الرسمي المصري مع الموقف.

وعدّ الإعلامي إبراهيم عيسى سيطرة إسرائيل على معبر رفح من الجانب الفلسطيني «لم تمس الحدود المصرية ومن ثم ليست لنا علاقة»، مؤكداً أن مصر إن كان عليها فعل شيء فهو «الاستنكار والاحتجاج واللجوء إلى الأمم المتحدة».

وكانت مصر قد حذرت مطلع الأسبوع الحالي، في إفادة رسمية عن الخارجية، من مخاطر العملية العسكرية الإسرائيلية بمنطقة رفح الفلسطينية وما ينطوي على ذلك من «مخاطر إنسانية بالغة تهدد أكثر من مليون فلسطيني يوجدون في تلك المنطقة».

ويشيد البعض، ومن بينهم عضو مجلس النواب المصري محمود بدر، بالموقف المصري «الرافض تصفية القضية الفلسطينية والتهجير القسري على حساب سيناء».

عملية الاقتحام الإسرائيلي لمعبر رفح من الجانب الفلسطيني ووجود قوات إسرائيلية هناك، التي وصفها المتحدث باسم رئيس الوزراء الإسرائيلي، أوفير جندلمان بأنها «مركزة ومحدودة»، يراها الباحث في مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية الدكتور كرم سعيد «تجاوزاً إسرائيلياً»، يستدعي التعامل بقدر شديد من «الحكمة والدبلوماسية».

وقال سعيد لـ«الشرق الأوسط»، رداً على دعوات شعبية لإلغاء اتفاقية السلام: «مثل هذه القرارات المصيرية والمهمة يجب ألا تتخذ بشكل سريع ومن دون دراسة كافية لجميع الأبعاد».

وهو الرأي الذي يدعمه المدير الأسبق للشؤون المعنوية، اللواء سمير فرج، الذي يشير لـ«الشرق الأوسط» إلى أن وجود قنوات التواصل الدبلوماسي مع الإسرائيليين أمر في غاية الأهمية من أجل تهدئة الأوضاع وتجنب مزيد من التصعيد، مؤكداً أن قرار قطع العلاقات وسحب السفير يجب أن يكون في إطار أوسع، في موقف عربي جماعي من الدول التي ترتبط بعلاقات بتل أبيب.

ويشير سعيد إلى أن مصر لديها كثير من أوراق الضغط التي يمكن أن تستخدمها قبل الذهاب إلى قطع العلاقات وتجميد اتفاقية السلام، مشدداً على ضرورة عدم الذهاب لهذا الخيار بشكل أسرع ومن دون استنفاد المسارات الأخرى الموجودة بالفعل.

يشير مدير الشؤون المعنوية الأسبق إلى أن التحركات الإسرائيلية على الحدود بمثابة «مخالفة» لاتفاقية «السلام» وملحقها الأمني، وهو الأمر الذي يجري بحثه – وفق الاتفاقية - من خلال اللجنة العسكرية الثلاثية بين مصر والولايات المتحدة وإسرائيل، وهو إجراء لا يستوجب إلغاء الاتفاقية، مؤكداً أن الفترة التي تصدت فيها القوات المسلحة بسيناء للإرهابيين تضمنت مخالفات من الجانب المصري.

وكان الرئيس الأميركي جو بايدن أكد لشبكة «سي إن إن» الأميركية (الخميس)، أن «إسرائيل لم تتجاوز بعد الخط الأحمر في رفح، المتمثل في دخول المناطق المكتظة بالسكان، حتى لو تسببت أفعالها في توترات بالمنطقة»، مؤكداً حرصه «على العلاقات بمصر».

ويؤكد الخبير بمركز الأهرام إدراك الحكومة الإسرائيلية بشكل واضح للخطوط الحمراء التي لن يسمح بتجاوزها، مشدداً على أن التداعيات «المؤلمة» لتجاوز هذه الخطوط لن تكون من مصر فقط ولكن من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي أيضاً.


رئيس وزراء بريطانيا يدعو قيادات الجامعات لحماية الطلاب اليهود

رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك (في الوسط) يترأس اجتماعاً مع نواب رؤساء الجامعات الرائدة في البلاد وممثلي اتحاد الطلاب اليهود في داونينغ ستريت، لمناقشة الجهود المبذولة لمعالجة معاداة السامية في الحرم الجامعي وحماية الطلاب اليهود، لندن 9 مايو 2024 (د.ب.أ)
رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك (في الوسط) يترأس اجتماعاً مع نواب رؤساء الجامعات الرائدة في البلاد وممثلي اتحاد الطلاب اليهود في داونينغ ستريت، لمناقشة الجهود المبذولة لمعالجة معاداة السامية في الحرم الجامعي وحماية الطلاب اليهود، لندن 9 مايو 2024 (د.ب.أ)
TT

رئيس وزراء بريطانيا يدعو قيادات الجامعات لحماية الطلاب اليهود

رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك (في الوسط) يترأس اجتماعاً مع نواب رؤساء الجامعات الرائدة في البلاد وممثلي اتحاد الطلاب اليهود في داونينغ ستريت، لمناقشة الجهود المبذولة لمعالجة معاداة السامية في الحرم الجامعي وحماية الطلاب اليهود، لندن 9 مايو 2024 (د.ب.أ)
رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك (في الوسط) يترأس اجتماعاً مع نواب رؤساء الجامعات الرائدة في البلاد وممثلي اتحاد الطلاب اليهود في داونينغ ستريت، لمناقشة الجهود المبذولة لمعالجة معاداة السامية في الحرم الجامعي وحماية الطلاب اليهود، لندن 9 مايو 2024 (د.ب.أ)

دعا رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك رؤساء الجامعات، اليوم (الخميس)، إلى حماية الطلاب اليهود مما وصفه بالمضايقات والإساءات المعادية للسامية من أقلية صاخبة في الاحتجاجات داخل الجامعات.

وأقام الطلاب في بعض الجامعات البريطانية مخيمات صغيرة احتجاجا على سلوك إسرائيل في حربها ضد حركة «حماس»، لكنها لم تبلغ نفس الحجم الذي وصلت إليه الاضطرابات في بعض الجامعات الأميركية.

وقال المتحدث باسم سوناك إنه دعا رؤساء بعض من أشهر الجامعات البريطانية إلى مقر الحكومة في داونينغ ستريت وأخبرهم أنه يتعين عليهم اتباع نهج عدم التسامح مطلقا مع حوادث معاداة السامية وأي شكل آخر من أشكال التمييز.

ولم يصدر تعليق فوري من مسؤولي الجامعات في الاجتماع. وأعلن سوناك في مارس (آذار) عن خطط لمعالجة ما وصفه بالنشاط المتطرف في بريطانيا، لكن بعض السياسيين في حزبه حذروه من استغلال القضية في محاولة للحصول على مكاسب سياسية.

وقال المتحدث للصحافيين بعد الاجتماع إن رئيس الوزراء «دعا الجامعات إلى أن تظل معاقل للتسامح حيث يجري النقاش باحترام مع الآخرين ويشعر كل طالب فيها بالأمان».

ومضى المتحدث قائلا إن سوناك حضر إلى جانب وزراء التعليم والأمن والمجتمعات المحلية في النقاش الذي أُثيرت فيه مخاوف بشأن تسلل «محرضين من غير الطلاب» إلى الحرم الجامعي.

وفي العام الماضي، سجّل «صندوق أمن المجتمع»، وهو مؤسسة خيرية تقدم المشورة لليهود البريطانيين حول الموضوعات الأمنية، 182 حادثة من حوادث معاداة السامية كان الضحايا أو مرتكبو الحوادث فيها طلابا أو أكاديميين، أو وقعت بمشاركة اتحادات طلابية.

وقالت مجموعة «تِل ماما»، التي تراقب حوادث رهاب الإسلام والتي تدعم الضحايا، إنها رصدت أيضا زيادة في الحوادث ضد المسلمين في الجامعات.

وأدى الغزو الإسرائيلي لغزة إلى مقتل ما يقرب من 35 ألف فلسطيني، وفقا للسلطات في غزة، وتسبب في أزمة إنسانية كارثية ومجاعة تهدد سكان القطاع البالغ عددهم 2.5 مليون نسمة.

وبدأت الحرب عندما هاجمت «حماس» إسرائيل في السابع من أكتوبر (تشرين الأول)، ما أسفر عن مقتل 1200 شخص واحتجاز أكثر من 250 رهينة، وفقا للإحصائيات الإسرائيلية.

وهناك نحو عشرة مخيمات طلابية في الجامعات البريطانية للاحتجاج على الحرب. وحذر اتحاد الطلاب اليهود، الذي يمثل الطلاب اليهود في بريطانيا، في الأسبوع الماضي، من أن هذه المخيمات تخلق «أجواء معادية ومسمومة».


هل أحيل لقاح «أسترازينيكا» المضاد لـ«كورونا» إلى التقاعد؟

لقاح «أسترازينيكا» المضاد لـ«كوفيد - 19» (رويترز)
لقاح «أسترازينيكا» المضاد لـ«كوفيد - 19» (رويترز)
TT

هل أحيل لقاح «أسترازينيكا» المضاد لـ«كورونا» إلى التقاعد؟

لقاح «أسترازينيكا» المضاد لـ«كوفيد - 19» (رويترز)
لقاح «أسترازينيكا» المضاد لـ«كوفيد - 19» (رويترز)

أثار قرار شركة «أسترازينيكا»، سحب لقاحها المضاد لـ«كوفيد - 19» من جميع أنحاء العالم، بعد إنتاج أكثر من 3 مليارات جرعة منه تساؤلات حول دلالاته وتوقيته، خصوصاً أنه يأتي بعد نحو أسبوع من اعترافها رسمياً بأن اللقاح قد يسبب آثاراً جانبية نادرة، مثل جلطات الدم وانخفاض الصفائح الدموية.

وقالت الشركة في بيان، الثلاثاء، إن قرار سحب اللقاح «فاكسيفريا» تم اتخاذه لأن هناك الآن مجموعة متنوعة من اللقاحات الأحدث المتاحة التي تم تكييفها لاستهداف متغيرات «كوفيد - 19». وأدى ذلك لتراجع الطلب على هذا اللقاح الذي لم يعد يتم تصنيعه أو توفيره.

وذكرت الشركة أيضاً أنها ستشرع في سحب تراخيص تسويق اللقاح داخل أوروبا، بسبب «فائض اللقاحات المحدثة المتاحة» منذ تفشي الجائحة، مشيرة إلى أنها «فخورة جداً» بلقاحها، لكنها اتخذت قرارها بناءً على النواحي التجارية، وأن ظهور سلالات جديدة من الفيروس جعل الطلب ينتقل إلى النسخ المعدلة من اللقاح.

يقول الدكتور مجدي بدران، عضو «الجمعية المصرية للحساسية والمناعة» عضو «الجمعية العالمية للحساسية»، إن جميع لقاحات «كورونا»، بما فيها «فاكسيفريا»، كان لها دور كبير في إنهاء حالة الطوارئ الصحية العالمية لجائحة «كورونا»، والحد من انتشار الطفرات الفيروسية.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط»: «اللقاحات ساهمت في تقليل مضاعفات المرض وخفض تكاليف العلاج والوفيات».

ويعدّ بدران سحب لقاح «فاكسيفريا» بمثابة «إحالته إلى التقاعد»، نظراً لظهور لقاحات أخرى أكثر فعالية ضد المتحورات الجديدة، مثل لقاحَي «فايزر» و«موديرنا»، تمتاز بأعراض جانبية أقل.

ولفت إلى أن السلالات الحالية لفيروس «كورونا» أصبحت «وديعة» حالياً وأقل خطورة، مع تسجيل 534 إصابة ونحو 52 حالة وفاة يومياً عالمياً، بالمقارنة مع أكثر من 3 ملايين حالة إصابة، ونحو 15 ألف حالة وفاة يومياً في ذروة الوباء، وفقاً للإحصاءات العالمية للوباء.

وأضاف بدران أن ضغط الوباء آنذاك دفع العلماء لتطوير لقاحات في غضون 10 أشهر، رغم أن هذه العملية كانت تستغرق عادة نحو 10 سنوات.

وأكد أن الفوائد التي جناها العالم من لقاحات «كورونا»، بما في ذلك «أسترازينيكا»، تفوق أي مخاطر محتملة، حيث كانت هذه اللقاحات آمنة وفعالة بشكل عام، مع آثار جانبية نادرة ومعروفة.

وأوضح أن سحب اللقاح يأتي نتيجة لاقتراب انتهاء صلاحيته وعدم الحاجة إلى إنتاج المزيد منه، مشيراً إلى أن هذا الإجراء طبيعي ولا يشير إلى خطورة اللقاح، بل يعود لعدم الإقبال وعدم الحاجة لتصنيعه حالياً.

شركة «أسترازينيكا» قررت سحب لقاحها المضاد لـ«كوفيد - 19» من جميع أنحاء العالم (رويترز)

في حين أرجع الدكتور مايكل هيد، أستاذ الصحة العالمية بجامعة ساوثهامبتون في إنجلترا، السبب الرئيسي المحتمل لسحب اللقاح إلى أن اللقاحات الأخرى لـ«كوفيد - 19»، مثل لقاحات «mRNA» من شركتي «فايزر» و«موديرنا»، كانت ببساطة منتجات أفضل.

وأوضح لشبكة «سي إن إن» أن لقاح أسترازينيكا كان جيداً جداً، لكن اللقاحات التي تستخدم تقنية «mRNA» لتحفيز الجهاز المناعي للجسم للتعرف على فيروس «كورونا» ومحاربته تُعدّ الأفضل بسبب فعاليتها الأعلى وقدرتها على التكيُّف بسهولة مع أحدث سلالات فيروس «كورونا». لذا، أصبحت هذه اللقاحات جزءاً أساسياً من الاستراتيجيات طويلة الأمد لمعظم الدول لمكافحة الجائحة.

في حين رأى البروفسور آدم فين، من جامعة بريستول أن لقاح «أسترازينيكا» كان مفعوله حاسماً خلال الجائحة؛ فهو الذي أخرجنا مع لقاح «فايزر» من الكارثة التي كانت تحيق بنا. لكنه أضاف لشبكة «بي بي سي» البريطانية أن «سمعة اللقاح اهتزَّت بعد ظهور حالات نادرة من الجلطات الدموية، نتيجة استعماله، فاختارت الحكومة البريطانية بدائل عنه. وأعتقد أن سحب اللقاح يعني أنه لم يعد مفيداً».

ووافقته الرأي رئيسة قسم الأوبئة في جامعة ديكين بأستراليا، البروفسورة كاثرين بينيت، مضيفة أن هذا اللقاح لعب دوراً حاسماً في مكافحة الفيروس، خصوصاً في الأيام الأولى من الوباء عندما كانت اللقاحات المتاحة محدودة.

وأوضحت لصحيفة «الغارديان» البريطانية: «كان اللقاح جزءاً مهماً جداً من الاستجابة العالمية الأولية. ومع ذلك، كان يستهدف النسخ الأصلية من الفيروس، لكننا تحولنا الآن إلى مجموعة من اللقاحات التي تتوفر فيها منتجات تتعقب السلالات الجديدة التي تظهر».

وأشارت إلى أن هناك تغييراً أيضاً في حسابات المخاطر، بالنظر إلى أن السكان أصبحوا أكثر حماية، ورغم أن «كوفيد» لا يزال يسبب وفيات، فإننا بشكل عام أصبحنا أقل عرضة للمرض.