تباعد في مواقف واشنطن ونيودلهي حول الحرب في أوكرانيا

تباعد في مواقف واشنطن ونيودلهي حول الحرب في أوكرانيا
TT

تباعد في مواقف واشنطن ونيودلهي حول الحرب في أوكرانيا

تباعد في مواقف واشنطن ونيودلهي حول الحرب في أوكرانيا

بعد محادثات مكثفة أجراها الرئيس جو بايدن مع رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي لتقليص شراء النفط الروسي والوقوف مع الولايات المتحدة في موقفها من معاقبة روسيا على غزو أوكرانيا، امتنع رئيس الوزراء الهندي عن الإدلاء بأي التزام علني بوقف أو التقليل من استيراد بلاده للنفط الروسي، على الرغم من وعود قدمها بايدن بمساعدة الهند على تنويع مصادر طاقتها. وعكس ذلك استمرار التباعد في مواقف واشنطن ونيودلهي حول الحرب في أوكرانيا.وخلال شهر مارس (آذار) الماضي، زادت مؤسسة النفط الهندية الحكومية وارداتها من النفط الخام الروسي حيث اشترت 3 ملايين برميل بعد أن قدمت روسيا خصماً على مشتريات النفط بنسبة 20 في المائة أقل من الأسعار العالمية. وتقف واشنطن في موقف صعب بين الرغبة في الحفاظ على العلاقات مع الهند وعدم توجيه انتقادات علنية لحليفها الآسيوي المهم، وبين إصرار الإدارة على توحيد الدول ضد روسيا والحرص على عدم إغضاب نيودلهي حتى لا تتجه إلى مزيد من التقارب مع موسكو. وتجري الإدارة الأميركية اتصالات أخرى مع أعضاء تحالف الرباعية «كواد» الذي يضم أستراليا واليابان والهند مع الولايات المتحدة، لزيادة الضغط على نيودلهي قبل اجتماع الرباعية في طوكيو في 24 مايو (أيار) المقبل. وتبذل الولايات المتحدة جهوداً لإقناع الهند بأن الرهان على روسيا سيؤدي في النهاية إلى إضعافها ضد الصين التي يثير نفوذها المتزايد في منطقة آسيا والمحيط الهادي قلق واشنطن ونيودلهي.وقالت جين ساكي، المتحدثة باسم البيت الأبيض، إن بايدن ومودي أجريا محادثة «دافئة» و«صريحة» استمرت حوالي ساعة، وإن الرئيس بايدن أوضح أنه لا يعتقد أن من مصلحة الهند تسريع أو زيادة واردات الطاقة الروسية أو السلع الأخرى. وأكدت ساكي أن واشنطن مستعدة لـ«مساعدة» الهند على «تنويع» مصادر الطاقة. ولم يستطع مسؤولو البيت الأبيض تحديد ما إذا كانت الهند تقف إلى جانب الولايات المتحدة في إدانة نظام الرئيس فلاديمير بوتين.
- علاقات متشابكة
ويقول محللون إن الهند لديها أسباب عسكرية واقتصادية واجتماعية وسياسية ودبلوماسية للخوض بحذر في حرب روسيا ضد أوكرانيا. عسكرياً، تواصل روسيا تزويد الهند بالأسلحة بكميات هائلة. وترى الهند نفسها في منافسة أمنية مع كل من الصين وباكستان، ولذا ترى نيودلهي أن هذا ليس أفضل وقت لتعريض تلك العلاقة مع روسيا للخطر. ومن الجانب الاقتصادي، تتمتع الهند وروسيا بعلاقة تجارية محدودة، حيث تعد صادرات الهند إلى روسيا ووارداتها إليها أقل بكثير من العلاقة التجارية مع الولايات المتحدة. وقد وصلت تجارة البضائع بين الهند والولايات المتحدة إلى مستوى تاريخي بلغ 113 مليار دولار عام 2021، ومع ذلك لم تتخذ الهند خطوات للانضمام إلى حملة الضغط الاقتصادي الدولي ضد موسكو. بل مكنت الحكومة الهندية العديد من البنوك من استكشاف إمكانية تبادل الروبل والروبية التي من شأنها أن تسمح لروسيا بالتهرب من بعض القيود المفروضة على عملتها. اجتماعياً وسياسياً، هناك عدد كبير من الطلبة الهنود في أوكرانيا، وبالتالي فهم يتعرضون للخطر مع التقدم الروسي والهجمات الروسية. وقد يكون وجود هؤلاء الطلاب قد حد من مدى شعور الهند بالحرية في انتقاد السلوك الروسي. ويقول محللون إن الهند وروسيا تتمتعان بصلات اجتماعية وثقافية واسعة وطويلة الأمد، وهي روابط قد يصعب قطعها، وسيظل موقف الهند الآيديولوجي فيما يتعلق بروسيا معقداً.
وعلى الجبهة الدبلوماسية، حافظت الهند على التزام طويل الأمد بالحياد المبدئي. ويحمل هذا الالتزام ثقلاً آيديولوجياً كبيراً. حيث أثرت تجربة الاستعمار البريطاني على الكثير من السياسة الخارجية الهندية، ولم ينس الهنود قرار الولايات المتحدة بالانحياز إلى الجانب الباكستاني في حرب عام 1971.
- الحوار الأميركي ـ الهندي
في غضون ذلك، وصف وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن الحوار الرابع بين الولايات المتحدة والهند بأنه «لحظة بالغة الأهمية» في الشؤون الدولية. لكنه وجه انتقادات نادرة لكبرى الديمقراطيات في العالم حول سجلها في حقوق الإنسان. وحض نيودلهي على استخدام نفوذها لكي توقف روسيا حربها ضد أوكرانيا.
وكان بلينكن يتحدث في افتتاح الحوار المعروف بـ«صيغة 2 + 2» لوزيري الخارجية والدفاع في البلدين، إذ أشار إلى أن المناقشات تشمل التحديات العالمية المشتركة، بما في ذلك الحرب التي تشنها روسيا ضد أوكرانيا وإنهاء جائحة «كوفيد - 19» وأزمة المناخ ودعم إنشاء منطقة «حرة ومنفتحة وديمقراطية وآمنة ومزدهرة» في المحيطين الهندي والهادئ. ووصف المحادثات التي شارك فيها نظيره الهندي سوبراهمانيام جايشانكار ووزيرا الدفاع الأميركي لويد أوستن والهندي راجناث سينغ، بأنها «لحظة بالغة الأهمية في الشؤون الدولية»، مضيفاً أن البلدين يسعيان أيضاً إلى «تحسين التعاون في مكافحة الإرهاب وتقوية الروابط في مؤسسات التعليم العالي». وقال بلينكن إن «العدوان الروسي يتناقض بشكل صارخ مع الرؤية التي تشترك فيها الولايات المتحدة والهند من أجل حرية وانفتاح المحيطين الهندي والهادئ، وأعمال روسيا لها تأثير عميق ليس فقط في أوروبا وأوكرانيا، ولكن في كل أنحاء العالم». وشدد على أنه «من المهم أن تحض كل الدول، وخصوصاً تلك التي تتمتع بتأثير» على الرئيس الروسي فلاديمير بوتين «على إنهاء الحرب». وأضاف: «من المهم أيضاً أن تتحدث الديمقراطيات (...) بصوت واحد للدفاع عن القيم التي نتشاركها».
وفي ختام الاجتماعات، أفاد جايشانكار في بيان بأن الهند والولايات المتحدة ناقشا التطورات المعاصرة، بما في ذلك «النزاع الدائر في أوكرانيا الذي له العديد من التداعيات. حتى البلدان البعيدة قلقة في شأن الأمن الغذائي وأمن الطاقة وأسعار السلع واضطراب الخدمات اللوجيستية»، علماً بأن هذا يأتي «على رأس عواقب جائحة (كوفيد - 19) التي كان يكافحها العالم في العامين الماضيين».
وفيما يتعلق بموارد النفط والغاز من روسيا، كان جايشانكار اقترح بوضوح أن تكون أوروبا، وليس الهند، محور اهتمام واشنطن. وخلال المؤتمر الصحافي المشترك مع بلينكن، رد جايشانكار بانزعاج واضح على صحافية سألته عن سبب عدم تنديد بلاده بالغزو الروسي لأوكرانيا، بالقول: «شكراً لك على نصيحتك واقتراحك، لكني أفضل أن أفعل ذلك على طريقتي». وأضاف: «بالنظر إلى الأرقام، فإن إجمالي مشترياتنا لهذا الشهر ربما سيكون أقل مما تفعله أوروبا في فترة ما بعد الظهر».
وكذلك تطرق وزير الخارجية الأميركي إلى ما سماه «تزايد انتهاكات» بعض المسؤولين في الهند لحقوق الإنسان، في انتقاد مباشر نادر من واشنطن لسجل الهند في هذا المجال. وقال: «نتواصل بانتظام مع شركائنا الهنود حول هذه القيم المشتركة، ولهذا، نرصد بعض التطورات المثيرة للقلق في الهند أخيراً، ومنها زيادة انتهاكات حقوق الإنسان من جانب بعض مسؤولي الحكومة، والشرطة، والسجون». ولم يخض في أي تفاصيل إضافية.


مقالات ذات صلة

روسيا تعلن اعتراض 8 صواريخ أميركية الصنع أُطلقت من أوكرانيا

أوروبا صورة تظهر حفرة بمنطقة سكنية ظهرت بعد ضربة صاروخية روسية في تشيرنيهيف الأوكرانية (رويترز)

روسيا تعلن اعتراض 8 صواريخ أميركية الصنع أُطلقت من أوكرانيا

أعلن الجيش الروسي اليوم (السبت)، أنه اعترض 8 صواريخ أميركية الصنع أطلقتها أوكرانيا في اتجاه أراضيه.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
أوروبا رجال إنقاذ أوكرانيون في موقع هجوم مسيّرة روسية بكييف (إ.ب.أ)

مقتل 5 أشخاص على الأقل بهجمات متبادلة بين روسيا وأوكرانيا

أسفرت هجمات روسية بمسيّرات وصواريخ على أوكرانيا، يوم الجمعة، عن مقتل ثلاثة أشخاص على الأقلّ، في حين قُتل شخصان في ضربات أوكرانية طالت مناطق روسية.

«الشرق الأوسط» (موسكو - كييف)
أوروبا ترمب وزيلينسكي (أ.ف.ب)

زيلينسكي: ترمب قادر على وقف بوتين

قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي أمس الخميس إن بمقدور الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب أن يحسم نتيجة الحرب المستعرة منذ 34 شهرا مع روسيا،

«الشرق الأوسط» (كييف)
أوروبا الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي (قناة تلغرام)

زيلينسكي: عدم القدرة على التنبؤ بتصرفات ترمب قد يساعد في إنهاء حرب أوكرانيا

اعتبر الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي الخميس أن عدم القدرة على التنبؤ بتصرفات الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب قد يساعد على إنهاء الحرب مع روسيا.

«الشرق الأوسط» (كييف )
أوروبا صورة من مقطع فيديو نشرته وزارة الدفاع الروسية 7 نوفمبر 2024 يُظهر جنوداً من الجيش الروسي خلال قتالهم في سودجانسكي بمنطقة كورسك (أ.ب)

روسيا: كبّدنا القوات الأوكرانية خسائر جسيمة على محور كورسك

أعلنت وزارة الدفاع الروسية، في بيان، اليوم الخميس، أن الجيش الروسي استهدف القوات المسلحة الأوكرانية بمقاطعة كورسك، وكبّدها خسائر فادحة.

«الشرق الأوسط» (موسكو)

الصين تفرض عقوبات على شركات دفاع أميركية رداً على بيع أسلحة لتايوان

علما الولايات المتحدة والصين في منتزه جنتنغ الثلجي 2 فبراير 2022 في تشانغجياكو بالصين (أ.ب)
علما الولايات المتحدة والصين في منتزه جنتنغ الثلجي 2 فبراير 2022 في تشانغجياكو بالصين (أ.ب)
TT

الصين تفرض عقوبات على شركات دفاع أميركية رداً على بيع أسلحة لتايوان

علما الولايات المتحدة والصين في منتزه جنتنغ الثلجي 2 فبراير 2022 في تشانغجياكو بالصين (أ.ب)
علما الولايات المتحدة والصين في منتزه جنتنغ الثلجي 2 فبراير 2022 في تشانغجياكو بالصين (أ.ب)

فرضت الصين عقوبات على 10 شركات دفاعية أميركية، اليوم (الخميس)، على خلفية بيع أسلحة إلى تايوان، في ثاني حزمة من نوعها في أقل من أسبوع تستهدف شركات أميركية.

وأعلنت وزارة التجارة الصينية، الخميس، أن فروعاً لـ«لوكهيد مارتن» و«جنرال داينامكس» و«رايثيون» شاركت في بيع أسلحة إلى تايوان، وأُدرجت على «قائمة الكيانات التي لا يمكن الوثوق بها».

وستُمنع من القيام بأنشطة استيراد وتصدير أو القيام باستثمارات جديدة في الصين، بينما سيحظر على كبار مديريها دخول البلاد، بحسب الوزارة.

أعلنت الصين، الجمعة، عن عقوبات على سبع شركات أميركية للصناعات العسكرية، من بينها «إنستيو» وهي فرع لـ«بوينغ»، على خلفية المساعدات العسكرية الأميركية لتايوان أيضاً، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

مركبات عسكرية تايوانية مجهزة بصواريخ «TOW 2A» أميركية الصنع خلال تدريب على إطلاق النار الحي في بينغتونغ بتايوان 3 يوليو 2023 (رويترز)

وتعد الجزيرة مصدر خلافات رئيسي بين بكين وواشنطن. حيث تعد الصين أن تايوان جزء من أراضيها، وقالت إنها لن تستبعد استخدام القوة للسيطرة عليها. ورغم أن واشنطن لا تعترف بالجزيرة الديمقراطية دبلوماسياً فإنها حليفتها الاستراتيجية وأكبر مزود لها بالسلاح.

وفي ديسمبر (كانون الأول)، وافق الرئيس الأميركي، جو بايدن، على تقديم مبلغ (571.3) مليون دولار، مساعدات عسكرية لتايوان.

وعدَّت الخارجية الصينية أن هذه الخطوات تمثّل «تدخلاً في شؤون الصين الداخلية وتقوض سيادة الصين وسلامة أراضيها».

كثفت الصين الضغوط على تايوان في السنوات الأخيرة، وأجرت مناورات عسكرية كبيرة ثلاث مرات منذ وصل الرئيس لاي تشينغ تي إلى السلطة في مايو (أيار).

سفينة تابعة لخفر السواحل الصيني تبحر بالقرب من جزيرة بينغتان بمقاطعة فوجيان الصينية 5 أغسطس 2022 (رويترز)

وأضافت وزارة التجارة الصينية، الخميس، 28 كياناً أميركياً آخر، معظمها شركات دفاع، إلى «قائمة الضوابط على التصدير» التابعة لها، ما يعني حظر تصدير المعدات ذات الاستخدام المزدوج إلى هذه الجهات.

وكانت شركات «جنرال داينامكس» و«شركة لوكهيد مارتن» و«بيونغ للدفاع والفضاء والأمن» من بين الكيانات المدرجة على تلك القائمة بهدف «حماية الأمن والمصالح القومية والإيفاء بالتزامات دولية على غرار عدم انتشار الأسلحة»، بحسب الوزارة.