الجنرالات القدامى: إسرائيل تحتاج إلى ألوية إضافية لتحارب على أربع جبهات

الجنرالات القدامى: إسرائيل تحتاج إلى ألوية إضافية لتحارب على أربع جبهات
TT

الجنرالات القدامى: إسرائيل تحتاج إلى ألوية إضافية لتحارب على أربع جبهات

الجنرالات القدامى: إسرائيل تحتاج إلى ألوية إضافية لتحارب على أربع جبهات

أثارت تصريحات وزير الدفاع الإسرائيلي، بيني غانتس، بأن جيشه جاهز لمواجهة حرب كل الجبهات، ردود فعل واسعة في المجتمع العبري بشكل عام وفي أوساط الجنرالات القدامى والمسرحين. وقال غالبيتهم إن الجيش يتدرب فعلاً على حرب كهذه، لكن هذا لا يكفي وينبغي تكبير الجيش حتى يستطيع القيام بهذه المهمة.
وقال الجنرال في جيش الاحتياط، غرشون هكوهن، الذي يعمل باحثاً في معهد بيغن - سادات، إن الجيش يحتاج إلى إمداد قواته النظامية وكذلك جيش الاحتياط بأربعة ألوية إضافية، حتى يستطيع إدارة حرب متعددة الجبهات. وكشف هكوهن، الذي كان آخر منصب له في الجيش، رئيس جهاز التجنيد في رئاسة أركان الجيش، أن عملية الاجتياح التي قامت بها قواته لدى اجتياح الضفة الغربية وقطاع غزة إبان الانتفاضة الثانية، أظهرت محدودية الجيش في هذه الناحية. وأضاف في حديث إذاعي، أمس: «من حظنا أن أعداءنا في الشمال، حزب الله في لبنان ومعه سوريا لم يتدخلا في الحرب ووفرا علينا هذا التحدي. فلو تدخل أي منهما، لكان الأمر تحول إلى فضيحة، إذ لا يوجد لدى الجيش قوة كافية».
وكان غانتس قد أطلق تصريحات قال فيها، إن «الجيش الإسرائيلي» جاهز لأي تصعيد ومستعد خوض حرب على جميع الساحات بما في ذلك قطاع غزة في الجنوب والضفة الغربية في الشمال الشرقي مع سوريا، وغرباً في لبنان، وكذلك على الجبهة الداخلية حيث توجد قوى تطرُّف تحاول تجنيد المواطنين العرب (فلسطينيي 48) للتشويش على الجبهة الداخلية. وقال: «نأمل أن نرى هدوءاً، وإذا استقرت الأوضاع يمكننا خفض سن الدخول من الضفة الغربية إلى الحرم القدسي».
ونقلت صحيفة «معريب» العبرية على لسان غانتس، أمس، قوله: «إنه لأمر جيد جداً أن تدين السلطة الفلسطينية الإرهاب وتعمل ضده - لكنني أتوقع أيضاً أن تعمل ضد بعض المسؤولين لديها وخصوصاً في منطقة جنين، الذين يشجعون على التحريض ما يجلب الأذى لإسرائيل والسلطة الفلسطينية نفسها والسكان الفلسطينيين». وتابع: «التصعيد يغذي نفسه، فيما يتعلق بالجوانب المدنية في الضفة الغربية وقطاع غزة، حيث إن هناك أكثر من 12 ألف عامل فلسطيني من غزة يعملون في إسرائيل ونريد رفعه إلى 20 ألف عامل. فإذا تم الحفاظ على السلام والهدوء فيمكننا زيادة عدد العمال، ولكن يوجد أيضاً احتمال أن نعود ونتراجع عن ذلك، إذا استمر الوضع متوتراً».
وقال الجنرال هكوهن: «أنا أعتقد أن الجيش بقدراته العملية وتدريباته الكثيرة والحثيثة، جاهز لمواجهة الحرب مع أكثر من عدو على أكثر من جبهة، ولكن، هناك نقص ينبغي الحديث عنه بشفافية. فهناك محدودية. وهناك عقيدة الحفاظ على جيش صغير، التي راجت في أوروبا وفشلت في أول امتحان وكان لدينا من حاول نقلها لإسرائيل. لكن يجب الوضوح فإن إسرائيل تحتاج إلى قرارات شجاعة وتكبير الجيش بدلاً من التخطيط لتقليصه».
وأكد هكوهن على «صحة النبأ القائل بأن الوضع لدى المواطنين العرب في إسرائيل يحتاج إلى اعتباره، عدواً يفتح جبهة». وقال: «أي طفل يستطيع أن يقتل بمجرد قذف حجر، وكل إغلاق شارع يمكن أن يعطل عمليات الجيش. ولذلك يجب الحذر، فهناك قادة سياسيون متطرفون ولا أحد يريد أن يتحدث بصراحة عن ذلك. لكن يوجد مَثَل عربي يقول: «إذا وقع الجمل كثرت سكاكينه». وإذا كان الجمل هو إسرائيل فإننا سنرى عدداً هائلاً من الأعداء.
يذكر أن حركة حماس علقت على حديث غانتس عن استعداد جيشه على جميع الساحات، فقال الناطق باسمها، حازم قاسم، إن هذا الحديث لن يُخيف ثوار شعبنا ولن يوقف نضالهم المشروع ضد الاحتلال، ولا يمكن أن يمنع حالة الإسناد والتكامل بكل أشكاله بين كل ساحات النضال الفلسطيني. وأكد قاسم أن «هذه الثورة مستمرة حتى تحقيق أهداف شعبنا الكبرى بالتحرير والعودة». بيد أن مصدراً سياسياً في السلطة الفلسطينية اعتبر حديث غانتس بحد ذاته تصعيداً حربياً.



القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
TT

القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)

تراهن الحكومة المصرية على القطن المشهور بجودته، لاستنهاض صناعة الغزل والنسيج وتصدير منتجاتها إلى الخارج، لكن رهانها يواجه تحديات عدة في ظل تراجع المساحات المزروعة من «الذهب الأبيض»، وانخفاض مؤشرات زيادتها قريباً.

ويمتاز القطن المصري بأنه طويل التيلة، وتزرعه دول محدودة حول العالم، حيث يُستخدم في صناعة الأقمشة الفاخرة. وقد ذاع صيته عالمياً منذ القرن التاسع عشر، حتى أن بعض دور الأزياء السويسرية كانت تعتمد عليه بشكل أساسي، حسب كتاب «سبع خواجات - سير رواد الصناعة الأجانب في مصر»، للكاتب مصطفى عبيد.

ولم يكن القطن بالنسبة لمصر مجرد محصول، بل «وقود» لصناعة الغزل والنسيج، «التي مثلت 40 في المائة من قوة الاقتصاد المصري في مرحلة ما، قبل أن تتهاوى وتصل إلى ما بين 2.5 و3 في المائة حالياً»، حسب رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، الذي أكد عناية الدولة باستنهاض هذه الصناعة مجدداً، خلال مؤتمر صحافي من داخل مصنع غزل «1» في مدينة المحلة 28 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

أشار مدبولي، حسب ما نقله بيان مجلس الوزراء، إلى أن مشروع «إحياء الأصول» في الغزل والنسيج يتكلف 56 مليار جنيه (الدولار يعادل 50.7 جنيها مصري)، ويبدأ من حلج القطن، ثم تحويله غزلاً فنسيجاً أو قماشاً، ثم صبغه وتطويره حتى يصل إلى مُنتج سواء ملابس أو منسوجات، متطلعاً إلى أن ينتهي المشروع نهاية 2025 أو بداية 2026 على الأكثر.

وتكمن أهمية المشروع لمصر باعتباره مصدراً للدولار الذي تعاني الدولة من نقصه منذ سنوات؛ ما تسبب في أزمة اقتصادية دفعت الحكومة إلى الاقتراض من صندوق النقد الدولي؛ مرتين أولاهما عام 2016 ثم في 2023.

وبينما دعا مدبولي المزارعين إلى زيادة المساحة المزروعة من القطن، أراد أن يطمئن الذين خسروا من زراعته، أو هجروه لزراعة الذرة والموالح، قائلاً: «مع انتهاء تطوير هذه القلعة الصناعية العام المقبل، فسوف نحتاج إلى كل ما تتم زراعته في مصر لتشغيل تلك المصانع».

وتراجعت زراعة القطن في مصر خلال الفترة من 2000 إلى عام 2021 بنسبة 54 في المائة، من 518 ألفاً و33 فداناً، إلى 237 ألفاً و72 فداناً، حسب دراسة صادرة عن مركز البحوث الزراعية في أبريل (نيسان) الماضي.

وأرجعت الدراسة انكماش مساحته إلى مشكلات خاصة بمدخلات الإنتاج من بذور وتقاوٍ وأسمدة، بالإضافة إلى أزمات مرتبطة بالتسويق.

أزمات الفلاحين

سمع المزارع الستيني محمد سعد، وعود رئيس الوزراء من شاشة تليفزيون منزله في محافظة الغربية (دلتا النيل)، لكنه ما زال قلقاً من زراعة القطن الموسم المقبل، الذي يبدأ في غضون 3 أشهر، تحديداً مارس (آذار) كل عام.

يقول لـ«الشرق الأوسط»: «زرعت قطناً الموسم الماضي، لكن التقاوي لم تثمر كما ينبغي... لو كنت أجَّرت الأرض لكسبت أكثر دون عناء». وأشار إلى أنه قرر الموسم المقبل زراعة ذرة أو موالح بدلاً منه.

نقيب الفلاحين المصري حسين أبو صدام (صفحته بفيسبوك)

على بعد مئات الكيلومترات، في محافظة المنيا (جنوب مصر)، زرع نقيب الفلاحين حسين أبو صدام، القطن وكان أفضل حظاً من سعد، فأزهر محصوله، وحصده مع غيره من المزارعين بقريته في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، لكن أزمة أخرى خيَّبت أملهم، متوقعاً أن تتراجع زراعة القطن الموسم المقبل مقارنة بالماضي (2024)، الذي بلغت المساحة المزروعة فيه 311 ألف فدان.

تتلخص الأزمة التي شرحها أبو صدام لـ«الشرق الأوسط» في التسويق، قائلاً إن «المحصول تراكم لدى الفلاحين شهوراً عدة؛ لرفض التجار شراءه وفق سعر الضمان الذي سبق وحدَّدته الحكومة لتشجيع الفلاح على زراعة القطن وزيادة المحصول».

ويوضح أن سعر الضمان هو سعر متغير تحدده الحكومة للفلاح قبل أو خلال الموسم الزراعي، وتضمن به ألا يبيع القنطار (وحدة قياس تساوي 100 كيلوغرام) بأقل منه، ويمكن أن يزيد السعر حسب المزايدات التي تقيمها الحكومة لعرض القطن على التجار.

وكان سعر الضمان الموسم الماضي 10 آلاف جنيه، لمحصول القطن من الوجه القبلي، و12 ألف جنيه للمحصول من الوجه البحري «الأعلى جودة». لكن رياح القطن لم تجرِ كما تشتهي سفن الحكومة، حيث انخفضت قيمة القطن المصري عالمياً في السوق، وأرجع نقيب الفلاحين ذلك إلى «الأزمات الإقليمية وتراجع الطلب عليه».

ويحدّد رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن التابع لوزارة الزراعة، الدكتور مصطفى عمارة، فارق سعر الضمان عن سعر السوق بنحو ألفي جنيه؛ ما نتج منه عزوف من التجار عن الشراء.

وأكد عمارة أن الدولة تدخلت واشترت جزءاً من المحصول، وحاولت التيسير على التجار لشراء الجزء المتبقي، مقابل أن تعوض هي الفلاح عن الفارق، لكن التجار تراجعوا؛ ما عمق الأزمة في السوق.

يتفق معه نقيب الفلاحين، مؤكداً أن مزارعي القطن يتعرضون لخسارة مستمرة «سواء في المحصول نفسه أو في عدم حصول الفلاح على أمواله؛ ما جعل كثيرين يسخطون وينون عدم تكرار التجربة».

د. مصطفى عمارة رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية (مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار المصري)

فرصة ثانية

يتفق المزارع ونقيب الفلاحين والمسؤول في مركز أبحاث القطن، على أن الحكومة أمامها تحدٍ صعب، لكنه ليس مستحيلاً كي تحافظ على مساحة القطن المزروعة وزيادتها.

أول مفاتيح الحل سرعة استيعاب أزمة الموسم الماضي وشراء المحصول من الفلاحين، ثم إعلان سعر ضمان مجزٍ قبل موسم الزراعة بفترة كافية، وتوفير التقاوي والأسمدة، والأهم الذي أكد عليه المزارع من الغربية محمد سعد، هو عودة نظام الإشراف والمراقبة والعناية بمنظومة زراعة القطن.

ويحذر رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن من هجران الفلاحين لزراعة القطن، قائلاً: «لو فلاح القطن هجره فـلن نعوضه».

أنواع جديدة

يشير رئيس غرفة الصناعات النسيجية في اتحاد الصناعات محمد المرشدي، إلى حاجة مصر ليس فقط إلى إقناع الفلاحين بزراعة القطن، لكن أيضاً إلى تعدد أنواعه، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن القطن طويل التيلة رغم تميزه الشديد، لكن نسبة دخوله في المنسوجات عالمياً قليلة ولا تقارن بالقطن قصير التيلة.

ويؤكد المسؤول في معهد بحوث القطن أنهم استنبطوا بالفعل الكثير من الأنواع الجديدة، وأن خطة الدولة للنهوض بصناعة القطن تبدأ من الزراعة، متمنياً أن يقتنع الفلاح ويساعدهم فيها.