إيزيدية تكشف عن تعرض الرهينة الأميركية كايلا مولر للاغتصاب على يد البغدادي

عاملة الإغاثة الأميركية كايلا مولر " ا ب ا "
عاملة الإغاثة الأميركية كايلا مولر " ا ب ا "
TT

إيزيدية تكشف عن تعرض الرهينة الأميركية كايلا مولر للاغتصاب على يد البغدادي

عاملة الإغاثة الأميركية كايلا مولر " ا ب ا "
عاملة الإغاثة الأميركية كايلا مولر " ا ب ا "

أكدت شابة إيزيدية في شهادتها أمام محكمة في الولايات المتحدة، أن عاملة الإغاثة الأميركية كايلا مولر، قالت لها إنها تعرضت للاغتصاب من الزعيم السابق لتنظيم «داعش» أبو بكر البغدادي، وهُددت بالقتل إذا ما حاولت الهرب.
أدلت الشابة ليا ملا، التي احتجزها عناصر التنظيم المتشدد في أغسطس (آب) 2014 لدى محاولتها الهرب من جبل سنجار في العراق مع أسرتها، بشهادتها من خلال مترجم، الاثنين، في محاكمة الشافعي الشيخ، الذي يُعتقد أنه كان أحد سجاني مولر.
وأدلى الكثير من الصحافيين الأوروبيين والرهائن السابقين في سوريا بشهاداتهم في الأيام القليلة الماضية في إطار محاكمة الشافعي الشيخ العضو في خلية «البيتلز» التابعة لـ«داعش» بسبب لكنة أفرادها البريطانية.
ويُتهم الشيخ بقتل أربعة أميركيين هم: مولر والصحافيان المستقلان جيمس فولي وستيفن سوتلوف وعامل الإغاثة الآخر بيتر كاسيغ. وقد احتجز التنظيم المتطرف عاملة الإغاثة مولر وهي من ولاية أريزونا، في أغسطس 2013 بينما كانت ترافق صديقها السوري في زيارة إلى مستشفى في حلب، حيث تم الاتصال به لتصليح صحن لاقط.

في البداية، احتجزتها خلية «البيتلز»، لكن يُعتقد أنها سُلمت لاحقاً إلى البغدادي، زعيم تنظيم «داعش»، الذي قتل في عملية لقوات خاصة أميركية عام 2019، وقالت ملا في شهادتها إنها نُقلت إلى مواقع عدة للتنظيم مع شابات أخريات اختُطفن، وانتهى بها الأمر في سجن كانت تحتجز فيه كايلا مولر. وأوضحت أنهما كانتا تتواصلان عن طريق «إشارات اليدين في الغالب»، وببعض الكلمات بالعربية. وأفادت المحكمة بأنه «ذات يوم أخذوا مولر ولما أعادوها كانت خائفة جداً»، موضحة: «قالوا لها إن تنظيم (داعش) يريد تزويجنا وإذا حاولنا الهرب سيقتلوننا». وبعد يومين أخذت مع مولر وشابة إيزيدية أخرى إلى منزل أبو سياف، القيادي الكبير في التنظيم، حيث «عاملونا مثل عبيد»، وفق ملا. بعد أسبوع هناك، قالت إنهن نقلن إلى «المنزل الوسخ... المكان الذي يأخذون إليه شابات ويغتصبونهن». وجاء البغدادي ذات ليلة وأخذ معه مولر، حسب ملا. وتابعت أنه لما عادت مولر في اليوم التالي «كانت حزينة جداً، ومتوترة جداً وكانت تبكي»، مضيفة: «تعرضت للاغتصاب وهُددت بأنها إذا حاولت الهرب سيقتلها».
وقررت ملا أن تحاول الهرب، وسألت مولر أن تنضم إليها لكنها رفضت. وقالت «كانت خائفة من أنه إذا قُبض عليها سيُقطع رأسها». غير أن مولر طلبت من ملا أن «تخبر العالم» بقصتها إذا نجحت في الهرب. وقالت ملا إنها تسللت من نافذة، وصعدت على مولد كهرباء لتتسلق جداراً ثم راحت تركض لمدة طويلة. بعد هروبها ساعدها شقيقها للاتصال بصديق كان يعمل مترجماً لد ى الأميركيين، وأبلغتهم بالمعلومات حول مولر.
أعلن تنظيم «داعش» وفاة مولر في فبراير (شباط) 2015، وقال إنها قضت في ضربة جوية أردنية، وهو ما شككت فيه السلطات الأميركية. وقتل فولي وسوتلوف وكاسيغ على أيدي عناصر التنظيم المتطرف الذي نشر تسجيلات مروعة لعمليات إعدامهم لأغراض الدعاية للتنظيم.
ألقت القوات الكردية في سوريا القبض على الشيخ ومواطن بريطاني سابق آخر هو أليكساندا آمون كوتي البالغ 37 عاماً في يناير (كانون الثاني) 2018 خلال محاولتهما الفرار إلى تركيا. وفي أكتوبر (تشرين الأول) 2020، تم تسليمهما إلى القوات الأميركية في العراق، ثم نقلا إلى فيرجينيا، حيث وجهت لهما تهم احتجاز رهائن والتآمر لقتل مواطنين أميركيين ودعم منظمة إرهابية أجنبية.
وأقر كوتي الملقب بـ«رينغو» بالذنب في سبتمبر (أيلول) 2021، وبموجب الاتفاق الذي أبرمه مع المحكمة سيمضي 15 عاماً في سجن بالولايات المتحدة قبل أن يسلم مجدداً إلى بريطانيا لمحاكمته هناك.
وقُتل عضو الخلية محمد إموازي في ضربة نفذتها طائرة أميركية من دون طيار في سوريا نوفمبر (تشرين الثاني) 2015، فيما يقبع العضو الرابع آين ديفيس في سجن بتركيا بعد إدانته بتهمة الإرهاب. وينفي الشيخ الاتهامات، ويشير محاموه إلى التباس في الهوية لدى اعتقاله. ويواجه في حال الإدانة حكماً بالسجن مدى الحياة.



2025... عام ملء الفراغات؟

الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)
الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)
TT

2025... عام ملء الفراغات؟

الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)
الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)

لا يوجد فراغ مسموح به في الطبيعة. فالطبيعة لا تغيّر طبيعتها، لأنها تكره الفراغ. في الفراغ لا حياة، لا صراع ولا تاريخ. فالتاريخ يتنقّل بين الفوضى والنظام. يُفرض النظام بالإكراه، فتوضع القوانين لتُفرض بالقوّة والإكراه أيضاً. هكذا كتب ألبير كامو، الفيلسوف الفرنسي في كتابه «الإنسان المتمرّد»، (The Rebel): «في النظام، كما في الفوضى، هناك شيء من العبوديّة». تستهدف الثورة النظام القائم، فتخلق الفوضى. لكنها مُلزمة بإعادة تكوين نظام جديد. وبين الفوضى والنظام، يدفع الإنسان العاديّ الأثمان.

يقول السياسيّ الراحل هنري كيسنجر ما معناه: إن الفراغ يجلب الحرب والهجوم. فهل سيكون عام 2025 عام ملء الفراغات، أو خلق بعضها؟

دخان يتصاعد من شمال قطاع غزة خلال قصف الجيش الإسرائيلي (أرشيفية - أ.ف.ب)

بعد عملية 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، تغيّرت موازين القوى في المنطقة. سقطت «حماس». سقط «حزب الله». سقط النظام في سوريا... وبذلك انهارت وحدة الساحات، أو ما يُسمّى محور المقاومة. وبسبب ذلك، سقطت منظومات كانت قائمة. وتظهّرت الفراغات القاتلة. ها هي إسرائيل تدمّر قطاع غزّة، لتخلق فراغاً لا توجد فيه حركة «حماس»، ولتؤسّس لحالة معيّنة قد يُطلَق عليها «الاحتلال التغييريّ»، (Transformative). بكلام آخر، فُرض الاحتلال أمراً واقعاً خارج القانون الدوليّ، لكنه طويل، ومُكلف للمُحتلّ، الأمر الذي قد يخلق ثقافة جديدة، ومختلفة عما كانت قبلها، حتى ولو تطلّب الأمر جيلاً من الزمن.

دخلت إسرائيل لبنان خلال الحرب الأخيرة، فخلقت منطقة عازلة. وها هي اليوم تُحصّنها استباقاً للسيناريو السيّئ. خلقت إسرائيل هذا الفراغ على الحدود اللبنانيّة، كما في داخل قطاع غزّة بالقوّة العسكريّة المُفرطة. لكن البقاء في لبنان واحتلال المنطقة العازلة، هو أمر مختلف تماماً عن احتلال قطاع غزّة.

بعد سقوط النظام في سوريا، سارعت إسرائيل إلى احتلال مزيد من الأراضي السوريّة وتوسيع المنطقة العازلة. لكنه احتلال من دون استعمال للقوّة، حتى ولو دمّر الطيران الإسرائيليّ قدرات الجيش السوريّ المستقبليّ. إنه احتلال مؤقّت-طويل. لكن المفارقة هي إعلان إسرائيل أن الجولان لن يعود إلى سوريا، وهو احتلال كأمر واقع (De Facto). ولتحرير الجولان، لا بد من حرب أو تفاوض، وهذان أمران متعذّرَان حالياً لأسباب كثيرة. وعليه قد يمكن حالياً إعلان وفاة مقولة كسينجر: «لا حرب في الشرق الأوسط من دون مصر، ولا سلام من دون سوريا».

صورة نشرها الجيش الإسرائيلي وقال إنها لجولة رئيس الأركان هرتسي هاليفي الميدانية في جنوب لبنان (أرشيفية)

حال العالم

في أوكرانيا يستعين الرئيس بوتين في حربه بالتكنولوجيا الغربيّة لتصميم صواريخه، آخرها الصاروخ الفرط صوتيّ «أوريشنيك». كما يستعين بالمُسيّرات الإيرانيّة، والعسكر الكوري الشمالي لتحرير الأرض الروسية في كورسك. يريد بوتين الاحتلال التغييري للشرق الأوكرانيّ.

في منطقة نفوذ الصين، يسعى التنين إلى استرداد جزيرة تايوان على أنها جزء تاريخيّ من الصين الكبرى. فهي تحضّر البحريّة الصينيّة، كون الحرب، وفي حال حصولها، سيكون أغلبها في البحر. ورداً على ذلك، بدأ تشكُّل كثير من التحالفات ردّاً على السلوك الصينيّ.

وفي مكان آخر من العالم، يُحضّر الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب مأسسة الصراع مع التنين الصينيّ. فهو يريد استعادة السيطرة على قناة بنما، نظراً إلى أهمية هذه القناة على الأمن القومي الأميركيّ. فهي الشريان الحيويّ الذي يربط الشرق الأميركي بالغرب. وهي التي أوصى بها المفكّر الاستراتيجيّ الأميركي البحريّ ألفريد ماهان. وهي التي أشرفت على بنائها الولايات المتحدة الأميركيّة، وذلك بعد انفصال بنما عن كولومبيا وبمساعدة البحريّة الأميركيّة آنذاك، خلال فترة حكم الرئيس الأميركي الراحل تيودور روزفلت. وبذلك، تكون القناة قد مرّت بثلاث مراحل هي: 1906 البناء مع الرئيس روزفلت، و1977 مع الرئيس جيمي كارتر الذي أعادها إلى بنما، واليوم مع الرئيس ترمب الذي يريد استردادها.

صور الرئيس الأسبق حافظ الأسد ممزقة للمرة الأولى في تاريخ سوريا (الشرق الأوسط)

يرى البعض أن تصريحات الرئيس ترمب مجرّد كلام عاديّ بسبب شخصيّته الفريدة. لكن الأكيد أن تصريحاته تنمّ عن عمق جيوسياسيّ بعيد المدى. فما معنى طرحه موضوع شراء جزيرة غرينلاند من الدنمارك؟ ما أهميّة هذه الجزيرة؟

إن ثقافة دبلوماسيّة الدولار (Dollar Diplomacy) في التاريخ الأميركي ليست جديدة. فهي قد اشترت لويزيانا من فرنسا عام 1803 بـ15 مليون دولار. كما اشترت من روسيا ولاية ألاسكا الحاليّة بـ7.2 مليون دولار.

شكّلت لويزيانا الربط بين الشرق والغرب الأميركيّ، كما سيطرت على أهمّ مرفأ أميركيّ يطلّ على خليج المكسيك. وبالحدّ الأدنى أخرجت دولة أوروبيّة من الأرض الأميركيّة. أما شراء ألاسكا، فقد أعطى أميركا إطلالة على مضيق بيرينغ الذي يطلّ بدوره على الأرض الروسيّة.

التحّولات الجيوسياسيّة الحاليّ

مع صعود الصين، تبدّلت موازين القوى العالميّة عمَّا كانت عليه خلال الحرب الباردة. فللصين قدرات كونيّة وفي كل الأبعاد، خصوصاً الاقتصاديّة والعسكريّة، وهذه أبعاد افتقر إليها الاتحاد السوفياتيّ. تسعى الصين إلى التموضع في القارة الأميركيّة. يُضاف إلى هذا التحوّل، الكارثة البيئيّة والاحتباس الحراري، الأمر الذي قد يفتح طرقاً بحريّة جديدة، حول الشمال الأميركيّ. خصوصاً أن ذوبان المحيط المتجّمد الشمالي سوف يُغيّر جغرافيّة الصراع الجيوسياسيّ بالكامل. ونتيجة لذلك، ستصبح الولايات المتحدة الأميركيّة تطلّ على ثلاثة محيطات بعد أن كانت تطلّ على محيطين.

وحدة مدفعية أوكرانية في منطقة زابوريجيا تطلق النار باتجاه القوات الروسية على خط المواجهة (أرشيفية - رويترز)

تتميّز غرينلاند بمساحتها الكبيرة، نحو مليوني كيلومتر مربع، مع عديد لا يتجاوز 56 ألف نسمة، وثروات مهمّة قد تجعل أميركا تستغني عن استيراد كثير من الثروات الطبيعيّة من الصين. خلال الحرب الباردة حاول الرئيس هاري ترومان شراء الجزيرة، وهي لا تزال تضمّ قاعدة عسكريّة جويّة أميركيّة.

في الختام، إذا استطاع الرئيس ترمب استعادة السيطرة على قناة بنما، وسيطر بشكل ما على غرينلاند، سيتكوّن مثلثّ جيوسياسيّ دفاعيّ حول الولايات المتحدة الأميركيّة يرتكز على: غرينلاند، وألاسكا، وقناة بنما. كل ذلك، بانتظار الرئيس ترمب في البيت الأبيض، وكيف سيتعامل مع العالم خصوصاً الصين. فهل سيكون انعزاليّاً أم انخراطيّاً أم مزيجاً من المقاربتين؟