السفير السعودي: نتوسم خيراً للبنان

بخاري لدى زيارته نائب رئيس المجلس الشيعي الأعلى (الشرق الأوسط)
بخاري لدى زيارته نائب رئيس المجلس الشيعي الأعلى (الشرق الأوسط)
TT

السفير السعودي: نتوسم خيراً للبنان

بخاري لدى زيارته نائب رئيس المجلس الشيعي الأعلى (الشرق الأوسط)
بخاري لدى زيارته نائب رئيس المجلس الشيعي الأعلى (الشرق الأوسط)

جال سفير المملكة العربية السعودية لدى لبنان وليد بخاري أمس (الاثنين)، في أول نشاط له بعد عودته إلى بيروت، على رؤساء الطوائف اللبنانية بدءاً من مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان، مروراً بنائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى الشيخ علي الخطيب، ثم شيخ عقل الطائفة الدرزية سامي أبي المنى، وصولاً إلى البطريرك الماروني بشارة الراعي.
وكان السفير بخاري وصل إلى بيروت الجمعة الماضي غداة إعلان الخارجية السعودية في بيان أنها قررت إعادته «استجابة لنداءات ومناشدات القوى السياسية الوطنية المعتدلة في لبنان، وتأكيداً لما ذكره رئيس الوزراء اللبناني (نجيب) من التزام الحكومة اللبنانية باتخاذ الإجراءات اللازمة والمطلوبة لتعزيز التعاون مع المملكة ودول مجلس التعاون الخليجي ووقف كل الأنشطة السياسية والعسكرية والأمنية التي تمس المملكة ودول مجلس التعاون الخليجي». وأضافت: «تؤكد المملكة على أهمية عودة جمهورية لبنان إلى عمقها العربي متمثلة بمؤسساتها وأجهزتها الوطنية، وأن يعم لبنان الأمن والسلام، وأن يحظى شعبها بالاستقرار والأمان في وطنه».
واستهل بخاري أمس جولته بزيارة دريان في دار الفتوى، حاملاً معه هبة من المملكة العربية السعودية بمناسبة شهر رمضان هي عبارة عن 30 ألف نسخة من القرآن الكريم لتوزيعها على المساجد ومراكز حفظ القرآن الكريم في لبنان ومن يريد من اللبنانيين، وفق ما ذكرت الوكالة الوطنية (الرسمية).
وناقش بخاري أوضاع لبنان والمنطقة مع دريان الذي أبدى ارتياحه واللبنانيين لـ«عودة الدبلوماسية الخليجية إلى لبنان وفي مقدمها سفيرا المملكة العربية السعودية ودولة الكويت» (عبد العال القناعي). وأكد أن «العودة تبشّر بالخير القادم على لبنان رغم كل الظروف التي يمر بها، وبمستقبل واعد للبنانيين الذين يعيشون في أزمات صعبة للغاية». وشدد على «أهمية المحافظة والحرص على العلاقة المميزة مع دول مجلس التعاون الخليجي وفي مقدمها المملكة العربية السعودية».
ورد السفير بخاري بـ«تحية محبة وتعاون»، وقال: «نتوسم خيراً للبنان وللبنانيين». وأعلن بخاري عن إطلاق جائزة القرآن الكريم السنوية بعنوان «اقرأ» التي تقيمها السفارة السعودية لدى لبنان في شهر رمضان المبارك من كل عام برعاية دريان على أن يتم توزيع جوائز مالية للفائزين في حفل يقام أواخر الشهر في دار الفتوى.
الإسلامي الشيعي
ثم انتقل بخاري إلى مقر المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى حيث التقى الخطيب وناقش معه المستجدات الراهنة على الساحتين المحلية والإقليمية. وتمنى الخطيب أن «تشكل عودة السفير بخاري مع أشقائه إلى لبنان بداية مسار جديد في توطيد العلاقات الأخوية بين البلدين الشقيقين»، حسب ما ذكرت «الوكالة الوطنية».
مشيخة العقل
ثم زار بخاري مشيخة عقل الطائفة الدرزية حيث اجتمع مع أبي المنى وبحثا التطورات السياسية في لبنان والمنطقة. وأمل أبي المنصى أن «يسعى المسؤولون في لبنان من أجل التفاهم الدائم على كل ما يخدم مصلحة البلدين الشقيقين، باعتبار ما يجمع بلدينا من ثقافة وحضارة وإرث تاريخي جعل من انتمائنا للعروبة خياراً ثابتاً ماضياً وحاضراً وأي اعتبارات أخرى لن تبدل من تلك الهوية مستقبلاً. وأننا ككل الشعوب التي تتوق إلى السلام الدائم والاستقرار العام وتنبذ كل أشكال النزاعات ولغة الحروب والعنف حفاظاً على التراث المشترك في العالمين العربي والإسلامي»، وفق بيان لمشيخة العقل.
بكركي
واختتم البخاري جولته على رؤساء الطوائف بزيارة الراعي في بكركي حيث جرى عرض للأوضاع العامة، وكانت مناسبة أكد فيها الراعي أن «عودة سفراء دول الخليج إلى لبنان عكست ارتياحاً لبنانياً وطنياً، وأعادت التأكيد على وقوف الأشقاء العرب إلى جانب لبنان، الأمر الذي يحتاجه أكثر من أي وقت مضى».
ومساءً، استقبل بخاري في دارته في اليرزة رئيس مجلس الوزراء نجيب ميقاتي، الذي أعرب عن سعادته بعودته إلى لبنان «بعد هذا الغياب القسري، وقد سمعت من سعادته حرص المملكة، ملكاً وولي عهد وقيادة، على دعم لبنان وأن تكون دائماً إلى جانب لبنان. لم نتحدث عن الغيمة التي مرت في المرحلة السابقة؛ لأن العلاقات تمر أحياناً بمطبات، ونحن لا نريد أن نذكرها، بل ذكرنا سوية العلاقة التاريخية والمستقبلية بين المملكة ولبنان». وأضاف «تحدث سعادته عن الشراكة الفرنسية - السعودية فيما يتعلق بدعم ستة قطاعات في لبنان، وقال إن عودته في هذا الشهر الفضيل هي عنوان لمزيد من التعاضد مع الشعب اللبناني. هذا هو عنوان شهر رمضان، شهر الرحمة والتعاضد ومناسبة لشد أواصر المحبة التي تربط لبنان بالمملكة العربية السعودية، والتعاضد الذي يؤكده خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده الأمين. وقد أكد لي سعادة السفير حرصهما الكبير على لبنان ووحدته ومساعدته، والنظر إلى ما يريده لبنان. نأمل - بإذن الله - أن تكون صفحة جديدة نحو تنمية العلاقات وتطويرها بين البلدين».
وأضاف ميقاتي «لم أشعر يوماً أن المملكة العربية السعودية أغلقت أبوابها أمامي وأمام أي لبناني، فنحن نعلم تماماً أن اللبنانيين الموجودين في المملكة العربية السعودية محاطون بكل رعاية واهتمام من قِبل القيادة، وأنا - بإذن الله - سأقوم بزيارة إلى المملكة العربية السعودية قريباً جداً، وإذا أردتم معرفة التاريخ خلال شهر رمضان المبارك».
وعن الضمانات التي قدمها لبنان إلى المملكة العربية السعودية، قال «نحن نتحدث عن علاقات بين دولتين والبيان الذي أصدرته عن حرص لبنان على العلاقات والثوابت اللبنانية بما يتعلق بأفضل العلاقات مع السعودية ودول مجلس التعاون الخليجي هي الأساس كدولة، والعلاقة بين الدولتين ستكون - بإذن الله - مبنية على هذه الأسس. إنني حريص على العلاقات وتمتينها أكثر فأكثر». وختم «أكدت في بياني الثوابت، وأننا ملتزمون بكل ما يحمي سيادة لبنان، وفي الوقت ذاته ألا يكون لبنان منصة أو مصدر إزعاج لأي دولة من دول مجلس التعاون الخليجي، وهذا هو الأساس».



محادثات إثيوبية - صومالية في أنقرة... هل تشهد حلاً للخلاف البحري؟

رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد والرئيس الصومالي حسن شيخ محمود في لقاء سابق بأديس أبابا (وكالة الأنباء الصومالية)
رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد والرئيس الصومالي حسن شيخ محمود في لقاء سابق بأديس أبابا (وكالة الأنباء الصومالية)
TT

محادثات إثيوبية - صومالية في أنقرة... هل تشهد حلاً للخلاف البحري؟

رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد والرئيس الصومالي حسن شيخ محمود في لقاء سابق بأديس أبابا (وكالة الأنباء الصومالية)
رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد والرئيس الصومالي حسن شيخ محمود في لقاء سابق بأديس أبابا (وكالة الأنباء الصومالية)

محادثات فنية إثيوبية - صومالية انطلقت في أنقرة تنفيذاً لتفاهمات ثلاثية قبل نحو شهرين لحل الخلافات بين البلدين الواقعين بمنطقة القرن الأفريقي، الغارقة في أزمات وحروب، وسط أحاديث إعلامية عن بحث «إطار عمل» يتيح لأديس أبابا الحصول على ميناء بحري برقابة وإشراف من مقديشو.

ويعتقد خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» أن فرصة التوصل لتفاهمات واردة بشأن حل الخلاف البحري، يكون أحدها السماح المشروط بسيادة ورقابة مقديشو على إقامة ميناء بحري لإثيوبيا في «أرض الصومال»، غير أنه سيواجه تحدي قبول دول بينها مصر لهذا الخيار، وتخوفات من «مراوغات» إثيوبية لإطالة أمد المفاوضات وتنفيذ تفاهمات الاتفاق المحتمل.

وتعهَّد الاتفاق الذي رعته تركيا في 11 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، بعد شهور من الوساطة بين الصومال وإثيوبيا، بالذهاب لمحادثات في فبراير (شباط) الجاري، بهدف التوصل إلى اتفاق نهائي في غضون 4 أشهر، بمساعدة تركية.

وتأتي الوساطة التركية في ظل رفض مقديشو، بدعم مصري عربي، توقيع الحكومة الإثيوبية في يناير (كانون الثاني) 2024 اتفاقاً مبدئياً مع إقليم «أرض الصومال» الانفصالي، تحصل بموجبه أديس أبابا على مَنفذ بحري يتضمن ميناء تجارياً وقاعدة عسكرية في منطقة بربرة لمدة 50 عاماً، مقابل اعتراف إثيوبيا بـ«أرض الصومال» دولة مستقلة.

وانطلقت في العاصمة أنقرة «محادثات فنية بين مسؤولين صوماليين وإثيوبيين، بهدف تنفيذ بنود إعلان أنقرة ومناقشة طلب إثيوبيا للوصول إلى ممر بحري عبر الأراضي الصومالية»، وسط تأكيد وزير الإعلام في الحكومة الصومالية، داود أويس، وصوله إلى أنقرة للمشاركة في هذه المناقشات، بحسب ما أورده الموقع الإخباري «الصومال الجديد»، الاثنين.

وتأتي هذه المحادثات «وسط توقعات بأن تقوم اللجان الفنية التي تضم ممثلين من كلا البلدين، بتقييم إمكانية إنشاء إطار عمل يتيح لإثيوبيا الحصول على وصول بحري خاضع للرقابة تحت إشراف صومالي»، وفق المصدر ذاته.

وفقدت إثيوبيا موانئها على البحر الأحمر في أوائل التسعينات من القرن الماضي، مع استقلال إريتريا عام 1991، في حين ترفض مصر أي وجود لدولة غير مشاطئة على البحر الأحمر، كما صرح وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي أكثر من مرة مؤخراً.

ويعتقد المحلل السياسي الصومالي، عبد الولي جامع بري، أن «احتمال منح إثيوبيا حق الوصول إلى ميناء بإشراف صومالي يهدف لتحقيق توازن بين مصالح البلدين؛ فالصومال يسعى لتعزيز اقتصاده، في حين تحتاج إثيوبيا لمنفذ بحري».

وبرأي بري، فإن «إثيوبيا قد تقبل بالإشراف الصومالي لكنها قد تسعى لنفوذ اقتصادي، مما يتطلب اتفاقيات أمنية ودبلوماسية لضمان السيادة الصومالية ولضمان التنفيذ، ويمكن البحث عن حلول بديلة كاتفاقيات تجارة حرة، أو إدارة مشتركة بإشراف طرف ثالث».

ويرى الخبير في الشؤون الأفريقية، مدير مركز دراسات شرق أفريقيا في نيروبي، الدكتور عبد الله أحمد إبراهيم، أن «الإشراف الصومالي كان مطروحاً من بداية المناقشات برعاية تركيا، وقد قبلت إثيوبيا مسبقاً بهذه النقطة، وقد يكون هذا الخيار الأقرب للحل». لكن يعتقد الخبير في الشؤون الأفريقية، الدكتور علي محمود كلني، أنه «رغم حديث بعض التقارير عن أن المحادثات تناقش تمكين الحكومة الإثيوبية من الحصول على منفذ بحري ستراقب عليه الحكومة الصومالية، فإنه من المؤكد أن الأمر لن يكون سهلاً وسيواجه تحديات كثيرة».

كلني ليس متأكداً من مدى قبول إثيوبيا بأن يقوم الصومال بمراقبة كل ما تستورده أو تصدره، ما دامت تحصل على ميناء، لافتاً إلى أن «العديد من حكومات المنطقة وغيرها من أصدقاء الصومال يرون ذلك تهديداً خفياً لن يتم حله في المستقبل، وسوف يندم الصومال إذا لم يأخذها في الاعتبار الآن»، في إشارة لمصر.

وسبق تلك المحادثات الفنية، جولات عديدة رعتها تركيا لبحث التوصل لحلول، أحدثها في 7 فبراير الجاري، مع استقبال وزير الخارجية الإثيوبي، جيديون طميتيوس، وفداً رفيع المستوى برئاسة نائب وزير خارجية تركيا، برهان الدين دوران؛ إذ «تبادل الجانبان وجهات النظر حول المفاوضات الفنية المقبلة بشأن تنفيذ (إعلان أنقرة)»، ووجّه جيديون «الشكر لتركيا على تسهيل (إعلان أنقرة) مع الصومال»، وأعرب عن «التزام إثيوبيا بالتنفيذ الكامل للإعلان».

وقبل نحو شهر، زار الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود، أديس أبابا، تلبية لدعوة من رئيس الوزراء الإثيوبي، آبي أحمد، بهدف «تعزيز التعاون»، في ضوء «اتفاق أنقرة»، وسبقته زيارة وفد حكومي صومالي برئاسة وزير الدولة للشؤون الخارجية، علي بلعد، إلى أديس أبابا، بهدف «متابعة تنفيذ الاتفاق».

وفي ضوء ذلك التقارب، يعتقد بري أن «نجاح المفاوضات الحالية يعتمد على تحقيق توازن بين السيادة الصومالية واحتياجات إثيوبيا، مع ضمانات دولية تركية ضد أي مراوغات إثيوبية».

ويرى إبراهيم أن «أزمة إثيوبيا والصومال تعتبر شبه منتهية؛ إذ أصبحت العلاقات بين الدولتين تشهد أجواء إيجابية، وما بقي هو فقط ترتيبات فنية تحدث الآن وستنتهي بطريقة مُرضية»، لافتاً إلى أن «تركيا في بداية المناقشات لم تكن مع مقديشو، خاصة أن مصالح أنقرة في إثيوبيا أكبر بكثير من مصالحها في الصومال. ومع التدخل المصري الداعم للصومال منذ أغسطس (آب) الماضي (باتفاقية عسكرية ودعم للجيش الصومالي بأسلحة) تغيرت موازين النقاش؛ لذا فأنقرة ملزمة أن تلعب دوراً وسيطاً وإيجابياً لتنجح المفاوضات الحالية».

ومن المحتمل أن تستمر المحادثات بين البلدين لفترة أخرى، وتزداد قوة الوساطة وتسوية الصراع بين البلدين، وفق كلني، رغم أنه ليس من المؤكد كيف ستحافظ إثيوبيا على بنود الاتفاق والتفاهمات السابقة.